جاري تحميل محرك البحث

اهلاً وسهلاً بك في مجلس الخلاقي!
لكي تتمكن من المشاركه يجب بان تكون عضو معنا تسجيل الدخول بإستخدام الفيسبوك

تـسـجـيـل الـدخـول

|| للتسجيل معنا

قصة مأساة

موضوع في 'القصص والروايات' بواسطة ابا يوسف الخلاقي, اكتوبر 16, 2008.

    • :: العضويه الذهبيه ::

    ابا يوسف الخلاقي

    • المستوى: 2
    تاريخ الإنضمام:
    يناير 21, 2008
    عدد المشاركات:
    454
    عدد المعجبين:
    10
    الوظيفة:
    موظف
    مكان الإقامة:
    مملكة البحرين
    قصة مأساةالشيخ عبدالله علي جابر:في بحر الحياة نصادف من القصص ألواناً وأشكالاً ومنها نستخلص الكثير من العبر والدروس وتمر علينا قصص كثيرة لا نأبه لها ولاختلاف ألوانها من سرور أو حزن أو فوز أو خسارة أو فرح أو ألم، ولكن هناك بعض القصص تتميز بطعم المرارة الذي يلتصق بذرات حاسة الذوق فلا تنتسي.

    وقد صادفت قصة من هذا النوع أثرت فيَّ كثيراً وأصبحت تلازم فكري في حلي وترحالي وفي نومي وفي يقظتي وفي سـكوني وأثناء نشاطي فأتعـبتني وأرهقتني وأصـبحت مأساتي .

    فلم أجد مفراً من أن أطلق العنان لقلمي حتى يرويها لقراء «الأيام» عسى أن يصبح مذاقها المر أقل مرارة في نفسي ولعل مشاركتي فيها تحررني منها.

    القضية المأساة لأحد إخواننا المغتربين الذي قضى جل عمره في الغربة في إحدى الدول الشقيقة، وقد استطاع أن يكون فيها ثروة متوسطة وأن يستقر بأسرته فيها حتى إن أغلب أولاده من مواليدها وجميعهم درسوا في مدارسها وكانت لهم الوطن الذي عرفوا دروبه وخبروا دقائق أموره وعرفوا عنه كل شيء.

    ومع ذلك فهم يعلمون أن لهم وطناً آخر سمعوا عنه الكثير وإن لم يشاهدوه، فقد أحبوه من حب أبيهم ومن كثر ما تغنى بحبه وردد أخباره وأغانيه وترنم بمآثره وأمجاده، فقد كان مقتولاً عشقاً بوطنه اليمن.

    وقد حالت الظروف التي مرت بها البلاد دون عودتهم إليها، فالحكم الشمولي والتشطير كان عائقاً لعودتهم وهم يعيشون في حياة ناعمة وفي بحبوحة من العيش الكريم وأمورهم ميسرة.

    وحين جاء ذلك اليوم الذي كان بمثابة نقطة التحول في حياة صاحبنا حين جاء يوم أعلنت الوحدة، فقد قرر أن يتجه إلى الوطن ليجسد حلمه الذي نبت في عقله وكبر مع سنه وأصبح يظلل كل تفكيره وهو أن يملك مزرعة في وطنه يحقق بها أمناً لمستقبل أولاده ويختم بها رحلة طويلة من الكفاح الشاق والجهاد في سبيل عيش كريم.

    ولكن هل تهب الرياح بما تشتهي السفن؟ لا.. فقد انزلق في مستنقع الإجراءات التي لا تنتهي ومن المتابعات والمخططات والمتغيرات والابتزازات وأشياء يطول فيها الكلام استنفدت منه ما يملك وأضاع فيها شقى عمره وطال الضياع عمله في المهجر وتغيرت عليه الأحوال وعلى أسرته، فذاقوا شظف العيش بعد بحبوحته وتعسرت عليهم أمورهم بعد نعومتها وأصبح وأسرته في حال يشفق عليهم منها العدو ويبكي الصديق، ومع كل ذلك فهو يقول: كل هذا لا يهم وكل ما يهمه هو كيف له أن يفهم ما يجري وهو الذي جاء بدافع حب الوطن والانتماء، وهو الذي ترنم مع بلفقيه (واويح نفسي إذا ذكرت أوطانها حنت) وتغزل بحب جبل ضبضب وشمسان والحسيني وباقي الوطن.

    كيف له أن يفهم أن يكون قد امتلك أرضاً بالشراء من مالكها وقضى ما يقارب العقدين من الزمان في إجراءات ومتابعات وتوجيهات وتعليمات حتى تكون منها لديه ما يعجز عن أن يحمله ملف.

    كيف له أن يفهم أن تلك الأرض التي أقام فيها ما اندثر من أسوامها وحفر بئرها وأعاد جريان الحياة إلى أشجارها وأهلك فيها أموالاً طائلة كيف تصبح ليست ملكه؟!

    كيف له أن يفهم أن جاره الذي أتى بعده واشترى بعده بوقت ليس بالقليل أصبحت أموره مستقرة، فقد اعترف له بما اشتراه والبائع إليهما واحد وصار جاره لديه كل المتطلبات الرسمية من مختلف الجهات حتى أن المخطط الذي صدر عن الجهة المتخصصة أشار في وحدة الجوار إلى مزرعة جاره ولم يشر إلى صاحبنا أو مزرعته، فكيف ثبت ملك جاره ولم يثبت ملكه وخاصة أن البائع إليهما واحد!!

    بل الأدهى والأمر أن المسؤول في اللجنة التي أنيط بها الفصل في إجراءات التوثيق قال له (حتى لو ثبت لنا بأن هذه الأرض ملك لك فسوف نقوم بتعويضك لأننا محتاجون أن نصرف هذه الأرض) والله إنه أمر عجيب إنكار لملكيته وهو الثابت على الأرض الحائز عليها المستقر فوقها وله من الآثار والشواهد ما لا تنكره عين أحد، فكيف سيثبت لتلك اللجنة الملكية وهي قد سبقت بالحكم وجحدت الملك وشواهده وألا عجب أنه إذا ثبت لها الملك ستنزعه وستقوم بتعويضه ما لم فهو منزوع بنظرها (وشر البلية ما يضحك).

    انظروا إلى المأساة فلا يشفع له شراؤه من المالك بوقت مبكر ولا إجراءاته الطويلة عبر لجان عديدة ولا تسجيله وتوثيقه في السجل العقاري ولا حتى شفع له وجود جاره المحظوظ المدعوم بدعم عالي الفولتية ولا شفع له حبه لوطنه ولا ترنمه بأغاني العودة إلى الوطن وقد ساءت أحواله وأصبح.... لا حول ولا قوة إلا بالله.

    وهذه صرخة أرسلها وأنا أقص عليكم مأساته... عار عار عار على كل شريف أن يرى هذا الباطل وأن لا ينصر المظلوم وأن لا يكون له موقف ضد الظلم ومرتكبيه، فقد أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من الهلاك ونحن نرى المنكر ولا نأمر بتغييره.

انشر هذه الصفحة