جاري تحميل محرك البحث

اهلاً وسهلاً بك في مجلس الخلاقي!
لكي تتمكن من المشاركه يجب بان تكون عضو معنا تسجيل الدخول بإستخدام الفيسبوك

تـسـجـيـل الـدخـول

|| للتسجيل معنا

ترجمة أبي هريرة رضي الله عنه

موضوع في 'المجلس الاسلامي' بواسطة ابو علي, ديسمبر 2, 2007.

    • :: العضويه الذهبيه ::

    ابو علي

    • المستوى: 5
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 10, 2007
    عدد المشاركات:
    2,843
    عدد المعجبين:
    88
    الوظيفة:
    عمل حر
    مكان الإقامة:
    KSA
    ترجمة أبي هريرة رضي الله عنه

    للشيخ عثمان الخميس
    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :
    فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

    فبين يديك أخي القارئ الكريم ترجمةً للصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه ، وأصل هذه الورقات محاضرة كان قد ألقاها فضيلة شيخنا الشيخ عثمان الخميس حفظه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه ، فقمت منذ مدة بتفريغها وإعادة شيء من ترتيبها والتعليق عليها بما تيسر ، فرغب إلي عدد من الإخوة من محبي شيخنا حفظه الله ، بعد قراءتهم لشيء مما حوته هذه الورقات من فوائد أن يساعدوا بنشرها على شبكة الأنترنت ، فاستأذنت شيخنا فأذن بذلك مشكوراً فأسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعنا بعلمه وأن يجعل ذلك في موازين أعماله ، وأن يتقبل مني هذا الجهد المتواضع بفضله ومنه سبحانه .
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .



    كـتـبـه :
    مـحـمـد بن أحـمـد العـَـبـّاد

    ملاحظة : الكلام باللون الأحمر هو من إضافاتي "محمد العباد " .


    أقول بعد حمد الله تبارك وتعالى والصلاة والسلام على عبده الأمين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحابته أجمعين ، وبعد :
    فإن حديثنا في هذه الورقات سيكون عن هذا الصحابي الجليل الذي كثر حوله الجدل والطعن من الشيعة خاصة ونريد أن نقول فيه كلمة حق نعتقدها ، وسيكون حديثنا على محورين :
    المحور الأول : سيكون عبارة عن ترجمة لهذا الصحابي الجليل رضي الله عنه .
    المحور الثاني : سيكون عبارة عن طرح الشبهات التي أثيرت حول هذا الصحابي والرد عليها .
    حديثنا عن الإمام الفقيه المجتهد الحافظ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل سيد الحفاظ الأثبات ، وهو أشهر من سكن الصُّـفة واستوطنها طوال عمر النبي صلى الله عليه وسلم ، بل كان أبو هريرة رضي الله عنه على ما ذكر الأصبهاني وغيره قالوا : كان عريف أهل الصفة . كان أحد أعلام الفقراء والمساكين الذين صبروا على الفقر الشديد .

    أبو هريرة

    اسمه ونسبه :
    اشتهر أبو هريرة رضي الله عنه بكنيته حتى لم يعرف اسمه على وجه الدقة ، حيث اختلف أهل العلم في اسمه ، وسبب ذلك أن كنيته غلبت على اسمه كثيراً ، والذي يهمنا هو شخص ذلك الرجل رضي الله عنه وأرضاه .
    والأشهر في اسمه أنه : عبد الرحمن ، وقيل : عبد الله ، وقيل كان اسمه عبد شمس فغيره النبي صلى الله عليه وسلم إلى عبد الرحمن .

    وهو من قبيلة عربية معروفة ، فهو دوسي ، ودوس بطن من الأزد .

    لماذا سمي بأبي هريرة

    قال رضي الله عنه : ( كنت أرعى غنما لأهلي، فكانت لي هريرة ألعب بها، فكنوني بها ) .

    إسلامه وهجرته إلى المدينة :

    لا يُعلم تحديداً في أي سنة متى أسلم أبو هريرة ، لكن يُعلم أن الطفيل بن عمرو جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة وكان من دوس ، فأسلم وتابع النبيَّ صلى الله عليه وسلم ورجع إلى بلاده .

    والمشهور والمعروف من حياة أبي هريرة هو ما كان بعد هجرته ، وأما قبل هجرته هل كان أسلم في دوس ثم هاجر ؟ أو جاء مهاجراً مسلماً ؟ فالذي يبدو - والعلم عند الله – أنه أسلم قديماً على يد الطفيل رضي الله عنه وتابعه ، ثم هاجر في السنة السابعة من الهجرة .
    واختلف الرواة والنقلة هل شارك أبو هريرة في خيبر؟ أو جاء بعد خيبر ؟ أو جاء والنبي صلى الله عليه وسلم في خيبر ؟ على ثلاث روايات :
    1 – أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم في خيبر .
    2 – أنه جاء قبل خيبر وشارك فيها .
    3 – أنه جاء بعد فتح خيبر .

    فخيبر وقعت في أول السنة السابعة والصحيح أنه حضر خيبر : وأبو هريرة أسلم في ذلك الوقت ، فيكون أدرك مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنوات بالتمام ، بل وزيادة شهرين .
    وشارك بعد هجرته في جميع الغزوات وكان ممن اعتزل الفتنة التي وقعت بين الصحابة رضي الله عنهم إلى أن توفي رضي الله عنه وأرضاه .

    وقيل : إنه قد قدم أبو هريرة بعد أن تخطى الثلاثين من عمره ، قال العلامة المعلمي اليماني رحمه الله : ( وكذا زعم الواقدي عن كثير بن زيد عن الوليد بن أبي رباح عن أبي هريرة، والواقدي متروك ، وكثير ضعيف ، وقد قال الواقدي نفسه: إن أبا هريرة مات سنة 59 وعمره 78، ومقتضى هذا أن يكون عمره عند قدومه سنة سبع نحو ست وعشرين سنة، وهذا أشبه والله أعلم ) . اهـ



    فقره رضى الله عنه و رقة حاله

    وقال واصفاً فقره : ( والله الذي لا اله إلا هو، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه ، فمر أبو بكر فسألته عن آية في كتاب الله ، ما سألته إلا ليشبعني فمر ولم يفعل ثم مر بي عمر فسألته عن آية في كتاب الله ، ما سألته إلا ليشبعني فمر ولم يفعل ، ثم مر بي أبو القاسم صلى الله عليه و سلم فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثم قال: يا أبا هر. قلت: لبيك يا رسول الله قال: اِلْحَقْ، ومضى فتبعته فدخل فاستأذن فأذن له، فوجد لبناً في قدح فقال: من أين هذا اللبن؟ قالوا: أهداه لك فلان- أو فلانة قال: يا أبا هر. قلت: لبيك يا رسول الله. قال: الحق إلي أهل الصفة فادعهم لي .
    قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأؤون على أهلٍ ولا مالٍ ولا على أحدٍ، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئاً، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها و أشركهم فيها ، فساءني إرساله إياي . فقلت : وما هذا اللبن في أهل الصفة كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه و سلم بد ، فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت، قال: يا أبا هر قلت: لبيك يا رسول الله قال: خذ فأعطهم، فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد على القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد على القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد على القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد على القدح حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه و سلم وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده، فنظر إلي فتبسم فقال: يا أبا هر قلت: لبيك يا رسول الله قال: بقيت أنا وأنت قلت: صدقت يا رسول الله
    قال: اقعد فاشرب فقعدت فشربت فقال: اشرب فشربت، فما زال يقول: اشرب، حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق، ما أجد له مسلكاً، قال: فأرني ، فأعطيته القدح ، فحمد الله وسمى وشرب الفضلة )

    ولا نريد أن نقف كثيراً ، إذ لو وقفنا عند معانيه والفوائد التي فيه لطال بنا المقام ولكن يكفينا منه ذلك الشاهد : وهو فقر أبي هريرة ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم له ولأصحاب الصفة إذا جاءه طعام صلى الله عليه وسلم.

