أبو تمام وعروبة اليوم
عبد الله البردوني
ما أصدق السيف! إن لم ينضـه الكـذب =وأكذب السيف إن لم يصـدق الغضـب
بيض الصفائح أهـدى حيـن تحملهـاأيـد= إذا غلبـت يعلـو بهـا الغـلـب
وأقبح النصر... نصـر الأقويـاء بـلا=فهم.. سوى فهم كم باعوا... وكم كسبوا
أدهى من الجهـل علـم يطمئـن إلـى=أنصاف ناس طغوا بالعلـم واغتصبـوا
قالوا: هم البشر الأرقـى ومـا أكلـوا=شيئاً.. كما أكلـوا الإنسـان أو شربـوا
ماذا جرى... يـا أبـا تمـام تسألنـي؟=عفواً سأروي.. ولا تسأل.. وما السبـب
يدمـي السـؤال حيـاءً حيـن نسألـه=كيف احتفت بالعدى (حيفـا) أو النقـب)
من ذا يلبـي؟ أمـا إصـرار معتصـم؟=كلا وأخزى من (الأفشين) مـا صلبـوا
اليوم عـادت علـوج (الـروم) فاتحـة=وموطـنُ العَـرَبِ المسلـوب والسلـب
ماذا فعلنـا؟ غضبنـا كالرجـال ولـم =نصدُق.. وقد صـدق التنجيـم والكتـب
فأطفـأت شهـب (الميـراج) أنجمـنـا=وشمسنـا... وتحـدى نارهـا الحطـب
وقاتلـت دوننـا الأبــواق صـامـدة=أما الرجـال فماتـوا... ثَـمّ أو هربـوا
حكامنـا إن تصـدوا للحمـى اقتحمـوا=وإن تصدى لـه المستعمـر انسحبـوا
هم يفرشـون لجيـش الغـزو أعينهـم=ويدعـون وثوبـاً قـبـل أن يثـبـوا
الحاكمـون و»واشنطـن« حكومتهـم=واللامعون.. ومـا شعّـوا ولا غربـوا
القاتلـون نبـوغ الشـعـب ترضـيـةً=للمعتديـن ومـا أجدتـهـم الـقُـرَب
لهم شمـوخ (المثنـى) ظاهـراً ولهـم=هوىً إلى »بابـك الخرمـي« ينتسـب
ماذا ترى يا (أبـا تمـام) هـل كذبـت =أحسابنا؟ أو تناسـى عرقـه الذهـب؟
عروبـة اليـوم أخـرى لا ينـم علـى=وجودهـا اسـم ولا لـون.ولا لـقـب
تسعـون ألفـاً (لعمـوريـة) اتـقـدوا=وللمنجـم قـالـوا: إنـنـا الشـهـب
قبل: انتظار قطاف الكرم مـا انتظـرو=انضـج العناقيـد لكـن قبلهـا التهبـوا
واليوم تسعـون مليونـاً ومـا بلغـوا=نضجاً وقـد عصـر الزيتـون والعنـب
تنسى الرؤوس العوالـي نـار نخوتهـا=إذا امتطاهـا إلـى أسـيـاده الـذئـب
(حبيب) وافيت مـن صنعـاء يحملنـي=نسر وخلف ضلوعـي يلهـث العـرب
ماذا أحـدث عـن صنعـاء يـا أبتـي؟=مليحـة عاشقاهـا: السـل والجـرب
ماتـت بصنـدوق »وضاح«بـلا ثمـن =ولم يمت في حشاها العشـق والطـرب
كانت تراقـب صبـح البعـث فانبعثـت =في الحلم ثـم ارتمـت تغفـو وترتقـب
لكنها رغم بخـل الغيـث مـا برحـت =حبلى وفي بطنها (قحطـان) أو(كـرب)
وفـي أسـى مقلتيهـا يغتلـي (يمـن) = ثان كحلـم الصبـا... ينـأى ويقتـرب
»حبيب« تسأل عن حالي وكيـف أنـا؟ = شبابـة فـي شفـاه الريـح تنتـحـب
كانت بلادك (رحـلاً)، ظهـر (ناجيـة) = أمـا بـلادي فـلا ظهـر ولا غـبـب
أرعيـت كـل جديـب لحـم راحـلـة = كانت رعته ومـاء الـروض ينسكـب
ورحت من سفـر مضـن إلـى سفـر= أضنـى لأن طريـق الراحـة التـعـب
لكن أنا راحـل فـي غيـر مـا سفـر = رحلي دمي... وطريقي الجمر والحطـب
إذا امتطيـت ركابـاً للـنـوى فـأنـا = في داخلي... أمتطـي نـاري واغتـرب
قبري ومأسـاة ميـلادي علـى كتفـي = وحولـي العـدم المنفـوخ والصخـب
»حبيب« هـذا صـداك اليـوم أنشـده = لكـن لمـاذا تـرى وجهـي وتكتئـب؟
ماذا؟ أتعجب من شيبي على صغـري؟= ىإني ولـدت عجـوزاً.. كيـف تعتجـب؟
واليـوم أذوي وطيـش الفـن يعزفنـي = والأربعـون علـى خــدّي تلتـهـب
كـذا إذا ابيـض إينـاع الحيـاة علـى = وجـه الأديـب أضـاء الفكـر والأدب
وأنت من شبت قبـل الأربعيـن علـى = نـار (الحماسـة) تجلوهـا وتنتـخـب
وتجتـدي كـل لـص متـرف هـبـة = وأنت تعطيه شعـراً فـوق مـا يهـب
شرّقت غرّبت مـن (والٍ) إلـى (ملـك) = يحثـك الفقـر... أو يقتـادك الطـلـب
طوفت حتى وصلت (الموصل) انطفـأت = فيـك الأمانـي ولـم يشبـع لهـا أرب
لكـن مـوت المجيـد الـفـذ يـبـدأه = ولادة مـن صباهـا ترضـع الحـقـب
»حبيب« مـازال فـي عينيـك أسئلـة = تبـدو... وتنسـى حكاياهـا فتنتـقـب
وماتـزال بحلـقـي ألــف مبكـيـةٍ = من رهبة البـوح تستحيـي وتضطـرب
يكفيـك أن عدانـا أهــدروا دمـنـا = ونحـن مـن دمنـا نحسـو ونحتلـب
سحائـب الغـزو تشوينـا وتحجبـنـا = يوماً ستحبل مـن إرعادنـا السحـب؟
ألا تـرى يـا »أبـا تمـام« بارقـنـا = (إن السمـاء ترجـى حيـن تحتجـب)