مُنْذُ فَتْرَةٍ وَجِيزَةٍ وأَنَا أَتَتَبَّعُ تِلْكَ المَظَاهِرْ الَّتِيْ بَدَأَتْ تَتَفَشَّىْ فِيْ مُجْتَمَعِنَا المُحَافِظْ
والَّتِيْ تُعَدُّ فِعْلاً شُذُوذًا لاَيُصَدَّقُ أَنَّهُ يَحْدُثُ فِيْ وَسَطِنَا الآمِنْ
حَتَّىْ وإِنْ حَاوَلْنَا ِارْتِدَاءَ النَّظَّارَاتِ السَّوْدَاءْ
الَّتِيْ غَالِبًا مَانَرْتَدِيهَا ونَقُولْ إِنَّهُ قَلِيلٌ ولَكِنَّهُ مَوْجُودٌ !
كَـ ظَاهِرَةٍ تَحْتَاجُ لـِ التَّقَصِّيْ أَكْثَرَ
لِـ مَعْرِفَةِ أَسْبَابَ وُجُودِهَا واِزْدِيَادِهَا مُؤَخَّرًا
وهِيَ ظَاهِرَةُ هُرُوبِ الفَتَيَاتْ مِنَ المَنَازِلْ !
أَوْ رَمْيِهِنَّ فِيْ الشَّارِعِ مِنْ قِبَلِ ذَوِيهِنَّ لـِ البَحْثِ عَنِ النُّقُودِ
بِـ طُرُقٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ !
مُنْذُ مَايُقَارِبْ السَّنَتَيْنْ وأَنَا أَسْتَمِعُ إِلَىْ قِصَصٍ مُتَنَاثِرَةٍ مِنْ أَصْحَابِهَا إِحْدَاهَا (شَخْصٌ يَعْمَلُ فِيْ أَحَدِ المَحَلاَّتِ التِّجَارِيَّةِ فُوجِئَ بِـ دُخُولِ فَتَاةٍ إِلَيْهِ تَطْلُبُ مِنْهُ أَخْذَهَا إِلَىْ مَنْزِلِهِ لِـ أَنَّهَا هَارِبَةٌ مِنْ مَنْزِلِهَا والمُدْهِشُ الَّذِيْ يَشُلُّ الأَذْهَانْ أَنَّهَا أَمْضَتْ مَعَهُ أُسْبُوعًا كَامِلاً وكَأَنَّهَا زَوْجَتُهُ بِلاَ حَسِيبٍ أَوْ رَقِيبٍ أَوْ حَتَّىْ
أَهْل يَسْأَلُونَ عَنْهَا إِلَىْ أَنْ أَجْبَرَهَا عَلَىْ الرَّحِيلِ فِيْ النِّهَايَةِ خَوْفًا مِنَ المَشَاكِلْ) تَخَيَّلُوا مَعِيْ أُسْبُوعًا ولاَسَائِلٍ عَنْهَا وكَمَا يَصِفُ الشَّابُّ أَنَّهُ مِنَ الوَاضِحِ عَلَيْهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ فَقِيرَةْ أَوْ أَنَّهَا مِنْ عَائِلَةٍ سَيِّئَةٍ
والحَادِثَةُ الأُخْرَىْ مِنْ قَرِيبٍ سَمِعْتُهَا
(شَابَّيْنْ فِيْ سِيَّارَتِهِمَا مَارِّينَ بـِ أَحَدِ الأَسْوَاقِ المَفْتُوحَةِ إِلاَّ ويَسْمَعَانْ صَوْتَ بَابِ السِّيَّارَةِ الخَلْفِيْ يُفْتَحْ ويُغْلَقْ ومَا إِنْ اِلْتَفَتَا لِـ الخَلْفِ وَجَدُوا فَتَاةً فِيْ المَقْعَدِ الخَلْفِيِّ فِيْ السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرْ بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ !
صَرَخَا بِهَا اِنْزِلِيْ مَنْ أَنْتِ حَتَّىْ تَصْعَدِيْ السِّيَّارَةَ رَدَّتْ عَلَيْهِمَا بـِ صَوْتٍ مُنْهَكٍ: أَنَا تَعِبَةٌ جِدًّا فَقَطْ أُرِيدُ أَنْ أَنَامَـ عِنْدَكُمْـ اِذْهَبُوا بِيْ لِأَيِّ مَكَانٍ ! الشَّابَّيْنْ أَشْفَقَا عَلَيْهَا وسَأَلاَهَا أَيْنَ أَهْلُكِ أَجَابَتْ الإِجَابَةَ القَاتِلَة :مَمْنُوعٌ عَلَيَّ أَنْ أَعُودَ لـِ المَنْزِلِ قَبْلَ السَّابِعَةِ صَبَاحًا أَوْ أَنْ أَعُودَ بِلاَ نُقُودٍ فَمَاكَانَ مِنْ الشَّابَّيْنْ إِلاَّ أَنْ تَرَكَا السِّيَّارَةَ لَهَا تَنَامـُ فِيهَا ثُمَّـ أَرْجَعَاهَا إِلَىْ مَنْزِلِهَا السَّابِعَةْ ووَضَعَ أَحَدُهُمْـ فِيْ يَدِهَا بَعْضَ النُّقُودِ حَتَّىْ لاَتُعَاقَبَ مِنْ أَهْلِهَا)
فـَ غَرَّتْ الدَّهْشَةُ فَاهِيْ وأَنَا أَسْتَمِعُ حَتَّىْ خُيِّلَ لِيْ أَنَّنَا نَعِيشُ فِيْ دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ غَيْرَ بَلَدِنَا المُسْلِمِـ الآمِنِ !