    حب المؤمنين لأبى هريرة
    أبو هريرة رضي الله عنه يحبه كل مسلم ومؤمن فمن وجد غير ذلك في قلبه فهذا معناه أن هناك نقص عظيم في إيمان هذا الإنسان :
    فعن يزيد بن عبد الرحمن قال : حدثني أبو هريرة، قال: والله، ما خلق الله مؤمنا يسمع بي إلا أحبني.
    قلت: وما علمك بذلك ؟ قال: إن أمي كانت مشركة، وكنت أدعوها إلى الاسلام، وكانت تأبى علي، فدعوتها يوما ; فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره.
    فأتيت رسول الله، وأنا أبكي، فأخبرته، وسألته أن يدعو لها.
    فقال : (( اللهم اهد أم أبي هريرة )).
    فخرجت أعدو أبشرها، فأتيت، فإذا الباب مجاف، وسمعت خضخضة الماء، وسمعت حسي، فقالت: كما أنت، ثم فتحت، وقد لبست درعها، وعجلت من خمارها، فقالت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله.
    قال: فرجعت إلى رسول الله، أبكي من الفرح كما بكيت من الحزن ;
    فأخبرته، وقلت: ادع الله أن يحببني وأمي إلى عباده المؤمنين.
    فقال: (( اللهم، حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحببهم إليهما ))



    يتبع

    [IMG]
    • :: العضويه الذهبيه ::

    ابو علي

    • المستوى: 5
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 10, 2007
    عدد المشاركات:
    2,843
    عدد المعجبين:
    88
    الوظيفة:
    عمل حر
    مكان الإقامة:
    KSA
    حفظ أبي هريرة رضي الله عنه وإكثاره في رواية الحديث :

    - كان أبو هريرة رضي الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكثر من الحديث ، حتى بلغه أن الناس يقولون ذلك فقال : إنكم تقولون : إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ! وتقولون : ما للمهاجرين والانصار لا يحدثون مثله ! وإن إخواني المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالاسواق ، وكان إخواني من الانصار يشغلهم عمل أموالهم ; وكنت امرا مسكينا من مساكين الصفة ، ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني ، فأحضر حين يغيبون ، وأعي حين ينسون ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث يحدثه يوما: (( إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي جميع مقالتي، ثم يجمع إليه ثوبه، إلا وعى ما أقول )) ، فبسطت نمرة علي، حتى إذا قضى مقالته، جمعتها إلى صدري ، فما نسيت من مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك من شيء .

    - وعن محمد بن قيس ابن مخرمة : أن رجلا أتى زيد بن ثابت، فسأله عن شئ، فقال: عليك بأبي هريرة ; فإني بينما أنا وهو وفلان في المسجد، خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن ندعو، ونذكر ربنا.
    فجلس إلينا، فسكتنا.
    فقال: (( عودوا للذي كنتم فيه )) .
    فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة.
    فجعل رسول الله يؤمن.
    ثم دعا أبو هريرة، فقال: اللهم، إني أسألك ما سألك صاحباي هذان ، وأسألك علما لا ينسى فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( آمين )) .
    فقلنا: يا رسول الله، ونحن نسأل الله علما لا ينسى ! قال: (( سبقكما الغلام الدوسي )) .


    - عن أبي هريرة : أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال : ( ألا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني أصحابك ؟ ) .
    قلت : أسألك أن تُعَلِّمني مما علمك الله .
    فَنَزَعَ نَمِرَةً كانت على ظهري، فَبَسَطَها بيني وبينه ، حَتَّى كأني أنظر إلى النمل يَدُبُّ عليها ، فحَدَّثَني حَتَّى إذا اسْتَوْعَبتُ حديثه ، قال : (اجمعها ، فَصُرَّها إليك ) ، فأَصبحتُ لا أُسْقِط حرفاً مِمَّا حَدَّثَني .

    - وعن أَبِي هُرَيْرَةَ:
    قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ؟
    قَالَ: (لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ لاَ يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيْثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيْثِ، إِنَّ أَسْعَدَ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، خَالِصاً مِنْ نَفْسِهِ) .


    - وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
    حَفِظْتُ مِن رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وِعَاءيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ في النَّاس ، وأَمَّا الآخر فلو بثثته ، لقطع هذا البلعوم .

    - وقال : لا أعرف أَحداً مِن أَصحاب رسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أَحفظَ لحديثه مِنِّي .


    عبادته و ورعه :
    أبو هريرة رضي الله عنه اشتهر بالعبادة :
    - فعَنْ أَبِي عُثْمَان النهدي قال : ( تَضَيَّفْتُ أَبا هريرةَ سَبْعًا فكان هو وامرأَته وخادمه يَعْتَقِبُون الليل أَثلاثاً
    يُصَلِّي هذا ثم يوقظ هذا ) .
    فكل واحد له ثلث من الليل فيقوم أبو هريرة ثلث الليل الأول وامرأته الثاني والخادم الثالث ، فذكر الله تبارك الله وتعالى لا ينقطع في بيت أبي هريرة رضي الله عنه .

    - وكان يأتي السوق ، ثم يأتي أهله فيقول : هل عندكم شيء ؟ فإن قالوا : لا . قال : إني صائم .
    وهذا اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم .

    - وكان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وكان أحيانا يصوم معها الاثنين والخميس .
    وقال أبو عثمان النهدي : تضيفت أبا هريرة سبع ليال ، فقلت له : كيف تصوم ؟ أو كيف صيامك يا أبا هريرة ؟
    قال : أما أنا فأصوم أول الشهر ثلاثا ، فإن حدث لي حدث كان لي أجر شهري .
    وعن شرحبيل : أن أبا هريرة كان يصوم الاثنين والخميس .
    وجاء أن أبا هريرة رضي الله عنه كان في سفر، فلما نزلوا أرسلوا إليه وهو يصلي، فقال : إني صائم، فلما وضعوا الطعام وكاد أن يفرغوا جاء ، فقالوا: هلم فكل، فأكل، فنظر القوم إلى الرسول، فقال: ما تنظرون ؟! فقال: والله لقد قال: إني صائم.
    فقال أبو هريرة: صدق ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله ))
    فقد صمت ثلاثة أيام من أول الشهر، فأنا مفطر في تخفيف الله ، صائم في تضعيف الله .

    قلت : وقد جاء مثل ذلك عن أبي ذر رضي الله عنه ، فعن عبدالله بن شقيق : أن أبا ذر رضي الله عنه دعوه إلى طعام، فقال: إني صائم .
    فرئي من آخر النهار يأكل، فقيل له، فقال: إني أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، فذلك صيام الدهر .

    - وقال كذلك رضي الله عنه : ( إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة وذلك على قدر ديتي ) .

