جاري تحميل محرك البحث

اهلاً وسهلاً بك في مجلس الخلاقي!
لكي تتمكن من المشاركه يجب بان تكون عضو معنا تسجيل الدخول بإستخدام الفيسبوك

تـسـجـيـل الـدخـول

|| للتسجيل معنا

العقيدة سؤال وجواب

موضوع في 'المجلس الاسلامي' بواسطة ابو زكريا الخلاقي, فبراير 8, 2008.

    • :: الأعضاء ::

    ابو زكريا الخلاقي

    • المستوى: 4
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 15, 2007
    عدد المشاركات:
    1,324
    عدد المعجبين:
    15
    الوظيفة:
    عامل
    مكان الإقامة:
    u s a
    بسم الله الرحمن الرحيم


    موسوعة هَلْ يَسْتَوِي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ

    علم التوحيد في سطور

    التوحيد الذي أرسل الله سبحانه وتعالى من اجله الرسل , وأنزل من اجله جميع الكتب السماوية , فهو الموضوع الذي تكرر ذكره في كتاب الله عز وجل فلا تكاد تخلو سورة من سور القرآن الكريم إلا وفيها ذكر التوحيد والأمر به والحث عليه ، بل إن القرآن كله توحيد لأنه إما خبر عن الله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته أو أمر بعبادته وحده لا شريك له ونهي عن الشرك ، وإما بيان لجزاء الموحدين الذين أخلصوا العبادة لله عز وجل و بيان لجزاء المشركين الذين أعرضوا عنه وما ينتظرهم في الآخرة ، وإما إخبار عن الموحدين أو إخبار عن المكذبين من المشركين وأتباعهم من الأمم السابقة , فبالتوحيد يتميز المسلم من الكافر , وبه يفترق الناس يوم القيامة , فريق في الجنة وفريق في السعير , ومن أجل هذا وجب على المسلم معرفته حق المعرفة , ووجب عليه معرفة كل شروطه و نواقضه حتى يفوز بجنة عرضها السماوات والأرض , وينجو من نار فيها من العذاب ما لا يخطر على بال نار قال عنها جبريل عليه السلام عندما رأها وهي يركب بعضها بعضاً وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلَهَا , نار أهون أهلها عذاباً , رَجُلٌ تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ , , نار يصبغ فيها أنعم أهل الدنيا من أهلها صبغة واحد , ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ , نار يبكى أهلها حتى لو أجريت السفن في دموعهم لجرت , وإنهم ليبكون الدم , من أجل هذا وغيره وجب على الإنسان معرفة التوحيد الذي من خلاله يكون من أهل السعادة فأول ما فرض الله علينا الكفر بالطاغوت والإيمان بالله , وهذا هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله , فمعنى شهادة أن لا إله إلا الله‏ الاعتقاد والإقرار ، بأنه لا معبودَ بحقٍّ إلا الله , ولهذه الشهادة شروط سبع , أولها العلم , وثانيها اليقين , وثالثها القبول لما اقتضته هذه الكلمة , ورابعها الإنقياد لما دلت عليه , ‏, وخامسها الصدق , , وسادسها الإخلاصُ , وسابعها المحبة لهذه الكلمة , هذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله , أما معنى شهادة أن محمدًا رسول الله هو الإقرار باللسان والإيمان بالقلب بأن محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي رسول الله عز وجل إلى جميع الخلق من الجن والإنس , وأن لا يعبد الله تعالى إلا عن طريق الوحي الذي جاء به صلى الله عليه وسلم , وأن يصدق فيما أخبر، و يمتثل أمره فيما أمر، وأن يجتنب ما عنه نهى وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع , وأن لا يعتقد أن له حقاً في الربوبية وتصريف الكون ، أو حقاً في العبادة ، بل هو صلى الله عليه وسلم عبد لا يعبد ورسول لا يكذب ، لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً من النفع أو الضر إلا ما شاء الله ، وأنه صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل فهذا هو المعنى الصحيح للشهادتين , كما أن لهما نواقض عشر وجب على كل مسلم معرفتها : أولها الشرك في عبادة الله وثانيها من جعل بينَهُ وبينَ الله وسائط , وثالثها من لم يكفر المشركين أومن يشكّ في كفرهم ، أو صحح مذهبهم , ورابعها من اعتقد أن هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه , وخامسها‏ من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وسادسها من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم , وسابعها السحرُ ومنهُ الصرفُ والعطفُ , وثامنها مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين , وتاسعها من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وعاشرها الإعراض عن دين الله لا يتعلمُهُ ، ولا يعمل به , فهذا هو التوحيد الذي جاء به الرسل , و أفضل الأعمال بعد الشهادتين الصلوات , والزكاة , والصيام , والحج , فهذه هي أركان الاسلام الخمس , أما أركان الإيمان فهي ستة , أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره , فالإيمان هو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعات و ينقص بالعصيان , فالله عز وجل لا يقبل العمل إلا إذا توفرت فيه ثلاثة شروط وهى : الإسلام والإخلاص , الإتباع , فالإسلام شرط لصحة جميع الأعمال , فلا يقبل العمل من الكافر حتى يسلم , واللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ ,و العمل لا يكون مقبولاً حتى يكون موافقا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم , فالخير كل الخير في إتباع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والشر في الإبتداع في دين الله عز وجل , فكل بدعة في الدين فهي محرمة وضلالة ولكن التحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة ، فمنها ما هو كفر صراح ، كالطواف بالقبور تقرّبًا إلى أصحابها ، وتقديم الذبائح والنذور لها ، ودعاء أصحابها ، والاستغاثة بهم ، وكأقوال غلاة الجهمية والمعتزلة‏ ،‏ ومنها ما هو من وسائل الشرك، كالبناء على القبور والصلاة والدعاء لها ، ومنها ما هو فسق إعتقادي كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة في أقوالهم وإعتقاداتهم المخالفة للأدلة الشرعية ، ومنها ما هو معصية كبدعة التبتل والصيام قائمًا في الشمس ، والإخصاء بقصد قطع شهوة الجماع.
    هذا وغيره سوف تجده بإذن الله تعالى مقرونا بأدلته الصحيحة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , و الله أسأل أن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم موافقاً لمرضاته إنه جواد رحيم.


    محتويات الكتاب

    الدرس الأول التوحيد
    الدرس الثاني الإسلام
    الدرس الثالث الإيمان
    الدرس الرابع الإحسان
    الدرس الخامس العبادة
    الدرس السادس الشرك وأنواعه
    الدرس السابع الكفر وأنواعه
    الدرس الثامن النفاق وأنواعه
    الدرس التاسع الطاغوت وأنواعه
    الدرس العاشر الردة وأنواعها
    الدرس الحادي عشر الفسق
    الدرس الثاني عشر الضلال
    الدرس الثالث عشر السحر وأنواعه
    الدرس الرابع عشر الكاهن والعراف
    الدرس الخامس عشر النشرة وأنواعها
    الدرس السادس عشر الرقى وأنواعها
    الدرس السابع عشر التمائم وأنواعها
    الدرس الثامن عشر الغلو و الإطراء
    الدرس التاسع عشر البدعة وأنواعها




    الدرس الأول التوحيد

    باب في أول ما فرض علي الإنسان

    س 1) ما أول ما فرض علي الإنسان؟
    أول ما فرض الله علينا الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ، قال الله تعالى (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدّينِ قَد تّبَيّنَ الرّشْدُ مِنَ الْغَيّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)البقرة256.

    باب في أنواع التوحيد

    س2) ما التوحيد و ما هي أنواعه؟
    التوحيد هو إفرادُ الله بالخلق والتدبير، وإخلاصُ العبادة له، وترك عبادة ما سواه، وإثبات ما لَهُ من الأسماء الحسنى، والصفات العلى، وتنزيهه عن النقص والعيب ، فهو بهذا التعريف يشملُ أنواع التوحيد الثلاثة , توحيد الربوبية , وتوحيد الألوهية , وتوحيد الأسماء والصفات , وقد اجتمعت أنواع التوحيد الثلاثة في قوله سبحانه و تعالى (رّبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً)مريم65.

    باب في توحيد الربوبية

    س3) عرف توحيد الربوبية؟
    توحيد الربوبية هو إفرادُ الله تعالى بأفعاله ، بأن يُعتقَدَ أنه وحده الخالق لجميع المخلوقات (اللّهُ خَالِقُ كُـلّ شَيْءٍ)الزمر62 , وأنه الرازق لجميع الدواب والآدميين وغيرهم (وَمَا مِن دَآبّةٍ فِي الأرْضِ إِلاّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا)هود6 , وأنه مالكُ الملك ، والمدبرُ لشئون العالم كله ، يُولِّي ويعزل ، ويُعزُّ ويُذل ، قادرٌ على كل شيء ، يُصَرِّفُ الليل والنهار ، ويُحيي ويُميت.


    با
    ب في أن الكفّار الذين قاتلهم رسول الله يُقِرُّون بتوحيد الربوبية


    س4) هل الكفّار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقِرُّون بتوحيد الربوبية؟
    الكفّار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقِرُّون بأنّ الله تعالى هو الخالِق المدبِّر، وأنّ ذلك لم يُدْخِلْهم في الإسلام، والدليل: قوله تعالى (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ)يونس31.

    باب في توحيد الألوهية

    س5) عرف توحيد الألوهية؟
    توحيد الألوهية هو إفراد الله عز وجل بالعبادة , قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)الذاريات56 ، ويقال له توحيد العبادة ؛ فباعتبار إضافته إلى الله يسمى توحيد الألوهية ، وباعتبار إضافته إلى الخلق يسمى توحيد العبادة.

    باب في علاقة توحيد الإلهية بتوحيد الربوبية والعكس

    س6) ما هي العلاقة بين توحيد الإلهية وتوحيد الربوبية والعكس؟
    توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية , وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية , بمعني أنه من أقر بتوحيد الربوبية وجب عليه الإقرار بتوحيد الألوهية , فمن عرف أن الله ربه وخالقه ومدبر أموره , وجب عليه أن يعبده وحده لا شريك له , ومن أقر بتوحيد الألوهية دخل ضمنه توحيد الربوبية , فمن عبد الرب فلا بد أن يكون قد اعتقد أنه هو ربه وخالقه كما قال تعالى مخبراً عن إبراهيم عليه السلام (أفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين)الشعراء75-82.

    باب في توحيد الأسماء والصفات

    س7) بما يعرف توحيد الأسماء والصفات ؟
    توحيد الأسماء والصفات هو إفراد الله عز وجل بما له من الأسماء والصفات , وذلك بأن نثبت لله عز وجل جميع أسمائه وصفاته التي أثبتها لنفسه في كتابه أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تأويل ولا تعطيل ومن غير تشبيه و لا تكييف و لا تمثيل , (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السّمِيعُ الْبَصِيرُ)الشورى11 , فالمقصود بالتحريف هو العدول بالنصوص الصحيحة إلى معاني باطلة وأما التأويل فهو صرف اللفظ عن معناه الراجح إلى معنى مرجوح لقرينة صارفة من المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح كتأويل اليد بالنعمة أو القدرة ونحو ذلك , وهذا ما يسمى بالتأويل المذموم والتعطيل هو إنكار ما يجب لله من أسمائه وصفاته أو إنكار بعضه والتشبيه وهو أن يقال إن صفات الله مثل صفات خلقه , كأن يقال له يد كأيدينا والتكييف هو تعيين كيفية صفات الله والهيئة التي تكون عليها.
    كما يجب نفي ما نفاه الله عن نفسه ، ونفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من صفات لا تليق به سبحانه وتعالى ، قال تعالى (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)الكهف49 ، فنفي الظلم عن الله واجب مع إثبات كمال العدل له سبحانه.
    قال تعالى (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)البقرة255 ، ففي هذه الآية إثبات لصفتي الحياة والقيومية لله تعالى لأنهما من صفات الكمال ، ونفي صفتي السِنَة والنوم عنه ؛ لأنهما من صفات النقص ، فيجب نفيهما وإثبات كمال الحياة والقيومية ، وهكذا في سائر الصفات.
    س8)- ما هي أقسام الصفات؟
    تنقسم الصفات إلى قسمين : ـ 1ـ صفات ذات : - وهي التي لا تنفك عن ذات الله سبحانه ، مثل اليد والوجه والساق والقدرة والحياة والعلم والسمع والبصر وغيرها من الصفات ، قال تعالى (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ )صّ75 ، وقال تعالى ( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)البقرة115 ، وقال تعالى (وَيَبْقَى وَجهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ)الرحمن27 ، وقال تعالى (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ)القلم42 ، وفي صحيح مسلم عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قال أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ).
    2ـ صفات فعل :- وهي أنت تتعلق بمشيئة الله ، إن شاء الله فعل وأن شاء الله لم يفعل ، مثل الغضب والرضى والنزول والمجيء والمحبة والضحك والخلق والرحمة …… وغير ذلك من صفات الفعل ، قال تعالى (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً)الفتح6 ، وقال تعالى ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)المائدة40 ، وقال تعالى (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّا)الفجر22 ، وقال تعالى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ)المائدة119 ، وقال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)المجادلة14 ، وقال تعالى (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)آل عمران76 وقال تعالى : (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) (آل عمران32 ، وروى البخاري ، ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ) ، وفي البخاري ، ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ كِلاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ . فَقَالُوا : كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْلِمُ فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ) ، وفي البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلاةٍ)

    باب في حق الله علي العباد وحق العباد علي الله

    س9) ما حق الله علي العباد وحق العباد علي الله؟
    حق الله جل وعلا على العباد ، هو توحيده سبحانه وتعالى ، والإخلاص له وإسلام الوجه له سبحانه بلا شريك ولا نِدّ ولا ظهير والله جل جلاله إنما عَمَر السموات وخلقها ، وعَمَر الأرض وخلقها ، ليوحّد سبحانه ، قال الله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)الذاريات56 - 58 , ومعنى يعبدون أي يوحدون , وحق العباد على الله إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ , عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عَلَى حِمَارٍ فَقَالَ : (يَا مُعَاذُ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ)صححه الألباني.



    الدرس الثاني الإسلام

    باب في تعريف الإسلام

    س1) ما هو تعريف الإسلام؟
    الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة ، والبراءة من الشرك وأهله ، قال تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ)آل عمران19 ، و قال جل وعلا (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)آل عمران85 ، و قال تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)المائدة3.

    باب في أركان الإسلام

    س2) ما هي أركان الإسلام؟
    أركان الإسلام خمس وهي شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وحج البيت , قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ)متفق عليه.

    باب في معنى الشهادتين

    س3) ما معنى لا إله إلا الله؟
    معنى شهادة أن لا إله إلا الله‏ الإعتقاد والإقرار ، بأنه لا معبودَ بحقٍّ إلا الله ومن هذا التعريف يتضح أن للشهادة ركنان , نفي و إثبات أما النفي فمأخوذ من " لا إله" , فـ" لا إله" تنفى جميع ما يعبد من دون الله على اختلاف أصناف المعبودات , وأما الإثبات فمأخوذ من "إلا الله", فـ"إلا الله" تثبت العبادة لله وحده دون سواه , قال تعالى (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)البقرة256.

    باب في ما جاء في تفسير كلمة التوحيد التفسير المخالف للكتاب والسنة

    س4) هل يصح تفسير كلمة التوحيد " لا إله إلاّ الله " بأنه لا خالق إلا الله ولا قادر على الاختراع إلا الله؟
    تفسير كلمة التوحيد " لا إله إلاّ الله " بأنه لا خالق إلا الله ولا قادر على الاختراع إلا هو ، تفسير قاصر ومخالف لما جاء في الكتاب والسنة ، يوضح ذلك أن الله أخبرنا بأن كفار قريش مقرّون بأنه هو الخالق الرازق المدبر كما قال تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ)لقمان 25 ، فلو كان هذا معنى كلمة التوحيد لكانوا مؤمنين ولما جعلوها شيئاً عجاباً كما قال تعالى عنهم (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)ص5 ، فإذاً يكون معناها لا معبود حق إلا الله سبحانه وتعالى ، وإفراد الله بالعبادة هو الذي أنكره كفار قريش وهو الشيء الذي جعلوه عجباً فيكون هو معناها.

    باب في شروط لا إله إلا الله

    س5) ما شروط لا إله إلا الله؟
    شروط لا إله إلا الله سبع , أولها العلم وهو أن تعلم بمعناها المراد منها وما تنفيه وما تُثبته، المنافي للجهل بذلك ، قال تعالى (فَاعْلَمْ أَنّهُ لاَ إِلَـَهَ إِلا اللّهُ)محمد19 , و قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ)مسلم , وثانيها اليقين وذلك بأن يكون قائلها مستيقنًا بما تدلّ عليه ؛ فإن كان شاكًّا لم تنفعه , قال الله سبحانه وتعالى (إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ الّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمّ لَمْ يَرْتَابُواْ)الحجرات15 , وثالثها القبول لما اقتضته هذه الكلمة من عبادة الله وحده ، وترك عبادة ما سواه ؛ فمن قالها ولم يقبل ذلك ولم يلتزم به كان من الذين قال الله فيهم‏ : (إِنّهُمْ كَانُوَاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ اللّهُ يَسْتَكْبِرُون)الصافات35 , ورابعها الإنقياد لما دلت عليه ، قال تعالى (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ)لقمان22 , والعروة الوثقى هي ‏لا إله إلا الله ؛ ومعنى يسلم وجهه‏ :‏ أي ينقاد لله بالإخلاص له ‏, وخامسها الصدق : وذلك بأن يقولَ هذه الكلمة مصدقًا بها قلبُه ، فإن قالَها بلسانه ولم يصدق بها قلبُه ؛ كان منافقًا كاذبًا ، قال تعالى (وَمِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الاَخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) إلى قوله (فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُون)البقرة10 , وسادسها الإخلاصُ وهو تصفيةُ العمل من جميع شوائب الشرك ، بأن لا يقصد بقولها طمعًا في الدنيا ، ولا رياء ولا سمعة , قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)متفق عليه , وسابعها المحبة لهذه الكلمة ، ولما تدل عليه ، ولأهلها العاملين بمقتضاها‏ , فأهل ‏ ‏لا إله إلا الله‏ يحبون الله حبًّا خالصًا وأهل الشرك يحبونه ويحبون معه غيره ‏, وقال سبحانه و تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ)البقرة16.

