جاري تحميل محرك البحث

اهلاً وسهلاً بك في مجلس الخلاقي!
لكي تتمكن من المشاركه يجب بان تكون عضو معنا تسجيل الدخول بإستخدام الفيسبوك

تـسـجـيـل الـدخـول

|| للتسجيل معنا

أغاني الزواج في يافع

موضوع في 'الاسره والمجتمع' بواسطة د.علي صالح الخلاقي, يونيو 5, 2010.

    • :: الأعضاء ::
    • :: العضويه الذهبيه ::

    د.علي صالح الخلاقي

    • المستوى: 1
    تاريخ الإنضمام:
    يونيو 1, 2010
    عدد المشاركات:
    12
    عدد المعجبين:
    5
    الوظيفة:
    غير متوفر
    مكان الإقامة:
    اليمن
    أقدم فيما يلي الفصل الرابع من كتابي الموسوم(عادات وتقاليد الزواج وأغانيه في يافع) وهو الفصل الخاص بأغاني الزواج في يافع. وذلك تعميماً للفائدة ونشر الموروث الشعبي النفيس.
    أغانــي الـــــــزواج

    الأغاني من أقدم أشكال التعبير الفني التي عرفها الإنسان اليافعي, فهي تصاحبه في مختلف جوانب حياته وتعبر بمعانيها عن تجاربه الحياتية وتعكس مزاجه النفسي. فالغناء ليس فقط عامل ترفيه وتنفيس عن النفس إزاء صعوبات الحياة وقسوتها، ولكنه أيضاً باعث للأمل ومحفز للعمل ومؤنس في الوحشة أو الوحدة ومساعد في التغلب على هموم وصعوبات الحياة. وهكذا فأن الغناء كان ملازماً لليافعيين, رجالاً ونساءً, في كل عمل يؤدوه, أما الأفراح فالغناء هو عنوانها الرئيسي.
    وقد امتاز الغناء اليافعي( ) إلى ما قبل أربعة عقود مضت بالطابع الفلكلوري التقليدي، الضارب في القدم، المستند على إيقاعات متناغمة مع الرقصات والألعاب الشعبية التي يؤديها الرجال والنساء والأطفال، ويعبَّرون من خلالها عن أفراحهم وأتراحهم، سواء في الأعياد الدينية أو حفلات الزفاف أو تلك المصاحبة لهم أثناء تأدية أعمالهم المختلفة وفي الطقوس الحياتية اليومية المتعددة. فالغناء يرافق أعمال البناء والعمل الزراعي، ولا يزال لكل موسم زراعي أغانيه المميزة التي يؤديها الرجال والنساء بصورة مشترك في كل موسم زراعي، كما أن للرعاة أغانيهم ومواويلهم الخاصة، وهناك الزوامل القبيلة التي تبث الشجاعة وتحض على القيم النبيلة في نفوس أبناء القبيلة في الحروب والمناسبات الاجتماعية الأخرى، وكذلك التراتيل والموشحات الدينية، وغناء وإنشاد القصائد في جلسات السمر أو الراحة بمصاحبة القرع على الطبول أو بمرافقة آلة ذات نغم إيقاعي. وهناك أغانٍ خاصة بالنساء تؤدى عند طحن الحبوب أو جلب الحطب أو الماء أو هدهدة الأطفال وتنويمهم، أو في حفلات الزفاف حيث يتدرج الغناء الذي تؤديه النسوة وتتنوع إيقاعاته في المراحل المتعددة لحفل الزفاف، كالهدان والزفة وإقامة صفوف خاصة للغناء المصحوب بحركات راقصة تردد خلالها الأبيات الشعرية التي يرتجلها الشعراء في حلبات الصفوف النسائية وغير ذلك. وكما أسلفنا فقد ظلت المرأة إلى ما قبل العقد الأخير من القرن العشرين لا تعرف الحجاب، تعمل في الأرض وتجلب الحطب والماء وتطحن الحبوب وتشارك في الأفراح والأعياد، حيث تؤدي الرقصات النسائية وتردد الأغاني المصاحبة لها سواء في المنازل أو في المهرجانات العامة أو الزيارات التي تقام في الساحات العامة المكشوفة.
    ومن أهم معالم الغناء الشعبي في يافع أغاني الزواج التي تتنوع كلماتها وألحانها المرافقة لمراحل الزواج ومراسيم المتنوعة. فقد كان الزواج بمراسيمه وأفراحه عيداً, ليس لأسرتي العريس والعروسة فحسب, وإنما للقرية بكاملها، بل وقد يحضر أفراحه ضيوف من القرى المجاورة, وفي هذا المعنى يقول المثل الشعبي اليافعي "العرس لأثنين والفرح لميتين". وكان الزواج اليافعي يتميز بالأغاني الجماعية التي تؤديها النساء، ورقصات البرع والزوامل الرجالية, وفي الرقصات التقليدية الأصيلة للنساء أو الرجال أو المشتركة بينهما والتي اختفى معظمها في الوقت الحاضر.
    والأغاني التي كانت تصاحب مراحل ومراسيم الزواج اليافعي هي جزء من الغناء الفلكلوري العام المجهول النشأة, وهي ترانيم جميلة ضاربة في الجذور تجري على السنة العامة من النساء والرجال منذ أزمنة قديمة، يعود بعضها إلى ما قبل الإسلام، كما يتضح من بعض مفرداتها ومضامينها, كما في الأغنية النسائية "ألاَ واخرجي رجلش اليمنى وقولي يالخَضَر والياس", ألاَ توحي بقدمها لفترة ما قبل الإسلام؟!. وكذا قولهن "ألا اتشلشلي قومي -ألا يا صعدة الرومي" أليس فيها دلالة على سيادة الروم قبل الإسلام؟‍. وتعد هذه الأغاني الشعبية إرثاً عاماً ظل ينتقل من جيل إلى جيل بكلماتها وألحانها مع ما يضاف إليها من تجديد وتطوير وتعديل في هذه المنطقة أو تلك خلال المراحل التاريخية المختلفة, وهي تدخل ضمن نطاق التراث الحي ويصح أن نصفها بـ"الفلكلورية" أو "الأغاني التراثية". وهي تمثل في استمراريتها حلقة الوصل بين الحاضر والماضي، وكثير منها تشترك فيه مختلف مناطق يافع وقليل تختص به هذه المنطقة أو القرية أو تلك, وهي تعتمد على الألحان المتنوعة والإيقاعات الراقصة التي تختلف باختلاف الحالة التي تؤدى فيها أو تعبر عنها, كما تختلف أغاني النساء عن أغاني الرجال من حيث الإيقاع وطبيعة الصوت, فللمرأة ما يتناسب مع صوتها الرخيم.
    ومن دوحة ذلك التراث الخصب والأصيل نقتطف زهوراً يانعة تفوح بعبق التراث, اخترناها من مختلف مناطق يافع, وهي تعكس الحالة النفسية والعادات والتقاليد الاجتماعية.

    من الأغاني التي تسبق الحنا بعدة أسابيع
    جرت العادة في بعض مناطق يافع أن تبدأ النساء من أقارب العروسن بترديد أغاني (الهدان) قبل الزواج بفترة, تقل أو تزيد عن أسبوعين, سواء عند قيامهن ببعض الأعمال أو عند طحن الحبوب على الرحى أو أثناء سحق الهرد, بل وحتى عند طهي الطعام, وتؤدي النساء (الهدان) منفردات, حيث تردد كل واحدة منهن (الهدان) وكأنها تغني لنفسها, ومن تلك الأغاني:
    نخدمش واذِهْ الهَلِيِّهْ
    وا شُقيره وا رويِّهْ
    مسقيه في دار أبوها
    بنتنا وا قصعة الطيب
    وا سَبُوله باهيه
    وين كُنتي مسقيه
    والعسل له جانيه
    وا هديه لا بعيد

    والمعنى إننا سنخدمك أيتها العروس البهية الطلعة, التي تشبه السنبلة النظرة في الحقل, أو غصن الشقر الندي, وتشبِّه الأغنية الفتاة بوعاء الطيب (قصعة الطيب) التي تفوح بالروائح الزكية والتي يمكن أن تكون خير هدية إلى خارج القرية.
    ومع اقتراب موعد الحنا, تأتي النساء إلى بيت العروس ويرددن أثناء ذلك وحتى ليلة الحنا, عشية الزواج, أغاني (الهِدَان) الجماعية, منها:
    ألاَ جيت أخدمش
    ألاَ جيت أخدمش
    الا جيت أخدمش
    ألاَ جيت أخدمش
    ج جيت من داري
    جيت بالعاني
    ما حَدَا جَا لي
    وا حَلا حالي

    ومعناها لا يختلف عن الأغنية السابقة، فالنساء يؤكدن أنهن جئن لخدمتها خصيصاً وبصورة طوعية (بالعاني) دون أن يدعوهن أحد لمشاركتها فرحتها ويصفنها بالجميلة الحلوة المنظر (حلا حالي). وأثناء تأدية الرقصات النسائية تصاحبها أيضاً الأهازيج المناسبة لإيقاعاتها, على سبيل المثال:
    رَعْ البُنَّه قَبُوله وا كُلّ جاني
    تأنِّهْ وانتَدِبْ لك وا كُل زاجي
    توثق بالصَّبَح لا تزقر بلَِوْلاس
    ولا تطلع صَبَحْ متْهَوِّي ونوَّاس

