جاري تحميل محرك البحث

اهلاً وسهلاً بك في مجلس الخلاقي!
لكي تتمكن من المشاركه يجب بان تكون عضو معنا تسجيل الدخول بإستخدام الفيسبوك

تـسـجـيـل الـدخـول

|| للتسجيل معنا

النهار اللبنانية:الحراك الجنوبي"في اليمن" التمييز المعكوس

موضوع في 'المجلس العام' بواسطة ابو يوسف القاضي, مايو 9, 2009.

    • :: العضويه الذهبيه ::

    ابو يوسف القاضي

    • المستوى: 3
    تاريخ الإنضمام:
    سبتمبر 15, 2008
    عدد المشاركات:
    825
    عدد المعجبين:
    85
    الوظيفة:
    قانونــــي
    مكان الإقامة:
    -Q@T@R-
    "الحِراك الجنوبي" في اليمن: التمييز والتمييز المعكوس






    النهار – بيروت - الجمعة 08 أيار 2009 - السنة 76 - العدد 23689
    بقلم سامي دورليان



    في منتصف شهر تشرين الأول المنصرم وأثناء تنزّهي ليلاً في ساحة ميدان التحرير بصنعاء، لفت انتباهي شيئان متناقضان: الأولّ، زينةٌ على شكل رقم ١٤ تُضيء قمّة جبل نُقُم المطلّ على الساحة، والثاني، محل لبيع الصحف يحمل اسم "كشك ٧ يوليو". ولئن كانت زينة الجبل ترمز ﺇلى ١٤ أكتوبر ١٩٦٣، أي يوم انطلاق ثورة الجنوب على الاستعمار ونظام الحماية البريطانيَيْن، فإن اسم الكشك يرمز ﺇلى ٧ تمّوز ١٩٩٤، أي إلى يوم انتصار جيش الشمال على جيش الجنوب، هذا الانتصار الذي وضع حدّاً لتقاسم السلطة السياسية والعسكرية بين التنظيمين الأوحدين في الشمال والجنوب (المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني) منذ "ﺇعادة" توحيد البلاد عام ١٩٩٠.
    طبعاً، التناقض المذكور مجرّد مصادفة، ﺇلاّ أنّها من نوع المصادفات التي تفوق بدلالتها الخطط المعدّة سلفاً. ولئن كان احتفاء نظام صنعاء بالذكرى الخامسة والأربعين لثورة الجنوب يأتي من باب التأكيد على وحدة اليمن عبر دمج أحداث الجنوب الكبرى في روزنامة الأعياد الرسمية، فان ﺇسم الكشك يعيد التذكير بأن هذه الوحدة ليست، في نهاية المطاف، سوى سيطرة الحكم الشمالي على الجنوب من خلال تمييز مناطقي متراكم أفضى في نهاية الأمر ﺇلى حركة احتجاجات مطلبية ثم سياسية تبلورت في ربيع وصيف ٢٠٠٧ وعُرفت باسم "الحِراك الجنوبي".



    تمييز مناطقي مديد
    يُحسَب لحركة الاحتجاجات الجنوبية ﺇدخال مضامين عمل جماعي قليلة الألفة بالمبدأ في اليمن، ساهمت في كسر صورة منمَّطة كثيرة التداول في الإعلام الغربي والعربي، والتي يتمّ بموجبها اختزال هذا البلد في عنوانين اثنين لا ثالث لهما: خطف الأجانب والارهاب. كما ساهمت حركة الاحتجاجات هذه في اسقاط مؤقّت وجزئي لفرضيّة الباحثين الثقافَويين الذين يرون في بنية اليمن الاجتماعية والدينية عائقاً أمام نجاح الحركات المطلبيّة في التعبئة الجماهيريّة.
    لمخلّفات حرب أياّر-تمّوز ١٩٩٤ بين شريكَي الوحدة اليمنيّة آثارٌ عميقة في اهتزاز التوازن المناطقي على حساب الجنوب الذي يشمل، للمناسبة، ثلثي مساحة البلاد، إذ يضمّ المحافظات الشرقية أيضاً ويحتوي على القسم الأعظم من الثروات النفطية والسمكية، ولكن نسبة عدد سكاّنه لا تتجاوز الـ٢٠%. فالتمّييز المناطقي بدأ بتعيّين عدد مهم من كبار الموظّفين الشماليّين على رأس الكثير من الإدارات المحليّة وأجهزة الأمن العاملة في الجنوب، كما تمثّل هذا التمّييز بالسطو على أراضٍ، كانت مؤمّمة أياّم الحكم الاشتراكي، تمّ توزيعها على أقطاب نظام صنعاء وأتباعهم. ومن نتائج التميّيز أيضاً، تسريح آلاف العسكريّين والموظّفين المدنيّين الجنوبيّين وجعلهم "متقاعدين"(1). ومن هؤلاء ستنبثق نواة الحراك الجنوبي عام ٢٠٠٧.
    في بداية الأمر، قاد ناصر النوبة، وهو ضابط سابق في الجيش الجنوبي، حركة التعبئة التي شملت رقعتها محافظات عدّة كالضالِع وعدن وحضرمَوت، وتَمثَّل المطلب الرئيسي للحراك آنذاك في إعادة تقويم معاشات "متقاعدي" الجيش الجنوبي ودمج الشباب منهم في مختلف الأجهزة الأمنيّة.