    باب معنى شهادة أن محمدًا رسول الله

    س6) ما معنى شهادة أن محمدًا رسول الله؟
    معنى شهادة أن محمدًا رسول الله هو الإقرار باللسان والإيمان بالقلب بأن محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي رسول الله عز وجل إلى جميع الخلق من الجن والإنس , قال تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً)الأعراف158 , وأن لا يعبد الله تعالى إلا عن طريق الوحي الذي جاء به صلى الله عليه وسلم قال تعالى (قُل لاّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلآ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلآ أَقُولُ لَكُمْ إِنّي مَلَكٌ إِنْ أَتّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَىَ إِلَيّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَىَ وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكّرُونَ)الأنعام50, وأن يصدق فيما أخبر، و يمتثل أمره فيما أمر، وأن يجتنب ما عنه نهى وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع , قال تعالى (وَمَآ آتَاكُمُ الرّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ)الحشر7 , وأن لا يعتقد أن له حقاً في الربوبية وتصريف الكون، أو حقاً في العبادة ، بل هو صلى الله عليه وسلم عبد لا يعبد ورسول لا يكذب ، لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً من النفع أو الضر إلا ما شاء الله , قال تعالى (قُل لاّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاّ مَا شَآءَ اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسّنِيَ السّوَءُ إِنْ أَنَاْ إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)الأعراف188 ، وأنه صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل , قال تعالى (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)الأحزاب 40.
    ومتابع الرسول صلى الله عليه وسلم لا تتحقق إلا بستة أوصاف هي :-
    أولاً )- أن تكون العبادة موافقة للشريعة في سببها ، فأي إنسان يعبد الله بعبادة مبنية على سبب لم يثبت بالشرع فهي مردودة ليس عليها أمر الله ورسوله ، ومثال ذلك الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو غير موافق للشرع ومردود .
    ثانيًا )- أن تكون العبادة موافقة للشريعة في جنسها ، مثل أن يضحي الإنسان بفرس ، فلو ضحى الإنسان بفرس كان بذلك مخالفاً للشريعة في جنسها؛ لأنه لم يثبت ذلك في الشرع.
    ثالثاً )- أن تكون العبادة موافقة للشريعة في قدرها فلو أن أحداً من الناس قال أنه يصلي الظهر ستاً فهل هذه العبادة تكون موافقة للشريعة ! كلا لأنها غير موافقة لها في القدر .
    رابعاً )- أن تكون العبادة موافقة للشريعة في كيفيتها فلو أن الإنسان فعل العبادة بجنسها وقدرها وسببها لكن خالف الشرع في كيفيتها فلا يصح ذلك ، ومثال ذلك رجل صلى فقدم السجود قبل الركوع لا تصح صلاته .
    خامساً )- أن تكون العبادة موافقة للشريعة في الزمان ، مثل أن يصوم الإنسان رمضان في شعبان أو في شوال ، أو يصلي صلاة الظهر قبل الزوال أو بعد أن يصير كل شيء مثليه ؛ لأنه إن صلاها قبل الزوال صلاها قبل الوقت وإن صلاها بعد أن يصير ظل كل شيء مثله صلاها بعد الوقت فلا تصح صلاته قبل الوقت ولا تصح بعد الوقت إلا من عذر.
    سادساً )- أن تكون العبادة موافقة للشريعة في مكانها ، فلو أن إنساناً وقف يوم عرفة بمزدلفة لم يصح وقوفه ؛ لعدم موافقة العبادة الشرع في مكانها.

    باب في نوا قض الشهادتين

    س7) ما هي نوا قض الشهادتين؟
    نواقض الشهادتين عشرة , أولها الشرك في عبادة الله , وذلك بأن تجعل لله شريكا في العبادة كالذبح للأضرحة أو الذبح للجن ‏, قال الله تعالى (إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَىَ إِثْماً عَظِيماً)النساء 48 , وقال تعالى (إِنّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنّةَ وَمَأْوَاهُ النّارُ وَمَا لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)المائدة 72 , وثانيها من جعل بينَهُ وبينَ الله وسائط , بأن يدعوهم أو يسألهم الشفاعة أو يتوكل عليهم ، فإنه يكفر إجماعًا ‏, قال تعالى (وَالّذِينَ اتّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرّبُونَآ إِلَى اللّهِ زُلْفَىَ)الزمر3 , والله تعالى كفرهم وكذبهم بهذا القول (إِنّ اللّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَـفّار ٌ)الزمر3 , فهم كَذَبَة في هذا القول وهم كفار بهذا العمل قال سبحانه وتعالى (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـَؤُلآءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ)يونس18 , فمن جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم أو يذبح لهم أو ينذر لهم أو يتوكل عليهم فإنه كافر بإجماع المسلمين وثالثها من لم يكفر المشركين أومن يشكّ في كفرهم ، أو صحح مذهبهم ، كفر ‏, من لم يكفر اليهود أو لم يكفر النصارى أو لم يكفر المجوس أو لم يكفر الوثنيين , أو لم يكفر المنافقين أو لم يكفر الشيوعيين فهو كافر , وكذلك من شك في كفرهم قال : أنا ما أدري , اليهود يمكن أن يكونوا على حق , أو يمكن أنه يجوز للإنسان أن يتدين باليهودية , أو بالنصرانية , أو بالإسلام كلها أديان سماوية , قال تعالى عن إبراهيم (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيَ إِبْرَاهِيمَ وَالّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنّا بُرَءآؤاْ مّنْكُمْ وَمِمّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتّىَ تُؤْمِنُواْ بِاللّهِ وَحْدَهُ)الممتحنة4 , فهذه هي الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله مخلصاً له الدين وأن تتبرأ من عبادة من سوى الله وأن تنكرها وتبغضها وتبغض أهلها وتعاديهم , ورابعها من اعتقد أن هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه ، كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكم الرسول صلى الله عليه وسلم ويفضلون حكم القوانين على حكم الإسلام‏ , وخامسها‏ من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم : ولو عمل به كفر ‏, كأن يبغض الصلاة فإنه يكفر ولو صلى , أو كرهها , يدل عليه قوله تعالى (ذَلِكَ بِأَنّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ اللّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ)محمد9 , فإذا أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الواجبات أو من الثواب أو من العقاب كأن يبغض إقامة الحدود على الزاني أو السارق أو كره ذلك فهذا يكفر ، لأنه أبغض وكره ما أنزل الله , وسادسها من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم : أو ثوابه أو عقابه ، كفر ‏‏, قال تعالى (قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)التوبة66 , وسابعها السحرُ ومنهُ الصرفُ والعطفُ , قال تعالى (وَمَا يُعَلّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّىَ يَقُولاَ إِنّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ)البقرة102 , وثامنها مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين , قال تعالى (وَمَن يَتَوَلّهُمْ مّنكُمْ فَإِنّهُ مِنْهُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ)المائدة51 , وتاسعها من اعتقد أن بعض الناس (يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى ، عليه السلام)، فهو كافر ‏, وعاشرها الإعراض عن دين الله لا يتعلمُهُ، ولا يعمل به.

    باب في أنه لا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف

    س8) هل هناك فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف؟
    لا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف , (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُون لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُم)التوبة64 , إلا المكره‏, قال تعالى (إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنّ بِالإِيمَانِ)النحل106 , وكلها من أعظم ما يكون خطرا وأكثر ما يكون وقوعا فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه.


    باب في الصلاة

    س 9) ما هي أفضل الأعمال بعد الشهادتين؟
    أفضل الأعمال بعد الشهادتين الصلوات الخمس , قال تعالى (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)النساء103 , وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ (إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ أَطَاعُوا لَكَ فِي ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْم ٍ... الحديث)متفق عليه.

    باب في الزكاة

    س10) عرف الزكاة لغة و شرعا؟
    الزكاة لغة هي النماء والزيادة , واصطلاحاً هي حقّ واجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص , والزكاة فرض واجب على كل مسلم ملك نصباً من مال بشروطه، حتى الصبي والمجنون يخرج عنهما وليهما، ومن جحد وجوبها وهو عالم عامد فقد كفر، ومن منعها بخلاً وتهاوناً يعتبر بذلك فاسقاً ومرتكباًَ لكبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وهو تحت مشيئة الله إن مات قال الله سبحانه و تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)البقرة 43 , وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ (إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ أَطَاعُوا لَكَ فِي ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ فِي ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ... الحديث)متفق عليه.

    باب في الصيام

    س11) عرف الصيام لغة وشرعا؟
    الصيام لغة الإمساك , وشرعاً , هو التعبد لله بإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس , وصيام رمضان أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام , قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ)متفق عليه , وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)البقرة 183.


    باب في الحج

    س12) عرف الحج لغة و شرعا؟
    الحج في اللغة القصد ، يقال حج إلينا فلان أي قصدنا وقدم إلينا , وفي الشرع هو القصد إلى مكة لأداء النسك بصفة مخصوصة في وقت مخصوص وبشروط مخصوصة , وقد أجمعت الأمة على وجوب الحج على المستطيع مرة واحدة في العمر، وعلى كونه أحد الأركان الخمسة التي بنى عليها الإسلام ، قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)آل عمران 97 , وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا)رواه مسلم.



    الدرس الثالث الإيمان

    باب في تعريف الإيمان

    س1) ما الإيمان؟
    الإيمان لغة هو الإقرار قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ((أكثر أهل العلم يقولون إن الإيمان في اللغة التصديق ، ولكن في هذا نظر! لأن الكلمة إذا كانت بمعنى الكلمة؛ فإنها تتعدى بتعديها، ومعلوم أن التصديق يتعدى بنفسه، والإيمان لا يتعدى بنفسه؛ فنقول مثلاً: صدقته، ولا تقول آمنته! بل تقول: آمنت به، أو آمنت له فلا يمكن أن نفسر فعلاً لازماً لا يتعدى إلا بحرف الجر بفعل متعد ينصب المفعول به بنفسه، ثم إن كلمة (صدقت) لا تعطي معنى كلمة (آمنت) فإن (آمنت) تدل على طمأنينة بخبره أكثر من (صدقت) ولهذا؛ لو فسر (الإيمان) بـ (الإقرار) لكان أجود؛ فنقول: الإيمان: الإقرار، ولا إقرار إلا بتصديق، فتقول أقر به، كما تقول: آمن به، وأقر له كما تقول: آمن له)).
    وشرعا هو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعات و ينقص بالعصيان قال تَعَالَى (وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)الكهف13 , وقال سبحانه وتَعَالَى (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا)المدثر31 , وَقَالَ الله تَعَالَى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)المائدة3 , ومن هذا التعريف يتضح أن الإيمان قول وعمل , قول قلب وقول اللسان وعمل قلب وعمل جوارح , و هو بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق , قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ)مسلم , أما قول القلب فهو الاعتقاد والتصديق ، فلابد من تصديق الرسل عليهم الصلاة والسلام فيما أخبروا به ، فإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء , وأما أعمال القلب : فهي كثيرة منها الإخلاص ، والحب ، والخوف ، والرجاء ، والتعظيم ، و الإنقياد ، والتوكل وغيرها من أعمال القلوب فإذا زال عمل القلب مع اعتقاد التصديق ، فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب , وأما قول اللسان فهو النطق بالشهادتين والإقرار بلوازمهما , وهو شرط لصحة الإيمان , فمن لم يصدق بلسانه مع القدرة ، لا يسمى مؤمناً ، كما اتفق على ذلك سلف الأمة , وأما عمل الجوارح فهو العمل الذي يؤدى بها , مثل الصلاة ، والحج ، والجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , فكما يجب على الخلق أن يصدقوا الرسل عليهم السلام فيما أخبروا، فعليهم أن يطيعوهم فيما أمروا فلا يتحقق الإيمان بالرسول مع ترك الطاعة بالكلية وأعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب ، ولازمة لها فالقلب إذا كان فيه معرفة وإرادة ، سرى ذلك إلى البدن بالضرورة ، ولا يمكن أن يختلف البدن عما يريده القلب ، ولهذا قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ألَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)متفق عيه , فإذا كان القلب صالحاً بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً ، لزم بالضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر، والعمل بالإيمان المطلق ، فالظاهر تابع للباطن لازم له، متى صلح الباطن ، صلح الظاهر ، وإذا فسد ، فسد , وعلى هذا فإنه يمتنع أن يكون الشخص مؤمناً بالله تعالى، مقراً بالفرائض ، ومع ذلك فهو تارك لتلك الطاعات، ممتنع عن فعلها.
    وملخصه هو جميع الطاعات الباطنة والظاهرة , الباطنة : كأعمال القلب، وهي تصديق القلب وإقراره , و الظاهرة : أفعال البدن من الواجبات والمندوبات , ويجب أن يتبع ذلك كله قول اللسان، وعمل الجوارح والأركان، ولا يجزيء واحد من الثلاث إلا بالآخر؛ لأن أعمال الجوارح داخلة في مسمى الإيمان، وجزء منه.
    فمسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة؛ كما أجمع عليه أئمتهم وعلماؤهم، هو :تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
    أي: أن مسمى الإيمان يطلق عند أهل السنة والجماعة على ثلاث خصال مجتمعة، لا يجزيء أحدهما عن الآخر، وهذه الأمور الثلاثة جامعة لدين الإسلام : (اعتقاد القلب، إقرار اللسان، عمل الجوارح).
    وبعبارة أخرى عندهم:
    قول القلب، وقول اللسان.
    عمل القلب، وعمل الجوارح.
    فقول القلب: هو معرفته للحق، واعتقاده، وتصديقه، وإقراره، وإيقانه به؛ وهو ما عقد عليه القلب، وتمسك به، ولم يتردد فيه.
    و قول اللسان: إقراره والتزامه.أي: النطق بالشهادتين، والإقرار بلوازمها.
    و عمل القلب: نيته، وتسليمه، وإخلاصه، وإذعانه، وخضوعه، وإنقياده، والتزامه، وإقباله إلى الله تعالى، وتوكله عليه – سبحانه – ورجاؤه، وخشيته، وتعظيمه، وحبه وإرادته.
    عمل الجوارح: أي فعل المأمورات والواجبات، وترك المنهيات والمحرمات.
    فعمل اللسان: ما لا يؤدى إلا به؛ كتلاوة القرآن، وسائر الأذكار؛ من التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، والدعاء، والاستغفار، والدعوة إلى الله تعالى، وتعليم الناس الخير، وغير ذلك من الأعمال التي تؤدى باللسان؛ فهذا كله من الإيمان.
    وعمل الجوارح: مثل الصلاة، والقيام، والركوع، والسجود، والصيام، والصدقات، والمشي في مرضاة الله تعالى؛ كنقل الخطا إلى المساجد، والحج، والجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من أعمال شعب الإيمان.

    باب في زيادة الإيمان و نقصانه

    س2) هل يزيد الإيمان وينقص؟
    من عقيدة السلف الصالح التي أجمعوا عليها أن الإيمان يزيد وينقص، وأهله يتفاضلون فيه.
    وقد وردت أدلة كثيرة من الآيات والأحاديث، ومن أئمة السلف الصالح على أن الإيمان درجات وشعب، يزيد وينقص.
    الإيمان يزيد بأعمال القلب والجوارح وبقول اللسان؛ كالطاعات والعبادات؛ من التصديق والمعرفة والعلم، وذكر الله تعالى، والحب والبغض في الله، والخوف والرجاء من الله، والتوكل على الله .. الخ، والقيام بجميع شعائر الدين من الأعمال الصالحة.
    الإيمان ينقص: بأعمال القلب والجوارح وبقول اللسان؛ كفعل المعاصي والمنكرات، وارتكاب الذنوب والكبائر، والأقوال والأفعال الرديئة، وبغفلة القلب ونسيان ذكر الله تعالى، وبالحسد، والكبر، والعجب، والرياء والسمعة، والجهل، والإعراض، والتعلق بالدنيا، وقرناء السوء، وجميع الأعمال الطالحة ، وأن أهل الإيمان يتفاضلون في إيمانهم على حسب علمهم وعملهم؛ فبعضهم أكمل إيمانا من بعض.
    قال الله تعالى (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا)سورة المدثر31 ، وقال : (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)سورة التوبة124، وقال : ( وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) سورة الأنفال2 ، وقال : (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِم)سورة الفتح4
    ومن الأدلة على نقصان الإيمان، قول الله تعالى في المنافقين (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) سورة آل عمران173.

    مراتب الإيمان

    س3)- ما هي مراتب الإيمان ؟
    مراتب الإيمان عند أهل السنة والجماعة هي :
    المرتبة الأولى :- (أصل الإيمان) ، ويسمى أيضاً (الإيمان المجمل) أو (مطلق الإيمان).
    وهذه المرتبة من الإيمان غير قابلة للنقصان؛ لأنها حد الإسلام، والفاصل بين الإيمان والكفر، وهذا النوع واجب على كل من دخل دائرة الإيمان، وشرط في صحته، وبه تثبت الأحكام الشرعية؛ لأن اسم الإيمان وحكمه يشمل كل من دخل فيه، وإن لم يستكمله، ولكن معه الحد الأدنى منه، هو ما يصح به إسلامه، ومرتكب الكبائر داخل في هذا المعنى، والمنفي عنه ليس اسم الإيمان والدخول فيه، وإنما المنفي هو حقيقته وكماله الواجب؛ فهو لا يسلب مطلق الإيمان، أي أصله، ولا يعطى الإيمان المطلق التام.
    وهذا الإيمان يتحقق بالتصديق والانقياد المجمل، وتوحيد الله تعالى في ذاته وصفاته وأفعاله، واستحقاقه – سبحانه – وحده للعبادة، وإتباع أوامره ونواهيه، وإتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهذه المرتبة لا يشترط فيه وجود العلم التام بالإيمان ، فإذا عمل بهذا كله؛ فقد حقق أصل الإيمان الذي ينجو به من الكفر، ومن الخلود في النار، ومصيره يكون إلى الجنة؛ إن مات عليه، وإن قصر في بعض الواجبات، أو اقترف بعض المحرمات.
    وصاحب هذه المرتبة يدخل في دائرة الإسلام، أو الإيمان المقيد، وكذلك يدخل فيه من أسلم من أهل الطاعة ممن لم تدخل حقائق الإيمان في قلوبهم، ويدخل فيه – أيضاً – أهل الكبائر عموماً، ويسمى صاحبه: مؤمنا ناقص الإيمان، أو فاسقاً، أو عاصياً .. إلخ.
    المرتبة الثانية :- (الإيمان الواجب) ، ويسمى أيضاً (الإيمان المفصل) أو (الإيمان المطلق) أو (حقيقة الإيمان).
    وهذه المرتبة تكون بعد مرتبة (أصل الإيمان) ويكون صاحبها ممن يؤدي الواجبات ويتجنب الكبائر والمنكرات، ويلتزم بكل تفصيلات الشريعة؛ تصديقاً والتزاماً وعملاً، ظاهراً وباطناً؛ حسب استطاعته، وبقدر ما يزيد علمه وعمله يزداد إيمانه، وإذا ارتكب بعض الصغائر؛ يكفر عنه حسناته واجتنابه للكبائر، ولكن المتورع عن الصغائر أكمل إيماناً ممن يقع فيها.
    وصاحب هذه المرتبة ؛ موعود بالجنة بلا عذاب؛ وينجو من الدخول في النار؛ إن مات على ذلك، ويدخل في عداد المؤمنين الأبرار.
    المرتبة الثالثة :- (الإيمان المستحب) ، ويسمى أيضاً (الإيمان الكامل بالمستحبات).
    وهذه المرتبة تكون بعد مرتبة (الإيمان الواجب) وهي مرتبة (الإحسان) وصاحبها لا يكتفي بعمل الواجبات وترك المنكرات؛ بل يضيف إلى ذلك فعل المستحبات، واجتناب المكروهات والمشتبهات؛ بقدر ما ييسر الله تعالى له ذلك.
    ويتفاوت أصحاب هذه المراتب، بقدر تفاوتهم بالعلم والعمل، ويقابل ذلك تفاوتهم في درجات العلى من جنة الخلد.

    س4)- ما هو الدليل على هذه المراتب الثلاثة ؟
    الدليل قوله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ)سورة فاطر 32 و 33.
    فالمراتب الثلاثة للإيمان على النحو الآتي :-
    السابق بالخيرات :- هو المحسن الذي عبد الله كأنه يراه، وهو الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمحرمات ، والمتورع عن المكروهات، والمجتنب للمحظورات والمشتبهات، وهو صاحب (الإيمان الكامل المستحب).
    المقتصد :- المكتفي بفعل الواجبات، واجتناب المحظورات، وإن لم يحافظ على المسنونات، ولا تورع عن المكروهات، وهو صاحب (الإيمان الواجب).
    الظالم لنفسه :- هو المفرط في بعض الواجبات، والمرتكب لبعض المحرمات والمعاصي التي لا تصل إلى الكفر، أو الشرك الأكبر، وهو صاحب (الإيمان المجمل).