    وكلمة (رَعْ) هي للفت الانتباه, والمعنى أنظر شجرة البُن اليافعي الشهير المثقلة بالثمار الكثيرة (قبول), وتوثق أيها الجاني بالفروع القوية (صَبَحْ، أصْبَاح) وتجنب الفروع الهشة أو الطرية (الأولاس). ومن ذلك قولهم في المثل الشعبي (لا تزقر الاَّ بلصباح، رَعْ من زقر بالشّذب راح). وتأن لكي تحسن الاختيار أيها القوي البنية والمقتدر (الزاجي) وحذار من الأغصان التي يمكن أن تهوي بك إلى أسفل الشجرة.
    ومن أغاني الحنا:
    أغاني الحنا تكاد تكون واحدة في كثير من المناطق مع اختلاف طفيف في صيغها، ومن أشهرها:
    على الحنا، على الحنا
    على الحنا، على الحنا
    على الحنا، على الحنا
    على الحنا، على الحنا
    تحنّا به صغير السن
    على الحنا، على الحنا
    على الحنا، على الحنا
    ألاَ بسم الله الرحمن
    ألاَ واخْزَا الله الشيطان
    ويهنا من تحنا به
    تحنى خيرة اصحابه
    وذي عاده بزَغْ نابه
    نمر يِنْهَم من اشْعَابه
    جُويهل نقَّشْ اكفافه

    ويلاحظ هنا أن أغاني الحنا تستهل بشكل عام بسم الله الرحمن الرحيم التي تستفتح به كل الأعمال، والدعوة أن يفضح الله الشياطين ويجنب الناس من شرورهم, ثم تقدم التهنئة للعروسين صغيري السن, ويوصف (الحريو) بالنمر الذي ينهم بصوته من فجاج الشعاب الجبلية ، فيما توصف (الحريوة) بالجويهل أي صغير السن الذي ازدانت كفيه بنقوش الحنا.
    وعلى لسان أم الحريو (العريس) تردد النساء:
    ألا بسم الله الرحمن
    على الحنا على الحنا
    ألاَ يا من خدَم مالي
    ألاَ من كال بالصِّيني
    ج ألا وا يبْعِدْ الشيطان
    وذا حنّا حنش ثعبان
    سَلَفْ والاَ قضا يا ناس
    ألاَّ با خلِّصَهْ بالكاس

    والمعنى أن أم الحريو (العريس) تعتز بابنها الذي تلقبه الأغنية بـ (حنش ثعبان), وهو وصف يتسق مع المألوف في وصف الرجال, فالأسد والسِّبع والنمر والحنش صفات تطلق على الشجاع. وتذكر الأم النساء المشاركات في الغناء أو في خدمة العريس (ألاَ يا من خدم مالي) أي أن من جاءت للمشاركة في هذه الفرحة إنّما جاءت لتسجل دين على الأم ينبغي لها أن تقضيه في فرحة قادمة أو أن الأم تسترد ديناً لها من قبل بعض المشاركات التي سبق للأم أن قدمته لهن في فرحة مماثلة عند زواج أولادهن, وهكذا هي الحياة تعاون وتكافؤ وأخذ وعطاء, بل أنها تؤكد بأنها سترد الجميل مضاعفاً ومن كال لها بالصيني (الفنجان) فسترد له بالكأس.
    ونورد هنا مجموعة مختارة من تلك الأغاني المرافقة لخروج الحنا في بيت الحريو, على صوت آخر, وقد تختلف الكلمات هنا وهناك لكن اللحن هو عام ومشترك في مختلف المناطق والمضمون متشابه في معناه العام:
    بسملوا يا ذي حضرتوا
    وألف صلوا عالنبي

    بسملوا باسم النبوة
    واسم بن طالب علي

    حوّطوا جَهْدَا بياسين
    من عيون الحاسدين( )

    باركوا لأهل الزواجه
    والعروسين قبل حين

    واطلعوا الحنا لجهدا
    وا طلوع العافيه

    شقروا جَهْدَا بورده
    والغصون الراويه

    وا نزف المُهْر لَحْجَل
    ذي لقط واتخيَّرَهْ

    مُهْرْ خِلِّيْ ذي تخيَّر
    واجْلَبَهْ من بندره

    ما على جَهْدَا غُلابه
    لا دفع فيه أعشره

    بسملي يا أمَّهْ على اخِّيْ
    واطرحي جنبه كتاب

    واطرحي مُرْ الحبيشي
    حكحكي له كل باب( )

    بنت عماته وعمه
    زوَّجُوا حسناء لشاب

    شابنا يسوى محطه
    شاب واخوانه شباب

    با اخدمك خدمه بعيني
    خدمتك عالعافيه

    با أخدمك قد جيت عاني
    ذي عليَّا مقديه( )

    يا عُبَاد اسْلا تِنَهْجَرْ
    سَوْ عالسَّوداء حجر

    عاد أبوك الجِيْدْ لَعْصَرْ
    با يوفي ما قصر

    ذي يرد اليابس اخضر
    وان عَصَرْ حَبْل اعتصر

    جيت عاني رد بالدّان
    لا محلك والمكان

    با أخدمك وا ذيب سرحان
    ذي بتعدي عالسمان

    با اخدمك يا أخِّي وعيني
    في صباحي والعشي

    با اخدمك عافية راسك
    خير لي من كل شي

    با اخْدُمك بسعد خُوتك
    نابلين الروميه

    والمضلَّع والبلاخي
    كسب ما هي حاليه( )

    واطلعوا حنّا لجَهْدَا
    واطلوع العافيه

    واطلعوا حنّا لجَهْدَا
    قبل تحمى الهاجره( )

    تفرح أمَّه يوم تسمع
    خدمته والمحجره

    واخدمينه يا خواته
    يا بنات اعْمُومته

    وا تقع حَفَّه وزَفَّهْ
    باركُوا له يا اخوته

    قرِّبُوا له ما يريده
    يا الحيور الظاميه( )

    فرِّشُوا من شان جَهْدَا
    عالهِدِهْ مَخْمَل حرير( )

    وا يرَوِّحْ ظبي عامر
    وا يحُطَّه عالسرير

    ومنها أيضاً على صوت آخر يخاطب الحريوة:
    ألاَ نَعِيْمْ وا ذِيْ جَعيْدش أيَّدْ الفاليه

    وا ساعة الزين

    ألاَ نعيم سِيْنِهْ بسِيْنِهْ عالجنوب الحسان

    وا ساعة الزين

    ألاَ نعيم وا لُوْل وا مِرْجَان عالعافيه

    وا ساعة الزين

    تخاطب الأغنية العروس.. ألاَ لتنعمي برغد العيش وحسْنِ الحال أيتها العروس ذات الشعر الكثيف (الجعيد) الذي أخَّر المسرحة التي تمشطه وترتبه (أيَّد الفالية) بسبب كثافته, ولتنعمي بتلك الضفائر الكثيرة التي تتدلى على الكتفين (الجنوب).. نعيم لك أيتها اللؤلؤ والمرجان.
    ومن أغاني الحنا أو (التلجين) كما يسمى ببعض المناطق:
    بسملوا ياذي حضرتوا
    بسملي يا أمَّهْ عليَّا
    على الَّليْجَنْ على اللّيجَنْ
    تلجَّن به صغير السن
    ألا ياسين من عيني
    بسملوا على حبيبي
    والف صلّوا عالنبي
    واطرحي جنبي الكتاب
    ويسلم من تلجَّن به
    وذي عادة بزغ نابه
    ومن أعيان خلق الله
    وألف صلوا عالنبي

    ومن أغاني الهدان المصاحبة لمراسيم الحنا:
    واطلعوا الحنَّا لجَهْدَا
    يا طلوع العافيه

    رحبي بالغصن لخضر
    والغصون الراويه

    بنتنا تسوى محطَّه
    في ثمنها غاليه

    رحبي حيّا وسهلا
    كل خطوه في ميه

    رحبّي زوجتش أخِّيْ
    من رجال الباديه

    بارك الله لش بجهدا
    بالهنا والعافيه

    مرحبا يا بنت لَجْوَاد
    في شروعش وافيه

    مرحبا بش جابش الله
    والعَمَدْ عالتاليه

    وعند مغادرة الشواعه:
    بعد أن يتجمع الشواعة بجانب منزل الحريو استعداداً للتوجه إلى بيت العروس تردد النساء أهزوجة وداع الحريو على لسان أمه التي تستودعه الله وتترقب عودته مع عروسته بشوق كبير, ولا تنسى أن تقول لمرافقيه أنه أمانة في أعناقكم فسيروا به سيراً رويدا واحرصوا عليه من كل مكروه يعترض طريقه, الحجارة (الحصأ) والريح (النويدا) ومن أشعة الشمس الحارقة:
    يا هِدَاني.. مالي مع الله وداعه
    يا هِدَاني.. مالي معاكم أمانه
    يا هِدَاني.. سيروا بمالي رويدا
    يا هِدَاني.. من الحصا والنويدا
    يا هِدَاني.. بالشمس سوّوا له ظلاله
    ج يا هِدَاني
    يا هِدَاني
    يا هِدَاني
    يا هِدَاني
    يا هِدَاني

