رد: جديد التباهي الرسمي: أكثر من 3 ملايين امرأة لا يُجدن الق
اضافة لموضوع
أهمية تعليم المرأة لتفعيل دورها في التنشئة الاجتماعية :
خلال العقود الأربعة الماضية ترسخت تدريجياً قيمة التعليم في وعي الأسرة اليمنية في الريف والحضر ، ولعل تزايد حجم الالتحاق بالتعليم للذكور ، والإناث يؤكد ذلك ، إلا أنه يمكن القول أن تقبل التعليم كقيمة اجتماعية في حد ذاته وكآلية لإدماج الأفراد ( خاصة المرأة ) في قوة العمل الحديث تقف أمامه عدداً من المعوقات أهمها :
- المعوقات الاجتماعية والثقافية الموروثة .
- المعوقات الاقتصادية (فقر الأسرة ) .
إضافة إلى معوقات أخرى تتباين في تأثيرها من محافظة إلى أخرى ، ولما كان التعليم أهم المتغيرات الاجتماعية Social Variable الأكثر وضوحاً في المجتمع اليمني ، وأهم بوابات التحديث ؛ فإنه يشكل المدخل الرئيسي والوحيد للمرأة اليمنية من خلاله يمكنها الولوج إلى سوق العمل الحديث ، وإلى المشاركة السياسية ، وإلى تجديد أدوارها ونشاطاتها ، وإلى الإهتمام والوعي بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة، فالتعليم للمرأة يعتبر متغير مستقل Indepndent variable ترتبط به متغيرات كثيرة ومتنوعة .
فتعليم المرأة أو أميتها يتحدد على أساسه موقعها في التركيب الأسري ، ويتحدد عليه طبيعة وأسلوب التنشئة الاجتماعية الموجهة للأطفال ضمن المحيط الأسري ، فالأسرة تعتبر أهم مؤسسات المجتمع باعتبارها الوحدة الأساسية التي يتكون منها ، وتتولى عدداً من الوظائف اجتماعياً ، واقتصادياً ، وثقافياً ، وسيكولوجياً ، تجاه أفرادها ، وهي بذلك تعد الوسط الاجتماعي الأول الذي ينشأ فيه الطفل ، وتعتبر التنشئة الاجتماعية Socialization عملية تربوية هامة خاصة بالمراحل الأولى من عمر الإنسان ، وهنا يقوم كل من الأب والأم بهذه العملية ، ( بل وتمتد غالباً لتشمل دور الجد والجدة ) ، وهما في سبيل ذلك يعتمدان طبيعة الثقافة ، وأساليب التنشئة السائدة وفق البناء التقليدي ، ومنظومته الثقافية التي وإن اكتسبت بعض المظاهر الحديثة إلا أن السائد فيها هو تنشئة الأطفال وفق معايير ومحددات تقليدية تعمل على تنميط جندري يفصل في الأدوار والعلاقات بين الذكور والإناث ، وتحدد تفضيلات الأسرة في نوع المولود بأفضلية الذكر على الأنثى ، وأهمية تعليم الأولاد على البنات ، كل ذلك يتم في عملية التنشئة الاجتماعية التي يقوم بها كبار السن ، وأكثر من ذلك أن هذه العملية تعمل على إعادة إنتاج المعايير التقليدية المحددة لنمطية الأدوار ، والعلاقات بين النساء والرجال ، حتى ترسخ لدى المرأة قناعتها بوضعها المتدني وضعف نشاطاتها العامة ، وأولوية أدوارها ونشاطاتها في الأسرة كزوجة وأم ( بل وحتمية ذلك ) . وهنا تتولى عملية التنشئة الاجتماعية في محيط الأسرة إعادة إنتاج الموروث الاجتماعي والثقافي ، وتثبيت قناعة المرأة منذ مراحلها الأولى كطفلة بأن مجالها وأدوارها محصورة في المجال الخاص فقط (أي في المنزل Household work ومتطلباته الإنجابية والإنتاجية )(3) .
