القلوب القاسية
القلب هو ملك الجوارح وسيدها، وبصلاحه تصلح الجوارح وبفساده تفسد: "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب
وما سمي القلب بذلك إلاَّ لتقلبه كما قيل:
ما سمي القلب إلاَّ من تقلبه فاحذر على القلب من قَلْب وتحويل
والقلب القاسي هو ذلك القلب الذي نزعت منه الرحمة وتغشته الغلظة والفجور فلا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ولا يقبل هداية أو نصح يتمادى في الذنوب والمعاصي والظلم دون أن يلين أو يشفق هذا القلب مصاب بالطمس لأنه قد تمادى في البعد عن صلته بالله والأخلاق والقيم وقد وصف الله القلوب القاسية بقوله تعالى (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) صدق الله العظيم إذن القلوب القاسية اشد من الحجارة لان منها من ترق وتخشع فتهبط من خشية الله وبما ان القلب متقلب فإن باب الرحمة والمغفرة مفتوح وبذكر الله تطمئن القلوب وأخير أما آن لأصحاب القلوب القاسية أن تخشع قلوبهم لذكر الله اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك وارزقنا قلوبا خاشعة
يقول الشاعر وهو يناجي ربه أن يغفر له قسوة القلب بهذه الأبيات
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظم لي ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فمازلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منّةً وتكرما
فلولاك لم يغوى بإبليس عابدٌ فكيف وقد أغوى صفيك آدما
فإن تعف عن ذي إساءة ظلوم غشوم قاسي القلب مجرما
وإن تنتقم مني فلست بآيسٍ ولو دخلت روحي بجرمي جنهما
نسأل الله العلي العظيم ان يجعلنا وإياكم من أصحاب القلوب الخاشعة المطمئنة

حفظك الله ابو سالم على الكلام الجميل وحسن المشاعر تقبل خالص الشكر والتقدير