    وعند وصول شواعة العريس:
    عند وصول الشواعة إلى جانب بيت العروس يتم استقبالهم من قبل الرجال بالزوامل الترحيبية (انظر الزوامل), كما تستقبلهم أم العروس ومعها بعض النساء بالبخور, فيما تردد النساء من على شرفات وأسطح المنازل بأغنية (الهِدَان) التقليدية التي تستهل باسم الله وبالنبي وصحابته ثم ترحب بالشواعة وبالحريو ترحيباً كثيراً يوازي عدد نجوم السماء في تلك العشية، ويطالبن عمته أن ترحب به وترش طريقه بالعطر والرياحين, ويشبهن العريس بالصقر (السافع) الذي جاء ليستأثر بالحمامة (العروس), ويصفنها بالهليِّة, أي التي عاشت في رغد ويسر ولم تعرف الشقاء:
    وا هِدَاني.. بسم الله ابْدَأ بلآسام
    وا هِدَاني..وبالنبي والصحابه
    وا هِـــدَاني.. يا مرحبا وألف مَرْحَبْ
    وا هِدَاني.. وا مرحبا مَرْحَبيّه
    وا هِدَاني.. عِدِةْ نجوم العشيّه
    وا هِدَاني.. يا عَمِّته رحبِّي به
    وا هِدَاني.. بالعطر رُشِّي طريقه
    وا هِدَاني.. حيَّا على الرأس والعين
    وا هدَاني.. يا مَرْحَبَا بالشَّواعه
    وا هــِدَاني.. من هو كبير الشَّوَاعه
    وا هِدَاني.. مثل المثوره غيامه
    وا هِــدَاني.. سافع ومن بين سُفَّع
    وا هِدَاني.. سَيَّب وشَلّ الحمامه
    وا هِدَاني.. يا بنتنا يا هليه
    وا هِدَاني.. بنتنا ما تعرف شقيّه
    وا هِدَاني.. سقي الشقر لا حبوبه
    هِدَان
    هِدَان
    هِدَان
    هِدَان
    هِدَان
    هِدَان
    هِدَان
    هِدَان
    هِدَان
    هِدَان
    هِدَان
    هِدَان
    هِدَان
    هِدَان
    هِدَان
    هِدَان

    وعند الرماية:
    وأثناء رماية (النَّصَع) من قبل شواعة الحريو وشواعة الحريوة (المرحبين) تردد النساء الأغاني، منها هذه الأغنية التي تتحدث عن العريس الذي جاء مزهواً بعمامة حرير خضراء على رأسه, وجاء معه بالهدايا الثمينة محمولة على سبعة جِمَال، تشتمل على كل ما غلي ثمنه من اللؤلؤ والزهور والورود والطيب والبُر والتمر والعسل والكساء البيحاني الشهير, وخصص أحد الجمِال للغزالة التي جاء موكبه من أجلها خصيصاً.

    ألاَ صوت الحريو اقبل
    ألاَ سبعه جِمَال ادَّى
    على ر اسه حرير اخضر
    ألاَ من كل شي غالي

    وأثناء الأفراح المسائية تردد النساء أغاني الهدان التي لا تنسى الترحيب بالضيوف:
    يا هِدَاني حيَّا بمن جا على الرأس
    يا هِدَاني ألاَ فوقه شقر والتفحَّاس
    يا هِدَاني ألا ما بين لَحَّدْ ولَثْنَيْن
    يا هِدَاني ألاَ وبالمصاحف ولقلام
    ألاَ يا هِدَاني
    ألاَ يا هِدَاني
    ألاَ يا هِدَاني ألاَ يا هِدَاني
    ج
    وعقب الهدان تعقد النساء ألعابهن التقليدية في صفين متقابلين وهن يرددن أبيات شعرية للشعراء المتبارين فيما بينهم وتستمر حتى وقت متأخر, ثم يعُدن لترديد أهازيج مشابهة للهدان السابق، لكنها موجهة في هذه المرة للذريع، وفيها وصف لبضاعة الحريوة:
    ألاَ يا هِدَاني وادْعُوا لنا لا ذريع أُختي
    ألاَ يا هِدَاني ألاَ قولوا له إنَا نبا المِقْدِي
    ألاَ يا هِدَاني ألاَ قبضته ما وقرت سني
    ألاَ يا هِدَاني ألاَ عصيدته مِسْحة الرُّبعي
    ألاَ يا هِدَاني ألاَ عصيدته جُوْدَهَا رِبْعِي
    ألاَ يا هِدَاني
    ألاَ يا هِدَاني
    ألاَ يا هِدَاني
    ألاَ يا هِدَاني
    ألاَ يا هِدَاني

    وعلى صوت آخر قرب خروج الحريوة وكأن الأغنية موجهة لها:
    وا هُدْهُدي زلْ صوتك
    الليله الغٌصن عندي
    وعلى لسان الأم:
    عا كُنت بسرح وبَاوي
    الوالده ويش قاله
    هدَّدتني من منامي
    والقابله في بلاده

    شَلّوا حمامة فؤادي
    قاله بعافية مالي

    أغاني مرافقة الحريوة عند خروجها من غرفتها في بيت أهلها:
    ألا اتشَلْشَلِي قومي
    ألاَ واخرجي رجلش اليمنى
    ألا تَخَطري في صِرُوح أهْلِشْ
    ألاَ واسرحي وازقري بالله
    ألاَ وازقري به وا ضُمَاري
    ألاَ واسرحي وازقري بالله
    ألاَ خرجتي بالقدم ليمن
    ألاَ خرجتي من سدة اهلش
    ألاَ واسرحي وازهرة الصبح
    ألاَ قاله الفنّيه ياسين
    ج ألاَ يا صَعْدِةْ الرّومي
    وقولي يا الخضر والياس
    وما ادْوَهْ في صروح الناس
    وقولي يا الخضر والياس
    قد زقرنا به جميع
    من زقر به ما يضيع
    وقولي يالنبي لزهر
    ولا باب الله الواسع
    ذي من المشرق بدت
    دمعة أُمِّي قبتسيل

    وفي لحظات الوداع المؤثرة التي تمتزج فيها مشاعر فرحة الأهل بزواج ابنتهم بالحزن على فراقهم لها, تردد النساء أغنية الهدان المعبرة عن هذه اللحظة, وينشدن على لسان العروس بنشيد الوداع للأهل:
    ألاَ قاله البيضاء كرمتوا
    ألاَ واكرمك وا بَهْ حيُودي
    ألا يا به كُثُر خيرك
    ألاَ ما عادنا بنتك
    ألا َقاله البيضاء مع الله
    ألاَ واكرمك يا به ولَخْوَهْ
    ألاَ واكرمش يا الوالده
    ألاَ يا بَه كثر خيرك
    ألا يا به كثر خيرك
    ألا سيري ألا سيري
    ألا سيري ألا سيري
    يا أهل ذه الحَوزَهْ جميع
    واكرمش يا الوالده
    ورَعْ مفتاح مخزانك
    ألاَ ما اليوم بنت الناس
    يا أهل ذه الحَوْزَهْ جميع
    واكرم اصحابي جميع
    وأهل بَنْ عمّي جميع
    ويعقبنا عليك الخير
    وذا مفتاح معقابك
    ألاَ يا ساعة الرحمن
    ولا مؤذي ولا شيطان

    يلاحظ هنا (قالت البيضاء) والمقصود بها العروس والمرأة بشكل عام كقولهم (تحجر له البيض) أي تزغرد له النساء. والبياض هو الصفة الرئيسية لبشرة المرأة اليافعية، والعروس في هذه الأغنية كأنما تقول الوداع أيها الأهل في هذه الحوزة السكنية.. الوداع يا أبي, أيها الجبل (الحيد) الذي أحتمي به, وأكرمك الله أنت والدة (الأم) على كل ما قدمتموه لي من رعاية وعطف وحنان وحسن تربية.. أودعكم لأنني بحكم سنة الزواج لم أعد أبنتكم، بل أنتسب إلى أسرة زوجي.. لذلك أودعكم مرة أخرى الأب والأم والأخوة وأبناء العم وأهل القرية جميعاً.
    وقد يأتي الهدان أثناء المغادرة بصيغة أخرى على لسان العروس وهي تودع أهلها والمحطاب (مكان الحطب) الذي جاءت بحطبه من بطون الجبال والأودية البعيدة. كقولهن:
    ألاَ با استودعك يا دار أبي
    ألاَ واستودع المحطاب
    ألا يا ليتني يا بَهْ
    ألا يا ليتني يا بَهْ
    ألاَ بَسْتَوْدعك يا بَهْ
    ألاَ واستودع أخواني
    ألاَ واستودعك يا بَهْ
    ألاَ واستودع المحطاب
    ذي نَجَّلت من لشعاب
    حُبَيْبِهْ وسط مخرانك
    حُرَيْفِهْ وسط جنبيتك
    ألاَ واستودع أخواني
    عِلُوبي ذي يظلوني
    وبَسْتَوْدِعْ جميع الناس

    والمعنى أن العروس تودع دار الأهل وكل مشاعرها وذكرياتها مشدودة إليه, لذلك فأنها تتمنى أن تكون حبة ذرة في مخزن والدها أو قطعة ذهب (حُريفة) تزين مقبض جنبيته التي تظل ملازمة له كظله, أي أنها لا تود أن تفارق الأهل.

