جاري تحميل محرك البحث

اهلاً وسهلاً بك في مجلس الخلاقي!
لكي تتمكن من المشاركه يجب بان تكون عضو معنا تسجيل الدخول بإستخدام الفيسبوك

تـسـجـيـل الـدخـول

|| للتسجيل معنا

تقديم كتاب (شاعر يواجه أكثر من مائة شاعر)

موضوع في 'د.علي صالح الخلاقي' بواسطة الخلاقي, يوليو 23, 2009.

    • :: إدارة المجلس ::

    الخلاقي
    خالد احمد علي جنبل

    • المستوى: 7
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 6, 2007
    عدد المشاركات:
    4,313
    عدد المعجبين:
    298
    الوظيفة:
    طالب
    مكان الإقامة:
    عدن - NYC
    الاسم الكامل:
    خالد احمد علي جنبل
    [IMG]


    تقديم كتاب (شاعر يواجه أكثر من مائة شاعر)
    د. علي صالح الخلاقي

    شائف محمد محسن الخالدي, وكنيته الشهيرة "أبو لوزة" و "أبُو مَخْلَدْ" من أشهر الشعراء الشعبيين في بلادنا وأغزرهم إنتاجاً وإبداعاً, طرق مختلف فنون الشعر الشعبي وترك لنا إرثاً ضخماً لم يُنشر منه إلاَّ النزر اليسير, إذ لم يصدر له في حياته إلاَّ ديوان" وحدة من قرح يقرح". ومنذ وفاته أواخر عام 1998م, وبدافع الوفاء لهذا الشاعر الفذ, وبتعاون من أسرته وأصدقائه,عملت جاهداً على جمع وتدوين أعماله كاملة, وأثمر هذا الجهد بصدور بعضها, مثل: مساجلات الصنبحي والخالدي؛ فراسة شاعر ساجل نفسه – حقية ما دار بين القيفي والخالدي من أشعار؛ دستور الهوى والفن؛ و مساجلات الكهالي والخالدي؛ زوامل شعبية, وهذا الكتاب الذي يضم مختارات من مساجلاته مع أكثر 100شاعر شعبي من مختلف مناطق اليمن. و انتهيت من تجهيز بقية أعماله الكثيرة وتهيئتها للنشر, والأمل أن تجد طريقها للنشر تباعاً, بدعم من قبل محبي الشاعر ومن الجهات الرسمية والشعبية لأهميتها في رفد وإثراء المكتبة اليمنية بأروع وأجمل الأشعار لشاعر كبير بحجم الخالد شائف الخالدي.
    عشق الخالدي الشعر عشقه للحياة.. عاش للشعر وبالشعر.. بل يمكن القول إن حياته كانت شعراً.. قصيدة بدأت مع شبابه المبكر وحتى رحيله عن دنيانا.. لم يكن في حياته تجربة أكبر من الشعر الذي شغل حياته وحياة المعجبين به.. صاحب ملكة شعرية وصوت مسموع منذ بداياته الشعرية.. نقرأ شعره الذي قاله في شبابه فنجده قوياً لا يقل في جودته عن أشعاره المتأخرة, تغنى للمرأة..للأرض.. للإنسان..للثورة.. للحرية .. للوحدة..للعدل.. لمظاهر الجمال وقيم الخير..وقاوم بشراسة الشر والفساد والظلم والنهب. طَرَقَ مختلف فنون الشعر الشعبي وترك لنا إرثاً ضخماً لم يُنشر منه إلاَّ النزر اليسير, بيد أن أشعاره كانت تنتشر أولاً بأول, وعلى نطاق واسع, بأصوات المطربين الشعبيين, أمثال سالم سعيد البارعي والسيد محضار وبن طويرق وحسين عبدالناصر وبن عطاف وغيرهم, وكان الناس يتلقفونها ويقبلون عليها حال نزولها بواسطة أشرطة الكاسيت.
    فمن هو شائف الخالدي؟ ([1])
    ولد شاعرنا عام 1932م في قرية "الجَاهْ" إحدى قرى القعيطي في الموسطة – يافع, التي تستظل بظلال جبل "ثَمَرْ" الشهير وتصب مياهه في وادي " الجَاه", ونشأ وترعرع واشتد عوده في بيئة فلاحية ومجتمع تحكمه العادات والتقاليد القبلية, ومنذ يفاعته بدأ ينسج قصائده الشعرية بعد أن تخرج من الكتَّاب "المعلامة" تدفعه إلى ذلك موهبة فذة وعبقرية شعرية متقدة, مبتدئاً سلمه الشعري كشاعر "قبيلة" فهو ابن البيئة القبلية السائدة حينها في يافع, التي لم تعرف السلطة المركزية حتى عشية الاستقلال الوطني 1967م, وظلت في منأًى عن السيطرة الاستعمارية, وتعيش أوضاعاً مضطربة في ظل حكم سلاطيني ضعيف وزعامات قبلية مشتتة وتعاني من العزلة والجهل والتخلف والفتن القبلية. ومن شاعر قبيلة انتهى به الأمر إلى شاعر للوطن منذ أن تفتح وعيه الوطني مبكراً, وكانت عدن المدينة التي اختمر فيها وعيه الوطني بعد أن وصل إليها للعمل وهو في مقتبل عمره, وفي الوسط العمالي توسعت معارفه ونهل