رد: حكم شرب الدخان
ذكر رسائل ألفت في تحريم التدخين جملة
لقد بلغت الرسائل التي ألفها العلماء والكتاب في باب أضرار التدخين وتحريمه مبلغا لا يتصوره الكثير من الناس ناهيك عن الفتاوى في تحريم التدخين فلقد عددت ما يربوا عن عشرين رسالة ناطقة بالتحريم في عنوانها فكيف بمضمونها منها رسالة العلامة مفتي أرض الحرمين محمد بن إبراهيم وكذا العلامة المفسر السعدي ومفتي الأنام ابن باز وأبو بكر الجزائري ومحمد بن جميل زينو.
والرسائل التي تضمنت التحريم في محتواها تفوق الأربعين رسالة وهذا يدلك على قيام العلماء بما ينبغي أن يقوموا به في المسائل المستجدة والغامضة فجدير بالمسلم أن يدرك جدية المسألة المذكورة وأحذر كل مسلم من سلوك طريق يؤدي في الاستمرار عليه إلى الخروج عن الإسلام والطريق هو أن الشخص يرخص لنفسه بأن يأخذ بفتوى عالم أو من يتشبه بالعلماء باعتبار الفتوى نوافق هؤلاء ويقول أنا قد استفتيت العالم الفلاني فأفتاني بالجواز أنتم عندكم علماء ونحن عندنا علماء. فالحق عليه نور كنور القمر في ليلة البدر لا يدرك بالمغالطة بل بتحري الصدق فيه وليتق الله كل مسلم فلا يسأل إلا من اعتمدته الأمة في دينها مرجعا لها وما كان الله ليجعل أكثر علماء أهل السنة والإسلام مخطئين حاشا لله.
مسألة: ما حكم تأجير المحلات لمن يبيع الدخان؟
لا يجوز تأجير المحلات لمن يعلم أنه يستخدمها لبيع الدخان لأن الله يقول: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} المائدة, وتأجير المحلات لهذا الصنف مناف للتعاون على البر والتقوى بل هو تعاون على الإثم والعدوان وقد أفتى بتحريم تأجير المحلات لمن يبيع الدخان العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كما في كتاب "فقه وفتاوى البيوع" ص (327-328).
مسألة: هل يطيع الولد والده إذا أمره ببيع الدخان؟
سئلت اللجنة الدائمة كما في "فتاوى اللجنة الدائمة" 13/56 عن حكم بيع الدخان (السجائر) وإن كان بيعها أمرا من الوالد فهل هذا يكون عذرا, إن كان حراما فما العمل؟
فكان الجواب: شرب الدخان حرام , والاتجار بيعا وشراء فيه حرام ولو كان ذلك بأمر الوالد أو غيره ؛ لما ثبت عن النبي e أنه قال :" لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " وقال e :"إنما الطاعة في المعروف".
إساءة مصانع التبغ باسم الإحسان
لقد أساءت شركات التصنيع لأنواع التدخين مرتين:
الأولى:عندما قامت بتصنيع هذه المواد المضرة بالأمم وقد بان لك عظمة الضرر فيها فيما سبق.
الثانية: عند أن تكتب على أغلفة الدخان (مضر بالصحة)
قد يظن أنها محسنة عند أن كتبت هذا التحذير على الغلاف الخارجي وليس كذلك بل هي مسيئة لأنها لو كانت تحافظ على عافية أبدان الناس وأموالهم وتحب لهم النجاة والسلامة ما صنعت ذلك ولكن عليها الوزر بسبب التصنيع للمواد الضارة وعلى هذا لا يقال قد نصحك النصراني الذي صنع السجائر بل يقال قد غشك ومكر بك .
تنبيه :من الملاحظ أنه يوجد في بعض الدول خبائث صارت عادة عند بعضهم كأكل القات الخبيث وشرب الدخان – التتن أو السيجارة – وتناول الشمة, وكل واحدة من هذه تجلب من الأوساخ ما هو معلوم وبعضهم يجمع هذه كلها في وقت واحد وهو عند أكل القات أو بعده مباشرة فجعلوا أفواههم كالزبالة.