    ومن الأغاني المرافقة لخروج العروس من بيت أهلها:
    قاله البيضاء مع الله
    اقبل الثالث فريع

    جا لي السافع وخذني
    من على شامخ منيع

    واكْرَمَكْ يا بَهْ حيودي
    واكْرَم اخُّوتي جميع

    ودِّعُوني بالسلامه
    كم لعيني ما هَجَعْ

    واكرمك يا به حيودي
    واكرمش يا الوالده

    قد معي خير ابن عمِّي
    مكسبي والفايده

    لا قَصَرْ عاد ابن عمِّي
    با يوفي بالسَّبُول

    واكرمك يا بَهْ حِيُودي
    وَيْشْ عادك با تقول

    واكرمك ما عاد لي بك
    قد خَدَمْنَاك القَبُول

    بخت بنتي حوَّل الله
    با نودّعها وديع

    با نحجِّبْهَا بعاشور
    والزواجه لا الربيع

    وافرحي وا مالها أُمّش
    وا دواء قلبي الوجيع

    وازقري به وا حلالي
    قد زقرنا به جميع

    وازقري به لا تخافي
    من زقر به ما يضيع



    على صوت آخر:
    ألاَ يا بَهْ كثر خيرك
    جَبَاك القفل والمفتاح

    طرحت البيت والوادي
    بيترَعْوي به الفلاح

    ألاَ لا عند بَنْ عمِّي
    وبا اسْلا لي معه وارتاح

    وبن عمّي يبى منّي
    حبُوب الليم والتفاح

    ومن ذي تشرع النوبه
    عسل حالي دواء لَجْرَاح

    ألاَ يا بَهْ كثر خيرك
    طرحنا لك ذه البقعه

    خرجت اليوم من عندك
    وعيني تقطف الدّمعه

    ألاَ وعند بن عمّي
    وسِيْرِهْ ما بها رجعه

    ألاَ ويش أرجع آسَوِّي
    وعاد القلب به وجعه

    بدل ما كنت خادمتك
    تخُذ لي بالسنه رقعه

    ألاَ وانتي اكرمش يا أُمَّهْ
    حيُودي واكرمك يا بَهْ

    وخُوتي مالي الغالي
    نمار الحيد واذيابه

    وبَنْ عمّي حبيب الروح
    وصلني عاصر اشنابه

    ذَبَحْ لي ثور عالسدّه
    وضيَّف منّهْ اصحابه

    فتح لي باب واتْجَمَّل
    فتح له خير من بابه

    وعند اقتراب الوداع من نهايته تقول الأغاني:
    واسرحي ودَّعتش الله
    واسرحي يا عُود لبنوس
    واسرحي يا خيتم أمش
    واسرحي يا غصون أمش
    واسرحي يا ميل فضِّه
    صادفش سعد السعود
    خلّي الوادي ينوس
    يا ذهب جنبية أبوش
    يا عمامة راس ابوش
    وأهلش أميال الذهب

    ثم تردد النساء الوصايا التي يجب على العروس أن تعمل بها في بيت الزوجية الجديد، أي أن تكون زوجة مثالية، حسنة السلوك، تحسن خدمة أهل زوجها، توقر الكبير وتعتبره بمرتبة الأب وتعطف على الصغير وتسميه الأمير، وتهتم بزوجها (ابن الناس) وفي من يعمل معه أو ضيفه (بتوله والدخيل)، وأن تكون كريمة حتى لا يقال لها (بنت بخيل) ولكي يقال أنه أحسن الاختيار (تندَّب) من أفضل حبوب الذرة (العوبلي) النقية.
    واحكمي دلَّه وصيني
    وقعي بُنَّهْ على الباب
    الله الله يا المليحه
    الله الله يا المليحه
    والكبير ادعيه وا بَهْ
    الله الله وا مليحه
    الله الله في بَنْ الناس
    الله الله وا مليحه
    ما جهيدا الاَّ تندَّب
    من سريف العوبلي
    ج واحكمي سكَّابها
    واحكمي جنَّابها
    بالذي وصَّاش أبوش
    بالخبر يأتي حَسْين
    والصُّغَيِّر وا الأمير
    بالوصوف الغاليه
    في بتوله والدخيل
    لا يقولوا بنت البخيل
    قد لقط من خيرة الحب
    حَبْ ماشي به ربُوش

    وقد تتكرر صيغة بعض الأبيات مرات ومرات كما في مطلع الأهزوجة التالية التي توصي العروس أن تقدر أهل زوجها بمثل تقديرهم لها، وأن لا تتحمل الضيم إذا ما بدر منهم وترد على كل سيئة بمثلها:
    ألاَ سيري ألاَ سيري
    ألاَ ومدِّي رجلش اليمنى
    ألاَ سيري ألاَ سيري
    ألاَ أن قدَّرُوش الناس
    ألاَ وان شاتموش الناس
    ومُدِّي رجلش اليمنى
    وقولي يا الخضر والياس
    خطيوه قسميها اسداس
    سي مقدارهم عالرأس
    ردِّي بالكلام أخماس

    وعند الترحيب بالعروسة
    عند اقتراب العروسة من بيت العريس تكون النساء من أهل الحريو في استقبالها، فتنزل إن كانت راكبة على ظهر جمل، وتتخذ موقعها المعتاد أمام الموكب وعلى يمينها ويسارها المرافقات، والعريس يسير ورائها ومعه مظلة يظلها من اشعة الشمس، وتزغرد النساء ثم يرددن أغنية (التصبيحة) ترحيباً بمقدم موكب العروس والعريس:
    وا صباح الخير لَخْيَر
    صبحنَا بظبيه
    صبحنا بجهدا
    صبحنا بجهدا
    ارفعي المَجْوَل شويه
    اعجبي سود المفارق
    اعجبي كمَّن مفدم
    اعجبي الضيعه وعدّي
    انظري الدار المشرف
    وا صباح العافيه
    والنمر ذي جابها
    صبحه بالعافيه
    والصحابه والنبي
    وا ترين ويش العجب
    ذي سلبهم روميه
    والغريس الدانيه
    عشر من فوق الميه
    مسكنش بالعليه

    إنها أجمل وأرق تحية تستقبل بها العروس في ذلك الصباح المفضل، ليس فقط بالنسبة للعروس، بل ولأهل العريس فها هو هذا الصباح الخيّر قد حمل إليهم ظبية فائقة الجمال (العروس) الذي جاء بها النمر (العريس) وهو يوصف أيضا بـ(جَهْدَا).. وها هي الأغنية الترحيبية تطالب العروس أن ترفع النقاب قليلاً (المجول) لترى العجب في محيطها الجديد.. سترى الرجال الصناديد (سُود المفارق) ممن يحملون الأسلحة التي يطلق عليها (الرومية) وهي صنف من الأسلحة القديمة.. وسترى الجِمَال المفدمة وشتلات البُن الدانية.. وسترى قطيع الأغنام (الضيعة) الذي يصل عدده مائة وعشرة رأس من الأغنام.. وسترى القصر المنيف المؤلف من عدة أدوار وهو متوج بـ(التشاريف) التي تزدان بها البيوت اليافعية بنمطها الفريد، وفي هذا القصر سيكون مسكنها في (العلّية).. والمعنى أن هذه الأوصاف تفصح عن الحالة الميسور ة لبيت الزوجية.
    وعادة تسير النساء في الموكب ببطء شديد، ووقد يكون الصوت والإيقاع على النحو التالي:
    ألاَ يا مرحبا حيَّا وحيَّا اليوم ذي جانا

    ألاَ ويش الهديه ويش جاب اليوم لاصحابه

    ألاَ هو جاب نوبه جانيه وا جاب صرصروره

    ألاَ هو جاب من حب البلد منسوف من شوبه

    ألاَ قالوا سبوله من سبول الشام ملقوطه

    ألاَ يا مرحبا حيّا وصِلْتي مطرح العُرَّاف

    وصلتي مطرح العُرَّاف, ألاَ مطرح قبل واشراف

    عسى وانتي بريكانه على أهل الدار واركانه

    عسى وانتي بُريكانه على بُوْشَهْ ورعيانه

    ألاَ يا مرحبا حيَّا بجهدا هو وبنت الناس

    ألاَ يا مرحبا حيّا وحيّا بش وباصحابش

    ألاَ يا مرحبا حيّا سباعي محظِيِهْ لَطْرَاف

    نجد النساء هنا يستقبلن العروس بالترحيب بمقدمها، ويتساءلن.. ترى ما هي الهدية التي جاء بها العريس؟.. هل جاء بنحلة (نوبة) تصنع العسل؟.. أم جاء بصرصورة؟!.. أم جاء بحَبْ الذرة البلدي النقي من الشوائب (منسوف من شوبه)؟!.. وتجيء الإجابة على الفور في قولهن أنه جاء بسنبلة من سنابل الذرة الشامية المختارة بعناية.. ثم يرددن الترحيب بوصولها إلى مسكن القبائل والأعيان والأشراف (مطرح قبل واشراف).. ويستبشرن بمقدمها خيراً، ويتمنين أن تكون ذات بركة على البيت وأهله وعلى ماشيته وأغنامه (بُوشه) ورعيانه.. ويتكرر الترحيب بالعريس والعروس وبأهلها المرافقين ويشبهنها بـ (سُبَاعي محظية لطراف) أي بالإزار الجميل المزدان من أطرافه بالألوان والذوائب التي تزيده جمالاً.
    ومن أغاني الترحيب:
    ألاَ يا مرحبا حيَّا
    بظبيه من ظبا لَشْعَاب