من مختلف الأفكار والثقافات التي كانت تموج بها عدن ونضج وعيه الوطني والقومي, لاسيما بعد قيام ثورة مصر الناصرية وتأثيرها في نمو الوعي التحرري ضد قوى الاستعمار وعملائه. وفي عدن, التي عمل وعاش فيها معظم سنوات عمره, برز الخالدي وتشكل صوته الشعري المميز الذي عكس من خلاله الرفض للوجود الاستعماري ولكل صنوف الظلم والعسف والاضطهاد, فتعرض للسجن والطرد من عدن. ويزخر شعره, منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي, بالمواقف والرؤى الوطنية المبكرة التي سيحتاج إليها كل من أراد أن يؤرخ للشعر ودوره في استنهاض الهمم والتحريض ضد المستعمر وضد الأوضاع القبلية المزرية التي شكلت عقبة كأداء أمام تطور المجتمع, حيث جرد سيف بيانه لمواجهة هذا الواقع المتخلف, وبشر بالثورة ونافح عنها, ولو أن أشعاره الوطنية وأشعار كثيرين غيره من الشعراء الشعبيين في مراحل النضال والمقاومة نشرت ولقيت الاهتمام من الباحثين والمعنيين لكانت إضافات رائعة إلى مساحة الشعر الوطني الذي عرفناه لشعراء غيرهم أمثال إدريس حنبلة وصالح سحلول وعبدالله هادي سبيت ومسرور مبروك وغيرهم.
    وعندما تعرضت ثورة 26 سبتمبر للخطر, كان ضمن من استجابوا لنداء الثورة في تلك الظروف الحرجة والتاريخية, فالتحق في صفوف الحرس الوطني مدافعاً عن الجمهورية الوليدة في عمليات بطولية في معارك أرحب والحيمتين وجحانة – خولان وغيرها, وفي الجنوب المحتل آنذاك انضوى في تشكيلة جبهة الإصلاح اليافعية التي كانت من الفصائل الرئيسية التي تكونت منها الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل, وأسهم الشاعر بالسنان واللسان في معارك التحرير وكانت قصائده تؤجج المشاعر وتحولها إلى لهب من الغضب المقدس في وجه المحتل, بل إنها كانت تمثل "بيان هام" يفعل ما تعجز عنه عشرات الخطب في التأثر على الجماهير.
    ومنذ تحقيق الاستقلال الوطني مروراً بالوحدة وحتى وفاته, ظل الشاعر الشعبي الخالدي في وظيفة بسيطة, لكنه كان شاعراً وإنساناً كبيراً عزيز النفس, لم يرض أن يتكسب بشعره, كما فعل البعض, فازداد بذلك رصيده مكانة وشعبية لدى الحاكم والمحكوم وكانت تصل إليهم كلماته وأشعاره دون استئذان, لأنها كانت تلامس هموم الناس البسطاء وهم غالبية الشعب, وتلسع بسياطها ذوي الضمائر الميتة من المسئولين الذين غرقوا في الفساد وغاصوا في وحل مصالحهم الضيقة والأنانية, ولا غرابة أن يدفع شاعرنا ثمناً لمواقفه تلك فيدخل السجن في ظل حكم الحزب الاشتراكي اليمني في الشطر الجنوبي, كما دخله في عهد الاستعمار, ولم يفل ذلك من قوة إيمانه بموقفه وإخلاصه لرسالته كشاعر ربط مصيره وشعره بالوطن ووحدته والانتصار لقضايا الشعب وقيم الحق والعدل والصدق.
    توفي شاعرنا الكبير في 31ديسمبر1998م وأفل بموته من سماء الشعر الشعبي اليمني نجم من ألمع النجوم التي أضاءت بوهجها الشعري حياتنا الأدبية وطرزتها بعقود لؤلؤية من الأشعار الشعبية, بعذوبة كلماتها وسحر معانيها وتنوع مضامينها, فقد اختطفه الموت إثر مرض عضال ألم به عن عمر ناهز 66 عاماً, وهو في قمة نضجه وعطائه الشعري, فخسر الوطن برحيله مناضلاً وشاعراً حمل الوطن في حناياه وربط مصيره وحياته به وبوحدته منذ أن كانت حلماً وحتى التأم الشمل في ظلال علمها الواحد في 22 مايو 1990م.
    الخالدي ومساجلاته الشعرية
    امتاز الشاعر الشعبي شائف الخالدي "أبو لوزة" بغزارة إنتاجه وجودته في نفس الوقت, فقد أبدع آلاف القصائد والمساجلات والزوامل منذ بدأ قول الشعر في عام 1948م, وتنوع إنتاجه بين الشعر الغزلي والشعر السياسي والاجتماعي, ويمكن اعتبار شعره سجلاً للتاريخ ورصداً للحوادث والمتغيرات التي شهدتها بلادنا على امتداد النصف الثاني من القرن العشرين, والتي عاشها وعايشها وأبدع في تصويرها بكلماته السلسة والقوية التعبير. وفي إحدى قصائده يقسم مضامين شعره إلى ثلاثة أقسام, يقول:

