الإصرار على الجهر بالمعصية الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على اله و صحبه و من والاه . و بعد ... المعصية ظُلمة تغلّف القلب، يُحسّ بهاد ذو الذنب، كما يحس بظلمة الليل إذا زحفت جيوشه وأدلهم؛ والطاعة إشراقة نور، تنفسح بها النفس، فتُعرض عن دار الغُرور، وتقبل على دار الخلود. وأي امرئ أُشرب المعاصي نُكتتت في صدره نُكَت سوداء حتى تغلّف القلب، فيصير كسواد الحَلَك، وأي قلب أنكر المعاصي نُكتت فيه نُكت بيضاء، حتى يصبح أبيض مثل الصَّفا. وقد يخوض المرء العاصي لجّة المعاصي، ويعتاد الذنب ويألفه، فلا يرجو النجاة، ولا يُمكَّن من أن يَستغيث أو يصيح، كالذي يسبح في غدير التماسيح. ومن تغدو عنده المعصية عادة فإنه لا يستقبحها، ولا يستنكرها، ولا يستحيي أن يجاهر بها، ويتفكّه بذكرها أمام الأقران والخلاّن، وربما بلغ به ضلاله حدّ التفاخر بالعصيان، وهذا ضرب من العصاة لا يُرجى لهم أمان من غواية الجانّ، ومصائد الشيطان؛ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيهم: «كلّ أمتي مُعافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويُصبح يكشف ستر الله عنه!» متفق عليه. وإنّ جَهْر المذنب بما فعل من القبائح فيه جناية على ستر الله الذي سَدَلَهُ عليه، وفيه استخفاف بأحكام الإسلام وما نبذ من المحرّمات، وفيه تحريك وتهييج لرغبة الشرّ في السامعين؛ وهكذا فإن في صنيع العاصي المجاهر ثلاث جنايات لا جناية واحدة، نسأل الله السَّلامة من هذا الداء، والعافية من هذا البلاء، وطوبى لمن إذا مات ماتت ذنوبه معه! فإن المؤمن مطالب بأمرين: الأول ترك الذنب، والثاني إخفاؤه. وهذا الذي هان عليه معصية ربه يهون على الله، ولا يُخرجه من الهوان أحد، يقول الله عز وجل: {ومن يهن الله فما له من مكرم} (الحج: 18)؛ وربما كان هوانه نفوراً منه في الصدور، لا عملاً أو فعلاً ظاهراً في الكلمات والسطور. وإن من العلامات الفارقة بين المؤمن والفاجر ما أورده النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذُباب مرّ على أنفه فقال به هكذا - أي بيده- فذّبه عنه» أخرجه البخاري. وقد صارت المجاهرة بالمعاصي أمراً شائعاً معروفاً، وفعلاً شائناً مألوفاً عند الكثيرين من العاصين، إذ إن اعتياد المعاصي لم يُبقِ في وجوههم مِزْعة من كرامة، ولم تذر في نفوسهم بقيّة من حياء! والله تعالى يقول في الحديث القدسي: «إن الله حييٌّ سِتّير، يحب الحياء والسّتر» أخرجه النسائي. فهذا الذي لا يتنزّه عن كشف معايبه، وإظهار عوراته، يَبيت كالعُريان لا يكُنُّه شيء، ولا يغطّيه ستر. وقد يظنّ العوامّ أن المجاهرة بالمعاصي المرذولة إنما تتعلق بالفواحش والمنكرات والكبائر والموبقات، ولا تتعداها إلى سواها، وهذا جهل في العلوم، وقصور في الفهوم، فإن في آفات اللسان، وقبائح الكلام، والفحش في معاملة الأنام لبعضاً من شرور المعاصي والآثام. فترى ذا البذاء ومِن حولِه الصّحبُ والأصدقاء، كالبطل القائم على الإيوان أو كالقصّاص الجاثم في الديوان، يروي للناس الحوادث والحكايا التي تفصّل سوء معاملاته، من قهره للقريب وبطشه بالبعيد، فيُخبر القوم مفتخراً بجناياته التي اقترفها في مواجهة خصومه وغُرَمائه، متسلّحاً بفاحش الكلام، وبذاءة اللّسان، من الطّعن واللّعن، والسُّباب والشّتم، والهمز واللَّمز، والسُّخرية والاحتقار، وإفشاء الأسرار، وهتك الأستار... فيقول: ما تركت فلاناً حتى ردَدْتُ عليه الصّاع صاعين، وجعلته عبرة في الثّقلين! وما غادرت فلاناً حتى شهَّرتُ به وفضحت خطاياه وخفاياه، وانتقمت لضحاياه، وما شفيتُ غليلي من فلان حتى صادرتُ ماله، وشمّتُّ فيه إبليس، وجعلته من المفاليس! فهذه وأمثالها مجاهرة بغيضة من أنفُس آثمة مريضة، وهي من الأفعال والأقوال الأشد إضْراراً بالبلاد، والأكثر إفساداً للعباد. فما أسعد الإنسان لو أمسك عن المجاهرة بذنوب اللسان، وخطايا الجنان! فأَطلِق لسانك بالذّكر، فإن لم تُطق فاحبِسه عن القبائح السّتّ الواردِ ذكْرُها في آي الذّكر! و الله تعالى أعلم و أحكم واسال الله لى ولكم الهدايه منقوله للفائدة...
رد: الجهر بالمعصية لاحول ولاقوة الا بالله نسأل الله الهداية وان يجنبنا المعاصي بارك الله فيك وتقبل مروري وتحياتي
رد: الجهر بالمعصية الجهر بالمعصية دليل على الفجور الله سبحانة امرنا بالستر عند الابتلاء فالذي يجهر والعياذ بالله يتحدى امر الله
رد: الجهر بالمعصية نعم اخي نسئل الله السلامه والعافيه ونسئل الله ان يجنبنا المعاصي واهلها بارك الله فيك على المرور الكريم وكل عام وانت بخير
رد: الجهر بالمعصية نعم اخي بارك الله فيك الجهر بالمعاصي من الفجور اذا ابتلاء الانسان بمعصيه فلايفضح نفسه مادام الله ستر عليه وكما جاء في الحديث كلّ أمتي مُعافى إلا المجاهرين تسلم اخي على المرور الكريم
رد: الجهر بالمعصية وإنّ جَهْر المذنب بما فعل من القبائح فيه جناية على ستر الله الذي سَدَلَهُ عليه، احسنت وفي ميزان حسناتك