    استراتيجية صنعاء الجنوبية
    اعتمد الحراك الجنوبي على مستوى ترتيب صفوفه الداخلية اتّجاهاً صَفْحياً تُوِّجَ بعقد "لقاءات التصالح والتسامح" بعدن في ١٣ كانون الثاني ٢٠٠٨، أي ٢٢ سنة بالتمام والكمال على الاقتتال ذي البعد المناطقي و"القبلي" بين أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي. ففي ذلك اليوم من عام ١٩٨٦، تَواجَهَ فريق بزعامة علي ناصر محمد، رئيس الدولة في حينه، مُعظم قواعِدِه من مناطق أبيَن وشَبوة ويافِع، مع فريق بزعامة علي عنتر وصالح مُصلِح وآخرين، ومعظم قواعِدِه من الضالِع ولحِج ورَدْفان. أطلق الفريق الثاني اسم" الزُمرة" على الأوّل فيما نَعَتَ الأوّل الثاني بـ"الطُغمة".
    على الرغم من مقتل عنتر ومُصلِح، انتصرت "الطُغمة" على "الزُمرة" بعد معركة دامت عشرة أيام وأوقعت عشرة آلاف ضحيّة. لجأ علي ناصر محمد والآلاف من أنصاره إلى صنعاء حيث احتضنهم الرئيس الشمالي علي عبدالله صالح حتى قيام الوحدة عام ١٩٩٠. منذ ذلك الوقت ونظام صنعاء يلعب على التناقض بين الفريقين في تعامله مع الجنوب، الأمر الذي دفع الصحافي نبيل سُبَيع إلى التمييز بين "جنوبيي الوحدة الأولى"، أي العناصر المحسوبة تاريخياً على "الطُغمة"، و"جنوبيي الوحدة الثانية" أي العناصر المحسوبة تاريخياً على "الزُمرة" ما عدا علي ناصر محمد(2). فوحدة عام ١٩٩٠ حدثت على حساب" الزُمرة" مما دفع قائدها للجوء السياسي في الخارج (دمشق)، إلاّ أن معظم عناصرها الذين كانوا قد دُمجوا في الجيش الشمالي َبقَوا في الداخل. عام ١٩٩٤، عقب هزيمة الجيش الجنوبي المحسوب تاريخياٍ على "الطُغمة"، استعان نظام صنعاء بعناصر "الزُمرة" ولكن من دون قائدها الذي بَقِي منفياً في دمشق. منذ ذلك الوقت ومعظم جنوبيي السلطة هم من مناطق محسوبة تاريخياً على "الزُمرة" أي أبيَن وشَبوة. جديرٌ بالذكر أن هذه المناطق لم تتعرّض حتى العام ٢٠٠٥ الى درجة التمييز نفسه الذي تعرّضت له المناطق المحسوبة تاريخياً على "الطُغمة" أي لحِج والضالِع إذ لم يُعيَّن، عموماً، على المناطق الأولى، خلافاً للثانية، مسؤولين شماليين.
    عام ٢٠٠٥، بدأ علي عبد الله صالح يمارس ضغوطاً على مسؤولين جنوبيين محسوبين تاريخياً على "الزُمرة"، وكان أبرز تجلٍّ لهذا المنحى الجديد طلب أحمد الحُسني، وهو سفير اليمن في دمشق، اللجوء السياسي في بريطانيا. إلاّ أنّ الفريقَين الجنوبيَين اللّدودَين لم يقعا هذه المرّة في فخّ الاستراتيجية الجنوبية لنظام صنعاء، فنشأت فكرة التصالح والتسامح بينهما لا بل اتّسعت وشملت فاعلين آخرين كانوا قد أُقصوا في إطار صراعات جنوبية - جنوبية سابقة على العام ١٩٨٦.
    لهذه المقاربة المبنيّة على ثنائية "الطُغمة"-"الزُمرة" حدودٌ شأنها شأن كلّ مقاربة مبنيّة على تركيبة ثنائية. فالاستثناءات موجودة طبعاً إلاّ أنّها غير كافية في هذه الحالة لنفي القاعدة العامة بل هي تؤكدها.



