إصدارات جديدة للدكتور علي صالح الخلاقي

:36_2_25:ثلاثة إصدارات جديدة للدكتور علي صالح الخلاقيعدن «الأيام» خاص:ضمن اهتمامات الباحث والكاتب الدكتور علي صالح الخلاقي نائب عميد كلية التربية - يافع بتدوين الموروث الشعري والتاريخي، وإصداراته المتتالية في هذا المجال والتي تجاوزت العشرة، صدرت له مؤخرا الأعمال التالية:

أشعار شعبية للشاعر الكبير المرحوم شائف محمد الخالدي (أبو لوزة)

ويأتي هذا الإصدار وفاءً لهذا الشاعر الفذ على طريق الاحتفاء بمرور عقد كامل على وفاته، الذي يصادف نهاية هذا العام.. وقد عمل د.الخلاقي جاهدا على جمع وتدوين أعماله كاملة بالتعاون من أسرته، وأثمر هذا الجهد صدور بعضها، مثل: (مساجلات الصنبحي والخالدي، فراسة شاعر ساجل نفسه - حقيقة ما دار بين القيفي والخالدي من أشعار، دستور الهوى والفن، ومساجلات الكهالي والخالدي)، وانتهى من تجهيز بقية أعماله الكثيرة وتهيئتها للنشر، والأمل أن تجد طريقها للنشر تباعا، بدعم من قبل محبي الشاعر، ومن الجهات الرسمية.

وفي هذا المسعى يقدم لنا في هذا العمل الخالدي متزملاً ومترجزاً، من خلال الحصيلة التي أمكنه جمعها من زوامله الكثيرة التي قالها في مراحل وأوقات ومناسبات مختلفة.. وقد حصل على هذه الزوامل من بعض محفوظات الشاعر ومن محبيه وأصدقائه الشعراء ممن تبادل معهم بعض تلك الزوامل في مناسبات مختلفة.

ويعتبر الزامل من أبرز وأقدم فنون الشعر الشعبي في اليمن، وهو من أهم الفنون الأدبية البديعة المنتشرة حتى اليوم في منطقة يافع، حيث ماتزال صفوف الزامل تنتظم في أفراح الزواج وفي الأعياد وغيرها من المناسبات.. وشاعرنا الراحل شائف محمد الخالدي أبدع في مختلف فنون الشعر الشعبي وأجاد نظم الزوامل وأبدع فيها، وبالنظر في موضوعات هذه المجموعة من الزوامل نجد أنها لاتخرج عن الخط العام الذي اختطه الشاعر في قصائده ومساجلاته الشعرية، فهي تعبر في مجملها عن قضايا عامة لاتخص الشاعر وحده، بل قضايا الناس من حوله، وهذا ما نلمسه من مضامين زوامله، بدءا بتلك التي وصلت إلينا من العهد القبلي، حينما اشتهر بلقب شاعر قبيلة (الموسطة)، ومروراً بزوامل مرحلة الاستقلال وحتى تحقيق الوحدة وما تلاها من أحداث، حيث نجده مسكونا بالهم الوطني العام الذي لم يغب عن باله، حتى أن زوامله العديدة في أفراج الزواج المختلفة التي يشارك فيها يغلب عليها تناول الهموم والشجون العامة وإبداء الآراء حولها بصدق وجرأة ووضوح، وهذا ما سيخلص إليه كل من يقرأ تلك المجموعة الثمينة من زوامل الخالدي، ومنها هذه الزوامل التي قالها قبيل وفاته في أحد أفراح الزواج.

وأعلام حول المُرّ ذي نتجرّعه

واجب نعالم من طلب منا علوم

طعم الصّبِِر غيّر علينا المولعة

لا أطعم عسل حالي ولا شُمّه شموم

والرومية ما عاد خلت مزرعة

والت سبول البُر ذي عاده بَرُوم

والبرق يلمي والسحاب اتشرَّعه

يا كل صاحي نبِّه الراقد يقوم

كلم كبير النفس ما با ينفعه

يخصُر عسل وحده وأنا كُلْهَا كَسُوم

من حبّ نفسه با يضيع من معه

حتى ولو الفرصة أمامه ما تدوم

أحمد محمد حاجب.. مناضل من صفوف الشعب

وهناك عنوان فرعي (ملامح من سيرة الحركة الوطنية في جنوب اليمن)، ويتضمن لمحة وافية عن سيرة ونضال أحد رموز الثورة المسلحة في جنوب الوطن، استقاها المؤلف من ما كتبه الفقيد عن نفسه بخط يده في مذكراته ومن ذكريات بعض رفاق دربه مِنْ مَنْ عايشوه إبان الكفاح المسلح، وخلال تثبيت سلطة الدولة بعد الاستقلال، وحتى استشهاده في أحداث يناير الدامية 1986.