    الفرق بين الإيمان والإسلام

    س5)- الإيمان والإسلام هل هما بمعنى واحد، أم أن أحدهما غير الآخر؟
    ان المتتبع للآيات القرآنية والأحاديث النبوية؛ يجد أن اسم الإيمان تارة يذكر مفرداً غير مقرون باسم الإسلام، وتارة يذكر مقروناً به، وكذلك العكس؛ فإنهما أحياناً يكونان بمعنى واحد فهما مترادفان، وتارة يراد من أحدهما معنى يغاير لمعنى الآخر؛ فيكونان متغايرين.
    والذي عليه أكثر العلماء؛ أن مسمى الإسلام غير مسمى الإيمان، وبينهما فرق؛ فباعتبار الحقيقة اللغوية يفترق الإسلام والإيمان وباعتبار الحقيقة الشرعية يتضمن الإيمان الإسلام؛ لأن بينهما تلازماً في الوجود، فكل واحد منهما مكمل للآخر بحيث لا ينفكان عن بعضهما، وأنهما إذا اجتمعا اختلفا في مدلولهما، وإذا افترقا اجتمعا في مدلولهما، وأنه إذا وجد أحدهما في نص دون الآخر فهو لازم له، وإن اجتمعا في نص واحد فكل منهما يفسر بمعناه المذكور بمعنى أنه إذا اجتمعا باللفظ افترقا بالمعنى، أي: إذا قرن الإسلام والإيمان في نص فيراد بالإسلام الأعمال الظاهرة من العبادات: الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، أي: الاستسلام لله تعالى، والخضوع والإنقياد له – سبحانه – بالعمل.
    ويراد بالإيمان الاعتقادات الباطنة، وهي الإيمان بالله تعالى، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، أي: تصديق القلب وإقراره ومعرفته ، وإذا افترقا في نص اجتمعا؛ فيشمل كل واحد منهما الدين كله؛ من أصوله وفروعه؛ من اعتقاداته وأفعاله الظاهرة والباطنة أي: إذا جاء ذكر الإسلام مفرداً، أو الإيمان مفرداً فالمراد بهما الدين كله، بما فيه من إسلام، وإيمان، واستسلام، وشعائر، وشرائع، ومناهج، وأحكام.

    س 6)- هل يجوز الاستثناء في الإيمان؟
    الاستثناء في الإيمان أي قول الإنسان عن نفسه إذا سئل هل (أنت مؤمن؟) فيقول بإجابة ليس فيها ما يوهم الجزم والقطع بكمال الإيمان (أنا مؤمن إن شاء الله) أو (أرجو ... ) أو نحو ذلك.
    أهل السنة والجماعة يرون جواز الاستثناء في الإيمان في أحوال، وذهب إلى هذا جمهور أئمتهم من السلف والخلف ، لأن الذي يقول: إن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص؛ ينبغي عليه إذا قال (أنا مؤمن) أن يستثني؛ لأنه لا يستطيع أن يجزم بأن معه كمال الإيمان، وإن جزم! فقد زكى نفسه؛ لأن الإيمان شامل للاعتقادات والأقوال والأعمال.
    وأهل السنة والجماعة: يرون الاستثناء في الإيمان؛ لشدة خوفهم من الله تعالى، وإثباتاً لأقداره، ونفياً لتزكية أنفسهم، لا شكاً فيما يجب عليهم الإيمان به، ولكن خوفاً أن لا يكونوا قاموا بحقائقه، ورجاء أن يأتوا بواجباته وكمالاته ويمنعون الاستثناء إذا كان على وجه الشك في الإيمان؛ لأن الشك في ذلك كفر؛ بل يقصدون من ذلك: نفي الشك في إيمانهم من جهة، وعدم الجزم بكماله من جهة أخرى. فأهل السنة والجماعة لا يجزمون لأنفسهم بالإيمان المطلق؛ لأن الإيمان يشمل فعل جميع الطاعات، وترك جميع المنهيات، ولن يستطيع أحد أن يدعي لنفسه أنه جاء بذلك كله على التمام والكمال، وإن قال؛ فقد شهد لنفسه بأنه من الأبرار المتقين، وأولياء الله الصالحين! وضمن لنفسه دخول الجنة ابتداءً، وهذا من التألي على الله تعالى – والعياذ بالله – ولا يقولها مسلم عاقل.
    وقد سئل الإمام أحمد بن حنبل عن الإيمان؟ فقال : (قول وعمل ونية) قيل له: فإذا قال الرجل: مؤمن أنت؟ قال: (هذه بدعة) قيل له: فما يرد عليه؟ قال: (يقول: مؤمن إن شاء الله؛ إلا أن يستثني في هذا الموضع).

    س7)- هل يجوز الاستثناء في الاسلام؟
    الاستثناء في الإسلام أي: قول الإنسان (أنا مسلم إن شاء الله) ، فجمهور أهل السنة والجماعة؛ لا يرون الاستثناء في الإسلام كما يرونه في الإيمان؛ لأن الإسلام غير الإيمان ، فالإيمان درجات، والناس فيه طبقات: منهم المحسن، ومنهم المؤمن، ومنهم المسلم؛ فالإسلام هو أقل هذه الدرجات، وليس وراءه إلا الكفر؛ فمن لم يكن مسلماً كان كافراً، وأما من لم يكن مؤمناً فقد يكون مسلماً، لأن من نطق بالشهادتين أصبح مسلماً، وتميز عن غيره من الكفار، فتجري عليه أحكام الإسلام ، فقد دلت النصوص الشرعية على جواز القول: (أنا مسلم) بدون استثناء؛ كما في قول الله تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)فصلت33 ، وقوله (قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)الحجرات14
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – عن هذه الآية (وهذه الآية مما احتج بها أحمد بن حنبل وغيره على أنه يستثنى في الإيمان دون الإسلام، وأن أصحاب الكبائر يخرجون من الإيمان إلى الإسلام. قال الميموني: سألت أحمد بن حنبل عن رأيه في أنا مؤمن إن شاء الله؟ فقال: أقول: مؤمن إن شاء الله، وأقول: مسلم ولا أستثني. قال: قلت لأحمد: تفرق بين الإسلام والإيمان؟ فقال لي: نعم. فقلت له: بأي شيء تحتج؟ قال لي: (قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا).

    باب في أن أركان الإيمان ستة

    س 8) ما هي أركان الإيمان؟
    أركان الإيمان ستة أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره قال الله تعالى (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)البقرة85 , وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ)متفق عليه.

    باب في أن الإيمان بالله هو أساس العقيدة وأصلها

    س 9) ما معني الإيمان بالله؟
    الإيمان بالله هو أساس العقيدة وأصلها , وهو يعني الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ومليكه , وأنه الخالق وحده لا شريك له , وأنه المدبر للكون كله , وأنه هو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له , وأن كل معبود سواه باطل وعبادته باطلة قال تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)الحج62 , وأنه سبحانه متصف بصفات الكمال ونعوت الجلال , منزه عن كل نقص وعيب قال تعالى (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)الأعراف180.

    باب في ما يتضمنه الإيمان بالله

    س 10) ما الذي يتضمنه الإيمان بالله؟
    الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور , أولها الإيمان بوجود الله , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ يَهُودِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْخَلَائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ قَالَ فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ قَالَ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)صححه الألباني, وثانيها الإيمان بربوبيته , أي أنه وحده الرب لا شريك له ولا معين , (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد اللَّهُ الصَّمَد لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَد)الإخلاص , وثالثها , الإيمان بألوهيته أي أنه وحده الإله الحق لا شريك له قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)الذاريات56 , ورابعها الإيمان بأسمائه وصفاته , أي أن تثبت ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل , قال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السّمِيعُ الْبَصِيرُ)الشورى11.

    باب في وصف الملائكة

    س11) ما وصف الملائكة؟
    الملائكة عالم غيبي مخلوقون ، عابدون لله تعالى ، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء ، خلقهم الله تعالى من نور ، ومنحهم الانقياد التام لأمره والقوة على تنفيذه.

    باب في ما جاء في عدد الملائكة

    س12) ما عدد الملائكة؟
    عدد الملائكة كثير لا يحصيهم إلا الله تعالى , قال تعالى (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلاّ هُوَ)المدثر31 , وجاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال (أَطَّتْ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ)صححه الألباني , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت المعمور (يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه)البخاري ومسلم , وقال عليه السلام (يؤتي بجهنم يومئذٍ لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك)مسلم.

    باب في ما يتضمنه الإيمان بالملائكة

    س 13) ما الذي يتضمنه الإيمان بالملائكة؟
    الإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور أولها الإيمان بوجودهم أي الإيمان والتصديق بوجود الملائكة على وجه الإجمال , وثانيها الإيمان بمن علمنا اسمه كجبريل عليه السلام ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالاً , وثالثها الإيمان بما علمنا من صفاتهم , كصفة جبريل عليه السلام فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم (أنه رآه على صفته التي خلق عليها وله ستمائة جناح قد سد الأفق)متفق عليه , وقد يتحول الملك بأمر الله تعالى إلى هيئة رجل ، كما حصل لجبريل عليه السلام حين أرسله تعالى إلى مريم فتمثل لها بشراً سوياً ، قال الله سبحانه وتعالى (فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّا ً)مريم17 , وحين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في أصحابه جاءه بصفة لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه أحد من الصحابة ، عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ (بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ...الحديث)متفق عليه , وكذلك الملائكة الذين أرسلهم الله تعالى إلى إبراهيم ، ولوط كانوا في صورة رجال , ورابعها الإيمان بما علمنا من أعمالهم كتسبيحه ، والتعبد له ليلاً ونهاراً بدون ملل ولا فتور, وقد يكون لبعضهم أعمال خاصة مثل جبريل عليه السلام الأمين على وحي الله تعالى يرسله به إلى الأنبياء والرسل , قال تعالى (قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لّجِبْرِيلَ فَإِنّهُ نَزّلَهُ عَلَىَ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىَ لِلْمُؤْمِنِينَ)البقرة97 , ومثل ميكائيل الموكل بالقطر أي بالمطر والنبات , ومثل إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور عند قيام الساعة وبعث الخلق , ومثل ملك الموت الموكل بقبض الأرواح عند الموت , ومثل مالك وهو خازن النار , ومثل الملائكة الموكلين بالأجنة في الأرحام إذا تم للإنسان أربعة أشهر في بطن أمه ، بعث الله إليه ملكاً وأمره بكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أم سعيد ,قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا يَقُولُ يَا رَبِّ نُطْفَةٌ يَا رَبِّ عَلَقَةٌ يَا رَبِّ مُضْغَةٌ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قَالَ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ وَالْأَجَلُ فَيُكْتَبُ فِي بَطْنِ أُمِّه)متفق عليه ِ, ومثل الملائكة الموكلين بحفظ أعمال بني آدم وكتابتها لكل شخص ، ملكان : أحدهما عن اليمين ، والثاني عن الشمال قال تعالى (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)ق18, ومثل الملائكة الموكلين بالسؤال إذا وضع في قبره يأتيه ملكان يسألانه عن ربه ، ودينه ، ونبيه , قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ قَالَ يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ...الحديث)مسلم.

    باب في معنى الإيمان بكتب

    س14) ما معنى الإيمان بالكتب؟
    الإيمان بكتب الله المنـزلة على رسله عليهم الصلاة والسلام هو الركن الثالث من أركان الإيمان ، فإن الله تعالى قد أرسل رسله بالبينات وأنزل عليهم الكتب رحمة للخلق وهداية لهم لتتحقق سعادتهم في الدنيا والآخرة ، ولتكون منهجاً يسيرون عليه وحاكمة بين الناس فيما اختلفوا فيه , قال تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ)الحديد 25 , وقال تعالى (كَانَ النّاسُ أُمّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النّبِيّينَ مُبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقّ)البقرة 213.

    باب في ما يتضمنه الإيمان بالكتب

    س 15) ما الذي يتضمنه الإيمان بالكتب؟
    الإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور , أولها الإيمان بأن نزولها من عند الله حقاً , قال تعالى (يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الّذِي نَزّلَ عَلَىَ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الّذِيَ أَنَزلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ فَقَدْ ضَلّ ضَلاَلاً بَعِيداً)النساء136 , وثانيها الإيمان بما علمنا من أسمائها , كالقرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى (وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ)المائدة48 , والتوراة التي أنزلت على موسى صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى (أَمْ لَمْ يُنَبّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىَ)النجم 36 , وقال تعالى (إِنّ هَـَذَا لَفِي الصّحُفِ الاُولَىَ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىَ)الأعلى19 والإنجيل الذي أنزل على عيسى صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى (وَقَفّيْنَا عَلَىَ آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ)المائدة 46 , والزبور الذي أوتيه داود عليه السلام , قال تعالى (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً)النساء163 , وأما ما لم نعلم اسمه فنؤمن به إجمالا ً , وثالثها تصديق ما صح من أخبارها , كأخبار القرآن ، وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة , ورابعها العمل بأحكامها , ما لم ينسخ منها ، والرضا والتسليم به سواء فهمنا حكمته أم لم نفهمها ، وجميع الكتب السابقة منسوخة بالقرآن العظيم , قال تعالى (وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ)المائدة48 , وعلى هذا فلا يجوز العمل بأي حكم من أحكام الكتب السابقة إلا ما صح منها وأقره القرآن.

    باب في معنى الإيمان بالرسل

    س16) ما معنى الإيمان بالرسل؟
    الإيمان بالرسل هو الاعتقاد الجازم بأن لله رسلاً اصطفاهم لتبليغ رسالاته، فمن اتبعهم فقد اهتدى ، ومن عصاهم فقد غوى , قال الله تعالى (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)البقرة85 , وأنهم قد بلغوا ما أنزل الله إليهم من ربهم البلاغ المبين ، وأدوا الأمانة ونصحوا الأمة ، وجاهدوا في الله حق جهاده ، وأقاموا الحجة قال الله تعالى (رّسُلاً مّبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ)النساء165 ، ونؤمن بمن سمى الله لنا ومن لم يسمِّ ولا نفرق بين أحد منهم , قال تعالى (قُولُوَاْ آمَنّا بِاللّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىَ وَعِيسَىَ وَمَا أُوتِيَ النّبِيّونَ مِن رّبّهِمْ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)البقرة 136.

    باب في أن عدد الرسل عليهم الصلاة والسلام ثلاثمائة وبضعة عشر

    س 17) كم عدد الرسل عليهم الصلاة و السلام؟
    عدد الرسل عليهم الصلاة والسلام ثلاثمائة وبضعة عشر ، عن أبي ذر ، قال: قلت: (يا رسول الله أي الأنبياء كان أول ؟ قال: " آدم " . قلت: يا رسول الله ونبي كان ؟ قال: " نعم نبي مكلم , قلت: يا رسول الله كم المرسلون ؟ قال: ثلاثمائة وبضع عشر جماً غفيراً , وفي رواية عن أبي أمامة ، قال أبو ذر: قلت يا رسول الله كم وفاء عدة الأنبياء ؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً ، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً)صححه الألباني , وقال تعالى (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ)النساء16.

    باب في أن أفضل الرسل أولو العزم

    س18) من هم أولو العزم؟
    أفضل الرسل أولو العزم , وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ونبينا محمد عليهم السلام , قال الله تعالى (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النّبِيّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مّيثَاقاً غَلِيظاً)الأحزاب7.



    باب في أن محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل وخاتم النبيين

    س 19) من هو أفضل الرسل و خاتم النبيين و إمام المتقين؟
    محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل وخاتم النبيين وإمام المتقين ، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ)مسلم.

    باب في حكم من أنكر الإيمان باليوم الآخر

    س 20) ما حكم من أنكر الإيمان باليوم الآخر؟
    الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان التي لا يتم إيمان العبد إلا بها ، فمن أنكره فقد كفر , قال تعالى (لّيْسَ الْبِرّ أَن تُوَلّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـَكِنّ الْبِرّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ)البقرة177 , وقال صلى الله عليه وسلم (الْإِيمَانِ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ)مسلم.

    باب في معنى الإيمان باليوم الآخر

    س21) ما معنى الإيمان باليوم الآخر؟
    الإيمان باليوم الآخر هو الاعتقاد بنهاية الحياة الدنيا والدخول بعدها إلى دار أخرى ، قال تعالى (كُلّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ)الرحمن26 , تبدأ بالموت والحياة البرزخية وتمر بقيام الساعة , قال تعالى (فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتّىَ يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الّذِي يُوعَدُونَ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنّهُمْ إِلَىَ نُصُبٍ يُوفِضُونَ)المعارج42 - 43 , ثم البعث والحشر والجزاء إلى دخول الناس الجنة أو النار قال تعالى (وَسِيقَ الّذِينَ كَـفَرُوَاْ إِلَىَ جَهَنّمَ زُمَراً حَتّىَ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـَذَا قَالُواْ بَلَىَ وَلَـَكِنْ حَقّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِين)الزمر71 , و قال تعالى (وَسِيقَ الّذِينَ اتّقَوْاْ رَبّهُمْ إِلَى الّجَنّةِ زُمَراً حَتّىَ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)الزمر73.

    باب في صفة الإيمان باليوم الآخر

    س22) ما صفة الإيمان باليوم الآخر؟
    صفة الإيمان باليوم الآخر تكون إجمالي وتفصيلي , أما الإجمالي فهو أن نؤمن بأن هناك يوماً يجمع الله فيه الأولين والآخرين فيجازي كلاً بعمله فريق في الجنة وفريق في السعير (قُلْ إِنّ الأوّلِينَ وَالاَخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَىَ مِيقَاتِ يَوْمٍ مّعْلُوم)الواقعة49 , 50 , وأما التفصيلي فهو الإيمان بتفاصيل ما يكون بعد الموت ويشمل ذلك أموراً نذكرها في الأبواب التالية.
    باب في وجوب الأعداد ليوم القيامة

    س23) كيف يكون الإعداد ليوم القيامة؟
    الإنسان خلق لأمر عظيم وأن آخر هذا الأمر طريقان لا ثالث لهم فإما أن يكون إلى النار نعوذ بالله من ذلك وإما أن يكون إلى الجنة نسأل الله العظيم أن نكون من أهلها , ولكن يجب على المسلم أن يعد العدة للقاء الله تعالى , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَتَى السَّاعَةُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْدَدْتَ لَهَا قَالَ حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْت)متفق عليه.

    باب في الإيمان بعلامات القيامة الصغرى والكبرى

    س24) ما هي علامات القيامة الصغرى و الكبرى؟
    لما كان اليوم الآخر مسبوقاً بعلامات تدل على قرب وقوعه , وتسمى أشراط الساعة , وجب الإيمان بها وبوقوعها قبل قيام الساعة ,وهذه الأشراط تنقسم إلى ثلاثة أقسام : قسم ظهر وانقضى , وقسم ظهر ولم ينقض بل لا يزال في زيادة , وقسم أخير وهو الإمارات القريبة الكبيرة التي تعقبها الساعة , فمن القسم الأول الذي ظهر وانقضى بعثة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عن سَهْل بْن سَعْدٍ قَالَ (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا بِالْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ بُعِثْتُ وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ)متفق عليه , ومنه انشقاق القمر في زمن النبي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ (انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِقَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْهَدُوا)متفق عليه , وقد قال الله تعالى (اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانشَقّ الْقَمَرُ)القمر1 , وخروج نار من أرض الحجاز قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى)مسلم , هذا بالنسبة للقسم الأول , أما القسم الثاني وهو قسم ظهر ولم ينقض بل لا يزال في زيادة , فمنه خروج الدجالين الكذابين أدعياء النبوة , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ)البخاري , وقد حفظ لنا التاريخ أسماء بعض هؤلاء الكذابين وهم : مسيلمة الكذاب , و سجاح التميمية , والأسود العنسى , و طليحة الأسدى , و المختار الثقفى , و أبو منصور العجلى , و المغيرة بن سعيد , وبيان بن سمعان , و الحارث الكذاب , وغيرهم كثير , ومن القسم الثانى أيضاً أتباع هذه الأمة الامم الأخرى , عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَفَارِسَ وَالرُّومِ فَقَالَ وَمَنْ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ)البخاري , وأما العلامات الكبرى , فمنها ما ذكر في هذا الحديث (الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ)البخاري ,هذا بالإضافة إلى أنه لن تقوم الساعة حتى تهدم الكعبة ثم تأتى ريح فتقبض أرواح المومنين فلا تقوم الساعة إلا على شرار الناس , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ يُخَرِّبُ بَيْتَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)متفق عليه , و عَنه أيضاًْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ رِيحًا مِنْ الْيَمَنِ أَلْيَنَ مِنْ الْحَرِيرِ فَلَا تَدَعُ أَحَدًا فِي قَلْبِهِِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ)مسلم ,ومن علامات القيامة ظهور المهدي قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يخرج في آخر أمتي المهدي ، يسقيه الله الغيث ، وتخرج الأرض نباتها ، ويعطي المال صحاحا ، وتكثر الماشية ، وتعظم الأمة ، يعيش سبعا أوثمانيا . يعني: حجة)صححه الألباني , ثم طلوع الشمس من مغربها قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا فَذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ)متفق عليه , ومن آمن من الناس حين طلوع الشمس من مغربها لا ينفعه إيمانه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْه)مسلم.

