1. ::: استعظم ذنبك :::

    وبقدر إيمان المرء وتعظيمه لله ، تعظم لديه معصيته ، وتكبر عنده خطيئته .
    ويصور حال المؤمن مع المعصية عبدالله بن مسعود فيقول : (( إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا )) قال أبو شهاب بيده فوق أنفه . رواه البخاري .
    واستعظام الذنب كانت صفة عامة الرعيل الأول : قال أنس بن مالك : (( إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر ، إن كنا نعـــــهدها على عهد
    رسول الله من الموبقات )) .
    ودخل عمر على أبي بكر وهو آخذ بلسانه وهو يقول : (( لساني أوردني الموارد ))
    وقد ينصرف نظر المرء إلى صغر الخطيئة فينبه بلال بن سعد إلى هذا المسلك إذ يقول : (( لا تنظر إلى صغر الخطيئة ، ولكن انظر إلى من عصيت )) .
    وقال الأوزاعي : (( كان يقال من الكبائر أن يعمل الرجل الذنب يحتقره )) .
    واستعظام الذنب يتولد منه : استغفار وتوبة ، وبكاء ، وندم , وإلحاح بالدعاء ، ويولد دافعاً قوياً يمكن صاحبه من الانتصار على شهواته .

    إياك ومحقرات الذنوب :::
    ويضرب لها مثلاً بليغاً :
    فعن ابن مسعود أنه قال : (( إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه ، وإن رسول ضرب لهن مثلاً ، كمثل قوم نزلوا أرض فلاةٍ ، فحضر صنيع القوم ، فجعل الرجل ينطلق فيجئ بالعود ، حتى جمعوا سواداً ، وأحجموا ناراً ، وأنضحوا ما قذفوا فيها )) رواه أحمد .
    ولهذا يوصي ابن المعتز بذلك مقتبساً هذا المعنى فيقول :

    خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى

    واصنع كماشي فوق الأرض يحذر ما يرى

    لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى

    وقد حذر السلف منها كذلك ، فقال الفضيل من عياض : (( بقدر ما يصغر الذنب عندك كذا يعظم عند الله ، وبقدر ما يعظم عندك كــــذا يصغر عند الله )) .
    وعن الحسن قال : (( من عمل حسنة وإن صغرت أورثته نوراً في قلبه ، وقرةً في عمله ، وإن عمل سيئةً وإن صغرت فاحتقراها ، أورثته ظلماً في قلبه وضعفاً في عمله )) .
    قال ابن القيم : (( إذا عرف هذا فاستقلال العبد المعصية عين الجرأة على الله ... وإنما كان مبارزة، لأنه إذا استصغر المعصية استقلها فيهون عليه أمرها وتخفى على قلبه وذلك نوع مبارزة ))