    - وقد ثبت عن أبي المتوكل الناجي وهو ثقة (( أن أبا هريرة رضي الله عنه كانت له أمة زنجية قد غَمَّتْهُم بعملها ، فرفع عليها السوط يوماً ثم قال: لولا القصاص يوم القيامة لأغشيتك به، ولكني سأبيعك ممن يوفيني ثمنك أحوج ما أكون إليه ( يعني الله عزوجل ) اذهبي فأنت حرة لله عزوجل )) انظر: البداية 8 / 112.

    زمن الخلفاء الراشدين والولايات التي تولاها أبو هريرة رضي الله عنه :

    في زمن عمر رضي الله عنه استعمل عمر أبا هريرة رضي الله عنهما على البحرين، فقدم بعشرة آلاف.
    فقال له عمر : من أين هي لك ؟ قلت: خيل نتجت، وغلة رقيق لي، وأعطية تتابعت.
    فنظروا، فوجدوه كما قال: فلما كان بعد ذلك، دعاه عمر ليوليه، فأبى.
    فقال: تكره العمل وقد طلب العمل من كان خيرا منك: يوسف عليه السلام ! فقال: يوسف نبي ابن نبي ابن نبي وأنا أبو هريرة بن أميمة.
    وأخشى ثلاثا واثنتين.
    قال: فهلا قلت: خمسا ؟ قال: أخشى أن أقول بغير حلم، وأقضي بغير حلم، وأن يضرب ظهري، وينتزع مالي، ويشتم عرضي .

    وورد في فتوح البلدان ص 92-93 عن أبي محنف والهيثم - وليس ذلك بحجة - ولكنه يستأنس به حيث لا مخالف له : إن عمر لما ولى قدامة بن مظعون إمارة البحرين بعث معه أبا هريرة على القضاء والصلاة، ثم ولاه الإمارة أيضاً، فترك عمر تولية قدامة القضاء والصلاة مع أنه من السابقين وأهل بدر، وتوليته ذلك أبا هريرة شهادة بأن أبا هريرة رضي الله عنه من علماء الصحابة ، وأنه أعلم من بعض السابقين البدريين .

    وكان ممن شارك في الدفع عن عثمان رضي الله عنه يوم الدار يدافع وينافح عنه ، حتى أمر عثمان رضي الله عنه من عنده بالخروج .
    وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه متقلداً سيفه ، لكن عثمان لم يأذن له قائلاً : يا أبا هريرة أيسرك أن تقتل الناس جميعاً و إياي ؟ قال : لا ، قال : فإنك والله إن قاتلت رجلاً واحداً فكأنما قُتل الناس جميعاً . قال أبو هريرة : فرجعت و لم أقاتل .
    و قال أبو هريرة رضي الله عنه للذين حاصروا عثمان رضي الله عنه يوم الدار : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنكم تلقون بعدي فتنة و اختلافاً ، أو قال : اختلافاً و فتنة ، فقال له قائل من الناس : فمن لنا يا رسول الله ؟ فقال : عليكم بالأمين و أصحابه ، و هو يشير إلى عثمان بذلك .

    وتولى ولاية المدينة في زمن معاوية رضي الله عنهما :
    لقد كانت إمارة أبي هريرة رحمة بأهل المدينة يستريحون إليها من عبية بعض أمراء بني أمية وعنجهيتهم، وكانت إحياءً للسنة، فإن الأمير كان هو الذي يؤم الناس ، فكان الأمراء يغفلون أشياء من السنة كالتكبير في الصلاة وسجود التلاوة وقراءة السور التي كان يقرؤها النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك، فكان أبو هريرة إذا ولى كان هو الذي يؤم بالناس، فيحيي ما أهمله الأمراء من السنن .

    وكان يدخل السوق وهو يحمل على ظهره حزمة من الحطب وهو يومئذ أمير على المدينة : أوسعوا للأمير . ويضحك رضي الله عنه وأرضاه .

    وإنما كان رضي الله عنه يعتمد هذا التبذل والمزاح حين يكون أميراً تهاوناً بالإمارة ومناقضة لما كان يتسم به بعض الأمراء من الكبر والتعالي على الناس .

    وكان أبو هريرة رضي الله عنه ممن اعتزل الفتنة التي وقعت بين الصحابة رضي الله عنهم إلى أن توفي رضي الله عنه وأرضاه فلم يحضر معركة الجمل ولا صفين ، وهذا الذي وقع من أكثر الصحابة رضي الله عنهم حيث اعتزل جُلُّهم الفتنة : كسعد بن أبي وقاص ، وعمران بن حصين ، وابن عمر ، وكعب بن عجرة ، ومحمد بن مسلمة ، وأسامة بن زيد ، وأبو بكرة الثقفي ، وأهبان بن صيفي ، وكثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن اعتزل الفتنة .







    صفاته الخَلقية وهيئته :
    مما ذُكر في ذلك ما جاء عن عبد الله بن عثمان بن خثيم حيث قال عن عبد الرحمن بن لبينة الطائفي أنه وصف لي أبا هريرة فقال كان رجلا آدم بعيد المنكبين أفرق الثنيتين ذا ضفيرتين وقال قرة بن خالد قلت لابن سيرين أكان أبو هريرة مخشوشنا قال بل كان لينا وكان أبيض لحيته حمراء يخضب .

    عن عمار بن أبي عمار قال : رأيت زيد بن ثابت وابن عباس، وأبا هريرة، وأبا قتادة يلبسون مطارف الخز.

    وقال ابن أبي ذئب ، عن عثمان بن عبد الله قال : رأيت أبا هريرة ، وأبا أسيد ، وأبا قتادة ، وابن عمر ، يمرون بنا ، ونحن في الكتاب ، فنجد منهم ريح العبير . وهو الخلوق يصفرون به لحاهم .

    من مواعظه وحكمه :
    عن أنس، عن أبي هريرة، قال: ألا أدلكم على غنيمة باردة ؟ قالوا: ماذا يا أبا هريرة ؟ قال: الصوم في الشتاء .

    ونزل على قوم فلم يضيفوه ، فتنحى عنهم ثم صنع طعاماً ثم دعاهم ، فلم يجيبوه ، فقال لهم : لا تُنزِلون الضيف ولا تجيبون الدعوة ، ما أنتم على الإسلام في شيء .
    فعرفه رجل منهم فقال : أنت أبو هريرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ! انزل عندي عافاك الله .
    فغضب أبو هريرة رضي الله عنه وقال : هذا شر وشر لا تُنْزِلون إلا من تعرفون .

    وبنى مروان ابن الحكم داراً فقال للبناء : انظر ماذا يقول أبو هريرة واكتبه .
    فمر أبو هريرة على الدار فقيل له : قل شيئاً .
    فقال رضي الله عنه : تبنون مالا تسكنون ، وتجمعون ما لا تأكلون ، وتأملون ما لا تبلغون .

    وقال : لا تغبطن فاجرا بنعمته ؛ فإن من ورائه طالباً حثيثاً { كلما خبت زدناهم سعيرا } .

    وقال : باب من العلم أحب إلي من ألف ركعة تطوعاً .

    وقال له رجل : إني أريد أن أتعلم العلم ، ولكني أخاف أن أضيعه ؛ فإنك أشد لن تجد له إضاعة أشد من تركه .

    وكان يقول : اللهم إني أعوذ بك أن أزني ، أو أعمل بكبيرة في الإسلام .
    فقيل له : كيف تدعو بذلك ! وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن على خير ؟!
    فقال رضي الله عنه : ويحكم ، وما يُؤَمِّنني وإبليس حي ؟!