    ذي اجلَبْهَا نمر سرحان
    هديه جات لا عالباب

    هديه جابها المولى
    تقول حصلت في المجلاب

    ونحله عادها عذراء
    جُويهل عا ولدنا شاب

    ألاَ يا مرحبا حيَّا
    بذي جانا دخيل اليوم

    ويا حيَّا لِبَنْ جَهْدَا
    ذي اقْبَلْ من تجاه القوم

    ومَنْ ذي به زجا لوَّل
    في البَرْدَهْ تجاه الحَوْم

    تشلشَلْنَا على صوته
    وقُمنا والكسل بالنوم

    ألاَ يا أُم الحريو ابدي
    بَنُشْ قالوا أوِيْ مهدي

    من المرتب طمع ودّي
    وروّح مركب الهندي

    هَجَمْ بالليل عالفرخه
    نمر سرحان ذي يعدي

    صباح الخير من بدري
    تصبحنا بيوم النور

    وصل لا عندنا فني
    وحوري من عيال الحور

    ألاَ عافية بن جَهْدَا
    يكُلْهَا بالعَسَل مَخْصُور

    تمَتَّح يا جمل وارتاح
    على مهلك حمُولك جور

    ألاَ مَنْعش ومَنْع اهْلُشْ
    خطيوه قسميها اخماس

    ومُدّي رجلش اليمنى
    وقولي يا الخضر والياس

    قَدُشْ حاضي بسُعد أهْلش
    وبن عمش صليب الراس

    وشي لله يا أهل الله
    وبالحمزه وبالعباس

    ومن كلمات الترحيب قولهن:
    وارْحِبِي يا مرحبا بش
    وارحبي ترحب رجالش
    وارحبي وا ذه الصبيه
    مخبيه في بيت أبوها
    وارحبي قد رَحَّبْ الجِيْد
    وارحبي بُنِّشْ مُجَحَّم
    وارحبي حيَّا مِيِهْ
    لا هم اثنعشر مِيِهْ
    وين كنتي مخبيه
    عالهده والشبريه
    ذي فرش بيته حرير
    والصَّياني جاهزه

    وعند وصول الزفة باب بيت العريس تنشد النساء المستقبلات بلسان أم العريس التي تنتظر استقبال العروسين في البوابة من الداخل قائلات:
    وارحبي يا مرحبا بش
    ألاَ حيّا صبوح أمه
    ويا حيّا ويا سهلا
    ويا حيا ويا سهلا
    ومدي رجلش اليمنى
    دخلتي بيت بن عمش
    رحبَهْ بش عمتش
    وحيَّا المال ذي روَّح
    ملان الحيد والوادي
    ملان البيت واضباره
    وقولي يا النبي لزهر
    وقولي يا صباح الخير

    ومن أغاني البراك:
    تذهب النساء في يوم البراك بأجمل زينتهن ومن أهم ما يرددنه في رقصاتهن وألعابهن في الصفوف النسائية أهازيج تحمل التهاني والتبريكات للعروسين وأههما:
    سـلام يا أهـل الزواجه بارك الله لكـم
    بارك لكـم في زواجتكـم وفي بيتـكـم
    لا شي معي بُن صافي كان قهويتكـــم

    صفوف الألعاب النسائية:
    خير وصف لهذه الصفوف النسائية ما كتبه الأديب الراحل محمد سعيد جرادة عما شاهده في إحدى الزيارات التقليدية السنوية في يافع عام 1978م حيث قال: "وفي يافع شهدنا أكثر من حفل تمثل فيه روح الإنسان اليمني الحضاري الذي تؤدي قدماه وسائر أجزاء جسمه الرقصة في إيقاع تعبيري يمتاز برهافة الحس ورقة المشاعر، ويؤدي لسانه القول سهل المأخذ قريب التناول لأنه يجري من القلب إلى اللسان جريان النبع من الربوة الغناء إلى السفح الخصيب.. وفي حفل الزواج تُعرَض أنواع من الرقصات الشعبية, فهناك الرقصة الجماعية التي تؤديها مجاميع من النساء يتحلقن في صفوف متراصة ووسط الحلبة يقف شعراء شعبيون يرتجلون مقاطع من الشعر يدور حول المناسبة ذاتها, وما أن ينتهي الشاعر من إلقاء شعره حتى ترتفع عقيرة الراقصات متغنية بآخر بيت أو بيتين من مقطعه الشعري وهن يختطفن من فمه الشعر بسرعة تسجيلية فوتوغرافية لا يتخللها بتر ولا خطأ.. وفي ساحة واسعة قريبة من سوق 14 اكتوبر شهدنا محيطاً متلاطم الأمواج من النساء اللاتي مثلَّن معرضاً جمالياً يشبه - إن لم يفق – معارض الجمال التي تقام في البلدان المتحضرة. إن النساء يتحلقن صفوفاً في تشكيلات منتظمة وقد ارتدين أحسن الملابس وزَيَّن الأجياد والخصور والسيقان بأنواع الحلي الفضية، ويؤدي الشعراء الشعبيون في هذه الاحتفالات الدور نفسه الذي يؤدونه في حفلات العراس"( ).
    هكذا كان الحال إلى عهد قريب، وكانت هذه الصفوف النسائية من أهم علامات الفرح في الأعراس والأعياد، حيث تنتظم النساء في صفين متقابلين وجهاً لوجه في ساحات مكشوفة أمام الملا، أو في غرف واسعة إذا كانت الأعداد صغيرة، وتتشابك أيدي النساء في كل صف ويقمن بحركات راقصة ويتحركن بأجسادهن من الأعلى إلى الأسفل ثم يتقدم الصف بحركة راقصة موحدة ليلتقي بالصف المقابل والعودة بذات النسق الإيقاعي إلى الخلف, وبالمثل يفعل الصف الآخر، فيما تردد النساء في الصفين بالتناوب وبصوت غنائي جميل الأبيات الشعرية التي ارتجلها للتو الشاعر وقالها بصوت مسموع بين الصفين. وقد يرتجل عدة أبيات شعرية لإظهار قدرته أمام أقرانه وأنداده، ولكن النساء في الصفين يلتقطن البيتين الأخيرين فيرددنها لفترة حتى يدخل شاعر آخر، وهكذا يمتزج في هذه الصفوف الشعر بالغناء بالرقص في لوحة إبداعية جميلة تأسر ألباب جموع المتفرجين على الجوانب من النساء والرجال. وقد تردد النساء أبيات من ذاكرتهن كاستهلال حتى يتقدم الشعراء لقول ما لديهم، كقولهن:
    بدعت بالله ذي ما نبدع انْ كان به

    بدعت بالله ذي لا راد شي قدّره

    سلام يا أهل الزواجه بارك الله لكم

    بارك لكم في زواجتكم وفي مالكم

    يا ليلة النور عاد افواجها سبَّره

    جيت آتِسَلِّى معكم يوم قلبي سَلي

    - حضر الشاعر يحيى محمد علوي الفردي (الحد – يافع) حفل زواج في قرية (شرف عوسان) فرحب به صديق الشاعر محمد علي الشرفي (أبو يونس) بالأبيات التالية:
    حيّا بيحيى محمد ما ذلَحْ ماطره
    من كُل غالي يخُذ له قدني آ خَيِّرَهْ
    ولو جلس شهر ما بنَّهْ سلي خاطره
    زمان خدَّاع قد شُفنا أوله آخره
    وسَا الذره من حدعشر والشعير أعشره
    أو كل ما السيل خَلاَّ كل وادي اجْوِرِهْ
    يا ريت يحيى يخُذ له بالشرف عاشره
    بو آسيا قال ماذا وقتنا ما ادْبَرَهْ
    ذي كان بالقاع قد سوَّاه بالمنظره
    ما واحد إلاَّ وبه من وقتنا شاتره

    فرد عليه يحيى الفردي على الفور بقوله:
    عَزَّه ويحييه ذي ما يذلَحْ العَاثره
    شُفته طلب عِلْم منّي ويش با خابره
    وكُا واحد بيشكي من وجع صابره
    والحق مسكين من ذي عاد با ينصره
    دائم شرُوعه وفيِّه ما بها قاصره
    شَكى من الوقت قال الوقت بيضجِّرَهْ
    ورَايْ ضاحَهْ وقدَّامي عصا جاسره
    بالميه تسعين لا دنيا ولا آخره

    صفوف البال
    وهي شبيهة بالألعاب النسائية وكانت توجد أيضاً في بعض المناطق (كلد على سبيل المثال)، وهي نوعان. الأول تتخذ النساء فيه صفاً مستطيلاً، فيما يقابلهن صف من الرجال, وقد يكون الصفان من الرجال. ويردد المشاركون في الصفين بالتناوب الأغاني بصوت البال ذي الإيقاع السريع ويرافق ذلك حركات اهتزازية على نسق واحد لكل صف من الأعلى إلى الأسفل مع انحناء للركبة ثم الاستقامة. والنوع الآخر كان يتداخل فيه المشاركون من الرجال والنساء، أي أن كل صف فيه امرأة بين اثنين رجال ورجل بين امرأتين وفي الصف عشرين رجل وامرأة ومثل ذلك في الصف المقابل وهم يؤدون نفس الحركات الراقصة السابقة المصاحبة لترديد أغنية البال، حيث يدخل الشعراء الشعبيين إلى وسط الصفين ويرددون الأشعار حتى يلتقطها المشاركون. علماً أن مثل هذه الصفوف تقام في القرى والتجمعات السكانية الصغيرة التي تتألف من أسر متقاربة. ومن نماذج كلمات الدّان، قول شاعر شعبي:
    يا بو العيون السود ربي فضّلك
    ذي كان عطشان ارتوى من لحظتك
    واعطاك ميزه ميَّزك فيها على العُربان
    وان غبت من عينه يبيِّت ليلته سهران

