صدقة غفل عنها كثير من الناس !!
بل حتى غفل عنها أو قصّر في أدائها بعض طلاّب العلم !!
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد، فهذا تذكير - والذكرى تنفع المؤمنين - بصدقة نادراً ما أرى من يؤدِّيها في بلدي، والله المستعان !!
وما ذاك إلاّ لأحد سببين :
أ - إمّا لجهل الناس بها، وهذا هو السبب الأغلب .
ب - وإمّا لتكاسل من يعرفها عن أدائها، وهذا يعود للتقصير في أداء هذه السنة التي رغّب فيها النبي صلّى الله عليه وسلّم، وفيها فوائد ومصالح ذكرها أهل العلم في كتبهم .
فأقول مستعيناً بالله :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : { أن رجلاً دخل المسجد وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يتصدق على ذا فيصلي معه ؟ فقام رجل من القوم فصلى معه } .
رواه أحمد ( 3 / 5، 45، 64، 85 ) وأبو داود ( 574 ) والترمذي بمعناه وابن أبي شيبة في المصنف ( 2 / 322 ) والحاكم ( 1 / 209 ) وغيرهم، وصحّحه الحاكم، ووافقه الذهبي والألباني .
وفي رواية لأحمد : { صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه الظهر ، فدخل رجل ... وذكره } .
قوله : ( أن رجلاً دخل المسجد )، جاء في لفظ أبي داود " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر رجلا يصلي وحده " .
قوله : ( من يتصدق )، جاء في لفظ أبي داود " ألا رجل يتصدق " ، ولفظ الترمذي : " أيكم يتجر على هذا ؟ "
قوله : ( فقام رجل من القوم فصلى معه ) هو أبو بكر الصديق كما بيّن ذلك ابن أبي شيبة .
والحديث يدل على مشروعية الدخول مع من دخل في الصلاة منفرداً ، وإن كان الداخل معه قد صلى في جماعة .
قال ابن الرفعة : وقد اتفق الكل على أن من رأى شخصاً يصلي منفرداً لم يلحق الجماعة فيستحب له أن يصلي معه وإن كان قد صلى في جماعة .
قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على سنن الترمذي ( 1 / 431 ) : إن الرجل الذي فاتته الجماعة لعُذر، ثم تصدّق عليه أخوه من نفسِ الجماعة بالصلاةِ معه - وقد سبقه بالصلاة فيها -، هذا الرجل يشعر في داخلة نفسه كأنه متّحدٌ مع الجماعة قلباً وروحاً، وكأنه لم تفُته الصلاة . اهـ .
قال أبو معاوية البيروتي - عفا الله عنه - : وإن من فوائد هذه السنة التي غفل عنها كثير من الناس أنها تُجبِر قلب المسلم الذي فاته أجر الصلاة مع الجماعة، وتوحي للنفوس بالإخوة والتعاون، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً )، رواه البخاري ومسلم، وزاد البخاري ( وشبك بين أصابعه ) .
ولا يفوتني التذكير بأن السنة في صلاة الاثنين معاً أن يقف المأموم عن يمين الإمام بحذائه سواء؛ فلا يتأخّر عنه قليلاً كما يفعل البعض .
فقد بوّب البخاري في صحيحه الباب السابع والخمسين من كتاب الأذان بقوله : باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين .
ثم أورد البخاري ( 697 ) حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : بتُّ في بيت خالتي ميمونة، فصلّى رسول الله العشاء، ثم جاء فصلّى أربع ركعات، ثم نام، ثم قام، فجئتُ فقُمتُ عن يساره فجعلني عن يمينه، فصلّى خمس ركعات .
قال ابن حجر في فتح الباري ( 2-243 ) : قوله " سواء " أي لا يتقدّم عنه أو يتأخّر .
وانظر مقالي السابق في الملتقى : تذكير أولي الأبصار بسنن اليمين واليسار
والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات
كتبه أبو معاوية البيروتي
27 صفر 1431 هـ
ملحوظة : يرجـى من الإخوة طبع الموضوع وتعليقه في المسـاجد لعل الله ينفع به .