    قلت : وهذا قريب من قول أبي الدرداء رضي الله عنه : اللهم إني أعوذ بك من الشك والشرك والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق .
    فقال له رجل : أتخشى من النفاق وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه سلم ؟!
    فقال : نعم ، والله إني أخشى على نفسي من النفاق إليك عني لا تغرني .


    يتبع

    [IMG]
    • :: العضويه الذهبيه ::

    ابو علي

    • المستوى: 5
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 10, 2007
    عدد المشاركات:
    2,843
    عدد المعجبين:
    88
    الوظيفة:
    عمل حر
    مكان الإقامة:
    KSA
    مروياته ومن روى عنهم ورووا عنه :
    المروي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعون ، 5374 حديثاً ، فيها الثابت وغير الثابت عن أبي هريرة ، والمكرر وغير المكرر ، وفيها ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وما رواه عن الصحابة وفيها المرفوع والموقوف ، وفيها ما انفرد بروايته وفيها مالم ينفرد بروايته ، وسيأتي بيان ذلك بإذن الله .

    قلنا إن أبا هريرة أكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكثرَ الناسُ النَّقلَ عنه حتى بلغ عدد من روى عنه 800 نفس تقريبا .
    وروى هو كذلك رضي الله عنه عن بعض الصحابة كأبي بكر وعمر وعائشة والفضل بن العباس وغيرهم رضي الله عنهم .

    وفاته

    كان أبو هريرة رضي الله عنه إذا مرت به جنازة قال : روحي فإنّا غادون ، أو اغدي فإنّا رائحون ، موعظة بليغة ، وغفلة سريعة ، يذهب الأول ، ويبقى الآخر .

    وقال : إذا رأيتم سِتّاً وكانت نفس أحدكم في يده فليرسلها : إذا أُمِّرت السفهاء ، وبِيعَ الحُكْم ، وتُهُوِّنَ بالدم ، وقُطعت الأرحام ، وكثرت الجلاوزة ، ونَشَأَ نَشْـأٌ يتخذون القرآن مزامير ) .

    وعن سلم بن بشير أن أبا هريرة رضي الله عنه بكى في مرضه : فقيل: ما يبكيك ؟ قال: ما أبكي على دنياكم هذه، ولكن على بعد سفري، وقلة زادي، وأني أمسيت في صعود، ومهبطه على جنة أو نار، فلا أدري أيهما يؤخذ بي .

    ودخل مروان على أبي هريرة في شكواه، فقال: شفاك الله يا أبا هريرة . فتركه أبو هريرة وقال : اللهم، إني أحب لقاءك، فأحب لقائي . قال: فما بلغ مروان أصحاب القطا ، حتى مات .

    وتوفي أبو هريرة رضي الله عنه على المشهور في سنة 57 هـ ، وقيل : 58 هـ ، وقيل : 59 هـ ، والله أعلم متى كانت بالضبط .
    ولكن توفي أبو هريرة رضي الله عنه وبقي العلم الكثير الذي نقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شك بأنه أكثر من روى الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    وقد كان ابن عمر يترحم عليه في جنازته ويقول : كان يحفظ على المسلمين حديث النبي صلى الله عليه وسلم .
    ودفن في البقيع وصلى عليه الوليد بن عتبة .


    المحور الثاني : الشبهات التي أثيرت على أبي هريرة رضي الله عنه :

    إن من أول ما يثيره بعض الناس على أبي هريرة رضي الله عنه قولهم : إنه قال : ( كنت ألزم النبي صلى الله عليه وسلم على ملئ بطني ) وأنه كان يسأل الطعام ، وهذا شيء مشين .

    فنقول مستعينين بالله تبارك وتعالى :
    1 - إن الله جل وعلا قال في كتابه العزيز عن نبيه موسى عليه السلام ، وعن نبيه – على الصحيح – الخضر عليه السلام { فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها }
    فالنبيان عليهما السلام { استطعما } أي : طلبا الطعام ، ولم يكن هذا عيباً عليهما ، فكيف يكون عيباً على أبي هريرة رضي الله عنه وهو أقل منهما .
    وأبو سعيد الخدري رضي الله عنه نزل كذلك مع أصحابه على قوم فطلبوا منهم الضيافة ، فأبى القوم ذلك ، فلُدِغ سيد القوم فطلبوا منهم أن يرقوهم فأبوا إلا بجُعْل ، ولم يكن هذا عيباً عليهم .
    2 - بل إن أبا هريرة لم يطلب الطعام ، ولا ذكر جوعه لأحد ، بل كان يتعرض لهم بالسؤال عن العلم رجاءَ أن ينتبهوا إلى جوعه فيطعموه ، كما قال تعالى في وصف المساكين { تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا } ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن المسكين فقال : ((ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، ولا اللقمة واللقمتان، ولكن المسكين الذي لا يسأل الناس، ولم يفطن بمكانه فيعطى )) .
    ثم إنه رضي الله عنه فعل ذلك مرة أو مرتين ، ولم يكن هذا عادة له بحيث إنه تعرض للناس ويطلب منهم الطعام .

    3 – وأما قوله : ((كنت ألزم النبي صلى الله عليه وسلم على ملئ بطني )) :
    فهذه مزية له ؛ وذلك أنه أراد أن يعتذر لإخوانه ويتواضع حتى يبين أنه لا يتميز عليهم ، ولو كان مقصوده الأكل والشرب ، لما هاجر من وطنه وترك بلاده وأعتق غلامه كما تقدم .
    فمثل هذا لو أراد الدنيا وكان حريصاً عليها لاستطاع أن يأخذ ويحصل على شيء منها .


    موقف أبي هريرة رضي الله عنه من أهل البيت :
    إن أبا هريرة رضي الله عنه له مواقف حميدة من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن أمثلة ذلك :
    - فها هو أبو هريرة رضي الله عنه قد روى حديث فتح خيبر الذي جاء فيه : (( لأعطين الراية غدا رجلاً يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله )) فأعطى علياً الراية .
    - وقد روى كذلك حديث : ((فاطمة سيدة نساء أمتي ))
    - وروى حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الحسن : (( اللهم إني أحبه فأحبه ، وأحب من يحبه )) .
    - ويقول سعيد بن أبي سعيد المقبري : كنا مع أبي هريرة فجاء الحسن بن علي بن أبي طالب علينا ، فسلم فرددنا عليه السلام ولم يعلم به أبو هريرة ، فقلنا له : يا أبا هريرة ، هذا الحسن بن علي قد سلم علينا فلحقه وقال : وعليك السلام يا سيدي ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إنه سيد »
    وروى أبو هريرة رضي الله عنه كذلك فقال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن والحسين ، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه ، وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة ، حتى انتهى إلينا فقال له رجل : يا رسول الله ، إنك تحبهما ؟ فقال : (( نعم ، من أحبهما فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني ))
    وكذلك جاء أبو هريرة رضي الله عنه إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما فقال له : اكشف لي عن سرتك . فكشف له الحسن عن سرته فقبلها وقال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبل هنا .
    ولما مات الحسن رضي الله عنه يقول مساور السعدي : رأيت أبا هريرة قائما على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات الحسن، يبكي، وينادي بأعلى صوته: يا أيها الناس ! مات اليوم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فابكوا.

    ذكرت هذا مع إعراضي عن أحاديث جاءت من طريق أبي هريرة في مدح أهل البيت لضعفها وإنما اكتفيت بما صح أو حسن .

