مفهوم الإدارة والأدب الإداري في اليمن
بقلم/ أبو بدور الداهية
لاهمية الموضوع: هذه مقتطفات من موضوع عربي كنت كتبته كمشاركة في إحدى المجلات
الشيء الوحيد الذي يميز الإدارة عموماً في اليمن هو البساطة في التعامل. وهذا لا يعكس ما نرمي له بمفهوم الأدب الإداري. وجهة نظري حول الإدارة والقيادة في اليمن، أنها أتسمت قديما بالحكمة الإدارية أكثر من كونها قيادة. على الرغم من سيادة مفهوم القيادة آنذاك. نأخذ مثل بسيط على ذلك، ما نقلهُ لنا القران الكريم في هذه الآيات الكريمات عن قصة ملكة سبأ تعكس تماماً الدور الإداري والقيادي البارز، وبنفس الوقت الأدب الإداري في اتخاذ القرار وتصريف الأمور(الشورى): (...قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُوْلُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُون)....
اليوم، نحن مع مفهوم إدارة دخلت عليها مجموعة عناصر ومكونات كثيرة جداً من المفاهيم العصرية الراقية والمختلفة التي تواكب تطور سوق العمل، والانفتاح العلمي الحديث. من هذا القياس، نجد أن الإدارة في اليمن لازالت بعيده كل البعد عن مواكبة ميزة الإدارة الحديثة في العالم الحديث المتقدم. بمعنى أوضح، أن الإدارة في اليمن لا زالت في المهد، بحيث لا تقارن في الرقي الإداري سواءً على مستوى دول الخليج الشقيقة أو الشرق الأوسط والعالم المتحضر....
عوامل كثيرة هنا في اليمن ساعدت بشكل كبير على تخلف الإدارة في اليمن بشكلها العام. لأن هناك حقيقة من حاول أن يتجاوز هذه التحديات المحلية ويعمل قفزة نوعية في مواكبة الإدارة الحديثة في الوطن العربي والعالم ... مع هذا تبقى التحديات عامل مسيطر على الإدارة عموماً في كلا القطاعين الخاص والعام في اليمن.
من هذه التحديات الجسيمة التي ساعدت في تخلف الإدارة في اليمن مشكلة الفساد الإداري الذي يفتك بمؤسسات الحكومة التعليمية، والأمنية، والقضائية على وجه الخصوص. ساعد بشكل كبير على تدني المستوى الثقافي ورقي الفكر في الوسط الاجتماعي اليمني، وانشغال فئة كبيرة من المجتمع اليمني بأمور خارجة عن التقدم الحضاري منها مثلاً "مضغ القات" بمعدل 5 ساعات يومياً. هذه الظاهرة ساعدت على تدهور المستوى الثقافي للعقل اليمني، وقلة مسئوليته، وأثرت كثيراً بعلاقة الشخص بمحيطه الخارجي أيضاً، التزاماته الدينية، العلم والعمل، الأسرة والمجتمع....
أيضاً عوامل أخرى تواجهها اليمن داخلياً، وتختلف من مكان إلى آخر وهو ما يخص الفكر القبلي الهمجي الذي مازال يشكل عامل مسيطر على معظم شئون الدولة.....
من جانب آخر مستوى إدارة المؤسسات العامة والخاصة ودور الموظف والعامل في كل مؤسسة. أمور مهمة يجب الإشارة إليها منها: ضعف أو إهمال وجود أنظمة حقيقية وعادلة تهتم بمستوى ودور الموظف الحقيقي. الموظف في اليمن حقيقية يواجه إرهاب إداري حقيقي، بكونه يُنظر إليه وكأنه وسيلة ذات قيمة محدودة ليس إلا. بينما الدراسات الحديثة تؤكد أهمية الدور البارز للموظف، الذي يرتقي إلى متربة غاية وليس وسيلة بحيث يرتبط نجاحه المهني بنجاح المؤسسة بشكل عام....
أخيراً، تبقى مسألة الأدب الإداري: هذا الموضوع له أهمية بالغة جداً في عكس النجاح الإداري وصلته ومخرجاته على الواقع العملي. لكن في ضل الفشل الإداري في المؤسسات اليمنية. ما فائدة الخوض في مفهوم الأدب الإداري؟! أم أن الأدب الإداري عامل يستند عليه النجاح الإداري؟! انتظرونا في عدد قادم إن شاء الله.