المقرحي البريء والغرب المنافق العنصري - 1

المقرحي البريء والغرب المنافق العنصري - السيد زهره
رد الفعل في أمريكا وكثير من العواصم الاوروبية على قرار اسكتلندا اطلاق صراح المواطن الليبي عبدالباسط المقرحي جاء سخيفا ومستفزا وتجسيدا لنفاق الغرب وعنصريته. وليس هذا بالأمر الجديد على أية حال.
رد الفعل في هذه الدول كما عبرت عنه بيانات وتصريحات كبار المسئولين، جاء متمثلا في أمرين:
الأول: ادانة قرار اسكتلندا بإطلاق سراح المقرحي لاعتبارات انسانية، واعتبار ان هذا القرار يتناقض مع العدالة ومقتضياتها.
والثاني: انتقاد الاستقبال الحافل الذي حظي به المقرحي لدى وصوله الى ليبيا، رسميا وشعبيا، واعتبار ان هذا الاستقبال لا يجوز ويعد استهانة بمشاعر اهالي ضحايا لوكربي.
ووصل الامر بالرئيس الامريكي أوباما نفسه بأن يعتبر ان هذا الاستقبال هو أمر "بغيض ومشين ومقزز". ووزير الخارجية البريطاني وصف من جانبه الاستقبال الشعبي للمقرحي بأنه "مزعج ومسيء للغاية".
وفي كلا الامرين معا، يعتبر رد فعل المسئولين الغربيين على هذا النحو كما قلت ذروة في النفاق والعنصرية والاستفزاز.
فيما يتعلق بالأمر الاول، لنتوقف مثلا عند الرسالة التي بعث بها روبرت موللر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي الى وزير العدل الاسكتلندي ينتقد فيها قرار الافراج عن المقرحي. في رسالته يقول موللر انه "يشعر بغضب جامح" بسبب القرار، ويعتبر ان هذا القرار "يقوض العدالة ويعتبر استهزاء بالقانون". ويقول ايضا في رسالته "انني اسألكم: أين هي العدالة؟".
انظروا من يتحدث هنا.. واحد من أكبر المسئولين في امريكا.. امريكا التي، وعبر اكثر من عقد من الزمان قضت على أي معنى للعدالة في العالم وداست تحت اقدامها كل قانون او ميثاق دولي ينصف حقوق وكرامة الانسان.. أمريكا التي ارتكبت ابشع جرائم الحرب والابادة راح ضحيتها مليونا عراقي ومئات الالاف في افغانستان وغيرها .. أمريكا التي ارتكبت ابشع صنوف التعذيب والاهانة لكرامة آلاف المعتقلين في معتقلاتها.. أمريكا هذه هي التي يتساءل مدير مكتب تحقيقاتها في رسالته للوزير الاسكتلندي: أين العدالة؟.. ماذا يكون هذا الموقف ان لم يكن نفاقا وعنصرية وصفاقة.
وبالمناسبة.. أين هي العدالة بينما اكبر مجرم حرب وابادة عرفه عالمنا المعاصر هو جورج بوش حر طليق من دون ان يحاكمه او حتى يسائله احد عن الجرائم التي ارتكبها هو وكل اركان ادارته؟.
أما عن انتقاد المسئولين الغربيين لاستقبال الشعب الليبي للمقرحي، فمن المعيب جدا بداية وقبل كل شيء، وبغض النظر عن أي اعتبارات سياسية، وصف مشاعر الشعب الليبي في استقباله للمقرحي بتعبيرات من قبيل "المشين والمقزز" وما شابه ذلك. هذه اهانة لا يمكن ان تكون مقبولة عند الحديث عن مشاعر شعب.
وعلى أية حال، فقد كان رد الزعيم الليبي على هذه الانتقادات ردا بليغا ومفحما بحق.
الزعيم الليبي قال ان الممرضات البلغاريات رغم ادانتهن والحكم عليهن بالاعدام اطلقت ليبيا سراحهن لاعتبارات انسانية. وكان جزءا اساسيا من الاتفاق الرسمي لاطلاق سراحهن ان يقضين عقوبة السجن مدى الحياة في بلغاريا. ورغم هذا اطلقوا سراحهن فور وصولهن. ليس هذا فحسب بل استقبلهن رئيس الجمهورية وكبار المسئولين في بلغاريا والاتحاد الاوروبي نفسه وعاملوهن كما لو كن بطلات محررات.
هؤلاء الممرضات مجرمات ارتكبن أبشع جريمة هي حقن مئات الاطفال الليبيين بفيروس الايدز. ورغم هذا لم ينتقد احد لا في أمريكا ولا في الغرب كله استقبالهن رسميا وشعبيا استقبالا حافلا. فما معنى إذن انتقاد الشعب الليبي لاستقباله المقرحي؟.. ليس هذا من معنى سوى انها عنصرية قبيحة الى اقصى حدود القبح عبر عنها كبار المسئولين الغربيين... ليس لهذا من معنى سوى النظر الى مشاعر اسر ضحايا لوكربي على اعتبار انها يجب ان تراعى، والاستهانة في نفس الوقت بمشاعر أسر مئات الأطفال الليبيين ضحايا جريمة البلغاريات.
ومع كل هذا، يبقى ان أكبر ما يجسد نفاق الغرب وعنصريته في رد فعله على اطلاق سراح المقرحي هو انهم في أمريكا وفي كل الدول الاوروبية يعلمون تمام العلم ان محاكمته لم تكن عادلة، وانه بريء من جريمة لوكربي.