رد: العضايه الثعبانيه
أما قصيدة ذي الرمة غيلان بن عقبة بن مسعود (ت 117 هـ) فيذكر فيها الحلكة والحرباء:
خليليَّ لا رسمٌ بوهبينَ مُخبرُ ولا ذو حجاً يستنطقُ الدارَ يُعذرُ
فسيرا فقدْ طالَ الوُقوفُ وملَّهُ قلائصُ أشباهُ الحنيّاتِ ضُمَّرُ
أصاحِ الذي لو كانَ ما بي من الهوى به لم أدعهُ لا يُعزّى ويُنظرُ
لكَ الخيرُ هلاّ عُجتَ إذ أنا واقفٌ أغيضُ البُكا في دار ميّ وأزفرُ
فتنظرَ إنْ مالتْ بصبري صبابتي إلى جزعي أم كيفَ إنْ كانَ أصبرُ
إذا شئتُ أبكاني بجرعاءِ مالكٍ إلى الدَّحلِ مُستبدىً لِمَيٍّ ومَحضَرُ
وبالزُّرقِ أطلالٌ لمَيَّةَ أقفرتْ ثلاثةَ أحوالٍ تُراحُ وتُمطرُ
يهيجُ البُكا ألاّ تريمَ وأنَّها ممرٌّ لأصحابي مراراً ومنظرُ
إذا ما بدتْ حزوى وأعرضَ حاركٌ منَ الرَّملِ تمشي حوله العينُ أعفرُ
وجدتُ فؤادي همَّ أنْ يستخفَّهُ رجيعُ الهوى منْ بعضِ ما يتذكَّرُ
عدتني العوادي عنكِ يا ميُّ بُرهةً وقدْ يُلتوى دونَ الحبيبِ فيُهجرُ
على أنَّني في كلِّ سيرٍ أسيرُهُ وفي نظري من نحوِ أرضكِ أصورُ
فإنْ تُحدثِ الأيامُ يا ميُّ بيننا فلا ناشرٌ سرّاً ولا متغيِّرُ
أقولُ لنفسي كلَّما خفتُ هفوةً منَ القلبِ في آثارِ ميٍّ فأُكثرُ
ألا إنَّما ميٌّ فصبراً بليَّةٌ وقدْ يُبتلى المرءُ الكريمُ فيصبِرُ
تذكِّرُني ميّاً منَ الظّبي عينهُ مراراً وفاهاً الأُقحوانُ المنوَّرُ
وفي المرطِ منْ ميٍّ توالي صريمةٍ وفي الطَّوقِ ظبيٌ واضحُ الجيدِ أحورُ
وبينَ ملاثِ المرطِ والطَّوقِ نفنفٌ هضيمُ الحشا رأدُ الوشاحينِ أصفرُ
وفي العاجِ منها والدَّماليجِ والبُرى قناً مالئٌ للعينِ ريّانُ عبهرُ
خراعيبُ أملودٌ كأنَّ بنانها بناتُ النَّقا تخفى مراراً وتظهرُ
ترى خلفها نصفاً قناةً قويمةً ونصفاً نقاً يرتجُّ أو يتمرمرُ
تنوءُ بأُخراها فلأياً قيامُها وتمشي الهُوينى منْ قريبٍ فتُبهرُ
وماءٍ كلونِ الغِسلِ أقوى فبعضُهُ أواجنُ أسدامٌ وبعضٌ معوَّرُ
وردتُ وأردافُ النُّجومِ كأنَّها قناديلُ فيهنَّ المصابيحُ تزهرُ
وقد لاحَ للسَّاري الذي كمَّلَ السُّرى على أخرياتِ اللَّيلِ فتقٌ مُشهَّرُ
كلونِ الحصانِ الأنطِ البطنِ قائماً تمايلَ عنهُ الجُلُّ واللّونُ أشقرُ
تهاوى بيَ الظلماءَ حرفٌ كأنَّها مسيَّحُ أطرافِ العجيزةِ أصحرُ
سنادٌ كأنَّ المسحَ في أخرياتها على مثلِ خلقاءِ الصَّفا حينَ تخطرُ
نَهوضٌ بأخراها إذا ما انتحى لها منَ الأرضِ نهّاضُ الحزابيِّ أغبرُ
مغمِّضُ أسحارِ الخُبوتِ إذا اكتسى منَ الآلِ جُلاًّ نازحُ الماءِ مقفرُ
ترى فيه أطرافَ الصَّحارى كأنَّها خياشيمُ أعلامٍ تطولُ وتقصُرُ
يظلُّ بها الحرباءُ للشّمسِ ماثلاً على الجذلِ إلاّ أنَّه لا يكبِّرُ
إذا حوَّلَ الظِّلَّ العشيُّ رأيتهُ حنيفاً وفي قرنِ الضُّحى يتنصَّرُ
غدا أكهبَ الأعلى وراحَ كأنَّهُ منَ الضِّحِّ واستقبالهِ الشَّمسَ أخضرُ
أنا ابنُ الذينَ استنزلوا شيخَ وائلٍ وعمرو بنَ هندٍ والقنا يتطيَّرُ
سمونا لهُ حتَّى صبحنا رجالَهُ صدورَ القنا فوقَ العناجيجِ تخطِرُ
بذي لجبٍ تدعو عديّاً كماتهُ إذا عثَّنتْ فوقَ القوانسِ عثيرُ
وإنا لحيٌّ ما تزالُ جيادُنا تُوطَّأُ أكبادَ الكُماةِ وتأسِرُ