::: استعظم ذنبك ::: وبقدر إيمان المرء وتعظيمه لله ، تعظم لديه معصيته ، وتكبر عنده خطيئته . ويصور حال المؤمن مع المعصية عبدالله بن مسعود فيقول : (( إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا )) قال أبو شهاب بيده فوق أنفه . رواه البخاري . واستعظام الذنب كانت صفة عامة الرعيل الأول : قال أنس بن مالك : (( إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر ، إن كنا نعـــــهدها على عهد رسول الله من الموبقات )) . ودخل عمر على أبي بكر وهو آخذ بلسانه وهو يقول : (( لساني أوردني الموارد )) وقد ينصرف نظر المرء إلى صغر الخطيئة فينبه بلال بن سعد إلى هذا المسلك إذ يقول : (( لا تنظر إلى صغر الخطيئة ، ولكن انظر إلى من عصيت )) . وقال الأوزاعي : (( كان يقال من الكبائر أن يعمل الرجل الذنب يحتقره )) . واستعظام الذنب يتولد منه : استغفار وتوبة ، وبكاء ، وندم , وإلحاح بالدعاء ، ويولد دافعاً قوياً يمكن صاحبه من الانتصار على شهواته . إياك ومحقرات الذنوب ::: ويضرب لها مثلاً بليغاً : فعن ابن مسعود أنه قال : (( إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه ، وإن رسول ضرب لهن مثلاً ، كمثل قوم نزلوا أرض فلاةٍ ، فحضر صنيع القوم ، فجعل الرجل ينطلق فيجئ بالعود ، حتى جمعوا سواداً ، وأحجموا ناراً ، وأنضحوا ما قذفوا فيها )) رواه أحمد . ولهذا يوصي ابن المعتز بذلك مقتبساً هذا المعنى فيقول : خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى واصنع كماشي فوق الأرض يحذر ما يرى لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى وقد حذر السلف منها كذلك ، فقال الفضيل من عياض : (( بقدر ما يصغر الذنب عندك كذا يعظم عند الله ، وبقدر ما يعظم عندك كــــذا يصغر عند الله )) . وعن الحسن قال : (( من عمل حسنة وإن صغرت أورثته نوراً في قلبه ، وقرةً في عمله ، وإن عمل سيئةً وإن صغرت فاحتقراها ، أورثته ظلماً في قلبه وضعفاً في عمله )) . قال ابن القيم : (( إذا عرف هذا فاستقلال العبد المعصية عين الجرأة على الله ... وإنما كان مبارزة، لأنه إذا استصغر المعصية استقلها فيهون عليه أمرها وتخفى على قلبه وذلك نوع مبارزة ))