    قد يقول قائل : لماذا يكره الشيعة أبا هريرة رضي الله عنه مع أنه روى كل هذه الأحاديث في فضائل آل البيت ولم يُعرف عنه إلا المواقف الطيبة معهم ، ولا يُعرف عنه أنه عاداهم أو تكلم فيهم .
    فنقول مستعينين بالله تعالى : إن أولئك لا يريدون ضرب هذا الشخص لذاته ، وإنما لما روى من أحاديث ، ولذلك فالملاحظ أن طعن أولئك الطاعنين منصب على خمسة من الصحابة رضي الله عنهم : أبو هريرة رضي الله عنه فهو أكبر راوٍ للسنة ، وعلى عائشة أحب نساء النبي صلى الله عليه وسلم إليه بعد خديجة ، وعمر بن الخطاب فاتح فارس ، وخالد بن الوليد رافع راية الجهاد ، ومعاوية بن أبي سفيان الذي كان أكبر توسع في الفتوحات في عهده رضي الله عنهم جميعاً .
    ومما يبين موقف آل البيت من أبي هريرة رضي الله عنه ما جاء عن سعيد اْنِ مَرْجَانَةَ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ إِرْبٍ مِنْهَا إِرْبًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ . . . . )) الحديث .
    قَالَ فَقَالَ علي بن الحسين : أَنت سَمِعْتَ هَذَا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؟
    قَالَ سَعِيدٌ : نَعَم . قَال عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ لِغُلَامٍ لَهُ أَفْرَهُ غِلْمَانِهِ : ادْعُ لِي مُطْرِبًا .
    فَلَمَّا قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَال : اذهب فأَنتَ حُرٌّ لوَجه اللَّهِ تَعَالَى .
    فلم يكن أبو هريرة رضي الله عنه متهماً عند علي بن الحسين رحمه الله ، بل نفذ ما سمعه من سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة رضي الله عنه .

    وفي المقابل فلم يثبت أي شيء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان مداهناً لبني أمية ، بل جاء ما ينافي ذلك ، كما جاء عن أبي مريم مولى أبي هريرة رضي الله عنه ، يقول : مر أبو هريرة بمروان وهو يبني داره التي وسط المدينة ، قال : فجلست إليه والعمال يعملون ، قال : ابنوا شديدا ، وآملوا بعيدا ، وموتوا قريبا ، فقال مروان : إن أبا هريرة يحدث العمال ، فماذا تقول لهم يا أبا هريرة ؟ قال : قلت : (( ابنوا شديدا وآملوا بعيدا وموتوا قريبا يا معشر قريش - ثلاث مرات - اذكروا كيف كنتم أمس وكيف أصبحتم اليوم تُخدمون ، أرقاؤكم فارس والروم .
    كلوا خبز السميذ ، واللحم السمين لا يأكل بعضكم بعضا ، ولا تكادموا تكادم البراذين ، وكونوا اليوم صغارا تكونوا غدا كبارا ، والله لا يرتفع منكم رجل درجة إلا وضعه الله يوم القيامة ))

    وجاء عنه ما هو أصرح من ذلك مما يدل على عدم مداهنته ، فثبت عنه أنه كان يتعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان ، ويشير إلى خلافة يزيد بن معاوية لأنها كانت سنة ستين للهجرة ، واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة ، كما ذكر ذلك الحافظ بن حجر في الفتح .
    اتهام أبي هريرة رضي الله عنه بالكذب :
    عن عروة بن الزبير قال : قال لي أبي : أَدْنِنِي من هذا اليماني ؛ فإنه يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأدنيته منه ، فجعل أبو هريرة يحدث ، وجعل الزبير يقول : صدق وكذب ، صدق وكذب .
    قال عروة : يا أبت ! ما قولك صدق وكذب ؟
    قال : يا بني ، أما أن يكون سمع هذه الأحاديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أشك ، ولكن منها ما يضعه على مواضعه ، ومنها ما لا يضعه على مواضعه .
    و ما جاء عن عمر : إنه ضربه بالدرة وقال : إنك تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعن علي رضي الله عنه : أكذب الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو هريرة .
    وهذه من الكذب عليه رضي الله عنه .

    نقول :
    1 – إن هذه القصص جميعاً لا تصح ، فقصة عروة هي من نقولات صاحب العقد الفريد وهو متهم بالرفض ، ولا يروي بالأسانيد أصلا .
    2 – على فرض صحتها فإنها لا تعني شيئاً ؛ وذلك أن الزبير رضي الله عنه لم يتهم أبا هريرة بالكذب ، بل بأنه يضع الحديث على غير موضعه ، وهذا كما جاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال وهو على المنبر: يا أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية على غير موضعها : { لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم } وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه ، عَمَّهم الله بعقابه .
    3 – أن عروة بن الزبير رحمه الله هو أحد المكثرين جداً عن أبي هريرة رضي الله عنه وأحد الرواة المشهورين عنه .
    4 – أن الكذب في اللغة قد يطلق على الخطأ قال ابن حبان – رحمه الله - :" وأهل الحجاز يسمون الخطأ كذباً .
    5 - ومن الكذب كذلك ما نُقل عن علي وعمر رضي الله عنهما ؛ فإن عمر رضي الله عنه كان يوليه ويستعمله ، فكيف يكذبه ثم يوليه ؟!
    وكيف ينهى أبا هريرة عن الحديث ، وعمر رضي الله عنه أحد المكثرين نوعاً ما ، فبالنسبة للخلفاء الراشدين ، فهو وعلي رضي الله عنهما يعتبران من المكثرين حيث روى كل منهما ما يقارب خمسمائة حديث ، وكذلك ما ذُكر عن علي رضي الله عنه فهو من الكذب .

    يتبع

    [IMG]
    • :: العضويه الذهبيه ::

    ابو علي

    • المستوى: 5
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 10, 2007
    عدد المشاركات:
    2,843
    عدد المعجبين:
    88
    الوظيفة:
    عمل حر
    مكان الإقامة:
    KSA
    تدليس أبي هريرة رضي الله عنه : وما نُقل عن شعبة رحمه الله قوله : ( أبو هريرة مدلس )
    فنقول :
    1 - التدليس : هو أن يحدث عمن سمع منه ما لم يسمع منه بصيغة تحتمل السماع .
    مثال ذلك : أن يأتي أبو هريرة رضي الله عنه الذي نعلم أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا حديثاً ، فيروي لنا حديثاً سمعه من صحابي آخر كأبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو أبي عبيدة أو غيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول أبو هريرة : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . دون أن يقول : حدثني أبو بكر مثلاً ، أو حدثني عمر . . . إلخ . وهو إنما سمع الحديث من ذلك الصحابي الآخر .
    فقول أبي هريرة رضي الله عنه : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بهذه الصيغة يحتمل أنه سمع الحديث منه صلى الله عليه وسلم مباشرة ، ويحتمل أنه سمعه من غيره صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو ما يُعرف بالتدليس .
    2 - وهذا كثير عند الصحابة رضي الله عنهم ، وهو يُعرف عنهم بـ ( الإرسال ) لا ( التدليس ) ، كما قال الذهبي رحمه الله :
    وهذا كثير عن صغار الصحابة : كعائشة ، وجابر ، وابن الزبير ، وأنس رضي الله عنهم وأرضاهم .
    3 - أن هذا لا عيب فيه ؛ فإن تدليسهم عن صاحب أكبر منهم ، والصحابة رضي الله عنهم كلهم عدول ، فإذا أسقط الصحابي صحابياً آخر فإنما أسقط ثقة مثله وهذا لا يضر ، والعيب أن يسقط ضعيفاً .
    عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : ( ما كل ما نحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن سمعناه وحدثنا أصحابنا ، ولكننا لا نكذب ).
    وفي رواية : ( ليس كلنا سمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانت لنا ضيعة وأشغال ، ولكن الناس كانوا لا يكذبون يومئذ ، فيحدث الشاهد الغائب ) .
    وعن أنس رضي الله عنه قال : ( والله ما كل ما نحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعناه منه ، ولكن لم يكن يكذب بعضنا بعضا ) .

