عقل بأي عقلٍ ودين
تكون المظاهرات إصلاحاً لحال المسلمين !!!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه:
أما بعد:
فقد انتشر في هذه الأيام منهج بدعي مخالف للشرع والعقل ألا وهي المظاهرات, وقد ردَّ العلماء على هذا المنهج المحدث فجمعت هذه الرسالة منبهاً ومذكراً ومحذراً لإخواني المسلمين, أسال الله أن ينفع بها الإسلام والمسلمين.
لعلَّ قائل يقول: لماذا المظاهرات منهج بدعي؟
فالجواب:
1- لأنها لم ترد في الشرع, لا في الكتاب ولا في السنة.
2- لأنها من أعمال الكفار وليست من أعمال المسلمين, فالمسلمون لا يعرفونها من قبل.
3- لأن دعوة الإسلام تقوم على اللين والرفق والسياسة الحسنة والحكمة والدعوة بالتي هي أحسن والمظاهرات ليست كذلك بل هي عنف.
4- لأنها مظهر من مظاهر الخروج على ولاة الأمر والخروج عليهم محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة كما هو معروف في كتب العقائد.
5- لأنها جالبة للمفاسد ودافعة للمصالح في الدين والدنيا. وإليك بعضها:
أ- استبدال للأمن بالخوف.
ب- استبدال للشبع بالجوع.
ت- إراقة للدماء.
ث- هتك للأعراض.
ج- نهب للأموال.
ح- قطع للسبل (الطرق).
خ- ضعف الدين وغربته.
د- تسليط للسفهاء.
ذ- نقص في العلم وغربة لأهله.
س- انتشار للجهل ورفعة للجهال.
و- ضعف المسلمين وهوانهم على الكافرين والمجرمين.
ش- حصول فساد أعظم من الفساد الحاصل بظلم الأئمة إن وجد.
هـ- حصول فساد وشر بسبب الخروج أعظم من المصلحة المترتبة على المظاهرات.
ي- تفرقة المسلمين . والواقع أكبر شاهد على هذه المفاسد والمنكرات.
ولنا - إخواني في الله - أسوة حسنة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد عاش منهم من عاش في زمن يزيد بن معاوية والحجاج وغيرهم – وهم من كبار الصحابة- وشاهدوا في تلك الفترة الشيء الكثير من المنكرات والفساد ومع ذلك نهوا عن الخروج على الأمراء والطعن فيهم أو نزع يد الطاعة وأمروا بالسمع والطاعة لهم طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
فمن مقاصد الشريعة الإسلامية الحث على تحصيل المصالح وتكميلها والنهي عن المفاسد وتقليلها ولا شك أن القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الواجبات بالضوابط الشرعية وشريطة أن تكون المصلحة راجحة على المفسدة فإذا أدى إنكار المنكر إلى ما هو أعظم منه من سفك للدماء فأي مصلحة ترجى من ذلك.] انظر مفهوم الجماعة والإمامة ص175- 179[ .
فإذا قال قائل : فما هو الحل إذاً اتجاه فساد السلطان ؟؟
الجواب: الحل يكون بالأسباب الشرعية التي تدل عليها أدلة الكتاب والسنة المرضية:
1- السمع والطاعة له في غير معصية الله تعالى.
2- الصبر على جوره.
3- العمل بطاعة الله والحذر من معصية الله.
4- الدعاء له بالصلاح والسداد والتوفيق.
5- النصح له بالضوابط الشرعية وهي:
أ- أن لا ينكر عليه بالسلاح.
ب- أن مناصحته سراً بالمكاتبة والاتصال والمشافهة.
أقوال الأئمة الأعلام في المظاهرات
وإليك أخي القارئ هذه المقتطفات من كلام العلماء في رد هذا المنهج المحدث:
قول فضيلة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى
سئل الشيخ في شعبان سنة 1412هـ بمدينة جده من شريط سمعي: هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة؟ وهل من يموت فيها يعتبر شهيداً أو في سبيل الله؟
فأجاب رحمه الله : ( لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج, ولكن أنا أرى أنها من أسباب الفتن, ومن أسباب الشرور, ومن أسباب بغض الناس, والتعدي على بعض الناس بغير
حق, ولكن الأسباب الشرعية: المكاتبة, والنصيحة, والدعوة إلى الخير بالطرق الشرعية, شرحها أهل العلم, وشرحها أصحاب رسول الله صلى الله وعليه وسلم وأتباعه بإحسان: بالمكاتبة, والمشافهة مع الأمير ومع السلطان, والاتصال, ومناصحته, والمكاتبة له دون التشهير على المنابر بأنه فعل كذا, وصار منه كذا والله المستعان) [فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة143].