    دَوَاوين ألَّفْنَا بها ما شَمَلْ وعَمْ *** ثلث بالميه فيها عنب رازقي وليم
    وثاني ثلث فيها دواء مَنْ بِهِ السَّقم *** بِدَاوِيْ بها الجرحى وذي خاطره سقيم
    وثالث ثلث مِنْ ذي عَجَنْ هاجسي بدم *** بَهَاجِمْ بها الأعداء وزُمْرَة بني تميم

    [FONT=&quot]وتعتبر المساجلات الشعرية من أكثر فنون الشعر الشعبي قبولاً لدى جمهور وارسع من المتلقين في يافع وفي غيرها من المناطق الأخرى, إذ تجذب الناس أكثر من غيرها,سواء في المناظرات التي يرتجلها الشعراء مباشرة في مناسبات الزواج والأعياد وغيرها, أو تلك التي يتبادلونها كتابياً ويغنيها الفنانون الشعبيون وتنتشر عبر أشرطة الكاسيت, حيث يتلقفها الناس بحماسة وتلهف لكل جديد, خاصة حين يكون الخالدي أحد طرفيها وتعالج قضايا حيوية تتناقض فيها الرؤى والمواقف بينه وبين غيره من الشعراء. وتشكل مساجلات الخالدي مع أنداده من الشعراء الشعبيين من مختلف المحافظات معظم إنتاجه الشعري, الذي حرص على تدوين معظمه بخطه وتوقيعه المتميز في سجلات خاصة, لاسيما منذ منتصف السبعينات, مما يسهل الدخول إلى عالمه الشعري ونشر أعماله المدونة دون صعوبة كبيرة, وتكمن الصعوبة فقط في الأشعار المبكرة التي ما يزال الكثير منها في حكم المفقود حتى الآن. وقد أعاد شاعرنا في مساجلاته ما عُرف في أدبنا العربي بشعر النقائض, وهي المناظرات أو المساجلات الشعرية التي تُعرف شعبياً بقصائد "البِدْعْ والجَوَاب" والتي كان "أبو لوزة" واحداً من فرسانها المقتدرين, الذين لا يشق لهم غبار, فقد أبدع وبرع فيها وهو يخوض غمار المواجهة والمنازلة مع العشرات من ألمع الشعراء الشعبيين من مختلف المناطق. [FONT=&quot]لا نبالغ أن قلنا أن الخالدي يمثل ظاهرة استثنائية في الشعر الشعبي اليمني, فلا نجد نظيراً له من حيث انتاجه الشعري الغزير, بتعدد فنونه ومضاميته وأغراضه, كما لا نجد شاعراً شعبياً استقطب حوله مثل هذا العدد الكبير من الشعراء ومن محافظات ومناطق مختلفة من أرجاء اليمن, ممن تبادل معاهم المساجلات الشعرية, منذ ما قبل الاستقلال, ومروراً في المرحلة التي أعقبت الاستقلال الوطني ووصولاً إلى الوحدة وما أعقبها من أحداث وتطورات وحتى وفاته أواخر العام 1998م. ولا ينحصر الأمر بكثرة عدد الشعراء الذين خاضوا معه مبارزاتهم ومطارحاتهم الشعرية فقط, بل أن بينه وبين بعضهم مساجلات عديدة تشكل لوحدها دواوين منفردة, وقد صدر بعضها بصورة مستقلة, مثل (مساجلات الصنبحي والخالدي) و(مساجلات الكهالي والخالدي),وهناك عدد آخر من الشعراء ممن تشكل مساجلاتهم معه دواوين منفردة مثل مساجلاته مع كل من الشعراء: عبدالله صالح العلفي, أحمد حسين عسكر, يحيى علي غالب السليماني, محمد عبدالله بن شيهون, السيد قاسم محمد عبدالله عوذلي, سالم قاسم عوذلي, أحمد عبدربه المعمري,السيد عبدالله علوي"أخو عزي", صالح محمد بن كاروت, منصر صالح حسين الربيعي, ناصر سعد الصومعي وآخرين. عدا ذلك فأن بقية الشعراء تتفاوت أعداد المساجلات التي تبادلوها مع الخالدي, بين واحدة وأكثر وتصل أحياناً إلى ما مجموعه ثلاث أو أربع أو خمس مساجلات.. ناهيك أن بعض المساجلات التي تعود إلى عقود الخمسينات والستينات ومطلع السبعينات لم نعثر عليها كاملة, فقد نجد قصيدة بدء دون جواب أو العكس,على سبيل المثال, عثرت على قصيدة مؤلفة من (43بيتاً) للشاعر قاسم عوض علي المحبوش أرسلها للخالدي ردَّاً على قصيدة كان قد بعث بها إليه ولم أعثر على بدء الخالدي. يقول المحبوش في جوابه:[/FONT]

