تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا
كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :
"
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ
فِي حَجَّتِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ يَخْطُبُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ :(إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي)" سنن الترمذي
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي سَعِيدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَحُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ قَالَ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ،
قَالَ وَزَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ قَدْ رَوَى عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ .
مَنَاقِبُ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ
![[IMG]](http://www.al7nan.com/vb/images/smilies/243.gif)
:
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي اللُّمَعَاتِ : اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ أَهْلُ الْبَيْتِ بِمَعْنَى مَنْ حَرُمَ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ فَيَشْمَلُ آلَ الْعَبَّاسِ وَآلَ عَلِيٍّ وَآلَ جَعْفَرٍ وَآلَ عَقِيلٍ وَآلَ الْحَارِثِ فَإِنَّ كُلَّ هَؤُلَاءِ يَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ ،
وَقَدْ جَاءَ بِمَعْنَى أَهْلِهِ
شَامِلًا لِأَزْوَاجِهِ الْمُطَهَّرَاتِ ، وَإِخْرَاجُ نِسَائِهِ
مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ فِي قَوْلِهِ : {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} مَعَ أَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُنَّ سِبَاقًا وَسِيَاقًا فَإِخْرَاجُهُنَّ مِمَّا وَقَعَ فِي الْبَيْنِ يُخْرِجُ الْكَلَامَ عَنِ الِاتِّسَاقِ وَالِانْتِظَامِ ،
قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ :
إِنَّهَا شَامِلَةٌ لِنِسَائِهِ
؛ لِأَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ يُنَادِي عَلَى ذَلِكَ فَإِخْرَاجُهُنَّ عَنْ ذَلِكَ وَتَخْصِيصُهُ بِغَيْرِهِنَّ غَيْرُ صَحِيحٍ ،وَالْوَجْهُ فِي تَذْكِيرِ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ : (لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ ، وَيُطَهِّرَكُمْ)
بِاعْتِبَارِ لَفْظِ الْأَهْلِ ، أَوْ لِتَغْلِيبِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ وَلَوْ أُنِّثَ الْخِطَابُ لَكَانَ مَخْصُوصًا بِهِنَّ وَلَا بُدَّ مِنَ الْقَوْلِ بِالتَّغْلِيبِ عَلَى أَيِّ تَقْدِيرٍ كَانَ وَإِلَّا لَخَرَجَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي أَهْلِ الْبَيْتِ بِالِاتِّفَاقِ . انْتَهَى .
قَوْلُهُ : (فِي حَجَّتِهِ) أَيْ : فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ .
(
عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ) بِفَتْحِ الْقَافِ مَمْدُودٍ لَقَبُ نَاقَتِهِ
![[IMG]](http://www.al7nan.com/vb/images/smilies/243.gif)
وَمَا كَانَتْ مَجْدُوعَةَ الْأُذُنِ .
(إِنِّي تَرَكْتُ فِيكُمْ مَنْ إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ) أَيِ : اقْتَدَيْتُمْ بِهِ وَاتَّبَعْتُمُوهُ ،
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ : (تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ) أَيْ : إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ عِلْمًا وَعَمَلًا .
(كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي)
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ :
عِتْرَةُ الرَّجُلِ أَهْلُ بَيْتِهِ وَرَهْطُهُ الْأَدْنَوْنَ وَلِاسْتِعْمَالِهِمُ الْعِتْرَةَ عَلَى أَنْحَاءَ كَثِيرَةٍ بَيَّنَهَا رَسُولُ اللَّهِ
بِقَوْلِهِ "أَهْلَ بَيْتِي" لِيُعْلَمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ نَسْلَهُ وَعِصَابَتَهُ الْأَدْنَيْنَ وَأَزْوَاجَهُ . انْتَهَى ،
قَالَ الْقَارِي : وَالْمُرَادُ بِالْأَخْذِ بِهِمُ التَّمَسُّكُ بِمَحَبَّتِهِمْ وَمُحَافَظَةُ حُرْمَتِهِمْ ، وَالْعَمَلُ بِرِوَايَتِهِمْ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَقَالَتِهِمْ ،
وَهُوَ لَا يُنَافِي أَخْذَ السُّنَّةِ مِنْ غَيْرِهِمْ لِقَوْلِهِ
![[IMG]](http://www.al7nan.com/vb/images/smilies/243.gif)
:
(أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ)
وَ
![[IMG]](http://dc11.arabsh.com/i/02121/sp7t3qykpbov.gif)
: {
فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ،
وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ : التَّمَسُّكُ بِالْكِتَابِ الْعَمَلُ بِمَا فِيهِ وَهُوَ الِائْتِمَارُ بِأَوَامِرِ اللَّهِ وَالِانْتِهَاءُ عَنْ نَوَاهِيهِ ،
وَمَعْنَى التَّمَسُّكِ بِالْعِتْرَةِ مَحَبَّتُهُمْ وَالِاهْتِدَاءُ بِهَدْيِهِمْ وَسِيرَتِهِمْ ،
زَادَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِلدِّينِ .
تحفة الأحوذي
محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري