محقرات الذنوب والامر باجتنابها

المـدخـل الثـانـي: محـقــرات الذنــوب والأمــر باجتنــابـهـا :-
قال الله تعالى{وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }الأنعام (153).
وقال تعالى{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} القصص (83).
عن أبي سعيد ألخدري رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إن الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول: ما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره، فإذا لقن الله عبداً حجته قال: يا رب رجوتك وفرقت من الناس) أخرجه ابن ماجة (جـ2 ص1332) وصححه أبو عبدالرحمن الوادعي في الجامع الصحيح(جـ5 ص132) وقال حديث صحيح. وصححه الألباني في الصحيحة (929)وقال صحيح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن فلاناً يصلي بالليل فإذا أصبح سرق قال (إنه سينهاه ما يقول) أخرجه أحمد (جـ2 ص447) وصححه أبو عبدالرحمن الوادعي في الجامع الصحيح (جـ5 ص151) وقال حديث صحيح . وصححه الألباني في المشكاة (1237/19) وقال صحيح .
وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال إن الشيطان قد أيس أن يعبد بأرضكم هذه ولكنه رضي منكم بما تحقرون) أخرجه أحمد (جـ2 ص368) وصححه أبو عبدالرحمن الوادعي في الجامع الصحيح (جـ5 ص41) وقال حديث صحيح . وصححه الألباني في الصحيحة (471) وقال صحيح.
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إن الحلال بَـيِّـن والحرام بَـيِّـن وبينهم أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حِمَى، ألا وإن حِمَى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) أخرجه البخاري (52) ومسلم (107/1599) واللفظ لمسلم .

وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال البر حُسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس) أخرجه مسلم (14/2553).
وعن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (جئت تسأل عن البر والإثم؟) قلت نعم ، فقال: (استفت قلبك، البر: ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك) أخرجه أحمد (18035) والدارمي في مسنده (2533) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1734) وقال حسن.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر ، إنـَّا كُـنَّا لنعدها على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الموبقات. وقال أبو عبدالله البخاري يعني المهلكات. أخرجه البخاري (6492) وعند أحمد (3/3) من حديث أبو سعيد ألخدري رضي الله عنه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (إن الله تعالى يغار، وغيرة الله تعالى أن يأتي المرء ما حرم الله عليه) أخرجه البخاري (5223) ومسلم (36/2761) .
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره) أخرجه البخاري (6487) ومسلم (1/2822).
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود حتى جملوا ما أنضجوا به خبزهم وإن محقرات الذنوب متى يأخذ بها صاحبها تهلكه) أخرجه أحمد (22860) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2686) وقال صحيح .
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (دع ما يريبك إلا ما لا يريبك) أخرجه الترمذي (2518) وقال حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في صحيح الجامع (3378) وقال حديث صحيح .
وقال النووي في رياض الصالحين (ص290 حديث رقم 6/593) معناه اترك ما تشك فيه وخذ ما لا تشك فيه.
ويسعدني هُـنا أن أنقل إليكم هذه النصيحة من كتاب "مناسك الحج والعمرة" للشيخ محمد ناصر الدين الألباني (جـ1 ص44) حيث قال: نصيحة أقدمها إلى القراء من إمام كبير من علماء المسلمين الأولين وهو الشيخ حسن بن علي البرمهاري من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله تعالى والمتوفى في سنة (329) قال رحمه الله تعالى: (واحذر من صغار المحدثات فإن صغار البدع تعود حتى تصير كباراًَ وكذلك كل بدعة أُحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيراً يشبه الحق فاغتر بذلك من دخل فيها ثم لم يستطيع المخرج منها فعظمت وصارت ديناً يُدان به فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن ولا تدخل في شيء منه حتى تسأل وتنظر، هل تكلم فيه أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد من العلماء؟ فإن أصبت أثراً عنهم فتمسك به ولا تجاوزه لشيء ولا تختر عليه شيء فتسقط في النار .
واعلم رحمك الله أنه لا يتم إسلام عبد حتى يكون متبعاً مصدقاً مسلماً ، فمن زعم أنه قد بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد كذبهم وكفى بهذا فرقة وطعناً عليهم فهو مبتدع ضال مضل محدث في الإسلام ما ليس فيه.
وقال الألباني : ورحم الله الإمام مالك حين قال: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ، فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً وصلى الله على نبينا القائل: (ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا وقد نهيتكم عنه) والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، انتهى كلامه رحمه الله تعالى .