    4- أن شعبة لا يتهم أبا هريرة رضي الله عنه ؛ فإنه من أكثر من جمع أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه .


    أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه :
    مروياته ومن روى عنهم ورووا عنه :
    المروي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( 5374 ) حديثاً في مسند بقي بن مخلد .
    لكن مسند بقي بن مخلد مفقود ، وأكبر مسند يعرفه الناس اليوم هو مسند الإمام أحمد وأحاديث أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ عددها فيه : ( 3848 ) حديثاً .
    ولكن أين الإشكال هنا ؟ قيل : إنها كثيرة .
    لكن كثيرة مقارنة بماذا ؟ هل بمدة مكثه وملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم ؟ أو مقارنة بغيره ممن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟
    لو نظرنا في أحاديث الصحيحين المتفق عليها لوجدناها تبلغ ( 326 ) حديثاً ، وانفرد البخاري بـ ( 93 ) حديثاً ، فيكون مجموع أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه في البخاري ( 419 ) حديثاً فقط ، وانفرد مسلم بـ ( 98 ) حديثاً عن أبي هريرة رضي الله عنه ، فيكون مجموع أحاديثه رضي الله عنه ( 424 ) عند مسلم .
    فليس بكثير على أبي هريرة رضي الله عنه إذا أخرج له صاحبا الصحيحين هذا العدد من الأحاديث .

    ثم تعالوا ننظر إلى أحاديث أبي هريرة رضي الله عنها ، حيث سنقسمها إلى ستة أقسام :
    1 – المكرر :
    فلننظر في أحاديث المسند المتداول وهو مسند أحمد ، وهذا يصل إلى قريب من 800 حديث مكرر ، إذ قد يذكر الإمام أحمد الحديث أكثر من مرة ، إما لاختلاف في إسناده ، أو لزيادة في كلمة ، أو لإثبات سماع أو لغير ذلك .
    2 – الضعيف الذي لم يثبت :
    فكما رأينا قبل قليل ما اتفق عليه الصحيحان وهو يقارب ثلاثة أرباع ما روياه عن أبي هريرة رضي الله عنه ، ورأينا ما انفرد به كل منهما ، وأحاديث الصحيحن عند أهل السنة والجماعة صحيحة كلها .
    وهناك أحاديث أخرى في كتب الحديث كبقية الكتب الستة ، والمسانيد والمعاجم والموطآت ففيها الصحيح والحسن والضعيف ، بل وفيها الموضوع .
    وأهل العلم عندما يذكرون مجموع ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه يجمعون معها ما ليس بصحيح وما هو مكرر .
    3 – الموقوف :
    أي من قول أبي هريرة رضي الله عنه ، وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد يخطأ بعض الرواة فيظنها حديثاً فيرفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي في الواقع اجتهادات أو آراء أو فتاوى أو نصائح أو حكم لأبي هريرة رضي الله عنه ، فيبين أهل العلم أنه ليس بثابت عنه صلى الله عليه وسلم ، وأنه من قول أبي هريرة رضي الله عنه .
    4 – ما رواه عن غيره :
    وخاصة أحاديث العهد المكي التي لم يدركها رضي الله عنه ، بل ولم يدرك السنوات الست الأولى من الهجرة ، فأبو هريرة رضي الله عنه إذا حدث بأحاديث في ذلك الزمن قبل هجرته ، فإنه يكون قد سمعها من صحابة آخرين عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا ليس بعيب وقد تقدمت الإشارة إليه قبل قليل ,
    5 – المرفوع ، وينقسم إلى 3 أقسام :
    - قول : أي ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو الغالب .
    - وفعل : أي ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم .
    - وتقرير : أي ما يكون أمام النبي صلى الله عليه وسلم فيسكت عنه .
    - ما ذكره من صفات خلقية للنبي صلى الله عليه وسلم .
    وكل هذا ليس بكثير أن يرويه أبو هريرة رضي الله عنه .
    6 – ما اشترك في روايته مع غيره من الصحابة رضي الله عنهم :
    وهي الأحاديث التي لم يروها أبو هريرة رضي الله عنه منفرداً ، وبعد ذلك انظر بكم انفرد أبو هريرة رضي الله عنه .

    فهذا ما يدَّعون من كثرة أحاديثه رضي الله عنه وأرضاه ، بينما إذا نظرنا إلى أولئك الذين يعيبون فإننا نقول لهم : هل تعرفون شخصاً يقال له : ( أبان بن تغلب ) ؟
    إنه أحد رواة الشيعة ، وهذا الرجل قد روى ثلاثين ألف (30000 ) حديث ، وليس ذلك بكثير عندهم ، ويستكثرون على أبي هريرة رضي الله عنه أن روى خمسة آلاف حديث ! وقلنا إنها غير موجود وأكثر ما وُجد في مسند الإمام أحمد .
    وكذلك ( جابر بن يزيد الجعفي ) يروي عن الباقر سبعين ألف ( 70000 ) حديث وليس هذا بكثير عندهم ، ويروي عن غير الباقر مائة وأربعين ألف ( 140000 ) حديث ، فيكون المجموع مائتين وعشرة آلاف حديث ( 210000 ) حديث ، أي قريب من الربع مليون حديث وليس بكثير ، ويستكثرون على أبي هريرة رضي الله عنه خمسة آلاف حديث .
    ثم بعد هذا كله نجد جعفر الصادق رحمه الله يقول عن جابر الجعفي : ( وما رأيته عند أبي قط إلا مرة واحدة ، ما دخل علي قط ) . فكيف بعد هذا يحق لمثل أولئك أن يطعنوا في مثل أبي هريرة رضي الله عنه ؟!

    دواعي حفظ أبي هريرة رضي الله عنه وروايته أكثر من غيره :
    1 – عامل مشترك بين عموم الصحابة رضي الله عنهم ، وهو أنهم أمة أمية يعتمدون على الحفظ كثيراً ، فلا عجب أن يحفظ أحدهم الأحاديث الكثيرة ، بل كان الشاعر يأتي إلى سوق عكاظ أو ذي المِجَنَّة أو غيرها فيحدث بقصيدته فيحفظها الناس ، فكيف بالكلام الجزل من النبي الذي أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم .
    2 – حرص أبي هريرة رضي الله عنه ، ومن ذلك قوله رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لقد ظننت يا أبا هريرة ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث )) .
    3 – ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم ، كما قال ابن عمر لأبي هريرة رضي الله عنهم : ( كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمنا بحديثه ) .
    وعن مالك بن أبي عامر قال: جاء رجل إلى طلحة فقال : أرأيتك هذا اليماني هو أعلم بحديث رسول الله منكم - يعني أبا هريرة - نسمع منه أشياء لا نسمعها منكم ، قال: أما أنه قد سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع فلا أشك ، وسأخبرك : إنا كنا أهل بيوت، وكنا إنما نأتي رسول الله غدوة وعشية، وكان مسكينا لا مال له ، إنما هو على باب رسول الله ، فلا أشك أنه قد سمع ما لم نسمع .