وخطورة هذه العملية التربوية أنها تتجاهل بشكل مباشر أو غير مباشر المتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والفوارق الزمنية بين الأجيال المتعددة ، وهي بذلك التجاهل تثبت التاريخ وحركيته ، كسند أساسي لتثبيت الأنماط الثقافية والقيمية المحددة لنشاطات المرأة والرجل ؛ وتفسير ذلك يكمن في استمرار السيطرة الذكورية ذات التنظيم البطريركي التي تعمل في دعم مصلحتها عبر تثبيت واستمرار المحددات الاجتماعية والثقافية الموروثة ، وهنا ينطبق التعبير على المجتمع بشكل عام ، حيث تميل القوى الاجتماعية والسياسية التقليدية والتي تحتل قمة الهرم السياسي في الدولة والمجتمع إلى إعادة إنتاج منظومة القيم والثقافة التقليدية ، ومن ذلك ما يرتبط بالمرأة ، وتأبيد النظرة الدونية تجاهها ، وتهميش فعاليتها ، وربط ذلك بتبريرات أيديولوجية وثقافية ، إضافة إلى تفسيرات دينية . في هذا السياق تنظر الدراسات الأنثروبولوجية الحديثة إلى البنية الاجتماعية التقليدية في الريف بأنها تشكل عائقاً أمام عمليات التغير الاجتماعي التي تهدف إلى تفكيك البنى التقليدية ، وتجديد الأدوار والممارسات - خاصة لدى المرأة - وتساعد على تحديث ثقافة الأفراد والجماعات ، وتجديد أساليب التنشئة الاجتماعية ، وطرائقها ، إضافة إلى أنها تحدث تغيرات في حجم ، وتركيب الأسرة ، ووظائفها ، وبنيتها ، وهي تغيرات تتزايد بإطراد حجم ومعدلات التغير الاجتماعي العام ( تزايد حجم ومعدلات التحضر والحياة الحضرية بمجمل محدداتها الاجتماعية والثقافية المتمايزة ، والمغايرة للمحددات السائدة في الريف) .
جدول رقم (5)
نظرة المرأة الريفية وأسرتها إلى تعليم أولادهما الذكور والإناث « عينة الدراسة »
- عدد الأولاد في سن التعليم ذكور 70 % وإناث 30 %
- الأولاد غير الملتحقين بالمدرسة الذكور 40 % الإناث 43.6 %
- أهمية تعليم الأولاد الذكور 12.5 % الإناث 7.8 %
كلاهما معاً 62.5 %
كيف تنظر المرأة الريفية إلى :
- استمرار تعليم الفتاة إلى المرحلة الجامعية 28.8 %
- استمرار تعليم الولد إلى المرحلة الجامعية 65.7 %
- معاملة البنت مثل معاملة الولد 37.7 %
- معاملة البنت تختلف عن معاملة الولد 59.4 %
- تعليم البنت ليس له نفس أهمية تعليم الولد 46.3 %
- إنسحاب البنات من المدرسة بسبب العادات والتقاليد 17 %
- عدم التحاق البنت بالمدرسة بسبب رغبة الأب 11.1 %
- عدم التحاق البنت بالمدرسة بسبب عدم أهمية تعليم المرأة 3.4 %
- زواج المرأة عن طريق اختيار أهلها للعريس 41.2 %
- إنسحاب البنات من المدرسة بسبب مساعدة الأسرة في أعمال البيت والحقل
h دور المرأة الريفية في تكريس التمايز الجندري ضمن عملية التنشئة الاجتماعية :