    ويرد عليه شاعر شعبي آخر فيقول:
    لا تسمق بحق الناس أُوبِهْ جربتك
    مولى العيون السود أُوْبِهْ يخدعك
    فيها العنب ناجح وفيها الليم والرمان
    سَعْفه أفاعي تنطلق من بطنها حنشان


    الرقصات اليافعية
    كثيرة هي الرقصات الشعبية اليافعية، منها ما هو للرجال ومنها ما هو للنساء ومنها رقصات يؤديها الرجال والنساء بصورة مشتركة.
    فمن الرقصات الرجالية: السَّفيخ، الرقصة الرجالية (السمرة)، رقصة العسكرية، ورقصة البرع الشهيرة. وكل الرقصات الرجالية يؤديها اثنان فقط، ما عدا البرع الذي يشارك فيه من أربعة إلى عشرة رجال أو أكثر. ومنه نوع يؤدى من الحركة، حيث تتقدم جماعة البرع موكب الزامل، في حفلات الزواج وهم يحملون الأسلحة وفي أياديهم اليمنى ترتفع وتنخفض الجنابي أو السيوف بحركة متناسقة وموحدة مع رقصة البرع الجماعية، ويصاحب البرع ترديد الزوامل بأصوات مرتفعة شبيهة بالنشيد العسكري ويرتل الشعراء الشعبيون الأبيات الشعرية في الحال وفقاً لظروف المناسبة. فيما تصدح إيقاعات الطبل والمرفع أو الطاسة وأنغام المزمار أو الشبابة. والنوع الآخر من البرع يؤدى في حلقات دائرية وبحركات راقصة لها قواعدها التي تسير وفق إيقاعات الطبل أو الطاسة.
    ومن الرقصات النسائية: النسوانية، الشوبلية والبنائية. والرقصتان الأخيرتان يشارك في تأديتما رجل وامرأة بصورة مشتركة، وهناك رقصات كثيرة أخرى بمختلف التسميات في كثير من المناطق.

    نماذج من الزوامل في مناسبات زواج مختلفة
    (1) زوامل في زواج أنهت فتنه:
    في العهود القبلية كانت فتنة قبلية ناشبة بين قبيلتين استمرت عشرات السنين وراح ضحيتها خمسة قتلى وعدد من المصابين، وذات يوم حضر أشخاص من القبيلتين مراسيم حفل زواج لدى قبيلة ثالثة لها علاقة طيبة بالطرفين المتقاتلين، فانبرى شاعر هذه القبيلة بزامل أراد فيه أن يضع حداً للفتنة القائمة بين القبيلتين، ووجه الزامل لممثلي القبيلتين المتخاصمتين قائلاً:
    قتل النفوس حرَّم علينا ديننا
    هل تقبلون الحُكْم ينهي للبلأ
    خمسه انتهوا بالقتل والجرحى نصيف
    ما عَرَّفك إنَّكْ تخَلِّصْ أو تضيف

    لقد أعطى الشاعر رأيه في الحكم المنصف بين القبيلتين لوقف المزيد من إراقة الدماء وإهدار المزيد من الأرواح، فيكفي خمسة قتلى، أي بزيادة واحد لا بد أن يثأر له أصحابه، ولكن من يدري فقد تخطئ رصاصة من هذا الطر ف أو ذاك فيزداد عدد القتلى، أما الجرحى فهم من الطرف الآخر، لذلك اعتبر الإصابات نصف دية وتدفع نصف دية مقابل القتيل الخامس وتنتهي بذلك هذه الفتنة. ومباشرة دخل شاعر القبيلة التي لها إصابات وعندها قتيل فقال:
    اِدُّوا لنا فرصه نشاور أهلنا
    هذه بليِّه نازله من ربنا
    والكبر للشيطان وابن آدم ضعيف
    وما حصل منكُور بالدين الحنيف

    ولم يتردد الطرف الآخر ممن لهم قتيل، بل أكدّ على لسان شاعرهم التجاوب مع هذه المبادرة، وطلب شاعرهم فرصة للتشاور مع الأقرباء وبالذات ابن القتيل:
    الحل واضح والعَمَدْ نياتنا
    با نجتهد والله شاهد بيننا
    والرأي للقربى وبالذّات الخَلِيْف
    ما حَدْ بيفرح بالفتن إلاَّ السخيف

    ويقال أن مشاورات جرت بين الطرفين مباشرة وتوصلا إلى اتفاق على الأساس الذي وضعه الشاعر الوسيط، وفي لحظة انتهت فتنة عمرها عشرات السنين.
    (2) زامل للشاعر منصر حسين السقاف، أثناء حضوره زواج في قرية (كُمِّيْتْ) بنجد العياسى في يناير 2000م قال فيه رداً على استقبال المرحبين للشواعة:
    سلام ما يرعد وما البارق برَق
    تقدير مَنْ رحَّب ومن فينا التحق

    من نجد لا كُمِّيْت موكبنا انطلق
    عَهْد الصَّهَاره با نجدد ذي سبق

    شَرْع الصهاره طَوْل ذي وصّى صدق
    والثالثه عالخير جاهد من سبق
    وارخى المطر وأمسى وظلى يا وديق
    ما اتلاجبه سُود اللّثامات الرشيق

    في هذه الساعه وذا الجو الطليق
    ما نفترق لو تحرق الدنيا حريق

    والثانيه ماشي صديق الاَّ بضيق
    نال الرضا الميمون من ربٍ شفيق
    ج
    (3) في قرية شرجان، بدع وجواب من زوامل بين السادة والعارف معهم، قال حسين محمد محسن العارف المنصوري الزامل التالي ويبدو فيه المزح من قوله (الحاجه أبقى من ثمنها) وهو مثل شعبي، أراد أن يقول أن المَهْر هو ثمن العروس:
    يا سدة الوادي سلامي
    جينا على حاجه أمَانه
    والدور تسمع من سكنها
    والحاجه أبقى من ثمنها
    ج
    فرد عليه السيد قائلاً:
    يا مرحبا حيا بقولك
    لو ما كتاب الله طرق
    ما البرق لحلح من مزنها
    ما المال حقك ما وزنها

    وعلى نفس النسق من التهديد، يقول البداع:
    الله يعزك يا المرحب
    والذيب يتشَجَّر بنفسه
    وكلمتك كُلاً فطنها
    وخَذ من الضّيعه سِمَنْهَا

    فرد عيه المجاوب:
    حيّا الله الليله بقولك
    لا ما سكت أخْرِج قنابل
    ما أهل اليمن تحمي يمنها
    يتعَوَّذ الشيطان منها


    بعد ذلك أوقفوهم عن الاستمرار في هذا المزاح الحاد والثقيل الذي قد لا يتقبلّه البعض. فارتجز أحد الشواعة زاملاً لتهدئة نفوس أهل العروس (المرحبين) فقال:
    منّي سلام ألفين قال المرتجز
    امْكَلمه الزَّينه تطلِّع مَيْدَمي
    با قسِّمَهْ بالكأس بين القَبْيَلَهْ
    وامْكَلمه الشَّينه شَعُوها تِنْزله

    فرد عليه السيد:
    حيَّا الله الليله بذي جاء عندنا
    اصفيتني وأوفيتني في كلمتك
    والضيف لا جاني عَليَّا الحق له
    من بعد ما لصَّه بجوفي شَعْمَلَه

    (4) ومن زوامل الترحيب بالشواعة، نختار زاملين للشاعر عبدالقوي عبدربه عبدالقوي العلوي في زواج بمنطقة الصفأة (الزغرور) عام 1997م يقول مرحباً:
    قال العلوي ألف حيّا وارحبوا
    من كال لي معروف جازيته وفاء
    قدر الشواعه كل واحد له قسيم
    والحق والباطل بكيله للغريم

    حيّا بكم يا ذي الشواعه مرحبا
    وأحْسَنْ قبيلي من عَرَف قدر العُوَلْ
    واهْدِي لكم من عطر جنَّات النعيم
    واثْبَتْ وجُوده عند سَكَّات اللَّطيم

    وله أيضاً زوامل يرد فيها على من رحَّب به وبالشواعه في زواجة أخرى في رخمة في نفس العام:
    الله يحيي كل من حيّا بنا
    اتعبتنا بقعا ورحنا بعدها
    ج يكتال من فوق الشوامخ والسهول
    والحق ضائع والمَخَارج والحلول

    سلام منّي للمطارح وأهلها
    مانَا وغيري من طلع والاَّ نزل
    ج ما جارت الدنيا وما جار الحمُول
    ماشي عجي بالطَّلْعْ والاَّ بالنزول

    (5) ذهب شواعة من كلد بصحبة العريس إلى منطقة السعدي التي تنتمي إليها العروس، وكان بين الشواعة رجال سحناتهم سوداء، فرحب شاعر السعدي بالشواعة محتقراً ذوي السحنة السوداء إذ شبههم بالغربان:
    حيَّا بكم يا ذي سندتوا عندنا
    ترحيبكم واجب علينا كلنا
    ويش ادخل الغربان لا بين النسور
    والعطر والرشاش ما منه عذور

    فأثار بذلك حفيظة الشاعر صلاح الكلدي الذي رد عليه بالقول:
    يا ذي بدعت القول دقيت البناء
    ميلاد واحد في عناية ربنا
    ويش با يقولون المكاتب والحضور
    لا ذا سليماني ولا ذا بن سرور

