السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
السؤال :
قال الله تعالى : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا )
وهذا يعني أنه سبحانه ألزم نفسه بنفسه إطعام كل ما يدب
على هذه الأرض من إنسان أو حيوان أو حشرات إلخ ، فبماذا
نفسر المجاعة التي تجتاح بعض بلدان قارة أفريقيا وغيرها؟
الجواب:
"الآية على ظاهرها ، وما يُقَدِّر الله سبحانه من الكوارث
والمجاعات لا تضر إلا من تم أجله ، وانقطع رزقه ، أما من كان
قد بقي له حياة أو رزق فإن الله يسوق له رزقه من طرق كثيرة
، قد يعلمها وقد لا يعلمها ، لقوله سبحانه : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ
يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) وقوله : (وَكَأَيِّنْ
مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ) ، وقول النبي صلى
الله عليه وسلم : (لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها) .
وقد يعاقب الإنسان بالفقر وحرمان الرزق لأسباب فعلها من
كسل وتعطيل للأسباب التي يقدر عليها ، أو لفعله المعاصي
التي نهاه الله عنها ، كما قال الله سبحانه : (مَا أَصَابَكَ مِنْ
حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ). وقال عز
وجل : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ
كَثِيرٍ) ، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن العبد
ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)رواه الإمام أحمد والنسائي وابن
ماجة بإسناد جيد .
وقد يبتلى العبد بالفقر والمرض وغيرهما من المصائب لاختبار
شكره وصبره لقول الله سبحانه : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ
وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) وقوله عز
وجل : (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) والمراد
بالحسنات في هذه الآية : النعم ، وبالسيئات : المصائب . وقول
النبي صلى الله عليه وسلم : (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله
له خير ، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وإن أصابته سراء
شكر فكان خيرا له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن) أخرجه الإمام
مسلم في صحيحه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة . وبالله التوفيق" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (24/241) .