[FONT="] وفي كتابه (في شرق اليمن- يافع) فأن صلاح البكري قد أورد صور نادرة لخلاقة القديمة في مطلع الخمسينات من القرن الماضي وكانت تتركز معظم بيوتها في مرتفع جبلي صخري يُسمى (القفلة) وكانت حينها أشبه بالقلعة المنيعة والدخول إليها كان محدداً عبر ثلاث بوابات فقط تغلق عند المساء وتُفتح في الصباح الباكر. وقد وصف صلاح البكري كيف استقبله أهلها بحفاوة بالغة, حيث كان في استقباله حوالي ثلاثمائة مسلح أطلقوا مئات الأعيرة النارية ترحيباً به وذكر على رأسهم الشيخ المرحوم محمد علي الخلاقي وهو قاضي خلاقة, وقال عنه بأنه من أطيب الناس نفساً وأصفاهم قلباً.ومنذ ذلك الحين فقد تضاعفت أعداد مبانيها وسكانها عدة مرات, وانتشرت في محيط (القفلة) القديمة الأحياء الجديدة التي أصبحت لها مسمياتها الخاصة, وتمتد البيوت الجديدة الآخذة في التوسع إلى أطراف خلاقة المطلة على وادي حطيب وإلى القرن ووادي نير وإلى أطراف وادي شمض والحيد الأسود المطل على الفردة, كما اتصلت بقرية حلبد وما يزال التوسع العمراني جارياً بصورة حثيثة. ويبلغ عدد سكان خلاقة حالياً أكثر من ستة آلاف شخص, وربع هذا العدد تقريباً ينتشرون في أصقاع الأرض في المهاجر المختلفة, وبدرجة رئيسية في دول الخليج العربي, خاصة البحرين وقطر والسعودية, وكذا في الولايات المتحدة الأمريكية, كما ينتشرون في عدن وصنعاء وغيرها من المدن اليمنية حيث يقيم كثير منهم مع أسرهم ويمارسون مختلف المهن والأعمال. وفي خلاقة في الوقت الحاضر مدرسة متكاملة للتعليم الأساسي يدرس الأولاد فيها صباحاً والفتيات بعد الظهر, وفيها سوق تجارية بجانب المدرسة ووحدة صحية, فضلاً عن الدكاكين العديدة المنتشرة في الأحياء, وفيها العديد من المساجد القديمة والحديثة, منها أربعة مساجد بمآذن تعانق السماء, أشهرها مأذنة (مسجد الجبانة). ومن الجدير بالذكر أن خلاقة قد دخلت إليها الكهرباء الأهلية في نهاية السبعينات من القرن الماضي بتعاون أهلها, ولا تزال معتمدة على مشروعها الأهلي حتى يأتي مشروع الربط الكهربائي الذي تنتظره يافع على أحر من الجمر. كما أن حي (آل غلاب) في خلاقة قد انتظم فيه الصرف الصحي قبل أكثر من عشر سنوات بمبادرة من المرحوم طيب الذكر حسين عباد شميم الخلاقي,وهي تجربة ناجحة تعد الأولى على مستوى يافع, وكم نتمنى أن يشمل ذلك النظام بقية أحياء خلاقة, بل وكل التجمعات السكانية الكبيرة في يافع عامة. ومن أشهر أودية خلاقة: الحِجْلِهْ, شَمْضْ, ثُمِّدِهْ, نِجَام, الخَرقاء, نَيْر, لَخْشَاب, حَبْلَهْ, فدَّهْ, نَمِرَه, صَوْآر, حِلْبِدْ..الخ. [/FONT]