الصراحة راحة

مجموعة شعرية تضم قصائد وزوامل ومساجلات للشاعر الشعبي المعروف الشيخ محمد سالم علي الكهالي، تغطي أشعار مرحلة الثورة والاستقلال، وصولاً إلى الوحدة التي صرف الشاعر سنوات عمره للتغني بها، وخاض المبارزات الشعرية الحادة والساخنة ضد من كانوا يعارضون تحقيقها. وللمفارقة العجيبة فإن وحدوي الأمس وصانعها الحقيقي يغدو بعد حرب 1994 في نظر أصحاب وحدة الفيد والغنائم انفصالياً، وهذا ما نلمسه من مضمون أبيات المساجلة الشعرية التي جرت بين الكهالي وبين الشاعر ضيف الله عبدربه إسماعيل.. وهي المفارقة التي خيّبت الآمال والأماني المرتجاة من الوحدة، وحوّلت الفرحة إلى غصة.

وعلى الرغم من هول ما حدث فقد ظل الكهالي في صميم الفعل والتأثير، لا يطيق السكوت عن الظلم أو التعايش مع الأوضاع المشوهة التي لا تطاق، فأطلق أصواته المعارضة المتدرجة، بدءاً من إسداء النصح والوعظ إلى الرفض، منافحا عن قيم الحرية والعدل والمساواة.. وجميع المشكلات التي يتعرض لها ليست مشكلاته الخاصة، بل مشكلات وهموم المجتمع برمته، فهي الحاضر الأبرز في جميع أشعاره، يسبر أغوارها ويكشف أسبابها بعين الشاعر الناقد ورؤية الشيخ الحكيم، ويعرضها بقوالب شعرية يُبَسِّط من خلالها أفكاره ومواقفه بما فيها من صدق ووضوح، وبما تزخر به من جماليات الشعر وعذوبة اللغة وقوة المعنى.

وما أكثر القضايا التي تصدى لها على امتداد مشواره الشعري، الذي يغطي مساحة زمنية تمتد منذ مطلع الستينيات من القرن الماضي وحتى اليوم، لا يخاف في قول الحق ونصرة أهله لومة لائم، حتى يمكننا القول إن الصراحة صفة لصيقة به (شاعرا وإنسانا).. ولهذا فلا غرابة أن تحمل هذه المجموعة اسم (الصراحة راحة)، لأن هذه التسمية تتناغم وتتسق مع محتويات ومضامين أشعاره التي لا تخلو من الصراحة والصدق.. وهذا ما سيخلص إليه كل من يبحر في متن هذا الديوان الذي يعتبر الإصدار الثاني للشاعر، إذ صدر له من قبل مساجلاته مع صديقه الحميم الشاعر الكبير الراحل شائف محمد الخالدي.

الجدير بالذكر أن د.علي الخلاقي قد انتهى من إعداد الجزء الأول من الكتاب التوثيقي القيم (الجامع لأعلام الشعر الشعبي في يافع)، والذي يتضمن نماذج مختارة لأكثر من مائة شاعر مِنْ مَنْ توفاهم الله وبقيت آثارهم الشعرية بما تحمله من قيمة تاريخية وجمالية وشعرية.. وتغطي هذه الأسماء (جغرافيا) جميع مناطق يافع، و(تاريخيا) القرون الثلاثة المنصرمة، وتؤرخ لكثير من الأحداث التاريخية حتى عشية الاستقلال الوطني.. وإلى جانب الأشعار والزوامل يقدم نبذة تعريفية عن كل شاعر مع دراسة وافية للشعر الشعبي اليافعي، وهو في طريقه إلى النشر إذا ما وجد الدعم لذلك إن شاء الله.