وقال رحمه الله في مجموع فتاويه [18/379]: (.. كما أوصي العلماء وجميع الدعاة وأنصار الحق أن يتجنبوا المسيرات والمظاهرات التي تضر الدعوة ولا تنفعها وتسبب الفرقة بين المسلمين والفتنة بين الحكام والمحكومين. وإنما الواجب سلوك السبيل الموصل إلى الحق واستعمال الوسائل التي تنفع ولا تضر وتجمع ولا تفرق وتنشر الدعوة بين المسلمين وتبين لهم ما يجب عليهم بالكتابات والأشرطة المفيدة والمحاضرات النافعة وخطب الجمع الهادفة التي توضح الحق وتدعو إليه وتبين الباطل وتحذر منه, مع الزيارات المفيدة للحكام والمسلمين, والمناصحة كتابة ومشافهة بالرفق والحكمة والأسلوب الحسن ..). [نقلاً عن فتاوى الأئمة144].
وقال رحمه الله في معرض رده على عبد الرحمن عبد الخالق كما في مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 8/245 :
(سادساً: ذكرتم في كتابكم (فصول من السياسة الشرعية) ص31-32: إن من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة التظاهرات (المظاهرة) لا أعلم نصاً في هذا المعنى, فأرجو الإفادة عمن ذكر ذلك وبأي كتاب وجدتم ذلك؟ فإن لم يكن لكم في ذلك مستند فالواجب الرجوع عن ذلك, لأني لا أعلم في شيء من النصوص ما يدل على ذلك, ولما قد عُلم من المفاسد الكثيرة في استعمال المظاهرات, فإن صح فيها نص فلا بد من إيضاح ما جاء به النص إيضاحاً كاملاً حتى لا يتعلق به المفسدون من مظاهراتهم الباطلة ..) [نقلاً عن فتاوى الأئمة ص145].
قول فضيلة الشيخ العلامة الدكتور صالح فوزان الفوزان حفظه الله
سئل حفظه الله: هل من وسائل الدعوة القيام بالمظاهرات لحل مشاكل الأمة الإسلامية؟
الجواب: ديننا ليس دين فوضى, ديننا دين انضباط ودين نظام وهدوء وسكينة, والمظاهرات ليست من أعمال المسلمين وما كان المسلمون يعرفونها, ودين الإسلام دين هدوء, ودين رحمة ودين انضباط لا فوضى ولا تشويش ولا إثارة فتن, هذا هو دين الإسلام والحقوق يتوصل إليها بالمطالبة الشرعية والطرق الشرعية والمظاهرات تحدث فتن وتحدث سفك دماء وتحدث تخريب أموال فلا تجوز هذه الأمور) [الإجابات المهمة في المشاكل الملمةص100-101].
قول فضيلة الشيخ العلامة المحدث أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله
قال رحمه الله في معرض ذكره للملاحظات على دعوة الإخوان المسلمين:
(الملاحظة الثالثة والعشرون: تنظيم المسيرات والتظاهرات والإسلام لا يعترف بهذا الصنيع ولا يقره بل هو محدث من عمل الكفار وقد انتقل من عندهم إلينا, أفكلما عمل الكفار عملاً جاريناهم فيه وتابعناهم عليه.
إن الإسلام لا ينتصر بالمسيرات والتظاهرات, ولكن ينتصر بالجهاد الذي يكون مبنياً على العقيدة الصحيحة والطريقة التي سنها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وقد ابتلى الرسل وأتباعه بأنواع من الابتلاءات فلم يؤمروا إلا بالصبر, فهذا موسى عليه السلام يقول لبني إسرائيل رغم ما كانوا يلاقونه من فرعون وقومه من تقتيل الذكور من المواليد واستحياء الإناث يقول لهم ما أخبر الله عز وجل به عنه قال موسى لقومه: "استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين". وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما شكوا إليه ما يلاقونه من المشركين: "إن من كان قبلكم كان يؤتى بالرجل منهم فيوضع المنشار في مفرقه حتى يشق ما بين رجليه ما يصده ذلك عن دينه وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الرجل من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون". فهو لم يأمر أصحابه بالمظاهرات ولا اغتيالات). [المورد العذب الزلال ص199-200].
فهذا ما أحببنا به النصيحة والبيان, فما كان فيه من صواب فمن الله المنان وما كان فيه من خطأ فمني ومن الشيطان, واستغفر الله العظيم, وأسال الله التوفيق والسداد والإخلاص في القول والعمل وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.
تم بحمد الله يوم الخميس 5 جمادى الأولى 1430هـ الموافق 30/4/2009م
بدار الحديث بالشحر حرسها الله.
جمعها : أبو نافع سالم بن عبد الله الكلالي
وقد راجعها
شيخنا الفاضل : أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن مرعي بن بريك – حفظه الله -