اولاً اشكرك ابواحمد على هذا الطرح المعبر عن رائك
ولكن عزيز ما احب ان اقول لك اولاً اريد ان تسمح لي ان تتقبل هذا انقل مني تعقيب عن موضوعك ياغالي
إن الدكتاتوريات تسيء إلى نفسها أكثر من إساءتها للشعوب
عندما تستأجر كلابا، وتعلق لها أطواقا ذات أشواك حديدية، تبدأ بالنباح بشراسة، طمعا في ما يُلقى لها بعد نهاية الدور المناط بها. يحاول الديكتاتور أن يوهم الناس بأنه لم يَدفع هؤلاء لفعل ما فعلوه، وإنما الدافع هو حسهم الوطني.
كل شيء عندهم (وطني)، وهنا يحضرني قول للشاعر الكبير محمد الماغوط: “عندنا اقتصاد وطني، صناعات وطنية، تربية وطنية، أحزاب وطنية، مدارس وطنية، أناشيد وطنية، أقلام وطنية، دفاتر وطنية، مدافئ وطنية، بترول وطني، أحذية وطنية، شحاطات وطنية، حمامات وطنية، مراحيض وطنية، ولكن ليس عندنا وطن.” الوطنية ليست كلمة تقال، أو نيشان يعلقه الحاكم على صدر من يشاء، وليست طاقية ينزعها من على رؤوس معارضيه، أو الذين لا يصفقون له ويتغنون بانجازاته وعبقريته النادرة.
إن كلاب السلطة وأسيادهم هم وحدهم المخولون بتوزيع (شهادات مواطنة) على الناس، فمن دار في فلكهم هو وطني، ومن هو غير ذلك تنتفي عنه الوطنية، ويصبح لا يستحق الحياة، كما قالها علنا ديكتاتور ليبيا؛ معمر القذافي. يقول عالم اللسانيات نعوم تشومسكي: “إذا لم نكن نؤمن بحرية التعبير لمن نحتقرهم فنحن لا نؤمن بها على الإطلاق”. في دول الديكتاتوريات حرية التعبير مصانة فقط لمن يعبرون عن حبهم للحاكم، وكيف أن الله منحه لهذه الأمة كمخلص للبلاد ومنقذ للعباد. ما هي فائدة الحوار والمحاورة إن كنت تفرض عليّ الإجابات، وتملي عليّ ما أقوله، وهذه مشكلة الديكتاتوريات مع حرية التعبير عن الرأي. يقول نعوم تشومسكي أيضا: “إذا كنت تؤمن بحرية التعبير، فأنت تؤمن بحرية التعبير عن الآراء التي لا تعجبك”.
يتشدق كلاب الديكتاتور عن القانون وعن الشرعية، وكأن أسيادهم وصلوا إلى الكراسي عن طريق انتخابات تنبع من إرادة الشعب، وكما قال تشومسكي: “للأسف لا يمكن التخلص من الأوغاد عن طريق الانتخابات، لأننا لم ننتخبهم أصلا”. لأن الانتخابات ستأتي بهم أنفسهم أو بأولادهم. وكما قال بسمارك ألمانية: “يكثر الكذب عادة قبل الانتخابات وخلال الحرب وبعد الصّيد”. وأثناء الأحاديث التلفزيونية، في التلفزيونات المحلية عن إنجازات الزعماء، وتنفيذ الخطط الخمسية.
أتعجب من أولئك الذين يدافعون عن الطغاة باستماتة منقطعة النظير، لكنهم فور سقوطهم يعلنون براءتهم منهم، وأنهم مكلومون لما كان يقوم به الديكتاتور من طغيان وإفساد بحق الوطن، وأن قلوبهم تتفطر بسبب ذلك.
قديما قال سوفوكليس: “لا تكون الدولة دولة إذا كانت ملكا لفرد واحد”. فالوطن ملكٌ للجميع، ولا يُختصر بشخص الحاكم، فزمن الرموز ولى وعهد تأليه الحكام ذهب إلى غير رجعة.