فما هذا يا معشر الرجال أما تستحيون وتترفعون عن القاذورات فكم ضحك عليكم العقلاء وسخر منكم النبلاء واحتقركم البسطاء فأي مصلحة في هذه القاذورات؟
مسألة: هل شرب الدخان من المفطرات؟
سئل ابن عثيمين: إذا كان الدخان ليس بطعام ولا شراب ولا يصل إلى الجوف فهل هو من المفطرات؟
فأجاب نقول له: إن شرب الدخان حرام عليك في رمضان وفي غير رمضان وفي الليل والنهار . فاتق الله في نفسك وأقلع عن هذا الدخان واحفظ صحتك وأسنانك ومالك وأولادك ونشاطك مع أهلك حتى يدفع الله عليك بالصحة والعافية وأما قوله "إنه ليس بشراب" فإني أقول له : هل يقال فلان يشرب الدخان ؟ يقال يشرب الدخان وشرب كل شيء بحسبه فهذا شراب بلا شك ولكنه شراب ضار محرم , ونصيحتي له ولأمثاله أن يتق الله في نفسه وماله وولده وفي أهله ؛ لأن كل هذه الأشياء يصحبها ضرر من تعاطى هذا الدخان وأسأل الله سبحانه وتعالى له ولإخواننا المسلمين العصمة مما يغضب وبهذا تبين أن شرب الدخان يفطر الصائم مع ما فيه من الإثم. انظر "نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان" 3/127.
وقد أفتى العلامة زيد بن هادي المدخلي أيضا بأن الدخان والشمة من المفطرات كما في الفتاوى المضيئات ص (53) قال: (إذ لو تعاطاه لكان مفطرا عمدا فيتعرض للوعيد الشديد الذي يترتب على تعمد الفطر في نهار رمضان بدون عذر شرعي).
نداء إلى ولاة الأمور
بعد أن تبين أضرار التدخين والحكم عليه بالتحريم يستلزم ذلك الحكم على استيراده بالتحريم أيضا فإذا تقرر ذلك فإني أدعو ولاة أمور المسلمين عموما أن يمنعوا استيراد الدخان بأنواعه ويمنعوا التجار من بيعه وشرائه ,لقول الرسول e : ((من ضار ضار الله به ومن شاق شاق الله عليه)) رواه أحمد والأربعة عن أبي صرمة.
وعلى وزارة الصحة أن تتابع إنزال بيانات الأضرار المتلاحقة والمتتابعة بسبب تعاطي الدخان.
قال العلامة شيخنا مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في كتابه "إجابة السائل على أهم المسائل" ص (371) : (أما الدخان فإنه ضرر وإسراف والواجب على الإخوة المسؤولين أن يمنعوا دخوله إلى البلاد فما مع البلاد منه مصلحة).
نصيحة لعامة المسلمين
معاشر المسلمين تعلمون أن التناصح في الدين من أعظم مقومات الإسلام ولهذا قال الرسول e: ((الدين النصيحة)) رواه مسلم عن تميم الداري.
وقال بعض العلماء: من نصحك فقد أحبك ومن داهنك فقد غشك . وقال بعض السلف: لإن تسمع من أخيك كلمة خير لك من مال يعطيك فلعل الكلمة تهديك ولعل المال يطغيك. والناصح مشفق أمين يدعوك إلى نفع نفسك وإصلاح ما بينك وبين ربك لا يريد منك مالا ولا جاها.
فأدعو خطباء المساجد والمدرسين في المدارس والجامعات إلى تركهم ومحاربتهم للتدخين , وأدعو الآباء والأمهات والإخوة والأخوات والشباب والشياب إلى أن يرحموا أنفسهم ويتقوا الله بترك هذه الولعة الخبيثة فتعاطيها ليس من التقدم ولا الرقي وليس من الذكاء ولا الشجاعة وليس من الراحة والسعادة بل هي مجازفة جر إليها الجهل بالعواقب وليكونوا في وجه المروجين لها على حساب الإضرار بالأمة.
وفي الختام أسأل الله أن ينفع بهذه الرسالة جميع المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
وكتبه/ أبو نصر محمد بن عبد الله الإمام