    الجنوح المناطقي المعكوس
    يتّهم البعض هذا الحراك بتلقّي الدعم المادي من الكويت التي لم تغفر لعلي عبدالله صالح وقوفه إلى جانب صدّام حسين عام ١٩٩٠، والتي قد يكون لها مصلحة في دعم الاحتجاجات الجنوبية، خاصةً أنّ أقطاب هذه الاحتجاجات لم يتوانوا عن المقارنة بين الحالة الكويتية والحالة الجنوبية، فاختاروا ذات مرّة يوم ٢ آب ٢٠٠٧ للتظاهر في عدن محاكاةً لغزو القوات العراقية الكويت قبل ١٧ سنة بالضبط.
    ولكن مهما يكن من أمر الدعم المادي، فإن المَنحى الصَفْحي والحداثي الذي صادق عليه عشرات الآلاف من المتظاهرين في عدن يوم ١٣ كانون الثاني ٢٠٠٨، تعرضّ لردّة قاتلة أوقعته في فخ التعصّب المناطقي المعكوس. فعوضاً من أن يكون الحراك الجنوبي مدخلاً للمطالبة بالمواطنة المتساوية، تحوّل تدريجياً إلى ردّ فعل انطوائي تجاه أهل الشمال الذين نُعِتوا بـ"الدَحابِشة" نسبةً إلى دَحباش، وهو عبارة عن شخصية بسيطة وانفعالية ومُتذاكية في آن واحد جَسَّدها بطل مسلسل تلفزيوني كوميدي عُرِضَ في الشمال نهاية الثمانينات. ولم تنفع محاكاة التعبئة الجنوبية لحركات الاحتجاج العالمية من خلال التفكير لوهلة بتبنّي أشكال معاصرة للعمل الجماعي كارتداء قميص برتقالي أو اعتمار قبّعة كرة السلّة(3)، في ايقاف الجنوح التدريجي نحو الممارسات والخطابات العنصرية. جديرٌ بالذكر هنا أن العنصرية المقصودة ليست طائفية بل مناطقية، أي أن الشافعي التِهامي (من منطقة تِهامة) لا يقِلّ ازدراءً في عين الجنوبي المحتجّ وهو أيضاً شافعي، عن الزيدي الصنعاني حتى ولو كان التِهاميّون يعانون من تمييز سياسي واقتصادي لا يقلّ أهميّةً عمّا يعانيه الجنوبيون.
    لئن كان الحراك الجنوبي يعلن مراراً في بداية الأمر انضواءه ضمن إطار الوحدة اليمنية، فإنّ الفئة الراديكالية التي لم تكن في البدء تمثيلية، أخذت تزداد تأثيراً، فتصاعدت وتيرة رفع الشعارات الانفصالية والممارسات العنصرية. فقد رفرف علم اليمن الجنوبي السابق في أكثر من تظاهرة، وتمّ تخريب محال تجارية تابعة لشمالِيين في مدينَتي عدن والمُكَلاّ، كما اعتُدِيَ على عماّل بسطاء لمجّرد أن أصلهم من الشمال. لا بل وصل الأمر إلى حدّ التفكير بانشاء مركز أبحاث يهدف إلى إثبات الفصل التاريخي والتام بين الشمال والجنوب انطلاقاً من آيات قرآنية تأتي على ذكر الجنوب من دون الشمال والعكس بالعكس.
    وهكذا فإن انتهاج سياسة مواطنية تضع المسألة الجنوبية ضمن إطار مشاكل أخرى تعصف باليمن كحرب صعدة والفساد والفقر، أصبح بعيداً جداًّ عن نهج وأهداف الحراك الذي رفض أقطابه الانخراط في الحقل السياسي (بالمعنى الضيّق) المبني على المواجهة بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم واللقاء المشترك المعارض والمُشَكَّل من تحالف الحزب الاشتراكي (المعاد تنظيمه بعد حرب 1994 بشكل أدّى إلى بروز كوادره الشمالية) مع اسلاميّي التجمُّع اليمني للاصلاح وزيديّي حزبي الحق واتحاد القوى الشعبية وقوميّي التنظيم الوحدوي الناصري وفرع من حزب البعث.
    لا شكّ في أن تقصير اللقاء المشترك في تبنّي القضية الجنوبية ساهم في خيار الحراك المذكور. ولكن، في مُجمل الأحوال، كان سيظلّ يُنظر الى اللقاء المشترك كتحالف شمالي يضمّ في ما يضمّ إسلامييّن تعاونوا في السابق مع نظام صنعاء أثناء حرب ١٩٩٤. حتى الحزب الاشتراكي، فقد تمّ الشكّ في جنوبيّة أمينه العام ياسين سعيد نعمان، إذ وصل الامر إلى حدّ التأكدّ من الموقع الجغرافي لمنطقة الصَبِّيحة التي ينتمي إليها نعمان، وهي منطقة حدودية محاذية لمحافظة تَعِز الشمالية. وقد زاد الطين بلّة خروج واحد من أبرز جنوبيي المكتب السياسي للحزب، حسن باعوم، على الالتزام بسقف الوحدة اليمنية وأضحى من أبرز الداعين للانفصال إذ أسّس "المجلس الوطني الأعلى لتحرير الجنوب واستعادة دولته".
    إنّ ازدياد الطابع الانعزالي للحراك الجنوبي أدّى بمن كان من أشدّ داعمي مطالبه في الشمال إلى أخذ مسافة منه تتسّع يوماً بعد يوم. فسامي غالب مثلاً وهو رئيس تحرير صحيفة "النداء" المستقلّة التي لم تبخل بصفحاتها لعرض قضية الجنوب، غمز مؤخَّراً من قناة "الانحلال الأخلاقي" لمسار الحراك. وشدّد غالب على أنّ "تعيير الشمالي بأنه يهودي أو فارسي لا يختلف عن تعيير العدني أو الحضرمي بأنه صومالي أو هندي أو هندونيسي"(4). هذا، ناهيك عن صرخة "برّا برّا يا زيود" التي ُردِّدَت غَيْرَ مرّة في التظاهرات، وهي خير تعبير عن التنميط الذي بات طاغياً على نهج الحراك الجنوبي. فهذه الصرخة تضع شوافع تَعِز والحُدَيْدَة وقسم من محافظة إبّ في سلّة واحدة مع زيود مناطق ذَمار وصنعاء وحَجَّة، لا بل إنّها لا تأبه للتَغَيُّر الذي طرأ على الانتماء للمذهب الزيدي منذ الثورة الجمهورية في الشمال عام ١٩٦٢ التي أطاحت بنظام الإمامة الزيدية. فبموجب التَغَيُّرالمذكور تُفهَم مثلاً الحرب الشرسة التي شنّها نظام علي عبدالله صالح على أتباع الحوثي الزيود في صعدة طوال أربع سنوات (٢٠٠٤-٢٠٠٨).
    في شهر أيّار من عام ٢٠٠٥، خلال زيارتي لعدن، حدّثني سائق باص عن حُبِّه لمدينته التي وصفها بـ"أُمّ اليتيم". يشير هذا التعبير الجميل إلى الطابع الكوسموبوليتي للعاصمة التي كانت تضمّ، أيام الحكم البريطاني المديد، ثاني أكبر مرفأ في العالم من حيث كثافة النشاط، والتي جمعت هنوداً وأفارقة ويمنييّن من مناطق شتّى وعامَلَتْهم كأبناء مدينة واحدة. إذًا، من البديهي القول ختاماً إنّه لا يليق بأُمّ اليتيم هذه، المآل الذي وصل إليه الحراك الجنوبي في اليمن.

