جاري تحميل محرك البحث

اهلاً وسهلاً بك في مجلس الخلاقي!
لكي تتمكن من المشاركه يجب بان تكون عضو معنا تسجيل الدخول بإستخدام الفيسبوك

تـسـجـيـل الـدخـول

|| للتسجيل معنا

بين الأهداف والمثالية والتعامل مع الواقع

موضوع في 'المجلس العام' بواسطة اخت القمر, فبراير 11, 2009.

    • :: الأعضاء ::

    اخت القمر

    • عضو جديد
    تاريخ الإنضمام:
    ديسمبر 14, 2008
    عدد المشاركات:
    504
    عدد المعجبين:
    8
    الوظيفة:
    استادة لغة اسبانية
    مكان الإقامة:
    المغرب
    بين الأهداف المثالية والتعامل مع الواقع


    الحياة قائمة على الحقائق لا التمنيات. ومن يرغب في تغيير الحياة لمصلحته من دون التعامل مع تلك الحقائق، فسوف يحصد خيبة أمل مثيل لها.
    وما م إنجاز في هذا الحياة، سواء في التاريخ القديم أو في التاريخ الحديث، إلا وكان قائما على أمرين:
    الأول: إمتلاك أصحابه أهدافا كبرى، وتطلعات سامية.
    الثاني: الاعتراف بالواقع والانطلاق منه.
    وما أحوجنا ونحن نعيش في عصر انفلاق الذرة والانترنت، أن نكون واقعيين في تصرفاتنا وأعمالنا وجميع مناحي حياتنا.
    إن الاعتراف بالواقع الموجود والانطلاق منه، والتعامل مع الحقائق التي أقام الله السماوات والأرض عليها من صفات العظماء.
    فلأنهم يتعاملون مع الأمور بجدية فإنهم يضعون الأشياء مواضعها، بعيدا عن الأحلام الوردية والأماني الفارغة.

    غير أن ذلك لا يعني أنهم لا يملكون أهدافا سامية أو أنهم ليست لهم أحلام كبرى.
    إن العظماء ينظرون بعيونهم بعيدا، ويحاولون بأيديهم الوصول إلى ما يرونه. ذلك أن ما يرى أبعد بكثير من ما تصل إليه اليدان.
    فالعين بالنسبة إليهم تمثل التطلعات الكبرى، أما اليدان فتمثلان الأمور الواقعية. بينما بعض الناس حينما يرى ثمارا يانعة على شجرة باسقة فهو يجلس تحتها متمنيا أن تسقط الثمار في حضنه ليتنعم بها.

    لكن العظماء حينما يرون الثمار على الشجرة، لا يجلسون تحتها لتسقط الثمار في أحضانهم، وإنما يقومون بتسلقها حتى يصلوا إلى ثمارها ويتنعمون بها.
    وإذا كان النوع الأول من الناس يطول انتظاره وقد لا يحصل على مبتغاه، إلا أن النوع الثاني سرعان ما يصل إلى ما يبتغيه ويتنعم به.
    حقا إن الله زود الإنسان بالخيال لكي يتطلع إلى أبعد ما في الكون بخياله، كما زوده بالعقل لكي يسعى لتحقيق ما يمكن تحقيقه من تلك التطلعات.

    والحكماء يضعون تطلعاتهم وأمانيهم في أماكنها، كما يضعون واقعيات الحياة في أماكنها أيضا، لأنهم يعرفون أن هنا لك حقائق على الأرض لابد من أخذها بعين الاعتبار لتحقيق أمانيهم.
    تصور أنك تريد الخير لأولادك فتضع لهم أهدافا كبيرة، وتتخيل لهم مواقع معينة في المستقبل، لكنك للوصول إلى تحقيق ما تريد لهم لا بد أن تضع منهاجا عمليا يأخذ الحقائق بعين الاعتبار. وإلا فإنك سوف تصطدم بعقبات لا يمكن أن تنفذ منها.

    وعلى كل حال فإن الحقائق هي الحقائق، والوقائع هو الوقائع. ومن أراد أن يصل إلى أهدافه فلا بد أن يعترف عمليا بجميع الحقائق، وأن يستفيد من إمكاناته الموجودة لتحقيق الواقع الذي يصبو إليه.
    إن الصور الخيالية التي يرسمها البعض في فكرة، لن تجد طريقا إلى أرض الواقع، إلا بالخضوع لحقائق الكون وسنن الباري عز وجل، ومن ثم تجميع الطاقات الكامنة في الحياة لتحقيق ما يريد.

    ومن الأمور التي لا بد من أخذها بعين الاعتبار هو أن نأخذ الناس كما هم، وليس كما نرغب في أن يكونوا.
    فمثلا كثير من الناس يرغبون في أن يكون أصدقاؤهم كالملائكة، لا يخطئون ولا يؤذون ولا يخونون، لكن الله (عز وجل) لن ينزل الملائكة إلى الأرض لكي يصادقهم هؤلاء.
    إن الله خلقنا متساوين، فإن "الناس سواسية كأسنان المشط" وليس بينهم أحد من الملائكة، فلماذا يطلب أحدنا أن يكون أصدقاؤه بلا أخطاء ولا خطايا؟

    إن علينا أن نتعامل مع الآخرين كما نتعامل مع أنفسنا، ونرضى لهم بما نرضى لأنفسنا، فكما نخطأ نحن فإنهم يخطئون.
    ومن هنا لا بد أن نكون واقعيين في التعامل مع الناس، وكذلك الأمر في كل عمل نريد الإقدام عليه، سواء في المجالات التجارية، أو الاجتماعية، أو السياسية.

    إن الصور الخيالية لا وجود لها: لا في عالم الأشخاص، ولا في عالم الأعمال، ولا في عالم الأفكار. فمن يريد بشرا أخطاء، وعملا بلا سلبيات، فمن الأفضل أن لا يقوم بأي عمل.
    ثم إن من يريد تحقيق مآربه فلا بد أن يهيئ أسباب ذلك، لأن الدنيا التي نعيشها هي دنيا الأسباب والمسببات، لا دنيا الأحلام والأمنيات.

    فإن أردت النجاح فكن واقعيا في عملك، ومثاليا في طموحاتك.
    فلا تبحث عن عمل نقص، ولا عن أصدقاء بلا عيوب، ولا عن انجاز بلا عقبات، ولا عن نجاح بلا مشاكل.
    إن علينا أن نأخذ الأمور بإيجابية، ولكن ليس بمعنى أن لا نرى السلبيات، بل بمعنى أن نأخذ حقائق الأمور بعين الاعتبار، وأن ننجز أعمالنا في خضم المشاكل بروح إيجابية، ونظرة واقعية، وتطلعات بعيدة المدى.

انشر هذه الصفحة