1. لأمن وضرورته في بناء المجتمع

    الحمد لله رب العالمين ، أحمده سبحانه وأثني عليه الخير كله ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، إله الأولين والآخرين ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ، وصفيه وخليله ، صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد
    فاتقوا الله عباد الله ، فبتقوى الله تعالى يدرك الناس خير الدارين وفوز المنزلين، قال الله تعالى:﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ (1).
    أيها المؤمنون إن الأمن أغلى المطالب وأنفسها، فبالأمن تصان النفوس والأديان، وتحفظ الأموال والأعراض والأنساب، فتحقيق الأمن للبشرية من أعظم وظائف الرسل والأنبياء، ومن أهم مقاصد الكتب.
    إن تحقيق الأمن لا يقتصر نفعه وفائدته على عمارة الدنيا وصلاحها، بل لا تستقيم العبادة ويكتمل نظامها إلا باستتباب الأمن وظهوره، فالصلاة التي هي عمود الدين وقوامه، لا تكتمل إلا بالأمن، قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ (2)، ففقدان الأمن سبب في نقص العبادات واختلال كمالها.
    إن الأمن ضرورة كبرى لإقامة حياة الناس؛ لذا تشترك الأمم كلها في طلبه والسعي لتحصيله، والأمم يقاس رغد عيشها وسعادتها ونموها وتقدمها بقدر ما حققته من أمن لشعوبها، ولا عجب فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:((من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا))(3). أي: فكأنما جمعت له الدنيا كلها، فالأمن في الذروة من المطالب، والسنام من المقاصد. فهذا خليل الله تعالى لما أنزل ولده وأهله بذلك الوادي القفر هتف مناجياً ربه ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ (4). فجعل الأمن أول المطالب وكذلك في الآية الأخرى قال تعالى: [FONT='Times New Roman','serif'])[/FONT]وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر﴾ِ[FONT='Times New Roman','serif'](5)[/FONT].
    أيها المؤمنون إن تحقق الأمن منحة كبرى، ونعمة عظمى، امتن الله تعالى بها على الناس في مواضع عديدة من كتابه، فمن ذلك ما قاله تعالى في أهل مكة:﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ[FONT='Times New Roman','serif'](6)[/FONT].
    إن مما يُضعف الشعور بعظيم المنة، ومعرفة قدر النعمة، ما جُبِلَ عليه بنو البشر من جحود وكنود ﴿ إِنَّ الْأِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ﴾ [FONT='Times New Roman','serif'](7)[/FONT]. ويعزز ذلك ويدعمه، أن ملابسة النعم من أكبر أسباب الغفلة عنها، فلا يعرف قدر النعم ومكانتها إلا عند فقدها، أو رؤية من تجرد منها.
    أيها المؤمنون إن الله ضرب مثلاً يتبين به خطورة ارتفاع الأمن، فقال:﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [FONT='Times New Roman','serif'](8)[/FONT]وإن الناظر إلى حياة البلدان التي اختل أمنها، وانفرط عقدها، يرى صدق ما أخبر الله به في هذا المثل، فهم في ضنك من العيش، تفتقر حياتهم إلى أسهل مقوماتها الأساسية، فلا تكاد تبصر فيها دنيا مزدهرة، ولا دينا قائماً ! ففقدان الأمن سبب لضياع الدين والدنيا، وتسلط الأعداء، وتعطيل مسيرة البناء، فلا ينتفع غني بغناه، ولا عالم بعلمه، ولا ذو كفاءة بملكته، بل يعيش الناس في قلق واضطراب، فأمن البلدان من أعظم مكتسباتها، فواجبنا جميعا أن نسعى إلى حفظ الأمن وتحقيقه بشتى أسبابه، ولن يتحقق ذلك بمجرد الأماني، بل لابد من عمل دؤوب، وجهد متصل، وتعاون متآلف؛ لتحقيق أمن البلاد والعباد.
    فنسأل الله أن يرزقنا إيماناً صادقاً يباشر القلوب فتأمن به وتطيب،,وان ينفع بها جميع اخواني المسلمين
    كتبة أخوكم في الله / أبو أسامة صلاح الحلبدي
  2. ابو اسامة
    نقل موفق ولكن الخط صغير
    والعتب على النضر
    لك تحياتي...
  3. اخي ابو اسامه
    طرح جديد
    يفتح آفاق واسعة
    للنقاش
    والتأمل
    احسنت
    والى المزيد
  4. تسلم يابو اسامة
    بارك الله فيك
    تقبل تحياتي
  5. يعطيك العافيه
    يسلمو
  6. مشكور ابو اسامه على الطرح الجميل ودمت بالف خير