    وقال شعبة ، عن أشعث بن سليم ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا أيوب يحدث عن أبى هريرة ، فقيل له : أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتحدث عن أبى هريرة ؟! فقال : إن أبا هريرة قد سمع ما لم نسمع ، وإنى إن أحدث عنه أحب إلى من أحدث عن رسول صلى الله عليه وسلم يعنى ما لم أسمعه منه .
    4 – تفرغه لطلب العلم ، فلم يكن صاحب دكان ، ولا زراعة ، ولا تجارة ، ولا غيره ، بل كان متفرغاً للعلم يريد النبي صلى الله عليه وسلم .
    5 – دعاؤه وتأمين النبي صلى الله عليه وسلم على دعائه ، كما جاء عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : بينما أنا وهو – يعني أبا هريرة رضي الله عنه - وفلان في المسجد ، خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن ندعو، ونذكر ربنا.
    فجلس إلينا، فسكتنا.
    فقال: (( عودوا للذي كنتم فيه )) .
    فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة.
    فجعل رسول الله يؤمن.
    ثم دعا أبو هريرة، فقال: اللهم، إني أسألك ما سألك صاحباي هذان ، وأسألك علما لا ينسى فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( آمين )) .
    فقلنا: يا رسول الله، ونحن نسأل الله علما لا ينسى ! قال: (( سبقكما الغلام الدوسي )) .

    وقد دافع أبو هريرة رضي الله عنه عن نفسه فقال : إنكم تقولون : إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ! وتقولون : ما للمهاجرين والانصار لا يحدثون مثله ! وإن إخواني المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالاسواق ، وكان إخواني من الأنصار يشغلهم عمل أموالهم ; وكنت امرءا مسكينا من مساكين الصفة ، ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني ، فأحضر حين يغيبون ، وأعي حين ينسون ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث يحدثه يوما: (( إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي جميع مقالتي، ثم يجمع إليه ثوبه، إلا وعى ما أقول )) .فبسطت نمرة علي، حتى إذا قضى مقالته، جمعتها إلى صدري ، فما نسيت من مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك من شيء .


    كذلك مما يُشكل على بعض الناس قول أبي هريرة رضي الله عنه : ( ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثاً مني ، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ؛ فإنه كان يكتب ولا أكتب )
    فأحاديث أبي هريرة رضي الله عنه قد تقدم عددها قبل قليل ، بينما لا نجد أحاديث عبد الله بكثرة أحاديث أبي هريرة ، حيث بلغت ثمانمائة حديث وشيء دون أن تصل إلى ألف حديث ، فهذا مما أشكله بعض الناس ، فنقول :
    أولا : العبرة ليست بالحديث ، وإنما العبرة بالتحديث ، ولذلك فإننا نوقن يقينا بأن أبا بكر رضي الله عنه يعلم من الأحاديث أكثر من أبي هريرة ، فإنه كان ملازماً للنبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعدها ، وقبل الهجرة وبعدها حتى توفاه الله تعالى .
    وكذلك عمر وعثمان وعلي وعائشة وأم سلمة وأم حبيبة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم كلهم يعلمون عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من أبي هريرة رضي الله عنه ، ولكن العبرة بالتحديث .
    فعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما كان مشتغلاً عن التحديث ، كان مشتغلاً بالعبادة فهو صاحب الحديث المشهور الذي يقول فيه : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنك تصوم الدهر ، وتقوم الليل . . . )) إلخ الحديث .

    وبلغ عدد تلاميذ أبي هريرة رضي الله عنه ثمانمائة نفس ، وذلك أنه كان متفرغاً لذلك ، ولم يبلغ عدد تلاميذ غيره من الصحابة رضي الله عنهم مثل ذلك ولا قريباً منه .

    ثانياً : عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما سكن مصر ثم الطائف ، ولم تكن الرحلة في طلب الحديث آنذاك إلى مصر ولا إلى الطائف ، وإنما كانت إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث جمع الصحابة هناك .
    ثالثاً : عبد الله بن عمرو كان قد تَحَصَّل على مِزْوَدَتَين فيهما أحاديث أهل الكتاب ، فامتنع عدد من المحدثين عن رواية أحاديثه لروايته عن أهل الكتاب ، بخلاف أبي هريرة رضي الله عنهما .

    يتبع

    [IMG]
    • :: العضويه الذهبيه ::

    ابو علي

    • المستوى: 5
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 10, 2007
    عدد المشاركات:
    2,843
    عدد المعجبين:
    88
    الوظيفة:
    عمل حر
    مكان الإقامة:
    KSA
    كذلك مما يشكل على بعضهم وهو سؤال : لماذا كثر حديث أبي هريرة رضي الله عنه مع قلة أحاديث غيره من أكابر الصحابة خصوصاً ؟
    1 – لا بد من التفريق بين أمرين : ( التلقي ) وهو السماع من النبي صلى الله عليه وسلم ، ( والأداء ) وهو القيام برواية ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم .
    فبالنسبة للتلقي فإن هناك بعض الصحابة رضي الله عنهم كانت لهم ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم ، كالخلفاء الراشدين وأنس وابن مسعود وأبي هريرة غيرهم رضي الله عنهم ، بينما أكثر الصحابة رضي الله عنهم لم تكن لهم ملازمة كملازمة أبي هريرة رضي الله عنه .
    كما أن هناك من الصحابة من أخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة ، ومنهم من أخذوا الحديث منه صلى الله عليه وسلم مباشرة وأخذوا عنه صلى الله عليه وسلم بواسطة الصحابة الآخرين رضي الله عنهم .

    أما بالنسبة للأداء فهو المهم ، حيث رأينا أن هناك من كبار الصحابة رضي الله عنهم ممن قلنا إنهم قد يحفظون ويعلمون أكثر من أبي هريرة رضي الله عنه ولكنهم لم يحدثوا ، فيقال هنا :
    أولاً : إن التحديث لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، فهناك من الصحابة رضي الله عنهم من اشتغل بالخلافة ، أو التعاون على شؤون الخلافة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم .
    وأكثر من روى من الصحابة الكبار رضي الله عنهم : عمر وعلي رضي الله عنهما ، حيث رويا ما يقارب 500 حديث .
    ثانياً : أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعيشون في المدينة حيث يسكن هناك جُلُّ الصحابة رضي الله عنهم ؛ ولذلك قَلَّ التحديث .
    فلم يكن كثير منهم يحتاج إلى التحديث الكثير عن النبي صلى الله عليه وسلم في زمن كبار الصحابة رضي الله عنهم ، فجاء من بعدهم فاحتاج الناس إلى العلم والحديث وجاء التابعون وسمعوا ممن عاصروهم هناك كأبي هريرة وابن عمر وأنس وأبي سعيد وغيرهم رضي الله عنهم .
    فالذين تجاوزوا الألف في حديثهم سبعة فقط وكلهم من صغار الصحابة رضي الله عنهم :
    1 – من تجاوز 5000 آلاف رواية : وهو أبو هريرة رضي الله عنه ، على ما ذكره ابن حزم رحمه الله عن مسند بقي بن مخلد .
    2 – من تجاوز 2000 رواية وهم ثلاثة : عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وأنس بن مالك ، وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم .
    3 – من تجاوز 1000 رواية وهم ثلاثة أيضا : جابر بن عبد الله ، وأبو سعيد الخدري ، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم .

    ولو نظرنا في هؤلاء السبعة رضي الله عنهم لوجدناهم من صغار الصحابة وجميعهم ماتوا بعد 50 هـ حينما احتاج الناس إلى العلم وسألوه ، وجدوه عند هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم بعد موت كبار الصحابة رضي الله عنهم .

    رابعاً : هناك من الصحابة رضي الله عنهم من كانت عنده خشية من التحديث ، كما جاء عن عروة بن الزبير أنه سأل والده الزبير بن العوام رضي الله عنه قائلاً : ( الناس يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت لا تحدث ) فقال الزبير رضي الله عنه : ( والله ما حضروا وغبنا ، ولا حفظوا ونسينا ، ولكن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد ) .
    فالزبير رضي الله عنه ليس له من الأحاديث سوى 38 حديثاً فقط ، وطلحة له مثل ذلك ، وأبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه له ( 14 ) حديثاً فقط ، فهم كانوا يتحرجون من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    خامساً : وجود مشاغل أخرى تحول دون التفرغ للتحديث ؛ فهناك من اشتغل بالقضاء ولم يتفرغ للتحديث ، كعلي ومعاذ وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهم ، وهناك من اشتغل بالجهاد فَقَلَّ حديثه كخالد بن الوليد رضي الله عنه ، الذي لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ( 8 ) أحاديث فقط ، وعبد الرحمن بن عوف له ما يقارب الـ ( 60 ) حديثاً .
    والمراد : أن السبب لكثرة رواية أبي هريرة رضي الله عنه تفرغه للتحديث ، وكذلك لكثرة تلاميذه الذين رووا عنه حيث بلغوا ما يقارب 800 تلميذ .

    ومن الشبهات التي أثيرت ما قاله أبو رية وعبد الحسين الموسوي : ( إن أبا هريرة - رضي الله عنه - كان يروي عن التابعين أحياناً ، ككعب الأحبار ) .
    وهذه لم يطرحها إبليس على أعوانه قديماً ، وإنما طرحها أباليس الإنس فلم يقلها قبلهم أحد ، وقولهم هذا كذب وزور .
    نادرٌ جداً أن يروي الصحابي عن التابعي ، وإنما حدث هذا لبعض صغار الصحابة كسهل بن سعد الذي توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره 15 سنة ، والسائب بن يزيد الذي كان عمره عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم 7 سنوات نُقِل عنهما أنهما رويا حديثاً أو حديثين عن التابعين ، وإلا فإنه كما قلنا : نادر جداً أن يروي صحابي عن تابعين .




    كذلك مما قالوا وعابوا به أبا هريرة رضي الله عنه إنه نسي حديثاً ، فنقول :
    أولاً : إن قول أبي هريرة رضي الله عنه في عدم النسيان توضحه الرواية وهي قوله رضي الله عنه : ( فما نسيت من مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك من شيء ) فهذا فيه تقييد إطلاق ذلك الأمر .
    ونقول أيضاً إليكم هذه الرواية ، ففي بحار الأنوار (40/139 ، باب : 93 ) :
    عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين (ع) قال : (( كنت إذا سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أجابني ، وإن فنيت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت عليه آية في ليل ولا نهار ولا سماء ولا أرض ولا دنيا ولا آخرة ولا جنة ولا نار ولا سهل ولا جبل ولا ضياء ولا ظلمة إلا أقرأنيها وأملاها عليّ ، وكتبت بيدي وعلّمني تأويلها وتفسيرها ومحكمها ومتشابهها وخاصها وعامها ، وكيف نزلت وأين نزلت وفيمن أنزلت إلى يوم القيامة ، دعا الله لي أن يعطيني فهماّ وحفظاّ ، فما نسيت آية من كتاب الله ، ولا على من أنزلت أملاه عليّ )) .
    فهذا يقبلونه ، لا يقبلون لأبي هريرة رضي الله عنه شيئاً .
    علما بأنه قد جاء في نفس المصدر وهو بحار الأنوار ( 18/13 ) وقد بَوَّب عليه بقوله : ( باب : معجزات النبي في استجابة دعائه ) ، نقلا عن الخرائج : أن أبا هريرة قال لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - إني أسمع منك الحديث الكثير أنساه ، قال : ابسط رداءك قال : فبسطته فوضع يده فيه ، ثم قال : ضمّه فضممته، فما نسيت كثيرا بعده .

    ونحن الآن سنطرح قضية مهمة ألا وهي من ضَعَّف أبا هريرة رضي الله عنه حتى من علماء الشيعة ؟
    فعلماء الشيعة الأقدمون لم يتكلموا في أبي هريرة رضي الله عنه ، فلم يذكره الطوسي في كتابيه ( الفهرست ، ورجال الطوسي ) ، ولا النجاشي في رجاله ، ولا الكشي في رجاله والذي هذبه الطوسي وسماه : ( اختيار معرفة الرجال ) ، ولا الغضائري ، ولا الحلي في رجاله ، فأين أولئك عن تضعيف أبي هريرة رضي الله عنه ؟ وإنما هي بدعة متأخرة .
    بل إن ابن داود الحلي ذكر في كتابه في الرجال ضمن القسم الأول من كتابه المخصص لذكر الممدوحين وذكر منهم أبا هريرة رضي الله عنه ، ويقول : ( عبد الله أبو هريرة ، معروف ، من أصحاب الرسول ) ثم قال : ( ذكره الشيخ الطوسي في كتاب الرجال ) فلم يذكر فيه تضعيفاً ولا تكذيباً له رضي الله عنه وأرضاه ولا أثناء ترجمة أخرى .




    وأخيراً . .

    عن يزيد بن عبد الرحمن: حدثني أبو هريرة، قال: والله، ما خلق الله مؤمنا يسمع بي إلا أحبني.
    قلت: وما علمك بذلك ؟ قال: إن أمي كانت مشركة، وكنت أدعوها إلى الاسلام، وكانت تأبى علي، فدعوتها يوما ; فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره.
    فأتيت رسول الله، وأنا أبكي، فأخبرته، وسألته أن يدعو لها.
    فقال : (( اللهم اهد أم أبي هريرة )).
    فخرجت أعدو أبشرها، فأتيت، فإذا الباب مجاف، وسمعت خضخضة الماء، وسمعت حسي، فقالت: كما أنت، ثم فتحت، وقد لبست درعها، وعجلت من خمارها، فقالت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله.
    قال: فرجعت إلى رسول الله، أبكي من الفرح كما بكيت من الحزن ، فأخبرته ، وقلت : ادع الله أن يحببني وأمي إلى عباده المؤمنين.
    فقال: (( اللهم، حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحببهم إليهما ))

    ويحق لنا أن نقول على لسان أبي هريرة رضي الله عنه :
    وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل
    ونقول :
    وقد زادني حباً لنفسي أنني بغيض إلى كل امرءئ غير طائل
    ونقول :
    ما ضر نهر الفرات يوماً أن ألقى فيه غلام بحجر
    وقالوا قديما : القافلة تسير والكلاب تنبح ، وما ضر السحاب نبح الكلاب .

    والله أعلى وأعلم ، وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . .


    ودمتم ابو علي

    [IMG]

انشر هذه الصفحة