    (6) وفي مناسبة زواج أخرى بدأ بن سليمان السعدي وهو غير السابق في استقبال الحريو وشواعته من كلد بالقول:
    حيّا بكم يا ذي ولبتوا عندنا
    ما اليوم مدينا الصهاره والوفاء
    لا عند كابر ذي يناطح بالقرون
    بعد الوفاء والخوف قَنْتُوا بالأمان

    ويستشف من الزامل النظرة الاستعلائية وهو ما أدركه الشواعة واثار غضبهم، إلاَّ أن شاعرهم الشيخ ناصر بن مجمل قد هدأ الموقف بجوابه التالي:
    الله يحيي كل من حيَّا بنا
    لا بِدِّيْ الشَّعْلا ولا بطلب وفاء
    ج في قول كابر قد بنَاطح بالقرون
    ما أعجبكم أعجبنا بَلا والاَّ سكُون

    (7) جرى زواج في العهد القبلي في قرية (العلاة) مقر الطالبي والعطوي، وكان الشواعة من آل سنيد وجميعهم من كلد، وكانت الفتنة بين السنيدي والطالبي، فتزمل شاعر الشواعة عُبادي سعيد السنيدي بقوله:
    سلام منّي للمطارح
    قد حكمة المنشار بيدي
    ميدان من يصبح وماسي
    والجَسْر بقطعها بفاسي

    وجاء الجواب من الشاعر الشيخ محمد ناصر بن مجمل يؤيد فيه الطالبي فقال:
    سلام مني للمطارح
    لأهل الحديد الهندواني
    ما شمَّر المركب وغاصي
    ذي ما دخل فيه الخلاصي

    (8) في أواخر الخمسينات من القرن الماضي ذهب شواعة من آل المطري من قرية آل أحمد بلبعوس إلى قرية سَلَفَهْ برفقة العريس (الحريو) وكان معهم متزملهم الشاعر المرحوم عبدالله عمر المطري وأثناء مرورهم على القرى المختلفة في طريق وجهتهم كانوا يرددون الزوامل المختلفة، من ذلك زامل عند مرورهم في قرية الهجر:
    يقول ذي مِنْ حَدْ ما شَوْرَهْ لِحَدْ
    بِزْكِنْ على خيط السبيحه والردود
    سلام مني يدهم اطراف الحصون
    يا القبيله كُلاً معه وجهه زبون

    واثناء مرورهم أمام (حبيل قَلْحَهْ) قال:
    بسْرَح بِلَخْوَه ذي معي ثوب الجسد
    ذا وقتنا ذي ما معه ساعد ويد
    للحق والباطل فلا يترجعون
    شل الفساله بين حمران العيون

    وعند وصولهم رحَّب بهم الشاعر جرهوم وكان على رأس المستقبلين من أهل العروس (الحريوه):
    يا ذي ولبتوا رحَّب الحيد النَّسِم
    بيني وبينك سوم ما با يثتلم
    والحَيْد لَنْصَب ذي مقادي ذي عسيم
    وحوضنا مُصْتَان من قادم قديم

    فرد عليه الشاعر عبدالله عمر المطري بالقول:
    قال الفتى البُعسي بثوبي مُحتزم
    وان حد دعينا للطوارف ما نهم
    بين القبايل رأس سومي مستليم
    عاد الأسد يمسي وظلّي يا نهيم

    بدع آخر من الشاعر جرهوم:
    حيّا بكم لا حد دايم محتزم
    يا القبيله كُلاً مكانه ملتزم
    من الرُّبَعْ لا الفيدلية لا القويم
    أمور يخشى من عواقبها الحليم

    جواب المطري:
    بدحَق نَسَمْ ما اطرح لحَدْ من ذي عُلِمْ
    وان حَدْ فسل بالقبيله والاَّ تُهم
    بعدي مخوِّه ما يهابون الخصيم
    لا عافيه سرمد ولا شراً يديم


    وعند خروج الشواعة ومعهم العروس(الحريوه) في موكب العودة قال المطري مودعاً:
    رحنا نشرنا يا العصيب الجاسره
    من عندكم ماشي لقينا قاصره
    ج واكرمكم الله عد ما ثوَّر سهيل
    شرع المنيبه ذي تشل الحمل ميل

    وأثناء مرورهم أمام (المَحْجَبَهْ) عاصمة السلاطين من آل هرهرة قال الزامل التالي موجهاً إيّاه إلى السلطان فضل بن محمد بن هرهرة يحذر فيه من عواقب اللحاق بإتحاد إمارات الجنوب العربي:
    يا المحجبه يا عاصمة بن هرهره
    واليوم ذا من له عَلَمْ يتذكَّره
    قالوا عدن ضموه جنب المحميات
    يا بن محمد انتبه عالتاليات

    (9) في العهد القبلي ورغم الفتن التي كانت شائعة إلاَّ أن الناس كانوا يحترمون الهدنة والصلح ويلتقون ويتصاهرون وكأن شيئاً لم يكن بينهم، وقد حصل زواج أثناء فتنة الداوودي والفردي، فقد ذهب الشواعة برفقة الحريو (العريس) من الفردة، وعند مرورهم بقرية (آل ماجُوحْ) قال متزملهم الشاعر المرحوم مثنى صالح:
    سلام للماجوحي اثنعشر ميه
    لا التاح لي حدِّي ولا انّه داودي
    يا الرأس ذي بين التقارين الرِّجَاب
    ما التاح لي ضاو الهلالي بالسِّحَاب

    ورد عليه الشاعر صالح علي الداوودي:
    إن قلت لي حدِّي فقد هُوْ صاحبي
    وإن قلت داوودي فقدني منّهم
    ذي لا دعيته كان للداعي مُجاب
    وا تشهد الصفراء ومحجا ذا الحبَاب

    وعند وصول الشواعة إلى النقعة لم يظهر أحد للترحيب بهم أو استضافتهم – كما جرت العادة – فقال مثنى صالح الفردي:
    يا صاحب النَّقعه رَعْ السَّيل اقبلك
    وان ما معك نِضْيِهْ فقدنا نجزعك
    لا شاتعَبِّرْ وا تسقي بالسيول
    ولا تسي طيَّارتك بين الميول

    وعند وصولهم إلى عند آل داوود رحَّب بهم الشاعر صالح علي الداوودي(وادي الوهط) بزامل فيه رائحة التهديد حيث قال:
    مَرْحَبْ منبَّز كُل ما الهزَّاز هز
    رَعْ من عمل حرْجَز, ومن حَرْجَز نَجَز
    بالمرتجز ذي جاء من الكور الوريب
    وإن حَدْ عجز با نقلِبْ الدنيا قلِيْب

    وجاء الرَّد بنفس اللهجة من الشاعر مثنى صالح الفردي:
    عز المرحب كل ما البارق لمع
    وأنا سلام أربع وستعشر تبع
    من رأس حِلْيَنْ ذي يعزُّون الرَّبَعْ
    وسَلَّمت لَفْرُود والشور ارتبع
    سلام للساده وعُقَّال التَّبَعْ
    ياالداودي كُثر الشجز طاح الشَّرَعْ
    ياكَمْ صلب وادي وكم وادي زرع
    كم ذي معك وسط الطيَّاله والبرع
    كم كِلْت في كاسك وحبَّك ما رجع
    قال البهيشي ذي بقيفانه بدع
    لو لي حُمه وسط الحنش ما بي فزع
    من بين شوكات المذارب واللُّقع
    ما حنَّه المزنه وما شن الخصيب
    مقدار يتقسَّم على ذَرْي العصيب
    لا أسفل صبر لا الظاهره منِّي وجِيْب
    واسلابنا قد سلّمت سُود القصيب
    والقبيله ذي يشعلوا نار الكريب
    كسَّر لَدَاوي شانف الحيد الصلّيب
    وكم عملنا في شجرها والخليب
    رَعْ بي فزع لا يصل على الحَبْ الحَجِيْب
    وأوجعتني ذي نَا لك الأخ القريب
    والأصل داوودي وخالي والنسيب
    با جرّها من داخله غصبا غصيب
    ماشي عُقَلْ وارْكَاب والمَعْدَا قريب

    ثم تدخل العقال ودفروا لأنهاء الزامل، خوفاً مما قد يترتب بسببه من تداعيات، وعلى الفور اختتم الشاعر بذكر النبي قائلاً:
    ومن سمع صوتي يصلّي كل سَعْ
    على محمد طب ذي فيه الوجع
    ما السارحه تسرح وبالليل ابْتغيب
    ذي ريح جيبه مسك عالزاجي وطيب

    (10) شارك الشاعر المرحوم أحمد صالح الجوهري (عَبْسُوق) في زواج بالدَّرب في عام 1996م وقد تجاوز المئة من عمره بقليل، فقال مرحباً:
    يامرحبا حيّا بكم ما الماطر اخْصَب
    لا عند ذي ما يدِّي اقوال العتب
    وأهل السلب باصواتها يتجابوبن
    وان جَتْ خساره عندها يتحاسبون

    وعقب عليه الشاعر أحمد محمد علي قائلاً:
    حيّا بكم يا ذي ولبتوا عندنا
    ماهل بغيت اتخبَّرك ويش الخبر
    ج يملأ بلدنا واستند رأس الحصون
    رعْهَا مثوره بعد ما كانت سكُون

    رد عليه عبسوق بالقول:
    يا الثور لشعب ذي بتعمل بالصَّلَبْ
    رَعْ من عمل شجَّبْ ومن شجَّب صرب
    ذي ما اتَّلا للسَّحَبْ رعْهُم يتعبون
    واليوم جونا للبلد ذي يصربون