    (1) أنظر Franck Mermier, " Yémen: le sud sur la voie de la sécession? ", EchoGéo, 2008
    (2) مقابلة مع الكاتب، صنعاء، ٣٠ أيلول ٢٠٠٨.
    (3) أنظر Susanne Dahlgren, "The Southern Movement in Yemen ", ISIM review, n°22, Autumn 2008,
    (4) أنظر سامي غالب، "غزو الحراك الجنوبي من الداخل"، "النداء"، ٤ نيسان ٢٠٠٩.


    باحث في معهد الدراسات السياسية، آكس- آن- بروفانس، فرنسام تخصص في الشؤون اليمنية
    • :: إدارة المجلس ::

    ابو الأحمدين

    • المستوى: 8
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 16, 2007
    عدد المشاركات:
    10,783
    عدد المعجبين:
    329
    الوظيفة:
    فني تكييف
    مكان الإقامة:
    الجنوب العربي
    رد: النهار اللبنانية:الحراك الجنوبي"في اليمن" التمييز المعكو

    شي عجيب ودراسة وافية كافية واكتفي بهذا التعليق لان التقرير شمل كل مناحي الفوضى من عام 86

    تسلم ابو يوسف القاضي ويسلم الكاتب

    وتقبل مروري وتحياتي

انشر هذه الصفحة