للحافظ محمد بن المنذر بن سعيد -المعروف بشَكَّر- (ت 303 هجرية) كتاب اسمه "العجائب الغريبة"،وصفه الحافظ ابن كثير في تفسيره ( 4 / 547 ) بقوله: " وهو مشتمل على فوائد جليلة وغريبة ".
وهاك بعض المقتطفات منه:
أ- عن نوفل بن مساحق قال: رأيت شابًّا في مسجد نجران، فجعلتُ أنظر إليه، وأتعجب من طوله وتمامه وجماله، فقال: ما لك تنظر إليَّ؟ فقلتُ:أعجبُ من جمالك وكمالك! فقال:إنَّ الله ليعجب منِّي. قال: فما زال ينقص وينقص حتى صار بطول الشبر، فأخذه بعض قرابته في كمِّه وذهب به.(تفسير ابن كثير 3 / 543 - 544)
ب- عن قُباث بن رزين أبي هاشم قال: أُسِرتُ في بلاد الروم،فجمعنا الملك وعرض علينا دينه،على أنَّ من امتنع ضُرِبت عنقه،فارتدَّ ثلاثة،وجاء الرابع فامتنع فضُرِبَت عنقه، وأُلقي رأسه في نهر هناك، فرَسَبَ في الماء، ثم طفا على وجه الماء، ونظر إلى أولئك الثلاثة فقال : يا فلان ،ويا فلان، ويا فلان -يناديهم بأسمائهم- ،قال الله تعالى في كتابه : ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) (الفجر: 27-30 )ثم غاص في الماء، فكادت النصارى أن يُسلموا، ووقع سرير الملك، ورجع أولئك الثلاثة إلى الإسلام. قال: وجاء الفداء من عند الخليفة أبي جعغر المنصور فخلّصنا. (تفسير ابن كثير 4 / 691 )
ج- حدثني محمد بن إدريس، سمعت محمد بن عصمة -وكان صاحب حديث- يقول:سمعت شيخاً من بغداد يقول: كان من أمر عبد الله بن هلال أنه مرَّ يوماً في بعض أزقّة الكوفة،وقد أهريق عسل لرجل،وقد اجتمع الصبيان يلعقونه ويقولون : أخزى الله إبليس، أخزى الله إبليس. فقال لهم عبد الله بن هلال:لا تقولوا هكذا، وقولوا:جزى الله إبليس عنّا خيراً، فإنه أراق العسل حتى نلعقه. قال : فجاء إبليس إلى عبد الله بن هلال فقال له : إنَّ لك عندي يداً، إذ نهيت الصبيان عن سبِّي، وأنا أكافئك عليها. فدفع إليه خاتماً وقال : كل حاجة إليك تبدو مقضية. فكان إذا أراد شيئاً تهيَّأ له في الحال،.....فطلب الحجاجُ عبدَ الله بن هلال.....ودعا بالسيف والنطع، قال:فأخرج عبد الله كُبَّة غَزل،فأعطى طرفها الحجاج وقال:امسك بهذا حتى أريك عجباً قبل أن تقتلني، ورمى الكُبَّة إلى الهواء، وتعلَّق بالخيط فارتفع، فلمَّا صار في أعلى القصر قال:يأمر الأمير بشئ؟ثم ذهب.
وقبض عليه الحجاج مرَّة غير هذه فسجنه، فقال لأهل السجن:مَن شاء أن ينحدر معي إلى البصرة فليركب هذه السفينة. وخطَّ مثل السفينة، فدخل معه فيها بعضهم، وامتنع آخرون، ونجا هو ومن معه. (لسان الميزان ( 3 / 372 - 373 )
قال أبو معاوية البيروتي- عفا الله عنه - : نقلتُ هذا البحث من كتابي " تأريخ المُحَدَّثين لمدن المشرق والشام " (ص 211-212 / ط . دار البشائر الإسلامية ) مع بعض الاختصار.
والحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.