1. مِن مكارم الأخلاق



    • بقلم: شيخنا العلامة المحدث

    أبي الحارث علي الحلبي الأثري


    روى الإمام أحمد في «مسنده» (4/158) عن عُقبةَ بنِ عامرٍ –رضي اللهُ عنه-، قال:

    لقيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال لي:

    «يا عُقبةُ بنَ عامرٍ! صِلْ مَن قَطَعَك، وأَعْطِ مَن حَرَمَك، واعْفُ عمّن ظَلَمَك»(1).

    هذا التوجيهُ النبويُّ الشريفُ مِن أعظمِ التوجيهات، وأجلِّها، وأرفعها؛ ذلكم أنّ فيه إرشاداً لمعالي الأخلاق، وأكمل السَّجايا والصفات . . .

    ولقد أورد الإمام ابنُ كثيرٍ هذا الحديثَ في «تفسيره» (6/491)
    في سياق تفسِيرهِ لقولِ اللهِ -تعالى-: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
    وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } ... [الأعراف:199]

    والتقابُلُ في المعنى والمبنى –بين الآية والحديث- ظاهرٌ؛ حتى في ثلاثِيّةِ التوجيه والأمر:
    فَصِلَةُ القاطعِ تُقابَل بالعفو . . . وإعطاء المحروم تقابَلُ بالمعروف . . . والعفو عن الظالم يُقابَل بالإعراض . . .

    وما أجملَ ما رواه الإمام البخاري في «صحيحهِ» (رقم 4367) و«الأدب المفرد» (244) عن وهب بن كيسان، قال:
    سمعتُ عبدالله بن الزبير يقولُ -على المنبر-: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }،
    قال: «واللهِ! ما أَمَرَ بها أن تُؤْخَذَ إلا مِن أخلاق الناس.
    واللهِ! لآخُذُها منهم ما صحبتُهم».

    وقال الإمام ابنُ القيّم في «مفتاح دار السعادة» (1/344 - بتحقيقي): «ليس المرادُ إعراضَه عمّن لا علم عنده؛ فلا يُعلّمه، ولا يُرشده، وإنّما المراد إعراضه عن جهل مَن جهل عليه؛ فلا يُقابله، ولا يُعاتبه».

    وقد ذكر الإمام ابنُ القيّم -أيضاً- في «مدارج السالكين» (2/305) أنّ هذه الآية «جمعت للنبي -صلى الله عليه وسلم- مكارمَ الأخلاق».

    وقال الإمام اللُّغوي أبو هلال العسكري في «كتاب الصناعتين» (ص132):
    «وأنت ترى أنّ في العفو صلَة القاطعين، والصفح عن الظالمين، وإعطاء المانعين، وفي الأمر بالمعروف تقوى الله، وصِلَة الرحم، وصون اللسان من الكذب، وغضّ الطرف عن الحُرُمات، والتّبرُّؤ من كلّ قبيح، لأنه لا يجوز أن يأمر بالمعروف؛ وهو يلابس شيئاً من المنكر»(2).

    وحتى لا يكونَ الكلامُ في (الأخلاق) -وبخاصّة مكارِمَها العليّة- نظريّاً؛ أذكُرُ -وأُذكِّرُ- بما رواه الإمام البخاري في «صحيحه» (4642) عن ابن عباس-رضي الله عنهما-، قال: «قَدِمَ عُييْنة بنُ حِصْن بن حُذيفة، فنزَل على ابن أخيه الحُرِّ بن قَيْس -وكان من النّفر الذين يُدنيهم عُمَرُ- وكان القُرّاءُ أصحابَ مجالسِ عُمر، ومُشاورتَه -كُهُولاً كانوا أو شُبَّاناً-.

    فقال عُيَيْنة لابن أخيهِ: يا ابنَ أخي لك وَجهٌ عِنْدَ هذا الأمير، فاستأذِنْ لي عليه، قال: سأستأذِنُ لك عليه.
    قال ابنُ عباس: فاستأذَنَ الحُرُّ لعُييْنةَ، فأذِنَ لهُ عمَر، فلمّا دَخلَ عليه، قال: هِيْ يا ابنَ الخطّابِ، فواللهِ ما تُعطينا الجزْلَ، ولا تحكُمُ بيننا بالعدْل!

    فَغَضِبَ عُمَرُ حتى همَّ به، فقال له الحُرّ: يا أميرَ المؤمنين! إنّ الله -تعالى- قال لنَبِيّه -صلى الله عليه وسلم-: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } ، وإنَّ هذا من الجاهلين.
    واللهِ ما جاوَزَها عُمَرُ حينَ تلاها عليه، وكان وقَّافاً عِنْدَ كِتابِ الله» . . .
    فهل مِن وقّاف؟!

    مُلئَ صدرُهُ بالإنصاف؟!



    وفارَقَ الظلمَ الاعتِساف؟!


    ــــــــــ


    (1) «السلسلة الصحيحة» (891) لشيخنا الألباني -رحمه الله-.


    (2) انظر «فضل الله الصمد» (1/334) للجيلاني.
  2. رد: مِنْ مَكَــــارِِم الأَخْــلاقِ

    [align=center]
    تسلم ياالصدفي

    جزاك الله خير على هذة الاحاديث والايات نسأل الله ان ينفعنا بما علمنا
    [/align]
  3. رد: مِنْ مَكَــــارِِم الأَخْــلاقِ

    ما اجمل هذا الكلام
    موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
  4. رد: مِنْ مَكَــــارِِم الأَخْــلاقِ

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك الصدفي
    وروى الترمذي : جاء رجل وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أوصيني . قال -
    اتق الله حيثما كنت
    قال زدني . قال
    أتبع السيئة الحسنة تمحها
    قال زدني - قال
    خالق الناس بخلق حسن "
    وروى الترمذي : قيل يارسول الله , أي المؤمنين أكمل إيمانا ؟ قال : أحاسنهم خلقا "
    وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم :

    اللهم اهدني لأحسن الأخلاق , لا يهدي لأحسنها إلا أنت , واصرف عني سيئها , لا يصرف عني سيئها إلا أنت "
    رواه مسلم

    . لك مني أجمل تحية .
  5. رد: مِنْ مَكَــــارِِم الأَخْــلاقِ

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

    الله يجزيك الف خير اخي الصدفي وبارك الله فيك على الاحاديث المباركة

    اللهم اهدني لأحسن الأخلاق , لا يهدي لأحسنها إلا أنت , واصرف عني سيئها , لا يصرف عني سيئها إلا أنت "
  6. رد: مِنْ مَكَــــارِِم الأَخْــلاقِ


    وأنت من أهل الجزاء أخي الحبيب الخلاقي وشكرا جزيلا لك على المرور ، ونسأل الله تعالى أن يرزقنـا الخلق الحسن
  7. رد: مِنْ مَكَــــارِِم الأَخْــلاقِ


    بــارك الله فيكَ يا أبـا علي ، وشكرا جزيلا على مرورك
  8. رد: مِنْ مَكَــــارِِم الأَخْــلاقِ

    شكر الله لك مرورك أخي الكريم أبـو آدم ، وأسأل الله أن يوفقك لكل خير وتقبل خـالص ودّي واحترامي أخوك الصدفي
  9. رد: مِنْ مَكَــــارِِم الأَخْــلاقِ

    يجزاك كل خير