بيان منزلة صاحب السنة وصاحب البدعة
فصاحب السنة حي القلب مستنيره وصاحب البدعة ميت القلب مظلمه وقد ذكر الله سبحانه هذين الأصلين في كتابه في غير موضع وجعلهما صفة أهل الايمان وجعل ضدهما صفة من خرج عن الإيمان
فإن القلب الحي المستنير هو الذي عقل عن الله وفهم عنه وأذعن وانقاد لتوحيده ومتابعة ما بعث به رسوله وآله
والقلب الميت المظلم الذي لم يعقل عن الله ولا انقاد لما بعث به رسول الله ولهذا يصف سبحانه هذا الضرب من الناس بأنهم أموات غير أحياء وبأنهم في الظلمات لا يخرجون منها ولهذا كانت الظلمة مستولية عليهم في جميع جهاتهم فقلوبهم مظلمة ترى الحق في صورة الباطل والباطل في صورة الحق وأعمالهم مظلمة وأقوالهم مظلمة وأحوالهم كلها مظلمة وقبورهم ممتلئة عليهم ظلمة وإذا قسمت الأنوار دون الجسر للعبور عليه بقوا في الظلمات ومدخلهم في النار مظلم وهذه الظلمة هي التي خلق فيها الخلق أولا فمن أراد الله سبحانه وتعالى به السعادة أخرجه منها إلى النور ومن أراد به الشقاوة تركه فيها كما روى الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي أنه قال إن الله خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل
فلذلك أقول جف القلم على علم الله وكان النبي يسأل الله تعالى أن يجعل له نورا في قلبه وسمعه وبصره وشعره وبشره ولحمه وعظامه ودمه ومن فوقه ومن تحته وعن يمينه وعن شماله وخلفه وأمامه وأن يجعل ذاته نورا فطلب النور لذاته ولأبعاضه ولحواسه الظاهرة والباطنة ولجهاته الست
وقال أبي بن كعب رضي الله عنه المؤمن مدخله من نور ومخرجه من نور وقوله نور وعمله نور وهذا النور بحسب قوته وضعفه