تعكس الإحصاءات السابقة عدداً من المؤشرات التي تتموضع المرأة الريفية من خلالها في الأدوار التقليدية داخل الأسرة ، وفي المجتمع الريفي بشكل عام . فإذا كانت غالبية النساء أميات بما يعني ذلك في دلالته من غياب أو انخفاض المستوى الثقافي والتعليمي ، فإن عملية التنشئة الاجتاعية والتربوية للأطفال ( ذكوراً وإناثاً ) تكرس الوضع الاجتماعي والثقافي القائم بل وتعيد إنتاجه ؛ فالأم الأمية ، وكذلك جميع أفراد أسرتها تقل أو تضعف اهتماماتهم بتعليم الأبناء وخاصة الإناث ، وإذا ما كان الأب والأم أميان وتتصف حالاتهم الاقتصادية بالفقر ، فإن تعليم بناتهم لا يعبر عن أولوية في اهتمامهما ، بل يعكس قناعتهم بعدم جدوى تعليم الفتاة ، وتؤكد نتائج الدراسة الميدانية ذلك من خلال التفاوت الكبير في اهتمام ورؤية المرأة الريفية إلى تعليم أولادها الذكور والإناث ، بل أن المرأة الريفية لا تزال حياتها ونشاطاتها تتموضع وفق تنميط جندري gender typology يعكس منظومة القيم والثقافة التقليدية ، فالأسرة الريفية لا تزال هي التي تختار عريس إبنتها ، حيث تصل النسبة إلى 41.2% ، وأن النسبة 37.7% فقط تعبر عن رأي المرأة الريفية بأن معاملة البنت مثل معاملة الولد ، و 46.3% تعبر عن أن « تعليم البنت ليس له نفس أهمية تعليم الولد » . من جانب آخر تعكس نتائج الدراسة الميدانية ارتفاع نسبي لمعدلات التحاق الأبناء في الريف بالمدارس ، فالنسبة بين الذكور 70.5% ، والإناث 54.2% ، وفي المقابل نجد نسبة الأولاد غير الملتحقين بالمدارس وفقاً لمبررات تقليدية ( اجتماعية ، وثقافية ) تكون بين الذكور 40% ، والإناث 43.6% ، أي أن نسبة الإناث اللاتي لم يلتحقن بالمدرسة أكبر من نسبة الذكور ، في هذا السياق تنخفض نسبة تعليم الفتاة إلى معدلات أدنى مقابل ارتفاع نسبة الذكور وفقاً لنظرة المرأة الريفية لتعليم أولادها حتى المرحلة الجامعية ، فالنسبة 65.7% تعبر عن نظرة المرأة الريفية إلى رغبتها في استمرار تعليم أولادها الذكور حتى الجامعة في حين تنخفض النسبة لتصل إلى 25.8% التي تنظر إلى أن تعليم الفتاة يصل حتى الجامعة .
h أهم العومل والمحددات التي تقلل من تعليم الفتاة الريفية :
بشكل عام يمكن رصد أهم العوامل والمحددات التي تقلل من تعليم الفتاة الريفية على النحو التالي :
1- أمية الأب والأم « المحيط الأسري » .
2- الرؤية التقليدية في الريف بأن تعليم الفتاة غير مهم ، وأن مكانها الحقيقي بيت زوجها .
3- الزواج المبكر للمرأة الريفية .
4- الوضع الاقتصادي « الفقر » يحد من تعليم الفتاة الريفية .
5- العادات والتقاليد - الرؤية الموروثة لتدني مكانة المرأة وعدم أهمية تعليمها .
6- كثرة الأعباء التي تقوم بها المرأة الريفية داخل المنزل وخارجه ( في الحقل ) .
7- قلة أو محدودية الدعم من الدولة الموجه لدعم تعليم الفتاة الريفية ، وغياب أو ضعف دعم مؤسسات المجتمع المدني .
8- ضعف تنمية الريف وغياب الخدمات الاجتماعية الحديثة .
9- ضعف أو غياب عمليات الإرشاد والتثقيف العام للأسرة الريفية ( خاصة الأب ) بأهمية تعليم الفتاة .
10- ضعف أو غياب عملية التثقيف العام الموجهة نحو إلغاء الرؤية الخاطئة نحو المرأة .
11- ضعف أو غياب الدور التنموي الداعم لتعليم المرأة ، وتمكينها من قبل المؤسسات النسوية الحكومية أو الأهلية .
h الآثار السلبية المترتبة على أمية المرأة الريفية :