جيش الليوي العدني

قرر الإنجليز الاستغناء عن القوات البرية البريطانية نظرا لتكلفتها العالية واعتمدوا على قوات الطيران لذلك قاموا بإنشاء جيش محمية عدن (الليوي) عام 1928 من نفس العناصر التي كانت تؤلف الكتيبة اليمنية الأولى المسرَّحة عام 1925م بعد استثناء العناصر "الزيدية" والشمالية عموماً من هذه المؤسسة العسكرية الجديدة،وأوكل الى الكولونيل سي ليك ليقود جيش الليوي هذا وجرياً على السياسة البريطانية السابقة فقد تم اختيار هذا الجيش من مختلف القبائل ولفظة الليوي الانجليزية تحريف هندي لأم ليفيز بمعنى القوات المجندة)، ومنذ بدايته كان جيش الليوي جزءاً من سلاح الطيران الملكي البريطاني وكان ضباطه منتدبين من فرقة الطيران الجوية البريطانية في لندن.

وبجانب هذا الجيش المحلي البري كانت هناك فرقة مدفعية بريطانية تابعة لسلاح الجو وإدارة للبحرية تحت إمرة ضابط بحري وعلى العموم فان جيش الليوي منذ البداية كان يضم مجندين من العوالق أكثر من المناطق الأخرى، فقد عُرف عن قائد «ليك» ميله وإعجابه لمجندين من العوالق.

ومن أوائل الضباط اليمنيين فيه ثابت قاسم القطيبي وعلي الصومالي ومبارك بن عبدالله العولقي وعبد ربه بن رويس العولقي وأحمد صالح مقطري، وعندما بدأ تكوين جيش الليوي فقد كان عبارة عن كتيبة من المشاة مكونة من حوالى 200 شخص وفرقة من الهجانة مكونة من 60 جملاً و 50 من رجال الهجانة.

لقد تم إنشاء جيش الليوي كجزء من السلاح الجوي البريطاني الجديد وكبديل لفرق المشاة البريطانية والهندية التي غادرت عدن عام 1929م. وبالطبع فقد جاء جيش الليوي الجديد ليخلف بالواقع الكتيبة اليمنية الأولى المسرَّحة عام 1925م، وكانت العلاقة قوية بين هاتين الفرقتين المحليتين من حيث العناصر التي كونتهما، وكان الكولونيل «ليك» هو الذي قام بتجنيد القوتين وبالتالي فكثير من جنود وضباط الكتيبة الأولى المسرَّحة أصبحوا هم ضباط جيش الليوي عند انشائه.

ويظهر بوضوح تفضيل الإنجليز التجنيد لهذه القوة من القبائل الشرقية كالعوالق والعواذل، وهم يبررون ذلك بأنه لم يكن في الإمكان التجنيد الى القوة الأولى عام 1951م إلا من تلك المناطق وذلك بسبب أن بقية الأرياف كانت وقتذاك تحت سيطرة الأتراك، وأما بالنسبة ليافع فيقولون إن المكتتبية اليافعيين الـ(900) وصلوا عدن بعد أسابيع فقط من انتهاء عملية التجنيد وقد عكس هذا التركيب الأول نفسه على تكوين جيش الليوي أيضا، والحقيقة إن سياسة الإنجليز كانت تميل الى التجنيد من القبائل أكثر من الرعايا والمزارعين.

وتشير الوثائق البريطانية بان تكوينهم جيش الليوي بتلك الطريقة قد فتح الطريق الى صلات أوسع بين الإدارة في عدن ومجتمع جنوب الجزيرة بشكل لم تستطع سياسات الورق أن تفعله..

ان وجود تلك القوة والعلاقات الشخصية التي أوجدتها قد فتح طرقاً جديدة للمواصلات كان لها فيما بعد اعمق الأثر في المظهر العام لعلاقة عدن مع أراضي الداخل".

هدف إنشاء الليوي ومهامه

وفي عام 1931م عُين لقيادة فرقه الهجانة الضابط هاميلتون وكان يساعده في العمل الضابط اليمني أحمد صالح مقطري.