[FONT="] وقد مثلت خلاقة حتى عشية الاستقلال الوطني عام 1967م, مجتمعاً منغلقاً متكاملاً يعتمد على مصادره الذاتية المعتمدة على زراعة الحبوب كالذرة والشعير والبر والدخن والخضروات بأنواعها والبن والورس والترنج والقرانيط وغيرها من المزروعات ورعي الأغنام والاحتطاب. وكان تقسيم العمل بين سكانها قائماً, فإلى جانب القبائل ملاك الأرض الزراعية والمرتبطين بحراثتها وزراعتها فضلاً عن دورهم كمقاتلين متأهبين دائماً للدفاع عن حياض القبيلة ومصالحها, نجد هناك القضاة وكانت مهمتهم إبرام عقود النكاح وتوثيق عقود البيع والشراء للأرض وتعليم الأطفال قراءة القرآن, وكذا الفئات الأخرى التي كانت تمارس مختلف المهن التي يحتاج إليها المجتمع القبلي كالنجارة والحياكة والحدادة وصناعة الفخار والأعمال الخدمية الأخرى والتي كانت حكراً على فئة (الشحذ) فهم يحييون الأفراح في الزواج والأعياد ويقومون بختانة الأطفال وغير ذلك, ولم يكن المجتمع يحتاج لأي خدمة من خارجه, باستثناء حرفة البناء التي يمارسها (آل بن صلاح) معالمة البناء الشهيرين في يافع. [/FONT]
[FONT="]تدخل خلاقة من الناحية القبلية ضمن قوام مكتب الموسطة, وهي أحد مكاتب يافع بني مالك (يافع العليا) الخمسة. وقد أورد المؤرخ حمزة علي لقمان اسم خلاقة ونسبها الخزاعي في كتابه"تاريخ القبائل اليمنية" ضمن الربع الأول من أرباع الموسطة, الذي حدده في صفحة (206) من كتابه على النحو التالي:- [/FONT]
[FONT="]الربع الأول[/FONT][FONT="]: ويتكون من الخُلاقي والعَلَسي والرَّيوي والقُعيطي.[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
- [FONT="]الخُلاقي وأهم قراهم خُلاقة ويقال أنهم من قبائل خُزاعة.[/FONT]
- [FONT="]العَلَسي وأهم قراهم صانب، حُقبة, الحصن, وادي حِيْق, ذروة.[/FONT]
- [FONT="]الرَّيوي وأهم قراهم الحصن, ذي الأخداد, أهل عامر وأهل أحمد وأهل خُضير في لَحْمَر والصُلابة والمرباضة وصَنَابح.[/FONT]
- [FONT="]القعيطي: وهم ينقسمون إلى فرعين محُمّدي وأحمدي وقد أورد أسماء قراهم ومساكنهم العديدة.[/FONT]
[FONT="] يحد خلاقة من الشمال ريو وسيلة حَمَرْ, ومن الجنوب وادي حطيب, ومن الغرب سيلة حممر خلاقة وسيلة حطيب ومن الشرق بني بكر والفردة وتكاد إمتدادات المسافة بين هذه الثلاث القرى المتجاورة أن تعطي شكل المثلث, وتجمع بينها في الأطراف الأودية ومصادر المياه والمراعي, وهو ما جعل هذه القرى الثلاث المتجاورة( بني بكر, خلاقة, الفردة) تدخل في حروب وفتن قبلية كل واحدة مع الأخرى في فترات متفاوتة, وكذا الحال بين ريو وخلاقة, كما كان الحال في يافع عامة عندما كان الناس يعتمدون على مصادرهم المحلية في مأكلهم وملبسهم وفي كافة شئون حياتهم. وقد كان آباؤنا وأجدادنا يمقتون تلك الفتن والحروب القبلية التي فرضتها عليهم الظروف الصعبة التي عاشوها, وهذا ما نجده في أشعارهم, فالشاعر المرحوم عوض محمد الحلسي الخلاقي في قصيدة جوابية أرسلها لصديقه الشاعر أحمد أبوبكر بن سنان البكري أثناء فتنة كان يتخللها صلح أوهدنة أثناء الأعياد, يصف الفتنة بالجذنة , كما في قوله:[/FONT]