1. تـرك الـشـبع


    سابـعاً : تـرك الـشـبع : فإنه طريق إلى البطنة ، وقد قيل : (( البطنة تذهب الفطنة )).

    قال الأعشى الكبير ميمون بن قيس :

    . . . . . . . . . . . . . . . . . . . والبطنة يوماً قد تأفن الأحلاما


    والبطنة : كما قال ابن منظور : (( امتلاء البطن من الطعام )).

    وقيل : (( الشره وإدخال الطعام على الطعام )) ، وتأفن : تفسد ، والأحلام : العقول.

    وقد هنا للتحقيق ؛ أي : افسادها للعقول متحقق ، فلا فطنة مع بطنة.

    قال النضر بن شميل رحمـه اللَّـه : (( لا يجد الرجل لذة العلم حتى يجوع وينسى جوعه )).

    قلت ( الكاتب ): لعله قصد رحمه اللَّه شدة العناية ، والرعاية للعلم ، إلى درجة مدافعة الجوع ، مع ما فيه من مصادمة الفطرة ؛ فإن الجوع الذي يقلق الحشا ، ويذهب عن الذهن الصفا ليس بمحمود شرعاً ، فلو كان كذلك لما ربط نبينا صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم على بطنه الحجر دفعاً له ، ولما استعاذ منه في دعائه بقوله : (( اللهم إني أعوذ بك من الجوع ، فإنه بئس الضجيع ))(1).

    وكما استعاذ صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم من الجوع ، فقد استعاذ من النفس التي لا تشبع ، فالخير بين ذين ، وليختر امرؤ لنفسه ما اختاره العقلاء ، فقد اختاروا الاعتدال ؛ فإنه حسنة بين سيئتين قال تعالى :{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}(2).

    وهو هدي النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم عن مقدام بن معد يكرب قال سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم يقول : (( ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه ))(3).

    * من أعظم الأسباب المعينة على الفهم عند ابن جماعة :

    قال ابن جماعة : (( من أعظم الأسباب المعينة على الاشتغال ، والفهم ، وعدم الملال ، أكل القدر اليسير من الحلال ، قال الشافعي رضي الله عنه : ما شبعت منذ ست عشرة سنة (4).

    وسبب ذلك أن كثرة الأكل ؛ جالبة لكثرة الشرب ، وكثرته جالبة للنوم ، والبلادة ، وقصور الذهن ، وفتور الحواس ، وكسل الجسم . . . ))(5).

    وقال أيضاً : (( . . . والذهن الصحيح أشرف من تبديده ، وتعطيله ، بالقدر الحقير من طعام ، يؤول أمره إلى ما قد علم . . . ، ومن رام الفلاح في العلم ، وتحصيل البغية منه ، مع كثرة الأكل ، والشرب ، والنوم ؛ فقد رام مستحيلاً في العادة ))(6).اهـ

    قلت : وهكذا يخسر الطالب أسمى المطالب ، ولا يعني هذا أن تمنع نفسك حقها من الطعام ؛ بل إن لنفسك عليك حقاً ، فالمطلوب الاعتدال في غير سرف ولا تقتير ، فلا بطنة تأفن العقل ، ولا جوع يقلق الذهن ، والحشا ، وخير الأمور أوسطها.

    قال الشاعر :


    واخش الدسائس من جوع ومن شبع
    وبالتوسـط في الأمـرين فالتزم

    واقـنع بأيسر زاد أنت نائلـه
    فرب مخمصـة شر من التخـم

    وقال الإمام الأديب الشاعر القحطاني رحمه اللَّه في نونيته السلفية :


    لا تحـشُ بطـنك بالطـعام تسـمناً
    فجسـوم أهـل العلـم غـير سـمان

    لا تتـبع شهـوات نفسك مسـرفاً
    فاللَّـه يبغـض عـابـداً شهـواني


    أقـلل طعامـك ما استـطعت فـإنه
    نفـع الجسـوم وصـحـة الأبـدان

    وامـلك هـواك بضـبط بطـنك إنه

    شـر الرجـال العـاجـز البـطنان

    ومـن اسـتذل لفـرجـه ولـبطـنه

    فـهما لـه مـع ذا الـهوى بـطنان


    وقال سحنون : (( لا يصلح العلم لمن يأكل حتى يشبع )).
  2. أقـلل طعامـك ما استـطعت فـإنه
    نفـع الجسـوم وصـحـة الأبـدان

    سلمووو ابو زكريا
    بارك الله فيك
    وفي مثل يافعي قديم
    بيقول العافية بطراف الجوع سمعت عن هذ المثل من قبل
    تقبل مروري
  3. تسلم يابو زكريا يعطيك العافيه

    كل الود والاحترام