أعزائي هذه أغنية مؤثرة من طفل إلى أبيه المغترب نعم ألغربه كربه كما يقال لكن قد يكون الشخص منا يعيش في غربة وهو في وطنه والغربة قد تكون ضرورة لمن ضاقت به السبل في بلده عندها نسعى في مناكب الأرض طلبا للرزق كما أمرنا ديننا العظيم بدلا من أن نكون عالة أو نستسلم لليأس والظروف الصعبة لهذا فالغربة تصبح مطلب حتى ولو تجرع فيها المغترب مرارة الفراق والبعد عن الأهل خاصة لمن يعيش في الغربة دون عائلته نعم هنا يجد الأبناء في مرحله عمريه معينة أنهم يحتاجون لآبائهم بجانبهم ومن هنا لا يحس بهذا الشعور إلا من جربه أتذكر وأنا صغير في السن وفي التاسعة من عمري إنني شعرت باشتياقي لوالدي حيث كان دائم السفر وعلى الرغم من إن سفره كان في اليمن نفسها إلا إننا كنا نعيش معه شهر وسنه يكون بعيدا عنا لماذا نحتاج له في هذه المرحلة لأننا بوجوده نشعر بالأمان ونكتسب شجاعة تمكنا من عدم الرضوخ لأحد أيضا رعايته وعطفه يعطينا شعور بالشموخ والتدلل وبدونه نشعر بالانكسار هذه المرة سمعنا والدي رحمه الله انه قد قرر السفر اليوم التالي وفعلا حزم أمتعته وبعد صلاة الظهر انطلق خارجا من المنزل مشيا على الأقدام شعرت أنا وأخي بأن قلوبنا ستخرج من صدورنا وشعرنا بشعور غريب لم نستطيع احتماله المهم انطلق الوالد ولم نحتمل ذلك فقررنا اللحاق به دون معرفته فإما يعود وأما يأخذنا معه كان يسير في الطريق المألوفة ونحن نتبعه متخفين على جوانب الطريق تجاوز وادي القرية ولم يتمكن من رؤيتنا إلا بعد أن تجاوز وادي الحبلة فتعجب من فعلنا الذي لم يحدث من قبل ونادانا فذهبنا إليه ونحن نبكي ونطلب منه العودة فأخذ يقنعنا بكلام جميل وانه فقط ذاهب ليأتي لنا بهدايا وأشياء حلوة وسيرجع سريعا لكنا أصرينا على العودة فقال لنا أنا عندي شغل ضروري إذا تريدون أخذكم معي بدون والدتكم فرفضنا قلنا خذنا مع الوالدة فأجاب انتم أخليكم عند ناس لكن والدتكم صعب الأسرة تحتاج إلى وضع مختلف المهم بعد بكائنا ودموعنا واشتياقنا الذي لم يحدث من قبل تمكن الوالد من إقناعنا بالعودة ووعدنا بأنه لن يتأخر وأعطانا فلوس اقتنعنا عندها لأن كلامه أعاد لنا الطمأنينة فقررنا العودة من دونه وتفارقنا ذهب والدي في طريقه متجها إلى البيضاء ثم صنعا حيث يركب سيارة من البيضاء فارقنا والدموع تذرف من عينيه ونحن عدنا أدراجنا إلى البيت منكسري الجناح نشعر بغُصة الفراق في أعماق قلوبنا هذه ليست قصة من الخيال انه واقع وقد لا استطيع وصف حالتنا كما كانت حينذاك وأنا سردت لكم القصة ليس لأجل أثارت الشجون إنما لتأكيد إن هناك مرحلة سنية يجد فيها الأبناء إنهم بحاجة إلى أن يستظلوا في ظل عطف وشموخ الأب جمع الله كل مغترب بأبنائه وأهله وفرج الله على كل من ضاقت به السبل وفرقته عن ذويه ومحبيه