ومَاكَانَتْ تِلْكَ الأُحْجِيَتَيْنِ مِنْ عَدَدٍ كَبِيرٍ اِسْتَمَعْتُ لَهُمْـ مِنْ أَشْخَاصِهِمْـ ومَارَأَيْتُ بِـ عَيْنِيْ أَشَدُّ وَطْأَةٍ فِيْ بَعْضِ الأَسْوَاقِ المَفْتُوحَةِ حَقًّا مَايَحْدُثُ بَعْدَ السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرْ فَتَيَاتٌ فِيْ الطُّرُقَاتِ وسِيَّارَاتٍ مُكْتَسِحَةٍ بِـ السَّوَادِ والنُّقُودُ مُلْقَاةٌ عَلَىْ الطَّبْلُونْ تَنْتَظِرْ الصَّيْدَ الثَّمِينْ الَّذِيْ يَأْتِيْ بِـ قَدَمَيْهِ بَحْثًا عَنِ النَّقُودِ
فَـ هَلْ وَصَلَ بِنَا الحَالُ إِلَىْ هَذِهِ الدَّرَجَةِ فَتَيَاتٌ يَهْرُبْنَ مِنْ مَنَازِلِهِنَّ لِـ المُتْعَةِ وأُخْرَيَاتٍ يَبِعْنَ أَجْسَادَهُنَّ بِـ وَاعِزٍ مِنْ أَهْلِهِنَّ
أَيْنَ هُوَ الوَازِعُ الدِّينِيْ الَّذِيْ نَتَشَدَّقُ بِهِ ؟!
أَيْنَ الرَّقَابَةُ المَنْزِلِيَّةُ لِـ مُدَّعِيْ المُحَافَظَةِ ؟!
إِذَا كَانَ الأَهْلُ هُمْـ مَنْ أَصْبَحُوا يُلْقُونَ بِـ بَنَاتِهِمْـ إِلَىْ الشَّارِعِ
مِسْكِينَةٌ تِلْكَ الفَتَاةْ الَّتِيْ خُلِقَتْ فَـ وَجَدَتْ أَهْلَهَا يَقْتَاتُونَ مِنْ لَحْمِهَا
ومِسْكِينَةٌ تِلْكَ الفَتَاة الَّتِيْ فَتَحَتْ عَيْنَيْهَا فـَ مَاوَجَدَتْ مِنَ العَائِلَةِ إِلاَّ إِسْمًا وجَمِيعُ أَنْوَاعِ الفُرْقَةِ والتَّفَكُّكِ بِهَا
هَلْ الخَطَأْ واللَّوْمْـ هُنَا عَلَىْ أُولَئِكَ الفَتَيَاتِ اللَّوَاتِيْ خُلِقْنَ فِيْ مِثْلِ تِلْكَ العَائِلاَتِ ؟!
أَمْـ عَلَىْ العَائِلاَتِ الَّتِيْ بِـ هَذَا الشَّكْلِ إِمَّا لاَحَسِيبٍ ولاَرَقِيبٍ وإِمَّا أَكَلَةُ لَحْمِـ بَنَاتِهُنَّ ؟!
هَلْ أَصْبَحْنَا نَسِيرُ إِلَىْ المُنْحَدَرِ ؟!
كَمْـ هُوَ مُخِيفٌ المَنْظَرْ حِينَمَا تَنْزَع النَّظَّارَةْ السَّوْدَاءْ وتَنْزِلْ الشَّارِعْ لِـتَرَىْ الحَقَائِقَ بـِ وَجْهِهَا العَارِيْ ولاَتَمْلِكْ أَنْ تَفْعَلَ شَيْئًا سِوَىْ الصَّمْتِ وأَنْ تَقُولْ (اِحْنَا لِسَّهْ بِخِيرْ وأَحْسَنْ مِنْ غِيرْنَا ..)
أُخْتِيْ المُسْلِمَةُ شَرَفُكِ ثُمَّـ شَرَفُكِ ولَنْ يَبْقَىْ مَعَكِ سِوَاهُ
أَسَْألُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ أَنْ يُصْلِحَ حَالَ بَنَاتِ المُسْلِمِينْ