    [/FONT]
    بَعْد يا بو محمد با نفُكّ السَّبيحه *** قَرِّب الكأس عندي كَيْل من غير صِفَّاح
    وأبْرِجْ الخالدي ماهي بكلمه كليحه *** لا تقولون شي قاسم مهوِّن وسَجَّاح
    وأقصد الشاعر المشهور مَولى القريحه *** ذي بِيِمْهَرْ في المَوْجَهْ سِبَاحه ومِيَّاح
    قل له النار في صيره بتلصى وقِيْحِهْ *** في عدن قامَهْ الثوره بتلعب بهم جاح
    والعرب بأرضها بالفرك تحجر وبِيْحه *** والمبُاح احْتَجَرْ والمحَحْجَر اليوم مُبْتَاح

    [FONT=&quot] [/FONT]
    [FONT=&quot]وبالمثل وجدت قصيدة تضم (47بيتاً) أرسلها الخالدي للشاعر عبدالله ناصر بن حترش العيسائي دون الحصول على الجواب, ومما قاله الخالدي فيها:[/FONT]

    [FONT=&quot][/FONT]
    الخالدي قال طرفه ما نعس *** سهران نومي وخلق الله نعيس
    وعاد لا وافق الهرج الشكس*** ضيّق وحوّص على القلب النفيس
    واهاجسي ويش ذي با نهتجس *** بالله نسم على القلب الحويص
    سلام ما افواجها ظلّة تنس *** مني لعبدالله اربعمئه كيس
    مقدار بن ناصر القرن القوس *** ذي لا رعد يرعس الدنيا رعيس
    قل له نبى الهرج لوّل يندرس *** با نملح الصيد لا يرجع يخي
    والاّ فقل له شُف الزاحف نكس *** لا ذمته لا احرمه حل الدحيس
    حتى ولا هو قليلاً مرتوس *** ما هو كذا من تعلي يا رَدِيْس
    رع بن محمد أوى من غير حس *** من راس ماله طرح قسم السديس
    قد ما بعوّل على الهرج الظّرس *** ما هل أسف من تشفاي الخسيس



    [FONT=&quot]وبعض المساجلات لم نعثر إلاَّ على أجزاء أو أبيات معدودة منها.. ومع ذلك فأن ما تجمع بين أيدينا من مساجلاته المدونة حتى الآن تشكل ثروة كبيرة.[/FONT][FONT=&quot] [/FONT]

    -----------------------------
    [FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot]) نشرت موضوعاً بعنوان"شاعر أحيا النقائض وحلق بأشعاره في سماء المجد" في الذكرى الرابعة لرحيل شائف الخالدي,انظر: الثقافية, العدد175, 16يناير2003م أوردته هنا بتصرف مع إضافات تتلائم ومضمون ه الديوان.[/FONT]
    • :: إدارة المجلس ::

    الخلاقي
    خالد احمد علي جنبل

    • المستوى: 7
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 6, 2007
    عدد المشاركات:
    4,313
    عدد المعجبين:
    298
    الوظيفة:
    طالب
    مكان الإقامة:
    عدن - NYC
    الاسم الكامل:
    خالد احمد علي جنبل
    رد: تقديم كتاب (شاعر يواجه أكثر من مائة شاعر)


    [font=&quot]الخالدي.. شاعر جواب[/font][font=&quot][/font]

    [font=&quot]كان الخالدي في معظم مساجلاته الكثيرة والمتعددة مع الشعراء الشعبيين شاعر جَوَاب,خاصة في العقدين الأخيرين من حياته حيث نجد قصائد "البِدْع" التي بادر بها قليلة ووجهها لمن يؤثرهم من الشعراء, وهذا ليس لتعاليه عن أنداده وأصدقائه, معاذ الله, وإنما لكثرة ما يصل إليه من القصائد من مختلف الشعراء الأمر الذي يجد نفسه ملزماً للرد على كل ما يصل إليه ويستحق الرد فعلاً, ومنذ مطلع الثمانينات كثر عدد الشعراء الشعبيين الذين اتجهوا إليه بقصائدهم من شمال الوطن وجنوبه آنذاك, وازدادت أعدادهم بعد الوحدة وحتى وفاته, وكأن الشعراء الشعبيين يتوّجونه أميراً لهم دون مراسيم رسمية, لأن عرش الشعر الشعبي لا يعتليه أحد بمرسوم أو قرار وإنما يصل إليه من يفرض نفسه من خلال أشعاره التي يقر الآخرون بجودتها ويعترف بأفضليتها الأصدقاء والخصوم معاً، وهو الأمر الذي حظي به الخالدي وأقر له بمكانته تلك, التي لم يدَّعها,أنداده الشعراء, فكان يرد الصاع صاعين ويعطي كل ذي حق حقه, ويكيل للأصدقاء والخصوم بذات الكأس التي كالوا له فيها, بل ويزيد, وكان يلتزم أدب الحوار وأصول المناظرة ويحرص على أن لا يستخدم ألفاظاً فاحشة لا يستسيغها الذوق العام،وعلى ما اتسم به شاعرنا من دماثة خلق وتواضع وخفة روح فقد كان أيضاً ذا أنفة وكبرياء لا يقبل أن يستخف به جاهل أو متعالي, وحين يبتلى بشاعر ثقيل كان يردعه بقوة وبقسوة, لكنه كان لا ينشر تلك القصائد ولا يسمح بغنائها ويكتب عليها "محظورة لا تغنَّى" وهذا دليل على عدم قناعته في خوض مثل تلك المساجلات التي اضطر إليها اضطراراً فقط, كما لم ينساق إلى الرد على بعض المتطفلين والدخلاء على الشعر الشعبي, فأهمل أمثال هؤلاء ولم يرد عليهم, فيما كان يتجاوب بسرور مع كل الشعراء المجيدين بغض النظر عن شهرتهم أو موقفهم الذي يكون, على الأغلب, نقيضاً لموقفه, بل أنه كان يأخذ بيد البعض مشجعاً, وكان الأهم بالنسبة له هو الشعر ذاته كقيمة فنية وأدبية وكموقف أخلاقي واجتماعي وتربوي. [/font]