    باب في ما جاء في الموت وخروج الروح

    س25) ما هي القيامة الصغرى؟
    من مقدمات اليوم الآخر الموت ، وهو القيامة الصغرى‏ , ‏والقيامة الصغرى‏:‏ هي وفاة كل شخص عند انتهاء أجله، وبها ينتقل من الدنيا إلى الآخرة , قال تعالى (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ) , والموت مكتوب على كل إنسان قال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ).

    باب في ما جاء في فتنة القبر

    س26) ما هي فتنة القبر؟
    فتنة القبر وهي سؤال الميت بعد دفنه عن ربه ، ودينه ، ونبيه ، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ، فيقول ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم , ويضل الله الظالمين فيقول الكافر هاه ، هاه ، لا أدري , ويقول المنافق أو المرتاب لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ قَالَ يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ قَالَ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ قَالَ فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا قَالَ قَتَادَةُ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا وَيُمْلَأُ عَلَيْهِ خَضِرًا إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)مسلم , ومنها أيضاً عذاب القبر ونعيمه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ (يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ جَهَنَّمَ وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ)متفق عليه , وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ضمة القبر (لو أفلت أحد من ضمة القبر ، لأفلت هذا الصبي)صححه الألباني.



    باب في النفخ في الصور

    س27) ما هو النفخ في الصور و من الذي ينفخ فيه؟
    الصور قرن ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام فينفخ النفخة الأولى فتموت الخلائق جميعاً إلا من شاء الله ، ثم ينفخ النفخة الثانية فتبعث الخلائق أجمع منذ خلق الله الدنيا إلى قيام الساعة , قال سبحانه وتعالى (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ)الزمر68.

    باب في ما جاء في يوم القيامة

    س28) ما الذي يحدث يوم القيامة؟
    البعث وهو إحياء الله الموتى حين ينفخ في الصور النفخة الثانية فيقوم الناس لرب العالمين ، فإذا أذن الله بالنفخ في الصور وبرجوع الأرواح إلى أجسادها حينئذٍ قام الناس من قبورهم وساروا مسرعين إلى الموقف حفاة : غير منتعلين عراة : غير مكتسين ، غرلاً : غير مختونين ، قال تعالى (فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتّىَ يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الّذِي يُوعَدُونَ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنّهُمْ إِلَىَ نُصُبٍ يُوفِضُونَ)المعارج 42 43 , وهو يوم (مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)المعارج4 , وفي هذا اليوم يحاسب الإنسان على ما عمل (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا ‎لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ َلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ)الحاقة 29-33.

    باب في الإيمان بحوض النبي صلى الله عليه وسلم

    س29) ما صفة حوض النبي صلى الله عليه و سلم؟
    الإيمان بحوض النبي صلى الله عليه وسلم هو من باب الإيمان باليوم الآخر ، وهو حوض عظيم ومورد كريم ، يُمد من شراب الجنة من نهر الكوثر في عرفات القيامة يرده المؤمنون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وإنه أشد بياضاً من اللبن ، وأبرد من الثلج ، وأحلى من العسل ، وأطيب من المسك ، وهو في غاية الاتساع عرضه وطوله سواء ، كل زاوية من زواياه مسيرة شهر ، فيه ميزابان يمدانه من الجنة وآنيته أكثر من نجوم السماء، ومن يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً , قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنْ اللَّبَنِ وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلَا يَظْمَأُ أَبَدًا)البخاري.


    باب في الإيمان بالميزان

    س30) ما الميزان و كيف نؤمن به؟
    يجب علينا أن نؤمن بالميزان التي توزن به الأعمال وأن له كفتان مشاهدتان , وأن الأعمال وإن كانت أعراضاً فإنها توزن , والله على كل شئ قدير , وذلك من عقائد أهل السنة , والأحاديث في ذلك متضافرة إن لم تكن متواترة قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ)مسلم, وقال تعالى (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ)الأعراف 8-9.

    باب في الإيمان بالصراط

    س31) ما الصراط و كيف يمر الخلائق منه؟
    من الإيمان باليوم الآخر أن نؤمن بالصراط ، وهو جسر منصوب على متن جهنم وممر مخيف مرعب ، يمر الناس عليه إلى الجنة ، فمنهم من يمر كالطرف ، ومنهم من يمر كالبرق ومنهم كالريح ومنهم كالطير ومنهم كأجاويد الخيل ، ومنهم من يمر كشد الرجل ، يرمل رملا ، وآخر المارين منهم من يسحب سحباً ، فيمرون على قدر أعمالهم حتى يمر الذي نوره على قدر إبهام قدمه ، ومنهم من يخطف فيلقى في النار ، ومن يمر على الصراط دخل الجنة , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَتُرْسَلُ الْأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ فَتَقُومَانِ جَنَبَتَيْ الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالًا فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ وَشَدِّ الرِّجَالِ تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ)مسلم , ومن صفته أنه أحدُّ من السيف وأدق من الشعر ، مَزَلَّة ، لا تثبت عليه قدم إلا من ثبته الله وأنه ينصب في ظلمة ، وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط للشهادة على من رعاهما أو ضيعهما , عن أبي سعيد الخدري قال (بَلَغَنِي أَنَّ الْجِسْرَ أَدَقُّ مِنْ الشَّعْرَةِ وَأَحَدُّ مِنْ السَّيْفِ)مسلم.

    باب في ما جاء في الجنة ونعيمها

    س32) اذكر ما جاء في نعيم الجنة؟
    في الجنة من النعيم (مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ)متفق عليه , فأهلها يسقون من رحيق مختوم متكئين على أرائك منصوبة على أطراف أنهار من خمر وعسل , أزواجهم الخيرات الحسان حور عين كأنهن الياقوت والمرجان , مقصورات في الخيام , قال تعالى (أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً)الكهف31 ومهما وصف من نعيمها فلا تستطيع أن تحيط بما فيها من النعيم والخير الكثير , ويكفى أن (لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا)البخاري.
    باب في ما جاء في درجات الجنة

    س33) هل في الجنة درجات؟
    في الجنة درجات فكل بحسب عمله قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ)البخاري , وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ)البخاري ومسلم.

    باب في ما جاء في النار ولهيبها

    س34) ما وصف النار و لهيبها؟
    الله سبحانه وتعالى كما أعد للمحسنين الجنة , فقد وعد المجرمين المسئين النار (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ)الزلزلة8,7 , فالنار لأهل الشقاء الذين استكبروا عن عبادة الله تعالى لهم من العذاب ما لا يخطر على بال , فطعامهم الزقوم (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ)الدخان 43-46 , وشرابهم الحميم (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ)الحج 19 ,كل هذا في نار (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)التحريم6 , نار قال عنها جبريل عليه السلام عندما رآها وهي يركب بعضها بعضاً (وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلَهَا)صححه الألباني , نار أهون أهلها عذاباً(رَجُلٌ تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ)متفق عليه , نار يصبغ فيها أنعم أهل الدنيا من أهلها صبغة واحدة (ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ)مسلم , ناراً يبكى أهلها حتى (لو أجريت السفن في دموعهم لجرت , وأنهم ليبكون الدم)صححه الألباني , نار قال عنها المصطفي عليه السلام (نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ)البخاري ومسلم.

    باب في معنى القدر

    س35) ما معنى القدر و كيف يكون الإيمان به؟
    القدر هو تقدير الله للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضت حكمته ، وهو يرجع إلى قدرة الله ، وأنه على كل شيء قدير فعال لما يريد , والإيمان به من الإيمان بربوبية الله سبحانه وتعالى ، والإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان التي دل عليه الكتاب والسنة , فالإيمان بالقدر واجب وفرض وركن من أركان الإيمان لا يصح إيمان أحد حتى يؤمن بالقدر , وأدلة ذلك كثيرة في القرآن ، قال جل وعلا(وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً)الأحزاب38 ، وقال سبحانه(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)القمر49 , وقال جل وعلا (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)الفرقان2 وقال أيضاً (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)الصافات96 ، وقال سبحانه(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ)الانبياء101 وقال أيضاً(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)الحج70 , وقال أيضاً (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)التكوير29 , وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين سأله جبريل عن الإيمان (أن تؤمن بالله وملائكته ... وتؤمن بالقدر خيره وشره ..الحديث)متفق عليه.

    باب في مراتب القدر

    س36) ما هي مراتب القدر؟
    لا يتم الإيمان بالقدر إلا بتحقيق أربع مراتب هي : العلم والكتابة و المشيئة والخلق , فأما العلم فهو أن تؤمن بأن الله سبحانه و تعالى علم كل شي جملة وتفصيلا , فعلم ما كان , وما يكون , فكل شيء معلوم لله تعالى (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)الحج70 ,وأما الكتابة فهو الإيمان بأن الله كتب ذلك في اللوح المحفوظ قال تعالى (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْء)الأنعام38 ,وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)مسلم , وأما المشيئة فذلك بأن تؤمن بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى، سواء كانت مما يتعلق بفعله أم مما يتعلق بفعل المخلوقين قال تعالى (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)التكوير29 , وأما الخلق فهو أن تؤمن بأن جميع الكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتها ، وصفاتها ، وحركاتها , فيجب أن نؤمن بأن (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)الزمر62 , وأن (اللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)الصافات96 , قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إن الله يصنع كل صانع وصنعته)البخاري.

    باب في احتجاج بعض الناس بالقدر

    س37) هل يفهم من الإيمان بالقدر أن الإنسان مجبور؟
    قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إن الله عز وجل خلق آدم ، ثم أخذ الخلق من ظهره ، وقال: هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي ، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي ، فقال قائل: يا رسول الله فعلى ماذا نعمل ؟ قال : على مواقع القدر)صححه الألباني , ليس فيه ما يفيد أن الإنسان مجبور على أعماله الاختيارية , ما دام أنه حكم عليه منذ القدم وقبل أن يخلق بالجنة أو النار , وليس فيه أيضاً أن الأمر فوضى أو حظ , فمن وقع في القبضة اليمنى , كان من أهل السعادة , ومن كان من القبضة الأخرى , كان من أهل الشقاوة , فيجب أن يعلم أن الله ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)الشورى11 , لا في ذاته , ولا في صفاته , فإذا قبض قبضة , فهي بعلمه وعدله وحكمته , فهو تعالى قبض بالأولى على من علم أنه سيطيعه حين يؤمر بطاعته , وقبض بالأخرى على من سبق في علمه تعالى أنه سيعصيه حين يؤمر بطاعته , ويستحيل على عدل الله تعالى أن يقبض بالأولى على من هو مستحق أن يكون من أهل القبضة الأخرى , والعكس بالعكس , كيف والله عز وجل يقول (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)القلم 35-36 , ثم إن كلاً من القبضتين ليس فيها إجبار لأصحابهما أن يكونوا من أهل الجنة أو من أهل النار , بل هو حكم من الله تبارك وتعالى عليهم بما سيصدر منهم , من إيمان يستلزم الجنة , أو كفر يقتضي النار والعياذ بالله تعالى منها , وكل من الإيمان أو الكفر أمران اختياريان , لا يكره الله تبارك وتعالى أحداً من خلقه على واحد منهما (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)الكهف 29 , وهذا مشاهد معلوم بالضرورة , ولولا ذلك , لكان الثواب والعقاب عبثاً , والله منزه عن ذلك , وعليه فنقول لمن يحتج بالقدر ليس عندك علم أنك من أصحاب الجنة أو النار ، ولو كان عندك علم لما أمرك الله تعالى ولا نهاك، ولكن اعمل وعسى الله أن يوفقك لأن تكون من أصحاب الجنة.

    باب في وجوب الأخذ بالأسباب

    س38) هل الأخذ بالأسباب ينافي الإيمان بالقدر؟
    الأخذ بالأسباب لا ينافي القدر والتوكل بل هو جزء منه ، ولكن إذا وقع القدر وجب الرضا به والتسليم له ، ويلجأ إلى قوله : " قدّر الله وما شاء فعل " وأما قبل أن يقع فإن سبيل المكلف هو الأخذ بالأسباب المشروعة ومدافعة الأقدار بالأقدار قال تعالى (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ)الأنفال60 , عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الْأَرْضَ فَقَالَ (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنْ الْجَنَّةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ قَالَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ثُمَّ قَرَأَ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى الْآيَةَ)متفق عليه.

    باب في خوارم الإيمان

    س39)- ما هي خوارم الإيمان؟
    ان المعاصي التي هي دون الشرك تعتبر من خوارم الإيمان ، والمعاصي تنقسم إلى قسمين: كبائر، وصغائر.
    الكبيرة: هي كل معصية يترتب عليها حد في الدنيا، أو عقوبة، أو توعد بالنار، أو عذاب، أو لعنة، أو غضب.
    الصغيرة: هي كل معصية لا يترتب عليها حد في الدنيا، ولا وعيد في الآخرة.
    والأعمال الصالحة – عندهم – تكفر صغائر الذنوب.
    والتوبة الصادقة من المعاصي – أياً كان الذنب – مقبولة عند الله تعالى؛ إذا اجتمعت فيها شروطها، وهي: الإقلاع عن الذنب، والندم على ذلك، والعزم على عدم العودة إليها.
    أما الإصرار على المعاصي، والاستغراق فيها، والاستمرار عليها، وعدم الإقلاع عنها، وعدم الاستغفار والتوبة منها، وعزم القلب عليها، أو الفرح بفعلها؛ فحكمها عند أهل السنة والجماعة كحكم مرتكب الكبائر، ويخشى على صاحبه من سوء العاقبة؛ لأن المعصية عندهم بريد الكفر، وهي مشتقة منه وآيلة إليه، والإكثار منها ينبت النفاق في القلب، وقد يؤدي إلى الوقوع في الكفر والردة – والعياذ بالله – لأن المعاصي – مع الإصرار والاستغراق فيها – تحيط بصاحبها وتستولي على قلبه وتطمسه؛ حتى لا يبقى فيه من الإيمان شيء.
    إن المعاصي والذنوب عند أهل السنة والجماعة: تؤثر في الإيمان من حيث نقصه بحسب قلتها وكثرتها، لا من حيث بقاؤه وذهابه؛ فافتراق المعاصي بمفردها والإصرار عليها لا يخرج من الدين إن لم يقترن بها سبب من أسباب الكفر، كاستحلال المعصية، أو الاستهانة بحكمها سواء كان بالقلب، أو اللسان، أو الجوارح.

    فضل الخلاقي

    • ضيف
    تاريخ الإنضمام:
    جزاك الله كل خير ابو زكريا
    وجعله في ميزان حسناتك
    • :: الأعضاء ::

    ابو زكريا الخلاقي

    • المستوى: 4
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 15, 2007
    عدد المشاركات:
    1,324
    عدد المعجبين:
    15
    الوظيفة:
    عامل
    مكان الإقامة:
    u s a
    تابع لصفحه الاولى


    الدرس الرابع الإحسان


    باب في معنى الإحسان

    س1) ما معنى الإحسان؟
    الإحسان لغة ضد الإساءة وهو أن يبذل الإنسان المعروف ويكف الأذى فيبذل المعروف لعباد الله في ماله ، وجاهه ، وعلمه ، وبدنه , أما الإحسان في العبادة فهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك , وهذا المعنى الذي يعبر عنه بالمراقبة ، فالمراقبة الخاصة الصادقة بأن يراقب العبد ربه سبحانه وتعالى ويتذكر دائماً وأبداً بأن الله يراه ويرى مكانه ويسمع كلامه فهذه المراقبة تحول بين المرء وبين ارتكاب المعاصي وبين الغفلة والالتفات عن الله إلى غير الله , (أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)المائدة97 , وقال تعالى (أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُون)النحل23 , قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)متفق عليه.




    الدرس الخامس العبادة


    باب في معنى العبادة

    س1) معنى العبادة؟
    العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة , وكل عمل يكون عبادة إذا كمل فيه شيئان هما كمال الحب مع كمال الذل.


    باب في أن الله تعالى لا يقبل العمل إلا إذا توفرة فيه ثلاثة شروط

    س2) ما هي شروط قبول العمل؟
    الله عز وجل لا يقبل العمل إلا إذا توفرت فيه ثلاثة شروط : أولها الإسلام , وثانيها الإخلاص , وثالثها الإتباع.


    باب في أن الإسلام شرط لصحة جميع الأعمال

    س3) هل الإسلام شرط لصحة جميع الأعمال؟
    الإسلام شرط لصحة جميع الأعمال , فلا يقبل العمل من الكافر حتى يسلم لقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ)البخاري , وقال الله تعالى (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)آل عمران85.


    باب في أن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه

    س4) أن الله ل ا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه ، أذكر الدليل؟
    أن (اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ)حسنه الألباني , وأن الله تبارك وتعالى يقول في الحديث القدسي (أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ)مسلم.



    باب في أن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان موافقا لما جاء به صلى الله عليه وسلم

    س5) أن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان موافقا لما جاء به صلى الله عليه و سلم ، اذكر الدليل على ذلك؟
    العمل لا يكون مقبولاً حتى يكون موافقا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم , فإن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)مسلم , وقال الله تعالى (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ)الأنعام38 , وقال (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ)يونس32 , فالخير كل الخير في إتباع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والشر في الإبتداع في دين الله عز وجل فإن (أَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ)صححه الألباني.


    باب في أن العبادة لا تخرج من ثلاثة أنواع

    س6) العبادة لا تخرج عن ثلاثة أنواع ، ما هي؟
    العبادة لا تخرج عن ثلاثة أنواع :فإما أن تكون عبادة اعتقادية , أو أن تكون عبادة بدنية , أو أن تكون عبادة مالية , فالنوع الأول هي أساس العبادة ، وهي أن يعتقد أنه الرب الواحد الأحد الذي له الخلق والأمر وبيده النفع والضر وأنه لا شريك له ولا يشفع عنده أحد إلا بإذنه ، وأنه لا معبود بحق غيره ، وغير ذلك من لوازم الألوهية , ويجب أن ينطق بكلمة التوحيد ، فمن اعتقد ما ذكر ولم ينطق بها لم يحقن دمه ولا ماله، وكان كإبليس فإنه يعتقد التوحيد بل ويقر به ، إلا أنه لم يمتثل أمر الله فكفر , ومن نطق ولم يعتقد حقن ماله ودمه وحسابه على الله ، وحكمه حكم المنافقين , والنوع الثاني كالقيام والركوع والسجود في الصلاة , ومنها الصوم وأفعال الحج والطواف , وأما النوع الثالث كإخراج جزء من المال امتثالا لما أمر الله تعالى به ، وأنواع الواجبات والمندوبات في الأموال والأبدان والأفعال والأقوال كثيرة ، لكن هذه أمهاتها , فإفراد الله تعالى بتوحيد العبادة لا يتم إلا بأن يكون الدعاء كله له والنداء في الشدائد والرخاء لا يكون إلا لله وحده ، والاستعانة بالله وحده واللجوء إلى الله والنذر والنحر له تعالى وجميع أنواع العبادات من الخضوع والقيام تذللا لله تعالى والركوع والسجود والطواف والتجرد عن الثياب والحلق والتقصير كله لا يكون إلا لله عز وجل.




    الدعاء

    س7) عرف الدعاء؟
    الدعاء هو استدعاء العبد ربه عز وجل العناية ، واستمداده إياه المعونة ، وحقيقته: إظهار الافتقار إليه ، والتبرؤ من الحول والقوة ، وهو سمة العبودية ، واستشعار الذلة البشرية ، وفيه معنى الثناء على الله عز وجل وإضافة الجود ، والكرم إليه.


    باب في أنواع الدعاء

    س8) ما هي أنواع الدعاء؟
    الدعاء ينقسم إلى قسمين: الأول: دعاء عبادة ، مثل الصوم ، والصلاة ، وغير ذلك من العبادات ، فإذا صلى الإنسان أو صام ، فقد دعا ربه بلسان الحال أن يغفر له ، وأن يجيره من عذابه ، وأن يعطيه من نواله ، وهذا في أصل الصلاة ، كما أنها تتضمن الدعاء بلسان المقال ، ويدل على هذا القسم قوله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)غافر60 , فجعل الدعاء عبادة، وهذا القسم يكون الشرك فيه كله ، فمن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله، فقد كفر كفراً مخرجاً له عن الملة ، فلو ركع لإنسان أو سجد لشيء يعظمه كتعظيم الله في هذا الركوع أو السجود، لكان مشركاً , والثاني: دعاء المسألة، فهذا ليس كله شركاً، بل فيه تفصيل، فإن كان المخلوق قادراً على ذلك، فليس بشرك، كقوله: اسقني ماء لمن يستطيع ذلك. قال صلى الله عليه وسلم (من دعاكم فأجيبوه)صححه الألباني ، وقال تعالى (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه)النساء8 , فإذا مد الفقير يده، وقال: ارزقني، أي: اعطني، فليس بشرك، كما قال تعالى (فارزقوهم منه)، وأما إن دعا المخلوق بما لا يقدر عليه إلا الله، فإن دعوته شرك مخرج عن الملة.


    الخوف


    س9) عرف الخوف؟
    الخوف هو الذعر وهو انفعال يحصل بتوقع ما فيه هلاك أو ضرر أو أذى ، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن خوف أولياء الشيطان وأمر بخوفه وحده.



    باب في أنواع الخوف

    س10) ما هي أنواع الخوف؟
    للخوف ثلاثة أنواع هي : النوع الأول - خوف العبادة والتذلل والتعظيم والخضوع ، وهو ما يسمى بخوف السر وهذا لا يصلح إلا لله سبحانه، فمن أشرك فيه مع الله غيره ، فهو مشرك شركاً أكبر ، وذلك مثل : مَن يخاف من الأصنام أو الأموات ، أو من يزعمونهم أولياء ويعتقدون نفعهم وضرهم ؛ كما يفعله بعض عباد القبور , يخاف من صاحب القبر أكثر مما يخاف الله , قال تعالى (فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)آل عمران175 , فهذا النوع من الخوف لا يكون إلا لله ومن صرفه لغير الله فهو مشرك شركاً أكبر ,أما النوع الثاني - وهو الخوف المحرم وهو أن يخاف من مخلوق بامتثال واجب أو البعد عن محرم مما أوجبه الله أو حرمه، يخاف من مخلوق في أداء فرض من فرائض الله، يخاف من مخلوق في أداء واجب من الواجبات؛ لا يصلي خوفا من مخلوق، لا يحضر الجماعة خوفا من ذم المخلوق له أو استنقاصه له، فهذا محرم، قال بعض العلماء: وهذا من أنواع الشرك. يترك الأمر والنهي الواجب بشرطه خوفا من ذم الناس أو من ترك مدحهم له أومن وصمهم بأشياء، فهذا خوف رجع على الخائف بترك أمر الله , وهذا محرم، لأن الوسيلة إلى المحرم محرمة , والنوع الثالث الخوف الطبيعي والجبلي كالخوف من عدو أو خوف من سَبُع, أو خوف من نار، أو خوف من مؤذي ومهلك ونحو ذلك ؛ فهذا في الأصل مباح ، لقوله تعالى عن موسى (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ)القصص21 ، وقوله عنه أيضاً (رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ)القصص33.


    باب في الخوف المحمود و الخوف المذموم

    س11) ما هو الخوف المحمود و الخوف المذموم؟
    الخوف من الله تعالى يكون محموداً , ويكون غير محمود , فالمحمود ما كان يحول بينك وبين معصية الله تعالى بحيث يحملك على فعل واجباته وترك محرماته , وأما غير المحمود فهو ما يحملك على اليأس من روح الله والقنوط من رحمته لأنه ( لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)يوسف87.


    الرجاء

    س12) ما تعريف الرجاء؟
    الرجاء هو طمع الإنسان في أمر قريب المنال ، وقد يكون في بعيد المنال تنزيلاً له منزلة القريب , والرجاء المتضمن للذل والخضوع لا يكون إلا لله عز وجل وصرفه لغير الله تعالى شرك إما أصغر ، وإما أكبر بحسب ما يقوم بقلب الراجي قال سبحانه و تعالى (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)الكهف110.


    باب في أن الرجاء بلا عمل مذموم

    س13) متى يكون الرجاء محموداً و متى يكون مذموما؟
    الرجاء المحمود لا يكون إلا لمن عمل بطاعة الله ورجى ثوابها، أو تاب من معصيته ورجى قبول توبته (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)البقرة218 , فأما الرجاء بلا عمل فهو غرور وتمن مذموم.


    التوكل

    س14) ما تعريف التوكل؟
    التوكل على الشيء الإعتماد عليه , والتوكل على الله تعالى الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع ودفع المضار وهو من تمام الإيمان (وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)التوبة51 , فالتوكل من العبادات القلبية، حقيقته أنه يجمع شيئين: الأول: تفويض الأمر إلى الله جل وعلا. الثاني: عدم رؤية السبب بعد عمله. والتفويض وعدم رؤية السبب شيئان قلبيان، فالعبد المؤمن إذا فعل السبب، وهو جزء بما تحصل به حقيقة التوكل، فإنه لا يلتفت لهذا السبب، لأنه يعلم أن هذا السبب لا يُحَصِّل المقصود، ولا يحصل المراد به وحده، وإنما قد يحصل المراد به وقد لا يحصل؛ لأن حصول المرادات يكون بأشياء: منها السبب. ومنها صلاحية المحل. ومنها خلو الأمر من المضاد. فثَم ثلاثة أشياء تحصل بها المرادات: أول سبب: نعلم ِبمَا خلق الله جل وعلا خلقه عليه أن هذا السبب يُنتج المسبَّب؛ النتيجة. الثاني: صلاحية المحل لقيام الأمر به؛ الأمر المراد. الثالث: خلو الأمر أو المحل من المضاد له. مثاله الدواء، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالدواء فقال (تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً)صححه الألباني , فالمسلم الموحد يتناول الدواء باعتباره سببا للشفاء، لكنه ليس سببا أو ليس علة وحيدة، بل لا يحصل الشفاء بهذا وحده، وإنما لابد من أشياء أخرى، منها أن يكون المحل الذي هو داخل الإنسان- باطن متناول الدواء - يكون صالحا لقبول ذلك الدواء، وهذا معنى قولي: أن يكون المحل صالحا. أيضا من العلل التي يكمل بها المراد أن يكون السبب هذا الذي عمل خاليا من المعارض له، قد يكون يتناول شيء وفي البدن ما يفسد ذلك الشيء، فلا يصل إلى المقصود. ومنها وهو الأعظم أن يأذن الله جل وعلا بأن يكون السبب مؤثرا منتجا للمسبّب، وهذا يعطيك أن فعل السبب ليس كافيا في حصول المراد قال تعالى (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)الطلاق3. ولهذا قال علماؤنا ,علماء التوحيد من أئمة السلف فمن بعدهم: الالتفات إلى الأسباب قدح في التوكل, ومحو الأسباب أن تكون أسبابا قدح في العقل , و قال بعض العلماء‏:‏ ‏من طعن في الحركة , يعني‏ ,‏ في السعي والكسب والأخذ بالأسباب ؛ فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل؛ فقد طعن في الإيمان‏‏‏.‏



    باب في أنواع التوكل

    س15) ما هي أنواع التوكل؟
    التوكل ثلاثة أنواع أولها توكل العبادة والخضوع ، وهو الإعتماد المطلق على من توكل عليه ، بحيث يعتقد أن بيده جلب النفع ودفع الضر ، فيعتمد عليه اعتماداً كاملاً ، مع شعوره بافتقاره إليه ، فهذا يجب إخلاصه لله تعالى ، ومن صرفه لغير الله ، فهو مشرك شركاً أكبر ، كالذين يعتمدون على الصالحين من الأموات والغائبين ، وهذا لا يكون إلا ممن يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفياً في الكون ، فيعتمد عليهم في جلب المنافع ودفع المضار . قال تعالى (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)التغابن13 , وقال عز وجل (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)آل عمران159 , وثانيها التوكل على الغير فيما يتصرف المتوكل بحيث ينيب غيره في أمر يجوز فيه النيابة وهو المعروف في باب الوكالة عند الفقهاء فهذا لا بأس به بدلالة الكتاب والسنة , والإجماع فقد قال يعقوب لبنيه (يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيه)يوسف87, وأما ما جاء في السنة فهو أكثر من أن يحصى فقد وكل صلى الله عليه وسلم على الصدقة عمالاً ووكل في إثبات الحدود وإقامتها وغيرها كثير, وأما الإجماع فهو معلوم من حيث الجملة , وثالثها الاعتماد على شخص في رزقه ومعاشه وغير ذلك ، وهذا من الشرك الأصغر ، مثل اعتماد كثير من الناس على وظيفته في حصول رزقه ، ولهذا تجد الإنسان يشعر من نفسه أنه معتمد على هذا اعتماد افتقار ، فتجد في نفسه من المحاباة لمن يكون هذا الرزق عنده ما هو ظاهر ، فهو لم يعتقد أنه مجرد سبب ، بل جعله فوق السبب , قال تعالى ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾الأنفال2 ومما سبق يتضح أن التوكل على غير الله تعالى أقسام‏:‏أحدها‏:‏ التوكل في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله كالتوكل على الأموات والغائبين ونحوهم من الطواغيت في تحقيق المطالب من النصر والحفظ والرزق أو الشفاعة، فهذا شرك أكبر , ‏الثاني‏:‏ التوكل في الأسباب الظاهرة؛ كمن يتوكل على سلطان أو أمير أو أي شخص حي قادر فيما أقدره الله من عطاء أو دفع أذى ونحو ذلك ، فهذا شرك أصغر ، لأنه اعتماد على الشخص , ‏الثالث‏:‏ التوكل الذي هو إنابة الإنسان من يقوم بعمل عنه مما يقدر عليه كبيع وشراء ، فهذا جائز ، ولكن ليس له أن يعتمد عليه في حصول ما وكل إليه فيه، بل يتوكل على الله في تيسير أموره التي يطلبها بنفسه أو نائبه ، لأن توكيل الشخص في تحصيل الأمور الجائزة من جملة أسباب ، والأسباب لا يعتمد عليها، وإنما يعتمد على الله سبحانه الذي هو مسبب الأسباب وموجد السبب والمسبب‏.


    الرغبة

    س16) ما تعريف الرغبة؟
    الرغبة هي محبة الوصول إلى الشيء المحبوب والدليل على كونها عبادة قول الله تبارك وتعالى (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)الأنبياء90 , والرغبة لغة هي السعة يقال رغب الشيء أي اتسع , فعلى هذا هي الإرادة الواسعة والقوية وتأتي بمعنى الحرص وهو الإرادة القوية وتأتي بمعنى العطاء الكثير ، فإذا كانت في الدعاء فالرغبة فيه إطالته وكثرته والسعة فيه ويسمى دعاء رغبة والإطالة في العبادة تسمى عبادة رغبة.



    باب في أن الرغبة قد تكون شركاً أكبر وقد تكون شركاً أصغر

    س17) متى تكون الرغبة شركاً أكبر و متى تكون شركاً أصغر؟
    الرغبة تكون شركاً إذا كثر الإقبال على شخص معين في قضاء الحوائج المحبوبة فيما لا يقدر عليه إلا الله ، فهذا يعتبر شركاً أكبر ، مثال : الذي يتردد على القبور ويقبل عليها إذا انتابه شيء من الحوائج المحبوبة فهذا يكون عبادة من دون الله كالذي يكثر طلب حوائجه من الجن والجمادات سواء فيما لا يقدر عليه إلا الله أو غير ذلك , أما لو كثر الإقبال على المخلوقين في طلب الحوائج المحبوبة وهم يقدرون عليها فإن اعتمد عليهم فهذا شرك أصغر وإن لم يعتمد عليهم فهذه من الأمور التي تنقص التوحيد لحديث (لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)البخاري ومسلم.


    الرهبة

    س18) ما تعريف الرهبة؟
    الرهبة هي الخوف المثمر للهرب من المخوف فهي خوف مقرون بعمل , فالرغبة إذاً: نوع من الرجاء وهي أعلاه، والرهبة نوع من الخوف وهو منتهاه ، قال تعالى ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾الأنبياء90 , ووجه الاستدلال من الآية أن الله جل وعلا أثنى على الأنبياء والمرسلين الذين ذكرهم في سورة الأنبياء, التي هذه الآية في أواخرها بقوله (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا), يعني ويدعوننا راغبين, ويدعوننا ذوي رغبة وذوي رهبة وذوي خشوع, وهذا في مقام الثناء عليه ، الثناء على الأنبياء والمرسلين , وما دام أنه أثنى عليهم فإن هذه العبادات من العبادات المرضية له فتدخل في حد العبادة.


    الخشوع

    س19) عرف الخشوع؟
    الخشوع هو الذل والتطامن لعظمة الله بحيث يستسلم لقضائه الكوني والشرعي , واعلم أن الذل أمر لا تستقيم العبادة بغيره، وهو من أركان العبادة العظيمة التي ينشأ عنها الكثير من العبادات القلبية من الإخبات، والإنابة، والتواضع، وغير ذلك من عبادات القلب، ولذلك قال (وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) هذا في بيان مجمل حالهم أنهم خاشعون لله سبحانه وتعالى، فالرغبة رجاء خاص, والرهبة خوف خاص وَجَلٌ خاص، والخشوع هو التطامن والذل, قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً)فصلت39، يعني ليس فيها حركة للنبات, ليس فيها حياة؛ متطامنة ذليلة (فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ)فصلت39 ، فالخشوع سكون فيه ذل وخضوع, هذا الخشوع الذي هو نوع من أنواع العبادة, وتلك الرغبة وتلك الرهبة هذه من العبادات القلبية, التي يظهر أثرها على الجوارح.


    الخشية

    س20) عرف الخشية؟
    الخشية نوع من الخوف، لكنها تفارق الخوف بأنها خوف مع علم، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)الحشر . فالخشية خوف مع علم فهي اخص من الخوف ويتضح الفرق بين الخوف و الخشية بالمثال الآتي: إذا خفت من شخص لا تدري هل هو قادر عليك أم لا فهذا خوف ، وإذا خفت من شخص تعلم أنه قادر عليك فهذه خشية , قال تعالى (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي)البقرة.


    الإنابة

    س21) عرف الإنابة؟
    الإنابة هي الرجوع، وحقيقة الإنابة عكوف القلب على طاعة الله ومحبته والإقبال عليه فهي الرجوع إلى الله بالقيام بطاعته واجتناب معصيته وهي قريبة من معنى التوبة إلا أنها أرق منها لما تشعر به من الاعتماد على الله واللجوء إليه ولا تكون إلا لله تعالى , قال تعالى (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ)الزمر , وهذا الرجوع ليس رجوعا مجردا، ولكنه رجوع للقلب مع تعلقه ورجائه، فحقيقة الإنابة أنها لا تقوم وحدها، فالقلب المنيب إلى الله جل وعلا فإنه يرجع، وقد قام بأنواع من العبودية منها الرجاء والخوف والمحبة ونحو ذلك، فالمنيب إلى الله جل وعلا هو الذي رجع إلى الله جل وعلا عما سوى الله جل وعلا، ولا يكون رجوعه هذا إلا بعد أن يقوم بقلبه أنواع من العبوديات أعظمها المحبة والخوف والرجاء؛ محبة الله, والخوف من الله, والرجاء في الله, فالإنابة صارت عبادة بهذا قال تعالى (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ)الزمر ، فقال عز وجل (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ) أمراً بالإنابة، وإذ أمر بها فمعنى ذلك أنه يحبها ويرضاها ممن أتى بها، فهي إذن داخلة في تعريف العبادة.


    الإستعانة

    س22) ما معنى الإستعانة؟
    الإستعانة طلب العون، وطلب العون من الله جل وعلا يكون على الأمور الدينية وعلى الأمور الدنيوية. فإن لم يحصل من الله عون للمرء في تحصيل مطلوباته فإنه لا يحصل شيئاً، ولا يصيب غرضاً، وقد ذكرها الله في كتابه بعد العبادة لأنها فرع الإقرار بعبودية الله سبحانه وتعالى، فإن من أقرّ بأن الله هو المعبود طلب العون منه وحده، لأن المعبود هو الكامل في أوصافه جل وعلا، (إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) فيه إثبات ألوهيته سبحانه وتعالى، (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فيه إثبات ربوبيته، لأنه إنما يستعان بالمالك الرازق المدبر الخالق الذي بيده الأمر وله الأمر كله جلّ وعلا , عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ (يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّه)صححه الألباني , فقوله (إذا استعنت فاستعن بالله) يعني إذا كنت متوجها للاستعانة فلا تستعن بأحد إلا بالله ، فإذا حصل منك حاجة للاستعانة فاستعن بالله , ولما أمر به علمنا أنه من العبادة.


    باب في أنواع الإستعانة

    س23) ما هي أنواع الإستعانة؟
    الإستعانة خمسة أنواع : أولها الإستعانة بالله وهي: الإستعانة المتضمنة لكمال الذل من العبد لربه ، وتفويض الأمر إليه، واعتقاد كفايته وهذه لا تكون إلا لله تعالى ودليلها قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين) وعلى هذا يكون صرف هذا النوع لغير الله تعالى شركاً مخرجاً عن الملة , وثانيها الإستعانة بالمخلوق على أمر يقدر عليه فهذه على حسب المستعان عليه فإن كانت على بر فهي جائزة للمستعين مشروعة للمعين لقوله تعالى(وتعاونوا على البر والتقوى)المائدة2 , وإن كانت على مباح فهي جائزة للمستعين والمعين لكن المعين قد يثاب على ذلك ثواب الإحسان إلى الغير ومن ثم تكون في حقه مشروعة لقوله تعالى (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)المائدة , وثالثها : الاستعانة بمخلوق حي حاضر غير قادر فهذه لغو لا طائل تحتها مثل أن يستعين بشخص ضعيف على حمل شيء ثقيل , ورابعها الإستعانة بالأموات مطلقاً أو بالأحياء على أمر الغائب لا يقدرون على مباشرته فهذا شرك لأنه لا يقع إلا من شخص يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفيا في الكون , وخامسها الإستعانة بالأعمال والأحوال المحبوبة إلى الله تعالى وهذه مشروعة بأمر الله تعالى في قوله (أستعينوا بالصبر والصلواة)البقرة153.


    الاستعاذة

    س24) ما تعريف الاستعاذة؟
    الاستعاذة لغة مأخوذة من العوذ وهي الالتجاء ولذا سميت المعوذتين لأنها تعصمان من السوء فهي طلب الالتجاء , وشرعاً الالتجاء إلى الله قال تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس)الناس1, فقولنا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, معناها ألتجئ وأعتصم وأتحرز بالله من شر الشيطان الرجيم, فإذن الاستعاذة طلب العوذ , طلب المعتصَم, طلب الحِرز, طلب ما يعصم, طلب ما يحمي, هذه الاستعاذة.


    باب في أنواع الاستعاذة

    س25) ما هي أنواع الاستعاذة؟
    الاستعاذة أربعة أنواع , الأول: الاستعاذة بالله تعالى وهي المتضمنة لكمال الافتقار إليه والاعتصام به واعتقاد كفايته وتمام حمايته من كل شيء حاضر أو مستقبل ، صغير أو كبير ، بشر أو غير بشر قال تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)سورة الفلق , وقال تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)سورة الناس , الثاني: الاستعاذة بصفة ككلامه وعظمته وعزته ونحو ذلك ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)مسلم , وقوله (أعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي)صححه الألباني , وقوله في دعاء الألم (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر)صححه الألباني , وقوله (أعوذ برضاك من سخطك)مسلم , وقوله صلى الله عليه وسلم حين نزل قوله تعالى (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم)الأنعام 65 , فقال (أعوذ بوجهك)البخاري , الثالث: الإستعاذة بالأموات أو الأحياء غير الحاضرين القادرين على العوذ فهذا شرك ومنه قوله تعالى (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً)الجن6 , الرابع: الإستعاذة بما يمكن العوذ به من المخلوقين من البشر أو الأماكن أو غيرها فهذا جائز ودليله قوله صلى الله عليه وسلم في ذكر الفتن : (من تشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذبه)متفق عليه وقد بين صلى الله عليه وسلم هذا الملجأ والمعاذ بقوله: (فمن كان له إبل فليلحق بإبله)مسلم، وفي صحيحه أيضاً عن جابر رضي الله عنه أن امرأة من بني مخزوم سرقت فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فعاذت بأم سلمة الحديث، وفي صحيحه أيضاً عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث) , ولكن إن استعاذ من شر ظالم وجب إيواؤه وإعاذته بقدر الإمكان ، وإن استعاذ ليتوصل إلى فعل محظور أو الهرب من واجب حرم إيواؤه.


    الإستغاثة

    س26) عرف الإستغاثة؟
    الإستغاثة : طلب الغوث, والغوث يُفسر بأنه الإغاثة, المدد، النصرة ونحو ذلك, فإذا وقع مثلا أحد في غرق ينادي أَغثني أغثني, يطلب الإغاثة, يطلب إزالة هذا الشيء, يطلب النصرة قال تعالى (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ)الأنفال9 , ولذا سمى المطر غوثاً لأنه يكشف شدة القحط.


    باب في أنواع الإستغاثة

    س27) ما هي أنواع الإستغاثة؟
    الإستغاثة أربعة أقسام : أولها الإستغاثة بالله عز وجل وهي من أفضل الأعمال وأكملها وهو دأب الرسل وأتباعهم قال تعالى (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين)الأنفال , وكان ذلك في غزوة بدر حين نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشركين في ألف رجل وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فدخل العريش يناشد ربه عز وجل رافعاً يديه مستقبل القبلة يقول (اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض)مسلم , وما زال يستغيث بربه رافعاً يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأخذ أبو بكر رضي الله عنه رداءه فألقاه على منكبيه ثم ألتزمه من ورائه ، وقال : يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك وعدك فأنزل الله هذه الآية , وثانيها الإستغاثة بالأموات أو بالأحياء غير الحاضرين القادرين على الإغاثة فهذا شرك ؛ لأنه لا يفعله إلا من يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفياً في الكون فيجعل لهم حظاً من الربوبية قال الله تعالى (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض ءأله مع الله قليلاً ما تذكرون)النمل62 , وثالثها : الاستغاثة بالأحياء العالمين القادرين على الإغاثة فهذا جائز كالاستعانة بهم قال الله تعالى في قصة موسى (فاستغاثة الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه)القصص15 , ورابعها الاستغاثة بحي غير قادر من غير أن يعتقد أن له قوة خفية مثل أن يستغيث الغريق برجل مشلول فهذا لغو وسخرية بمن استغاث به فيمنع منه لهذه العله، ولعلة أخرى وهي الغريق ربما أغتر بذلك غيره فتوهم أن لهذا المشلول قوة خفية ينقذ بها من الشدة , ومما سبق يتضح أن شروط الاستغاثة بغير الله جل وعلا: أن يكون المستغاث به حيا حاضرا قادرا يسمع.


    باب في الفرق بين الإستغاثة والإستعانة والإستعاذة

    س28) ما الفرق بين الإستغاثة و الإستعانة و الإستعاذة؟
    الإستغاثة ، والإستعانة ، والإستعاذة تختلف باعتبار الحالة والزمن ؛ فإذا وقع عليك الشر وطلب النصرة بإزالته فهذه تسمى استغاثة ، فنداء الغريق يسمى استغاثة ، أما إذا لم يقع عليك الشر حتى الآن لكنه على الطريق أن يقع عليك فطلب أن لا يقع فهذه الاستعاذة ، أما في الأمور العادية إذا لم يقع عليك شر ولا تتوقع شراً فإنه يسمى استعانة.


    الذبح

    س29) ما تعريف الذبح؟
    الذبح هو إزهاق الروح بإراقة الدم على وجه مخصوص , والذبح يشمل النحر الخاص ويشمل الذبح الذي هو قسيم النحر لأن النحر هو الطعن بسكين أو بالحَرْبَة ، مثل ما يُفعل بالإبل فهي لا تذبح ذبحا، لكن هي تطعن في وَحدتها وإذا طُعنت وحُرِّكت السكين واندثر الدم ماتت , كذلك البقر قد تُنحر , وأما الذبح : فيكون في الغنم من الضأن والماعز وكذلك في البقر.


    باب في أنواع الذبح

    س30) ما هي أنواع الذبح؟
    الذبح يقع على أنواع وهي :الأول أن يقع عبادة بأن يقصد به تعظيم المذبوح له والتذلل له والتقرب إليه فهذا لا يكون إلا لله تعالى على الوجه الذي شرعه الله تعالى ، وصرفه لغير الله شرك أكبر ودليله قوله تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ`لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)الأنعام162ـ 163, وقال صلى الله عليه وسلم (لعن الله من ذبح لغير الله)صححه الألباني , الثاني أن يقع إكراماً لضيف أو وليمة لعرس أو نحو ذلك فهذا مأمور به إما وجوباً أو إستحباباً لقوله صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)البخاري ومسلم , الثالث: أن يقع على وجه التمتع بالأكل أو الإتجار به ونحو ذلك فهذا من قسم المباح فالأصل فيه الإباحة لقوله تعالى (أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون * وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون)يس71، 72 , وقد يكون مطلوباً أو منهياً عنه حسبما يكون وسيلة له.


    النذر

    س31) عرف النذر؟
    النذر هو إيجاب المرء على نفسه شيئا لم يجب عليه، وتارة يكون النذر مطلقا، وتارة يكون بالمقابلة مُقيّد، والنذر المطلق غير مكروه ، والنذر المقيد مكروه.


    باب في أنواع النذر

    س32) ما هي أنواع النذر؟
    النذر نوعان : الأول النذر المطلق وهو ماكان بدون مقابل ، ومثاله أن يوجب الإنسان على نفسه عبادة لله جل وعلا بدون مقابل، فيقول لله عليَّ نذر، مثلا يقول قائل : لله عليَّ نذر أن أصلّي الليلة عشرة ركعات طويلات. بدون مقابل ، هذا إيجاب المرء على نفسه عبادة لم تجب عليه دون أن يقابلها شيء ، هذا النوع مطلق ، وهذا غير مكروه وهو المقصود بقوله تعالى (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا)الإنسان7 ,والثاني النذر المقيد وهو ما كان عن مقابل ، وهو أن يقول قائل مثلا : إن شفى الله جل وعلا مريضي صُمْتُ يوما ، إن نجحت في الاختبار صليت ركعتين ، هذا مشروط يوجب عبادة على نفسه ، مشروطة بشيء يحصل له قدرا ، وهذا مكروه كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (إنما يُستخرج به من البخيل)البخاري ومسلم , لأن المؤمن المقبل على ربه ما يعبد الله جل وعلا بالمقايضة ، يعبد الله جل وعلا ويتقرب إليه لأن الله يستحق ذلك منه ، فهذا النوع مكروه والوفاء بالنذر في النوعين واجب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)البخاري.


    التوسل

    س33) عرف التوسل؟
    التوسل هو التقرب إلى الشيء والتوصل إليه ، والوسيلة القربة، قال الله تعالى (وابتغوا إليه الوسيلة) أي القربة إليه سبحانه بطاعته واتباع مرضاته.


    باب في أنواع التوسل

    س34) ما هي أنواع التوسل؟
    التوسل نوعان , مشروع ,وغير مشروع وكل نوع من هذه الأنواع له عدة أقسام سوف نذكرها بشيء من التفصيل.


    باب في مشروعية التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه الحسنى أو صفة من صفاته العليا

    س35) هل يشرع التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه الحسنى أو صفة من صفاته العليا؟
    يجوز التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه الحسنى ، أو صفة من صفاته العليا: كأن يقول المسلم في دعائه: اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم ، اللطيف الخبير أن تعافيني . أو يقول: أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحمني وتغفر لي . ومثله قول القائل: اللهم إني أسألك بحبك لمحمد صلى الله عليه وسلم . . فإن الحب من صفاته تعالى . ودليل مشروعية هذا التوسل قوله عز وجل (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)الأعراف 180 , والمعنى: ادعوا الله تعالى متوسلين إليه بأسمائه الحسنى . ولا شك أن صفاته العليا عز وجل داخلة في هذا , ومن ذلك ما ذكره الله تعالى من دعاء سليمان عليه السلام حيث قال (قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه ، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين)النمل 19 , ومن الأدلة أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم في أحد أدعيته الثابتة عنه قبل السلام من صلاته صلى الله عليه وسلم (اللهم بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي...)صححه الألباني , ومنها أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول في تشهده (اللهم إني أسألك يا الله الواحد الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر لي ذنوبي ، إنك أنت الغفور الرحيم) فقال صلى الله عليه وسلم(قد غفر له قد غفر له)صححه الألباني فهذه الأحاديث وما شابهها تبين مشروعية التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه أو صفة من صفاته ، وأن ذلك مما يحبه الله سبحانه ويرضاه ، ولذلك استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله تبارك وتعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه)الحشر8 , فكان من المشروع لنا أن ندعوه سبحانه بما دعاه به رسوله صلى الله عليه وسلم ، فذلك خير ألف مرة من الدعاء بأدعية ننشئها ، وصيغ نخترعها.


    باب في مشروعية التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به الداعي

    س36) هل يشرع التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به الداعي؟
    التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به الداعي كأن يقول المسلم: اللهم بإيماني بك ، ومحبتي لك ، واتباعي لرسولك اغفر لي , أو يقول: اللهم إني أسألك بحبي لمحمد صلى الله عليه وسلم وإيماني به أن تفرج عني , ومنه أن يذكر الداعي عملاً صالحاً ذا بال ، فيه خوفه من الله سبحانه ، وتقواه إياه ، وإيثاره رضاه على كلّ شيء ، وطاعته له جل شأنه ، ثم يتوسل به إلى ربه في دعائه ، ليكون أرجى لقبوله وإجابته , وهذا توسل جيد وجميل قد شرعه الله وارتضاه ، ويدل على مشروعيته قوله تعالى (الذين يقولون ربنا إننا آمنا ، فاغفر لنا ذنوبنا ، وقنا عذاب النار)آل عمران 16 , وقوله (إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان: أن آمنوا بربكم فآمنا ، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا ، وتوفنا مع الأبرار)آل عمران193 و 194 , وقوله (إنه كان فريق من عبادي يقولون: ربنا آمنا فاغفر لنا ، وارحمنا ، وأنت خير الراحمين)المؤمنون109, وأمثال هذه الآيات الكريمات المباركات . وكذلك يدل على مشروعية هذا النوع من التوسل ما رواه بُريدة بن الحُصيب رضي الله عنه حيث قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول (اللهم إني أسألك بأني أشهد أن أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد) ، فقال (قد سأل الله باسمه الأعظم ، الذي إذا سئل به أعطي ، وإذا دعي به أجاب)صححه الألباني , ومن ذلك ما تضمنته قصة أصحاب الغار ، كما يرويها عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (خَرَجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمْ الْمَطَرُ فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ قَالَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ادْعُوا اللَّهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ فَقَالَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ إِنِّي كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَرْعَى ثُمَّ أَجِيءُ فَأَحْلُبُ فَأَجِيءُ بِالْحِلَابِ فَآتِي بِهِ أَبَوَيَّ فَيَشْرَبَانِ ثُمَّ أَسْقِي الصِّبْيَةَ وَأَهْلِي وَامْرَأَتِي فَاحْتَبَسْتُ لَيْلَةً فَجِئْتُ فَإِذَا هُمَا نَائِمَانِ قَالَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَيَّ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمَا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ قَالَ فَفُرِجَ عَنْهُمْ وَقَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّي كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ فَقَالَتْ لَا تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً قَالَ فَفَرَجَ عَنْهُمْ الثُّلُثَيْنِ وَقَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ وَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذَ فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَعْطِنِي حَقِّي فَقُلْتُ انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا فَإِنَّهَا لَكَ فَقَالَ أَتَسْتَهْزِئُ بِي قَالَ فَقُلْتُ مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ وَلَكِنَّهَا لَكَ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فَكُشِفَ عَنْهُمْ)متفق عليه.


    باب في مشروعية التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح

    س37) ما حكم التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح؟
    التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح كأن يقع المسلم في ضيق شديد ، أو تحل به مصيبة كبيرة ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله تبارك وتعالى ، فيجب أن يأخذ بسبب قوي إلى الله ، فيذهب إلى رجل يعتقد فيه الصلاح والتقوى ، أو الفضل والعلم بالكتاب والسنة . فيطلب منه أن يدعوا له ربه . ليفرج عنه كربه ، ويزيل عنه همه . فهذا نوع آخر من التوسل المشروع ، دلت عليه الشريعة المطهرة ، وأرشدت إليه ، وقد وردت أمثلة منه في السنة الشريفة ، كما وقعت نماذج منه من فعل الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم ، فمن ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال (أَصَابَتْ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ وَمِنْ الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ وَالَّذِي يَلِيهِ حَتَّى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَقَامَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ أَوْ قَالَ غَيْرُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ السَّحَابِ إِلَّا انْفَرَجَتْ وَصَارَتْ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ وَسَالَ الْوَادِي قَنَاةُ شَهْرًا وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ)البخاري ومسلم.


    باب في التوسل غير المشروع

    س38) ما هو التوسل غير المشروع؟
    ما عدا الأنواع المذكورة في التوسل المشروع فيعتبر توسلاً غير مشروع كالتوسل بطلب الدعاء والشفاعة من الأموات والتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ، والتوسل بذوات المخلوقين أو حقهم.


    الشفاعة

    س39) ما تعريف الشفاعة لغة و شرعا؟
    الشفاعة لغة اسم من شفع يشفع ، إذا جعل الشيء اثنين، والشفع ضد الوتر، قال تعالى (والشفع والوتر) , الشفاعة اصطلاحا التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة , مثال جلب المنفعة شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة بدخولها , مثال دفعة المضرة شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن استحق النار أن لا يدخلها.


    باب في أنواع الشفاعة

    س40) ما هي أنواع الشفاعة؟
    الشفاعة تنقسم إلى قسمين رئيسيين، هما : الشفاعة الخاصة بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الشفاعة العامة له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولجميع المؤمنين وسوف نبين كل قسم من هذه الأقسام.


    باب في الشفاعة الخاصة بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

    س41) ما هي الشفاعة الخاصة بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
    الشفاعة الخاصة بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنواع وهي : النوع الأول: الشفاعة العظمى، وهي من المقام المحمود الذي وعده الله، فإن الناس يلحقهم يوم القيامة في ذلك الموقف العظيم من الغم والكرب ما لا يطيقونه، فيقول بعضهم لبعض: (اطلبوا من يشفع لنا عند الله، فيذهبون إلى آدم أبي البشر، فيذكرون من أوصافه التي ميزه الله بها: أن الله خلقه بيده، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، فيقولون: اشفع لنا عند ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟! فيعتذر لأنه عصى الله بأكله من الشجرة، ومعلوم أن الشافع إذا كان عنده شيء يخدش كرامته عند المشفوع إليه، فإنه لا يشفع لخجله من ذلك، مع أن آدم عليه السلام قد تاب الله عليه واجتباه وهداه، قال تعالى (وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى)طه121،122، لكن لقوة حيائه من الله اعتذر , ثم يذهبون إلى نوح، ويذكرون من أوصافه التي امتاز بها بأنه أول رسول أرسله الله إلى الأرض، فيعتذر بأنه سأل الله ما ليس له به علم حين قال (رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين)هود45 , ثم يذهبون إلى عيسى عليه الصلاة والسلام، فيذكرون من أوصافه ما يقتضي أن يشفع، فلا يعتذر بشيء، لكن يحيل إلى من هو أعلى مقاماً، فيقول : اذهبوا إلى محمد، عبد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيحيلهم إلى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دون أن يذكر عذراً يحول بينه وبين الشفاعة فيأتون محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فيشفع إلى الله ليريح أهل الموقف)البخاري ومسلم , الثاني شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أهل الجنة أن يدخلوها، لأنهم إذا عبروا الصراط ووصلوا إليها وجدوها مغلقة، فيطلبون من يشفع لهم، فيشفع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الله في فتح أبواب الجنة لأهلها، ويشير إلى ذلك قوله تعالى (حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها)الزمر73 ، فقال (وفتحت)، فهناك شيء محذوف، أي: وحصل ما حصل من الشفاعة، وفتحت الأبواب، أما النار، فقال فيها: (حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها). الثالث: شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عمه أبي طالب أن يخفف عنه العذاب ، وهذه مستثناة من قوله تعالى (فما تنفعهم شفاعة الشافعين)المدثر48، وقوله تعالى (يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً)طه109، وذلك لما كان لأبي طالب من نصرة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودفاع عنه، وهو لم يخرج من النار، لكن خفف عنه حتى صار - والعياذ بالله - في ضحضاح من نار، وعليه نعلان يغلي منهما دماغه، وهذه الشفاعة خاصة بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا أحد يشفع في كافر أبداً إلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ومع ذلك لم تقبل الشفاعة كاملة، وإنما هي تخفيف فقط.


    باب في الشفاعة العامة له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولجميع المؤمنين

    س42) ما هي الشفاعة العامة؟
    الشفاعة العامة له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولجميع المؤمنين أنواع هي : النوع الأول : الشفاعة فيمن استحق النار أن لا يدخلها وهذه قد يستدل لها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم(ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفعهم الله فيه)مسلم , النوع الثاني الشفاعة فيمن دخل النار أن يخرج منها وقد تواترت بها الأحاديث وأجمع عليها الصحابة , النوع الثالث الشفاعة في رفع درجات المؤمنين وهذه تؤخذ من دعاء المؤمنين بعضهم لبعض كما قال صلى الله عليه وسلم في أبي سلمة (اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وأفسح له في قبره، ونور له فيه، واخلفه في عقبه) ، والدعاء شفاعة، كما قال صلى الله عليه وسلم (ما من مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفعهم الله فيه)صححه الألباني.


    الولاء و البراء

    س43) عرف الولاء و البراء؟
    أصل الدين أن من دخل في (لا إله إلا الله) فإنه يحب هذه الكلمة وما دلت عليه من التوحيد ، ويحب أهلها، ويُبغض الشرك المناقض لهذه الكلمة ، ويبغض أهله , فكلمة الولاء والبراء هي معنى الموالاة والمعاداة ، وهي بمعنى الحب والبغض ، فإذا قيل الولاء والبراء في الله هو بمعنى الحب والبُغض في الله وهو بمعنى الموالاة والمعاداة في الله ، فإذا أحبَّ القلبُ الشرك صار مواليا للشرك ، وإذا أحب القلبُ أهل الشرك صار مواليا لأهل الشرك، كذلك إذا أحب القلبُ الإيمان صار مواليا لأهل الإيمان ، وإذا أحب القلبُ اللهَ صار مواليا لله ، وإذا أحب القلبُ الرسول صلى الله عليه وسلم صار مواليا للرسول صلى الله عليه وسلم وإذا أحب القلبُ المؤمنين صار مواليا ووليا للمؤمنين وموالاة المشركين والكفار محرمة وكبيرة من الكبائر ، وقد تصل بصاحبها إلى الكفر والشرك، فمن أصول العقيدة الإسلامية أنه يجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالي أهلها ويعادي أعداءها فيحب أهل التوحيد والإخلاص ويواليهم، ويبغض أهل الإشراك ويعاديهم، وذلك من ملة إبراهيم والذين معه، الذين أمرنا بالاقتداء بهم، حيث يقول سبحانه وتعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاءٌ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) , وهو من دين محمد عليه الصلاة والسلام. قال تعالى (لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).


    باب في أقسام الولاء

    س44) ما هي أقسام الولاء؟
    للولاء معنيين فقد تكون بمعنى التولِّي , أو بمعنى الموالاة ,فالتولِّي معناه محبة الشرك وأهل الشرك ( لاحظ الواو ) يعني يحب الشرك وأهل الشرك جميعا مجتمعة ، أو أن لا يحب الشرك ولكن ينصرُ المشركَ على المسلم ، قاصدا ظهور الشرك على الإسلام ، هذا الكفر الأكبر الذي إذا فعله مسلم صار رِدَّة في حقه والعياذ بالله , والموالاة المحرّمة من جنس محبة المشركين والكفار، لأجل دنياهم ، أو لأجل قراباتهم ، أو لنحو ذلك وضابطه أن تكون محبة أهل الشرك لأجل الدنيا ، ولا يكون معها نصرة ، لأنه إذا كان معها نصرة على مسلم بقصد ظهور الشرك على الإسلام صار توليا ، وهو في القسم المُكَفِّر ، فإن أحب المشرك والكافر لدنيا وصار معه نوع موالاة لأجل الدنيا ، فهذا محرم ومعصية ، وليس كفرا.




    الدرس السادس الشرك وأنواعه


    باب في تعريف الشرك

    س1) عرف الشرك؟
    الشرك هو جعل شريك لله تعالى في ربوبيته أو ألوهيته أو أسمائه وصفاته.


    باب في خطر الشرك ووجوب الحذر منه

    س2) لماذا الشرك من أعظم الذنوب؟
    الشرك أعظم الذنوب؛ لأن الله تعالى أخبر أنه لا مغفرة لمن لم يتب منه، مع أنه سبحانه كتب على نفسه الرحمة، وذلك يوجب للعبد شدة الحذر وشدة الخوف من الشرك الذي هذا شأنه، ويحمله على معرفته لتوقيه، لأنه أقبح القبيح وأظلم الظلم‏ , ‏قال تعالى‏ (‏إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ‏) ، وذلك لأنه تنقص لله عز وجل، ومساواة لغيره به؛ كما قال تعالى‏‏(الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدلون) , وقال تعالى‏ (‏فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ‏) ؛ لأن الشرك مناقض للمقصود بالخلق والأمر من كل وجه بالله عز وجل؛ فقد شبه المخلوق بالخالق، وأقبح التشبيه تشبيه العاجز الفقير بالذات بالقادر الغني بالذات عن جميع المخلوقين قد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الشرك، وسد كل الطرق التي تفضي إليه؛ فقد بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وحالة العرب بل وحالة أهل الأرض كلهم إلا بقايا من أهل الكتاب كانت على أسوإ حال، كما قال تعالى‏‏ ‏(‏لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤمنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ‏)‏.‏


    باب في أنواع الشرك

    س3) ما هي أنواع الشرك ؟
    الشرك نوعان : شرك أكبر , وشرك أصغر وإليك التفصيل في هذا.


    باب في الشرك الأكبر

    س4) ما هو الشرك الأكبر و ما هي أنواعه و ما حكم من وقع فيه؟
    الشرك الأكبر يُخرج من الملة، ويخلَّدُ صاحبُهُ في النار، إذا مات ولم يتب منه، وهو صرفُ شيء من أنواع العبادة لغير الله، كدعاء غير الله، والتقرب بالذبائح والنذور لغير الله من القبور والجن والشياطين، والخوف من الموتى أو الجن أو الشياطين أن يضروه أو يُمرضوه، ورجاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله من قضاء الحاجات، وتفريج الكُربات، مما يُمارسُ الآن حولَ الأضرحة المبنية على قبور الأولياء والصالحين، قال تعالى‏: ‏(‏وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاءِ شُفَعََاؤنا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ‏)‏يونس18.


    باب في الشرك الأصغر وأنواعه

    س5) ما هو الشرك الأصغر و ما هي أنواعه؟
    الشرك الأصغر لا يخرج من الملة, لكنه ينقص التوحيد ، وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر، وهو قسمان‏:‏القسم الأول‏:‏ شرك ظاهر على اللسان والجوارح وهو‏:‏ ألفاظ وأفعال، فالألفاظ كالحلف بغير الله ، قال صلى الله عليه وسلم‏‏ ‏(‏من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك‏)‏صححه الألباني , وقول‏:‏ ما شاء الله وشئت ، قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ لما قال له رجل‏:‏ ما شاء الله وشئت، فقال‏ ‏(‏أجعلتني لله نِدًّا‏؟‏‏!‏ قُلْ‏:‏ ما شاءَ الله وحده‏)صححه الألباني ,‏وقول‏:‏ لولا الله وفلان، والصوابُ أن يُقالَ‏:‏ ما شاءَ الله ثُمَّ شاء ، لأن ‏(‏ثم‏)‏ تفيدُ الترتيب مع التراخي، وتجعلُ مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله، كما قال تعالى‏ (‏وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ‏) , وأما الأفعال‏‏ فمثل لبس الحلقة والخيط لرفع البلاء أو دفعه، ومثل تعليق التمائم خوفًا من العين وغيرها؛ إذا اعتقد أن هذه أسباب لرفع البلاء أو دفعه، فهذا شرك أصغر؛ لأن الله لم يجعل هذه أسبابًا، أما إن اعتقد أنها تدفع أو ترفع البلاء بنفسها؛ فهذا شرك أكبر لأنه تَعلَّق بغير الله‏. ‏القسم الثاني من الشرك الأصغر‏:‏ شرك خفي وهو الشرك في الإرادات والنيات، كالرياء والسمعة، كأن يعمل عملًا مما يتقرب به إلى الله؛ يريد به ثناء الناس عليه، كأن يُحسن صلاته، أو يتصدق؛ لأجل أن يُمدح ويُثنى عليه، أو يتلفظ بالذكر ويحسن صوته بالتلاوة لأجل أن يسمع الناس، فيُثنوا عليه ويمدحوه‏.‏ والرياء إذا خالط العمل أبطله، قال الله تعالى‏ (‏فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا‏)‏ , وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏‏ ‏(‏أخوفُ ما أخافُ عليكم الشرك الأصغر‏‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله، وما الشرك الأصغر‏؟‏ قال‏‏ ‏‏الرياء‏)صححه الألباني.




    الدرس السابع الكفر وأنواعه


    باب في تعريف الكفر

    س1) عرف الكفر لغة و شرعا؟
    الكفر لغة التغطية والستر , و الكفر شرعًا ضد الإيمان ، فإن الكفر عدم الإيمان بالله ورسله، سواء كان معه تكذيب ، أو لم يكن معه تكذيب ، بل مجرد شك وريب أو إعراض أو حسد ، أو كبر أو اتباع لبعض الأهواء الصادة عن اتباع الرسالة , وإن كان المكذب أعظم كفرًا ، وكذلك الجاحدُ والمكذِّب حسدًا ؛ مع استيقان صدق الرسل.


    باب في أنواع الكفر

    س2) ما هي أنواع الكفر؟
    الكفر نوعان : أكبر , وأصغر وإليك التفصيل في هذا.


    باب في الكفر الأكبر وأنوعه

    س3) ما هو الكفر الأكبر و ما هي و أنوعه؟
    الكفر الأكبر المخرج من الملة، خمسة أقسام‏:‏ القسم الأول‏‏ كُفرُ التَّكذيب، والدَّليلُ‏:‏ قوله تعالى‏ (‏وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ‏)‏العنكبوت 68‏ , القسم الثاني‏ كفر الإباء والاستكبار مع التصديق، والدليل قوله تعالى‏ ‏(‏وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ‏)‏‏البقرة 34‏ , القسم الثالث‏:‏ كفرُ الشّكِّ، وهو كفر الظّنّ، والدليل قوله تعالى‏ ‏ (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا ما مُنقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا‏)‏الكهف 35-38 , القسم الرابع‏:‏ كفرُ الإعراضِ، والدليلُ قولُه تعالى‏ (‏وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ‏)الأحقاف 3‏ , القسم الخامس‏: كفرُ النّفاقِ، والدليلُ قوله تعالى‏‏ ‏(ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ‏)‏المنافقين 3‏.



    باب في الكفر الأصغر وأنواعه

    س4) ما هو الكفر الأصغر و ما هي أنواعه؟
    الكفرٌ الأصغرُ لا يُخرجُ من الملة، وهو الكفرُ العملي، وهو الذنوب التي وردت تسميتها في الكتاب والسنة كُفرًا، وهي لا تصلُ إلى حدِّ الكفر الأكبر، مثل كفر النعمة المذكور في قوله تعالى‏ (‏وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتيها رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ‏)النحل 112 , ومثلُ قتال المسلم المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم‏ ‏(‏سباب المسلمِ فُسوقٌ، وقتالُه كفر‏)‏رواه البخاري ومسلم‏ , وفي قوله صلى الله عليه وسلم‏ ‏(‏لا تَرجعوا بعدي كُفَّارًا يضربُ بعضكم رقابَ بعض‏)‏‏رواه الشيخان‏ , فهذا الكفر ليس بمخرج عن الملة وإنما هو من الكفر الأصغر. ‏

    س5)- ما هي الأحكام الشرعية التي تترتب على من وقع في الكفر؟
    تكفير المسلم مسألة خطيرة، يجب عدم الخوض فيها دون دليل وبرهان، وينبغي الاحتراز من التكفير ما وجد إلى ذلك سبيلاً، فباب التكفير باب خطير، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكفر أحد أحداً دون برهان ، قال النبي صلى الله عليه وسلم (أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه)مسلم ، وقد أجمع أهل السنة والجماعة على أن الشخص المكفر يترتب على كفره أحكام، منها:
    1- عدم حل زوجته – المسلمة – له، وتحريم بقائها، وبقاء أولادها تحت سلطانه؛ لأن المرأة المسلمة لا يصح أن تكون زوجة لكافر بالإجماع.
    2- وجوب محاكمته أمام القضاء؛ لتنفيذ حد الردة عليه – وهو القتل – لأنه كفر بعد إسلامه، وذلك بعد استتابته وإقامة الحجة، وإزالة الشبه.
    3- أنه إذا مات على ردته وكفره؛ لا تجري عليه أحكام المسلمين؛ فلا يغسل، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يورث، كما أنه لا يرث إذا مات له موروث قبله.
    4- أنه إذا مات على الكفر؛ وجبت عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، والخلود الأبدي في النار – والعياذ بالله – ولا يدعى له بالرحمة، ولا يستغفر له.

    س6)- ما هي موانع التكفير؟
    التكفير عند أهل السنة والجماعة له موانع يمنع من تنزيل الحكم على الشخص بعينه؛ إلا بعد توفر الشروط، وانتفاء الموانع التي تمنع تكفير المعين، ومن هذه الموانع وأهمها:
    الجهل : إن من شروط الإيمان - عند أهل السنة والجماعة – وجود العلم والمعرفة عند الشخص المؤمن به؛ لذا فمن أنكر أمراً من أمور الشرع جاهلاً به، ولم يبلغه ما يوجب العلم بما جهله؛ فإنه لا يكفر؛ حتى لو وقع في مظهر من مظاهر الشرك أو الكفر.
    الخطأ : اتفق أئمة أهل السنة والجماعة؛ على أن الخطأ من موانع التكفير في المسائل العلمية والعملية، إذا كان اجتهاداً لطلب الحق ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم ، وغير مقصود لمخالفة الشرع، وقاعدتهم في ذلك قوله تعالى (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ)الأحزاب5 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه)صححه الألباني.
    الإكراه : اتفق أئمة أهل السنة والجماعة على أن الإكراه على الكفر بضوابطه الشرعية يعتبر من موانع التكفير في حق المعين ، ومن ضوابط الإكراه – عندهم – أن يقع بسبب التهديد بالضرب والقتل والتعذيب، أو قطع عضو من أعضائه، بالفعل لا بمجرد التهديد اللفظي، وقد رفع السيف فوق رأسه؛ حتى يتحقق الإكراه، وأن يغلب على ظنه أنه إذا امتنع أوقع به ذلك فوراً لا محالة؛ فحينئذ يجوز له القيام بما دفع إليه بالتهديد، باعتباره في حالة ضرورية شرعية؛ فيباح عندئذ إظهار ما يخالف الدين، ولا يأثم إن نطق بالكفر أو فعل؛ لأن في هذه الحالة ينعدم في الإنسان الرضا، ويفسد الاختيار، وتنتفي الإرادة والقصد، أما ما دون ذلك فيدفع أعظم المفسدتين بارتكاب أدناهما؛ ففي هذه الحالة لا يكفر المسلم ما دامت الموافقة باللسان دون القلب، وقلبه مطمئن بالإيمان، وموقن بحقيقته، وذلك لظاهر قوله تعالى:
    (مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)النحل106.
    التأويل: هو التلبس والوقوع في الكفر متأولاً من غير قصد لذلك.
    البلوغ : فلا يحكم على صبي قال كفرًا أو فعل كفرًا.

    س7)- هل هناك فرق بين التكفير المطلق وتكفير المعين؟
    من أصول أهل السنة والجماعة التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين؛ لأنه من الممكن أن يقول المسلم قولاً أو يفعل فعلاً؛ قد دل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أنه كفر وردة عن الإسلام، ولكن لا تلازم عندهم بين القول بأن هذا كفر، وبين تكفير الشخص بعينه؛ فليس كل من فعل مكفراً يحكم بكفره بإطلاق؛ فقد يكون القول أو الفعل كفراً؛ لكن لا يطلق الكفر على القائل، أو الفاعل إلا بشرطه؛ لأنه لابد أن تثبت في حقه شروط التكفير وتنتفي موانعه، فالمرء قد يكون حديث عهد بالإسلام، وقد يكون جاهلاً جهلاً يعذر بمثله؛ فإذا بين له رجع، وقد ينكر شيئاً متأولاً أخطأ بتأويله، وغير ذلك من الموانع التي تمنع من التكفير.
    فأهل السنة والجماعة: يطلقون القول في التكفير، فيقولون: من قال كذا، أو فعل كذا؛ فهو كافر، وعندما يتعلق الأمر بالشخص المعين الذي قاله أو فعله، لا يحكمون على كفره إطلاقاً؛ حتى تجتمع فيه الشروط، وتنتفي عنه الموانع، فعندئذ تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها، وهذه قاعدة عظيمة يتميزون بها عن غيرهم؛ لأن التكفير ليس حقاً لأحد، يحكم به على من يشاء على وفق هواه؛ بل التكفير حكم شرعي، فيجب الرجوع في ذلك إلى ضوابط الشرع؛ فمن كفره الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وقامت عليه الحجة؛ فهو الكافر.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى (فقد يكون الفعل أو المقالة كفراً، ويطلق القول بتكفير من قال ذلك؛ فهو كافر. لكن الشخص المعين الذي قال ذلك القول أو فعل ذلك الفعل لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها. وهذا الأمر مطرد في نصوص الوعيد عند أهل السنة والجماعة؛ فلا يشهد على معين من أهل القبلة بأنه من أهل النار؛ لجواز أن لا يلحقه، لفوات شرط أو لثبوت مانع).

    س8)- ما يمحو الكفر بعد ثبوته على المعين؟
    أجمع أهل السنة والجماعة؛ على أن الكفر إذا ثبت ووقع في حق المعين؛ لم يمحه شيء إلا التوبة الصادقة وبشروطها المعروفة؛ لأن التوبة تمحو جميع الخطايا والسيئات.
    والتوبة هي المانع الوحيد الذي يمنع إطلاق اسم الكفر على المعين بعد رجوعه عن الكفر الذي وقع فيه؛ بخلاف الموانع السابقة؛ التي تمنع إلحاق الكفر به ابتداء؛ حتى يزول المانع. قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)الزمر53 ، وقال: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)المائدة73- 74.




    الدرس الثامن النفاق وأنواعه


    باب في تعريف النفاق

    س1) عرف النفاق لغة و شرعا؟
    النفاق لغة‏:‏ مصدر نافق، يُقال‏:‏ نافق يُنافق نفاقًا ومنافقة، وهو مأخوذ من النافقاء‏:‏ أحد مخارج اليربوع من جحره؛ فإنه إذا طلب من مخرج هرب إلى الآخر، وخرج منه، وقيل‏:‏ هو من النفق وهو‏:‏ السِّرُ الذي يستو أما النفاق في الشرع فمعناه‏:‏ إظهارُ الإسلام والخير، وإبطانُ الكفر والشر؛ سمي بذلك لأنه يدخل في الشرع من باب، ويخرج منه من باب آخر، وعلى ذلك نبه الله تعالى بقوله‏ ‏(‏إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‏)التوبة67 ,أي‏:‏ الخارجون من الشرع.‏


    باب في أن المنافقين شرًّا من الكافرين

    س2) المنافقين شرّ من الكافرين أذكر الدليل؟
    الله سبحانه وتعالى جعل المنافقين شراً من الكافرين فقال عز وجل (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)النساء145 , وقال تعالى (يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضًا وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)‏البقرة9،10.


    باب في أنواع النفاق

    س3) ما هي أنواع النفاق؟
    النفاق نوعان : النفاقُ الإعتقادي , و النفاق العملي , وسوف نتعرف على كل نوع في الأبواب القادمة.


    باب في النفاق الاعتقادي وأنوعه

    س4) عرف النفاق الاعتقادي و أذكر أنوعه؟
    النفاق الاعتقادي‏ :‏ هو النفاق الأكبر الذي يُظهر صاحبه الإسلام، ويُبطن الكفر، وهذا النوع مخرج من الدين بالكلية، وصاحبه في الدرك الأسفل من النار، وقد وصَفَ الله أهله بصفات الشر كلها‏:‏ من الكفر وعدم الإيمان، والاستهزاء بالدين وأهله، والسخرية منهم، وهؤلاء مَوجودون في كل زمان، ولا سيما عندما تظهر قوة الإسلام ولا يستطيعون مقاومته في الظاهر، وهذا النفاق ستة أنواع 1 ـ تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم , 2 ـ تكذيب بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسل , 3 ـ بُغضُ الرسول صلى الله عليه وسلم , 4 ـ بغضُ بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم , 5 ـ المسرَّة بانخفاض دين الرسول صلى الله عليه وسلم , 6 ـالكراهية لانتصار دين الرسول صلى الله عليه وسلم.


    باب في النفاق العملي وأنوعه

    س5) ما هو النفاق العملي و ما هي و أنوعه؟
    النفاق العملي‏ وهو عمل شيء من أعمال المنافقين؛ مع بقاء الإيمان في القلب، وهذا لا يُخرج من الملة، لكنه وسيلة إلى ذلك، وصاحبه يكونُ فيه إيمان ونفاق، وإذا كثر؛ صارَ بسببه منافقًا خالصًا، والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم‏ ‏(‏أربع من كُنَّ فيه كانَ منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها؛ إذا أؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر‏)‏‏متفق عليه , فمن اجتمعت فيه هذه الخصال الأربع، فقد اجتمع فيه الشر، وخلصت فيه نعوت المنافقين، ومَن كانت فيه واحدة منها صار فيه خصلة من النفاق ، فإنه قد يجتمع في العبد خصال خير، وخصال شر، وخصال إيمان، وخصال كفر ونفاق، ويستحق من الثواب والعقاب بحسب ما قام به من موجبات ذلك.



    الدرس التاسع الطاغوت وأنواعه


    باب في تعريف الطاغوت

    س1) عرف الطاغوت؟
    الطاغوت هو كل ما تجاوز به العبد حده من معبود ، أو متبوع ، أو مطاع.


    باب في أنواع الطواغيت

    س2) ما هي أنواع الطواغيت؟
    الطواغيت كثيرة ورؤسهم خمسة , أولها إبليس هو الشيطان الرجيم اللعين وكان إبليس مع الملائكة صحبتهم يعمل بعملهم ، ولما أمر بالسجود لآدم ظهر ما فيه من الخبث والإباء والإستكبار فأبى وأستكبر وكان من الكافرين فطرد من رحمة الله , فقال الله له (وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين)ص78 ,وثانيها من عبد وهو راض أي عبد من دون الله وهو راض أن يعبد من دون الله فإنه من رؤوس الطواغيت والعياذ بالله وسواء عبد في حياته أو بعد مماته إذا مات وهو راض بذلك , ثالثها من دعا الناس إلى عبادة نفسه أي من دعا الناس إلى عبادة نفسه وإن لم يعبدوه فإنه من رؤوس الطواغيت سواء أجيب لما دعا إليه أم لم يجيب , ورابعها من أدعى شيئاً من علم الغيب ، و الغيب ما غاب عن الإنسان وهو نوعان :
    واقع ، ومستقبل , فغيب الواقع نسبي يكون لشخص معلوماً ولآخر مجهولاً ، وغيب المستقبل حقيقي لا يكون معلوماً لأحد إلا الله وحده أو من أطلعه عليه من الرسل فمن أدعى علمه فهو كافر لأنه مكذب لله عز وجل ولرسوله ، قال الله تعالى (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون)النمل65 , وخامسها من حكم بغير ما أنزل الله , فالحكم بما أنزل الله تعالى من توحيد الربوبية ؛ لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته، وكمال ملكه وتصرفه ، ولهذا سمى الله تعالى المتبوعين في غير ما أنزل الله تعالى أربابا لمتبعيهم فقال سبحانه (إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون)التوبة31 ، فسمى الله تعالى المتبوعين أربابا حيث جعلوا مشرعين مع الله تعالى، وسمى المتبعين عباداً حيث إنهم ذلوا لهم وأطاعوهم في مخالفة حكم الله سبحانه وتعالى.



    الدرس العاشر الردة وأنواعها


    باب في تعريف الردة

    س1) عرف الردة لغة و شرعا؟
    الردة لغة‏:‏ الرجوع، قال تعالى‏‏ (‏وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ‏)المائدة21 , أي‏:‏ لا ترجعوا، والردة في الاصطلاح الشرعي هي‏:‏ الكفرُ بعد الإسلام، قال تعالى‏:‏ ‏(‏وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فيها خَالِدُونَ‏)‏‏البقرة21‏.


    باب في أنواع الردة

    س2) ما هي أنواع الردة؟
    الردة تحصل بارتكاب ناقضٍ من نواقضِ الإسلام، ونواقضُ الإسلام كثيرة ترجع إلى أربعة أقسام، هي‏:‏1-الردة بالقول‏:‏ كسبِّ الله تعالى، أو رسوله صلى الله عليه وسلم، أو ملائكته، أو أحد من رسله‏.‏ أو ادّعاء علم الغيب، أو ادّعاء النبوة، أو تصديق من يدعيها‏.‏ أو دعاء غير الله، أو الاستعانة به فيما لا يقدر عليه إلا الله، والاستعاذة به فيما لا يقدر عليه إلا الله 2- الردة بالفعل‏:‏ كالسجود للصنم والشجر، والحجر والقبور، والذبح لها‏.‏ وإلقاء المصحف في المواطن القذرة، وعمل السحر، وتعلمه وتعليمه، والحكم بغير ما أنزل الله معتقدًا حله . 3- الردة بالاعتقاد، كاعتقاد الشريك لله، أو أن الزنا والخمر والربا حلال، أو أن الخبز حرام، وأن الصلاة غير واجبة، ونحو ذلك مما أُجمع على حله، أو حرمته أو وجوبه، إجماعًا قطعيًّا، ومثله لا يجهله‏ . ‏4 - الردة بالشك في شيء مما سبق، كمن شكَّ في تحريم الشرك، أو تحريم الزنا والخمر، أو في حل الخبز، أو شك في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم أو رسالة غيره من الأنبياء، أو في صدقه، أو في دين الإسلام، أو في صلاحيته لهذا الزمان‏.‏5- الردة بالترك، كمن ترك الصلاة متعمدًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏ ‏(‏بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة‏)‏‏مسلم‏ , وغيره من الأدلة على كفر تارك الصلاة‏.‏




    الدرس الحادي عشر الفسق


    باب ما جاء في الفسق

    س1) عرف الفسق لغة و شرعا؟
    الفسق لغة هو الخروج . الفسق شرعًا الخروج عن طاعة الله ، وهو يشمل الخروج الكلي ، فيقالُ للكافر فاسق ، والخروج الجزئي ؛ فيقال للمؤمن المرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب فاسق , ومن التعريف يتضح أن الفسق فسقان فسق ينقل عن الملة ، وهو الكفر ، فيسمى الكافر فاسقًا ، فقد ذكر الله إبليس فقال (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)الكهف50 , وكان ذلك الفسق منه كُفرًا , وقال الله تعالى (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ) , يريد الكفار، دلَّ على ذلك قوله (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ)السجدة20 , ويُسمَّى مرتكب الكبيرة من المسلمين‏:‏ فاسقًا، ولم يُخرجهُ فسقُهُ من الإسلام، قال الله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)النور4‏ , وقال تعالى (فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ)البقرة196 , وقال العلماء في تفسير الفسوق هنا‏:‏ هو المعاصي‏‏.‏



    الدرس الثاني عشر الضلال


    باب ما جاء في الضلال

    س1) ما هي الضلالة و ما أنواعها؟
    الضلال‏:‏ العدول عن الطريق المستقيم، وهو ضد الهداية، قال تعالى (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا)الإسراء15 , والضلالُ يطلق على عدة معان : فتارةً يُطلقُ على الكفر، قال تعالى (وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلًا بَعِيدًا‏)النساء136 , وتارة يُطلقُ على الشرك، قال تعالى (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلًا بَعِيدًا)النساء116 , وتارة يُطلقُ على المخالفة التي هي دون الكفر، كما يقال‏:‏ الفرق الضالة‏:‏ أي المخالفة‏ , وتارة يُطلق على الخطأ، ومنه قولُ موسى عليه السلام (فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ)الشعراء20 , وتارةً يُطلقُ على النسيان، ومنه قوله تعالى (أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى)البقرة282 , ويُطلقُ الضلالُ على الضياع والغيبة، ومنه‏:‏ ضالة الإبل.



    الدرس الثالث عشر السحر وأنواعه


    باب ما جاء في السحر وأنواعه

    س1) عرف السحر و اذكر أنواعه؟
    السحر لغة ما خفي ولطف سببه، ومنه سمي السَّحَر لآخر الليل، لأن الأفعال التي تقع فيه تكون خفية، وكذلك سمي السحور، لما يؤكل في آخر الليل، لأنه يكون خفياً، فكل شيء خفي سببه يسمى سحراً, وأما في الشرع، فإنه ينقسم إلى قسمين : الأول: عقد ورقي، أي: قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد به ضرر المسحور، لكن قد قال الله تعالى (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله)البقرة 102 , الثاني: أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور وعقله وإرادته وميله، فتجده ينصرف ويميل، وهو ما يسمى عندهم بالصرف والعطف , فيجعلون الإنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى، حتى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء، والصرف بالعكس من ذلك فيؤثر في بدن المسحور بإضعافه شيئاً فشيئاً حتى يهلك , وفي تصوره بأن يتخيل الأشياء على خلاف ما هي عليه , وفي عقله، فربما يصل إلى الجنون والعياذ بالله , فالنوع الأول شرك ، وهو الذي يكون بواسطة الشياطين ، يعبدهم ويتقرب إليهم ليسلطهم على المسحور , و الثاني عدوان ، وفسق وهو الذي يكون بواسطة الأدوية والعقاقير ونحوها.



    الدرس الرابع عشر الكهان والعراف


    باب ما جاء في الكهان والعراف

    س1) ما هي الكهانة و ما العرافة و ما حكم كل منهما في الدين؟
    الكهان جمع كاهن ، والكهنة أيضاً جمع كاهن ، وهم قوم يكونون في أحياء العرب يتحاكم الناس إليهم، وتتصل بهم الشياطين، وتخبرهم عما كان في السماء، تسترق السمع من السماء ، وتخبر الكاهن به ، ثم الكاهن يضيف إلى هذا الخبر ما يضيف من الأخبار الكاذبة ، ويخبر الناس ، فإذا وقع مما أخبر به شيء ، اعتقده الناس عالماً بالغيب ، فصاروا يتحاكمون إليهم , قال تعالى (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ‏)الشعراء221،223 , والكهانة لا تخلو من الشرك؛ لأنها تَقَرُّبٌ إلى الشياطين بما يحبون؛ فهي شرك في الربوبية من حيث ادعاء مشاركة الله في علمه، وشرك في الألوهية من حيث التقرب إلى غير الله بشيء من العبادة‏ , قال صلى الله عليه وسلم ‏(‏من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)صححه الألباني , أما العراف فهي صيغة مبالغة من العارف ، أو نسبة ، أي من ينتسب إلى العرافة والعراف قيل هو الكاهن وهو الذي يخبر عن المستقبل وقيل هو اسم عام للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم.



    الدرس الخامس عشر النشرة وأنواعها


    باب في تعريف النشرة

    س1) عرف النشرة لغة و شرعا؟
    النشرة لغة بضم النون فعلة من النشر، وهو التفريق ,النشرة الاصطلاح حل السحر عن المسحور.


    باب في أنواع النشرة

    س2) ما هي أنواع النشرة ؟
    النشرة نوعين : الأول حل بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان , الثاني النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة ، فهذا جائز.


    الدرس السادس عشر الرقى وأنواعها


    باب في تعريف الرقى

    س1) عرف الرقى؟
    الرقى: جمع رقية، والرقية معروفة قد كانت العرب تستعملها، وحقيقتها أنها أدعية وألفاظ تٌقال أو تتلا ثم يُنْفَثُ بها، ومنها ما له أثر عضوي في البدن، ومنها ما له أثر على الأرواح، ومنها ما هو جائز مشروع، ومنها ما هو شرك ,والنبي عليه الصلاة والسلام رَقَى ورُقِيَ؛ رقى غيره ورَقى نفسه عليه الصلاة والسلام ورُقي أيضا؛ رقاه جبريل ورقته عائشة ونحو ذلك.


    باب في أنواع الرقى

    س2) ما هي أنواع الرقى؟
    الرقى نوعان‏ : النوع الأول‏:‏ ما كان خاليًا من الشِّرك، بأن يُقرأ على المريض شيء من القرآن، أو يُعَوَّذ بأسماء الله وصفاته؛ فهذا مُباح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رَقى وأمر بالرُّقية وأجازها، فعن عوف بن مالك قال‏:‏ كنا نرقي في الجاهلية فقلنا‏:‏ يا رسول الله، ك في ذلك‏؟‏ فقال‏ ‏(‏اعرِضوا عليَّ رُقاكُم، لا بأسَ بالرقى ما لم تكن شركًا‏)مسلم‏ , النوع الثاني‏:‏ ما لم يخلُ من الشّرك‏:‏ وهي الرقى التي يُستعانُ فيها بغير الله، من دعاء غير الله والاستغاثة والاستعاذة به، كالرقى بأسماء الجن، أو بأسماء الملائكة والأنبياء والصالحين؛ فهذا دعاء لغير الله، وهُوَ شركٌ أكبر‏.‏ أو يكون بغير اللسان العربي،ا لا يُعرف معناه؛ لأنه يُخشى أن يدخلها كفر أو شرك ولا يُعلمُ عنه؛ فهذا النوع من الرقية ممنوع‏.‏


    باب في شروط جواز الرقى

    س3) ما هي الشروط لجواز الرقى؟
    الرقية تجوز بثلاثة شروط : أولها أن تكون بالقرآن أو بأسماء الله أو بصفاته , والثانية أن تكون بالكلام العربي أي بلسان عربي مفهوم؛ يُعلم معناه , والثالثة أن لا يعتقد أنها تنفع بنفسها؛ بل الله جل وعلا هو الذي ينفع بالرقى.



    الدرس السابع عشر التمائم وأنواعها


    باب في تعريف التمائم

    س1) عرف التمائم؟
    التمائم جمع تميمة ، و هي ما يعلق بأعناق الصبيان ؛ لدفع العين ، و قد يعلق على الكبار من الرجال و النساء , وسميت تميمة، لأنهم يرون أنه يتم بها دفع العين.


    باب في أنواع التمائم

    س2) ما هي أنواع التمائم؟
    التمائم نوعان ‏:‏ النوع الأول من التمائم ما كان من القرآن؛ بأن يكتب آيات من القرآن، أو من أسماء الله وصفاته، ويعلقها للاستشفاء بها؛ فهذا النوع قد اختلف فيه العلماءُ في حكم تعليقه على قولين‏: القول الأول: الجواز . القول الثاني: المنع من ذلك , والقول الصحيح عدم الجواز وذلك لما يأتي : قوله صلى الله عليه وسلم (إن الرقى و التمائم و التولة شرك) , وهذا النهي عام و لا مخصص له , سد الذريعة فإنها تفضي إلى تعليق ما ليس مباحًا ,و أنه إذا علق شيئًا من القرآن، فقد يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة و الاستنجاء و نحو ذلك , والنوع الثاني ما كان من غير القرآن كالخرز و العظام و الودع و الخيوط و النعال و المسامير، و أسماء الشياطين و الجن و الطلاسم، فهذا محرم قطعًا، و هو من الشرك ؛ لأنه تعلق على غير الله سبحانه وأسمائه و صفاته و آياته، و في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (من تعلق شيئًا وكل إليه).



    الدرس الثامن عشر الغلو و الإطراء


    باب ما جاء في الغلو و الإطراء

    س1) ما هو الغلو و ما الإطراء؟
    الغلو هو تجاوز الحد، يقال غلا غلوا، إذا تجاوز الحد في القدر، قال تعالى (لا تغلوا في دينكم) أي لا تتجاوزوا الحد والمراد بالغلو في حق النبي صلى الله عليه وسلم مجاوزة الحد في قدره ؛ بأن يرفع فوق مرتبة العبودية والرسالة ، و يجعل له شيء من خصائص الإلهية ، بأن يدعى ويستغاث به من دون الله ، ويحلف به , والإطراء هو مجاوزة الحد في المدح ، و الكذب فيه، و المراد بالإطراء في حقه صلى الله عليه وسلم أن يزاد في مدحه ، فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله و رسوله) أي لا تمدحوني بالباطل ، و لا تجاوزوا الحد في مدحي ، كما غلت النصارى في عيسى عليه السلام فادعوا فيه الألوهية ، و صفوني بما و صفني به ربي ، فقولوا عبد الله و رسوله.



    الدرس التاسع عشر البدعة وأنواعها


    باب في تعريف البدعة

    س1) عرف البدعة؟
    البدعة مأخوذة من البَدْع، وهو الاختراع على غير مثال سابق، ومنه قوله تعالى‏ (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)البقرة117 , أي مخترعها على غير مثال سابق، قوله تعالى (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُل)الأحقاف9 , أي‏ ما كنت أول من جاء بالرسالة من الله إلى العباد، بل تقدمني كثير من الرسل , ويقال‏:‏ ابتدع فلان بدعة، يعني‏:‏ ابتدأ طريقة لم يسبق إليها.‏


    باب في أنواع البدعة

    س2) ما هي أنواع البدعة؟
    الابتداع على قسمين : ابتداع في العادات كابتداع المخترعات الحديثة، وهذا مباح؛ لأن الأصل في العادات‏‏ الإباحة , وابتداع في الدين، وهذا مُحرَّم؛ لأن الأصل فيه التوقيف ، قال صلى الله عليه وسلم‏ ‏(‏من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد‏)‏رواه البخاري ومسلم‏، وفي رواية‏ ‏(‏من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد‏)‏مسلم‏.‏


    باب في أنواع البدعة في الدين

    س3) ما هي أنواع البدعة في الدين؟
    البدعة في الدين نوعان : النوع الأول‏:‏ بدعة قوليّة اعتقاديّة , كمقالات الجهميّة والمعتزلة والرّافضة، وسائر الفرق الضّالّة، واعتقاداتهم‏ , النوع الثاني‏:‏ بدعة في العبادات , كالتّعبّد لله بعبادة لم يشرعها، وهي أقسام : القسم الأول‏:‏ ما يكون في أصل العبادة‏:‏ بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع، كأن يحدث صلاة غير مشروعة أو صيامًا غير مشروع أصلًا، أو أعيادًا غير مشروعة كأعياد الموالد وغيرها‏ , القسم الثاني‏:‏ ما يكون من الزيادة في العبادة المشروعة، كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلًا‏ , القسم الثالث‏:‏ ما يكون في صفة أداء العبادة المشروعة؛ بأن يؤديها على صفة غير مشروعة، وذلك كأداء الأفكار المشروعة بأصوات جماعية مُطربة، وكالتشديد على النفس في العبادات إلى حد يخرج عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم , القسم الرابع‏:‏ ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة؛ لم يخصصه الشرع كتخصيص يوم النصف من شعبان وليلته بصيام وقيام، فإن أصل الصيام والقيام مشروع، ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل.



    باب في حكم البدعة في الدين بجميع أنواعها

    س4) ما حكم البدعة في الدين بجميع أنواعها؟
    كل بدعة في الدين فهي محرمة وضلالة، لقوله صلى الله عليه وسلم‏ ‏(‏وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة‏)‏رواه الترمذي , وقوله صلى الله عليه وسلم‏‏ ‏(‏من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي رواية‏‏ ‏(‏من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد‏)‏مسلم‏ , فدل الحديثان على أن كل محدث في الدين فهو بدعة، وكل بدعة ضلالة مردودة، ولكن التحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة، فمنها ما هو كفر صراح، كالطواف بالقبور تقرّبًا إلى أصحابها، وتقديم الذبائح والنذور لها، ودعاء أصحابها، والاستغاثة بهم، وكأقوال غلاة الجهمية والمعتزلة‏.‏ ومنها ما هو من وسائل الشرك، كالبناء على القبور والصلاة والدعاء لها، ومنها ما هو فسق اعتقادي كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة في أقوالهم واعتقاداتهم المخالفة للأدلة الشرعية، ومنها ما هو معصية كبدعة التبتل والصيام قائمًا في الشمس، والإخصاء بقصد قطع شهوة الجماع‏.‏





    تم البحث و الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على أشرف خلقه و آله و صحبه أجمعين

    فضل الخلاقي

    • ضيف
    تاريخ الإنضمام:
    جزاك الله كل خير
    وجعله في ميزان حسناتك
    وبارك الله فيك
    وغفر الله لك
    • :: العضويه الذهبيه ::

    توفيق القاضي

    • المستوى: 7
    تاريخ الإنضمام:
    ديسمبر 5, 2007
    عدد المشاركات:
    6,536
    عدد المعجبين:
    65
    الوظيفة:
    موضف بــ الجوالات
    مكان الإقامة:
    k_s_a
    بارك الله في وفي ميزان حسناتك موفق ياغالي

انشر هذه الصفحة