ويتبين ان الهدف الرئيسي عند الساسة البريطانيين في تكوين جيش الليوي لم يكن من اجل حراسة دار الإقامة وإنما من اجل استخدامه في المناطق الجبلية الوعرة في الريف حيث تكون الحركة أسرع بالفعل بدون أحذية خاصة عند رجال القبائل الذين تكون منهم الجيش وذلك لقمع أي انتفاضات تحدث.

وأما فرقة الهجانة فقد كانت تستخدم في الاستعراضات ولمرافقة الوالي أو بعض ضيوف الشرف، وعندما كانت تقام الحفلات الخيرية أو حفلات الزواج كانت بعض جمال الفرقة تشارك في مثل تلك الاحتفالات.

ومنذ بداية الثلاثينات بدأت الزيارات الرسمية البريطانية تكثف في المحميات لغرض إحكام سيطرتهم عليها، وكانت طوابير من جيش الليوي ترافق كبار المسؤولين البريطانيين إلى الإمارات والسلطنات لتجميع المعلومات ولتدعيم العلاقات مع الأمراء والسلاطين، وكانت تلك الرحلات تستمر عدة أشهر وتقطع فيها مئات الأميال مشياً على الأقدام.

وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية في أوروبا عام 1939م ودخلت إيطاليا الحرب عام 1940م أصبحت عدن داخلة في منطقة الصراع. خاصة وأن الإيطاليين كانوا على الساحل المقابل في أفريقيا، وبدأت عدن تتعرض للقصف الجوي الإيطالي، وفي أغسطس 1940م انسحبت السلطة البريطانية من الصومال إلى عدن، وعليه ونتيجة لهذا الوضع الجديد بدأ جيش الليوي يستعيد دوره فألحق به جناح جديد من المدفعية المضادة للطائرات ثم فتح مطار جديد في بير فضل خارج مدينة الشيخ عثمان، واصبح الليوي المسؤول عن هذه المطارات من الهجمات والغارات، وقد استطاع على سالم حصامة من جناح المضاد للطائرات في الجيش أن يسقط طائرة إيطالية فوق سماء عدن مباشرة بعد دخول إيطاليا الحرب، وفي الوقت نفسه ازدادت قوة أفراده وقام بحراسة الجزء كسقطرى وصيرة.

تسليح جيش الليوي

أما بالنسبة للزي العسكري لجيش الليوي فقد كان من الكالي مع عمامة وكوفية مدية الشكل، وبعد أن يصبح المجندون جنوداً بعد التدريب تعطى لكل منهم حوالى ثلاث بدلات من القمصان والسراويل والعمامة من الكاكي مع محتاجاته الأخرى من الصوف ثم حذاءين إحداهما محلي والثاني عسكري وبعد ذلك ترصد لكل جندي ثلاث روبيات شهرية ومنها يتم استبدال ما يحتاجه من الملابس.

وخلال هذه الفترة الأولى من تاريخ جيش الليوي كانت الأسلحة الموجودة هي البنادق (ابوخشب)، ثم ادخلت فيما بعد المصفحات بالرشاشات والمدفعية المضادة للطائرات خلال الحرب، وقد برز من الضباط خلال هذه الفترة أحمد صالح مقطري ومبارك السحم وسالم يسلم عزاني والخضر محمد العولقي وعوض عبدالله عوذلي ومحمد سهيل عولقي وعامر علي وعلي سالم حصامة ويسلم أبو بكر عولقي ومحمد أمغطيس عوذلي وأحمد محمد عزاني والهيثمي عبدالله ومحسن بن علوي عولقي ويسلم إبن رويس عولقي وسبب التحاق هذا الأخير بالليوي هو أنه استطاع هو وحوالى ثلاثمائة عولقي من فك الحصار وانقاذ الكولونيل «ليك» في منطقة الواحدي بدون مقابل كنوع من النخوة العربية.

وعلى العموم فالنسبة للسلوك العام لافراد جيش الليوي فقد كان سلوكاً وطنياً في غالب حالاته، وكان يختلف عن سلوك قوات الحرس القبلي والحرس الحكومي، لأن أهداف إنشاء تلك القوات اختلفت عن أهداف إنشاء جيش الليوي، كما كان هناك نوع من التفاهم بين جنود جيش الليوي وأصحاب الانتفاضات القبلية في الارياف

اشكرك ابو علي اسعدنا مرورك