    (11) شارك الشاعر المرحوم شائف الخالدي والشاعر أحمد حسين عسكر في حفل زواج بالنصباء - سكن آل بن شِلْوِهْ، فبدأ الخالدي بقوله:
    حيّا لكم يا ذي ولبتوا عندنا
    رحَّب بكم مولى القرون المرجبه
    لا دار ذي ساسه ومعلاقه وثيق
    وأهله ولَخْوَهْ ثروة الشعب العريق

    ثم عقب بن عسكر بقوله:
    حيَّا لكم يا ذي ولبتوا عندنا
    لا مطرح الجودات وأصحاب الشرف
    ما طافوا الحُجَّاج بالبيت العتيق
    ذي عندهم قدر المحبّه والصديق

    الخالدي:
    ينزاد رأسي في كراديس العُوَلْ
    لو شورنا واحد وكلمه واحده
    ذي باسم يافع بهتري فيهم حقيق
    ما يوقف الشيطان حاجز في الطريق

    بن عسكر:
    حيَّا لكم يا ذي ولبتوا عندنا
    والقاره النصباء مع شامخ ثمر
    ج يدهم سفوح العُر لنْصَبْ والمضيق
    ما نفترق لو تحرق الدنيا حريق

    الخالدي:
    يا ذي بدعت القول حيّا زاملك
    يافع بني مالك وقاصد واحده
    ما اتْشَرَّع الجاهم بذا اليوم الشريق
    ما يفرقونا كل شلّه من فريق


    (12) شارك الشاعر الشعبي يحيى محمد علوي الفردي في حفل زواج ببني بكر وكان مع شواعة الحريو من آل بن نسر، وفي جانب المرحبين كان الشاعر الشعبي محمد عبدالله أحمد دينيش (القُمْعْ)، وبعد الترحيب، بدأ الشاعران المواجهة الشعرية، رغم ما بينهما من ودّ وصداقة حميمة،، فقال القمع:
    يقول بدّاع الزوامل
    لا اتْلَيَّنَهْ لشعاب قلبي
    يا صاحبي سرَّك تبيَّن
    قولوا ليحيى ما تلين

    الفردي:
    يا القُمع لا تقمع صديقك
    واذلَحْ لي الكلمه حَسِيْنِهْ

    ما ينفعك واحد محرّش
    رَعَهْ غريمي ذي رماني
    والهَرْج من عندي مثمَّن
    وإلاَّ رَعْ السَّكته لك أحْسَنْ

    ذي صَلَّح العُقدَهْ وأوَّن
    ما شي غريمي ذي بيشحن

    القُمع:
    يقول بدَّاع الزوامل
    رَعْنِي قوي قولوا ليحيى
    ويش نزَّلك يا حيد حلين
    ما دام عاده لي مدين

    الفردي:
    وأنا سلامي اليوم واجب
    ما ينحني راسي لصاحب

    شامخ ثمر رَعْ عاده أعلى
    ذي شُفت من رأسه حدودي
    جاك المطر وين آ تِكَنَّنْ
    لو يطحنوني وسط مطحن

    من شامخ القاره وحِلْيَنْ
    من مسوره لا ساحل أبين

    القمع:
    يا مرحبا لا دُور بالسَّاحه
    يا ضيف ذهَّنّي لَجَبْ صوتك
    من خمس سيناها ومن دورين
    حتى العُقَبْ من عشّهِنْ طارين

    الفردي:
    عز المرحب كل ما رحب
    وأنا معيَّا هاجسي وافي

    رَعْ الصُلابَهْ ذي لها عاده
    ذي حلَّهَا شي با يسويها
    يا ذي بتديني على حرفين
    بالقاف بيرجِّع لكم قافين

    كنِّي براهَا خاربه يَهْوين
    ماشي خساره لا دفع ألفين

    القمع:
    يا ذي بتقفز لا معَ رأسك
    بحري مِلَهْ قال ابن عبدالله
    شيَّبت واليوم الرُّكب قرَّين
    يا ذي بتسني لك على بيرين

    الفردي:
    يا ذي وقفتوا لي على المرصد
    يا ذي تقولوا سيفكم قاقطع
    ما بي فزَعْ لو تجلسوا يومين
    رَعْ قد معيَّا سيف أبو حدَّين



    (13) مختارات من زوامل زواج للشاعر المرحوم عمر أحمد عبدالنبي الخلاقي:
    وإنَّا توكلنا على الله
    سارح على سنة محمد
    ذي كوَّن الأشياء وكانه
    المصطفى عالي المكانه


    سلام ما هملل وما السيل احتمل
    والثانيه لا حد سأل وإلاَّ نَشَدْ
    يا ردف جنبي ذي معي راس النضير
    نشتي الأمانه يا نسيبي والصهير


    وإنَّا توكلنا على الله
    ساعه سعيدة قالها الله
    - مقصودنا سنة محمد
    زُفوا العُرسْ يا ذه الشواعه
    وساعة الرحمن معنا
    يا الله على خير اجتمعنا
    يا الله لا بابك سرحنا
    والأرض تفرح من فرحنا
    أعجب بهذه المشاركة هاشم آل عبدالقوي
    • :: إدارة المجلس ::

    ابو الأحمدين

    • المستوى: 8
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 16, 2007
    عدد المشاركات:
    10,783
    عدد المعجبين:
    329
    الوظيفة:
    فني تكييف
    مكان الإقامة:
    الجنوب العربي
    رد: أغاني الزواج في يافع

    نرحب اجمل ترحيب بالدكتور على صالح الخلاقي
    موضوع بمنتهى الروعة للعادات والتقاليد اليافعية الاصلية و
    اجمل ماجمت من اشعار واغاني الاعراس (الزواج) في يافع عامة
    وننتظر منك المزيد ابو اوسان الخلاقي
    • :: إدارة المجلس ::

    بجاش

    • المستوى: 8
    تاريخ الإنضمام:
    ديسمبر 28, 2007
    عدد المشاركات:
    7,326
    عدد المعجبين:
    964
    مكان الإقامة:
    قطر
    رد: أغاني الزواج في يافع

    جزيل الشكر للدكتور علي على هذا العطاء الجزيل ما شاء الله معلومات واشعار عن الزواج في قمة الجمال والفائدة نكرر شكرنا للدكتور علي على انضمامه الينا فهو مكسب كبير نعتز به
    • :: الأعضاء ::

    ابو فهمي

    • المستوى: 2
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 23, 2007
    عدد المشاركات:
    343
    عدد المعجبين:
    24
    الوظيفة:
    عامل
    مكان الإقامة:
    نيو يورك
    رد: أغاني الزواج في يافع

    داماً مبدع ومتالغ اشكرك على هذا الجهد الكبير الذي تبذله والى المام ابو اوسان
    • :: إدارة المجلس ::

    الخلاقي
    خالد احمد علي جنبل

    • المستوى: 7
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 6, 2007
    عدد المشاركات:
    4,313
    عدد المعجبين:
    298
    الوظيفة:
    طالب
    مكان الإقامة:
    عدن - NYC
    الاسم الكامل:
    خالد احمد علي جنبل
    رد: أغاني الزواج في يافع

    ننشكر الدكتور/ المؤرخ/ والاستاذ المتواضع دائماً الذي لطالما تالق اسمة في سماء يافع
    اشكرك على وجودك معنا بين اهلك وناسك
    ومشكور على المعلومات التي اضفتها فهي بمثابة كنز كبير في المجلس
    ونتمنى جديدك دائماً
    شكراً لك
    • :: العضويه الذهبيه ::

    قاضي راقي

    • المستوى: 3
    تاريخ الإنضمام:
    مارس 24, 2008
    عدد المشاركات:
    398
    عدد المعجبين:
    31
    الوظيفة:
    موظق
    مكان الإقامة:
    نيويورك
    رد: أغاني الزواج في يافع

    شكرا للدكتورعلي فعلا الدكتور علي مكسب كبير لكل ابناء يافع والله يوفقه لنقل كل جديد
    • :: إدارة المجلس ::

    بجاش

    • المستوى: 8
    تاريخ الإنضمام:
    ديسمبر 28, 2007
    عدد المشاركات:
    7,326
    عدد المعجبين:
    964
    مكان الإقامة:
    قطر
    رد: أغاني الزواج في يافع

    نيابة عن الدكتور علي اقدم الشكر الجزيل للجميع على تفاعلهم مع موضوع اغاني الزواج في يافع ونتمنى ان نتواصل مع الدكتور على ومع مواضيعه الرائعة التوفيق للجميع
    • :: العضويه الذهبيه ::

    عبدالحميد حسين العاقل
    عبدالحميد حسين محمد قاسم محمد حسين المحمد العاقل الخلاقي

    • المستوى: 3
    تاريخ الإنضمام:
    يونيو 25, 2010
    عدد المشاركات:
    437
    عدد المعجبين:
    75
    الوظيفة:
    مهندس ومستشار صناعي في قطاع النفط والبتروكيماويات
    مكان الإقامة:
    قطر
    الاسم الكامل:
    عبدالحميد حسين محمد قاسم محمد حسين المحمد العاقل الخلاقي
    السلام عليكم. ماشاء الله عليك يادكتور علي الخلاقي . بصراحة يابوصالح من دون مجاملة تعد من اعلام يافع لحفضك وتدوينك وبحثك عن تراث الاجداد تراث يافع وعاداته والذي بدون تدوينه لولى في مهب الريح .

انشر هذه الصفحة