    [font=&quot]لم يكن الشعر بالنسبة للخالدي ترفاً أو للتسلية أو للمدح بقصد التكسب, بل كان بالنسبة له رسالة وموقف. فقد سجل من خلا أشعاره ما يجيش في خاطره على إمتداد نصف قرن من تجربته الإبداعية, وصور ما كان يعتمل في الواقع بلغة شعرية سلسلة وبسيطة, حيث نجد وصفاً لأوضاع وأحوال المجتمع القَبَلَيْ في يافع ماقبل الاستقلال, بما فيه من أفراح وإتراح وبقيمه وعاداته النبيلة وبما يعج به من مشاكل وفتن, وبرزت المشاعر الوطنية في شعره منذ وقت مبكر, رغم التمزق والعزلة, حيث نجد رؤاه الوطنية والقومية الناضجة في تعرضه لوقائع ومجريات الأحداث وتقلباتها وأبعادها. فقد وظَّف معظم أشعاره لقضايا الوطن والشعب وتنبأ بأحداث أثبتت الأيام صحة تنبؤآته وتوقعاته. وتؤرخ هذه المجموعة الثمينة من المساجلات لمراحل تاريخية هامة ولأحداث قد لا نعثر على ذكر لبعضها في المصادر أخرى, وهنا تكمن القيمة التاريخية للشعر الشعبي, كمصدر مساعد, بل وأساسي في تدوين بعض الأحداث في المناطق التي حُرمت من التعليم وظلت أسيرة العزلة والجهل والتخلف, كمنطقة يافع وغيرها من مناطق اليمن. [/font]

    [font=&quot]ونجد أن مدينة عدن حاضرة في مساجلات الخالدي, كما في كثير من أشعاره, فقد عاش فيها أجمل سنوات شبابه واستقر فيها للسكن والعمل معظم سنوات عمره ونظم فيها أكثر قصائده قصائده,وكانت تتنازع حبه مع مسقط رأسه يافع, وهو ما نجده في الاستهلالة التقليدية التي تبدأ فيها كثير من قصائد المساجلات سواء الموجهة إليه وتعنون إلى عدن, حيث منزله والمقر, أو تلك التي يرسلها وتتضمن ترحيبه الحار الذي يملأ عدن والمعلا, أو خور مكسر والغدير, أو يوازن جبل شمسان..الخ. ناهيك عن تغنيه بعدن, الأرض والإنسان, ورصد وتسجيل ما شهدته من أحداث على مدى حياته الإبداعية, وتأثره الملحوظ باللهجة العدنية.[/font]

    [font=&quot]الخالدي يساجل نفسه:[/font]

    [font=&quot]قد يتساءل البعض وأين مكانة القيفي؟ ولماذا لم يرد اسمه ضمن قائمة الشعراء الذين تساجل الخالدي معهم؟ .. ولهؤلاء أقول أنني قد خصصت كتاباً حمل عنوان( فراسة شاعر ساجل نفسه.. حقيقة ما دار بين الخالدي والقيفي من أشعار) وصدر عام 2007م, وأثبت فيه أن تلك المساجلات الشهيرة التي استمرت خلال الفترة (81- 1989م) لم تكن سوى من ابداع قريحة الخالدي الشعرية مع شخصية " شاعر وهمي" اصطنعه من وحي خياله باسم أحمد علي طاهر القيفي, ليقول على لسانه ما يريد قوله ويوصل رسالته لمعالجة قضايا الوطن اليمني الواحد, بنظاميه الشطريين المتناقضين, فتفتق ذهنه عن هذه الطريقة الفريدة ليأتي بقصائده على لسان غيره ينتقد فيها كثيراً من ممارسات وعيوب النظام في الشطر الجنوبي, ويكون هو في ذات الوقت من يرد منتقداً ومفنداً عيوب الشطر الشمالي وكأنه لسان حال الشطر الذي يتحدث باسمه أو ينتمي إليه,دون أن يعرف أحد هذا السر أو يتنبه له, فانتشرت أشعاره على نطاق واسع في الشطرين متجاوزة الحدود الوهمية ونقاط التفتيش, دون استئذان, وبدهائه هذا جَنَّب نفسه المساءلة وأبعدها عن الشبهات التي تعرضه لمضايقات هو في غنى عنها. ويسجل له أنه صاحب هذه الطريقة الذكية وغير المسبوقة في الأدب الشعبي اليمني, التي تنم عن فراسة وعبقرية مبتكرها, كشاعر كبير لم تعييه الحيلة عن الذهاب إلى أن يبدع روائع باسم غيره ويرد عليها, لأن المهم بالنسبة له كان إيصال الفكرة وتأدية الرسالة كشاعر[/font][font=&quot] صاحب موقف.[/font]

    [font=&quot]وختاماً..[/font][font=&quot] لقد كان الخالدي رحمه الله شاعراً وإنساناً ودوداً مع الأصدقاء ولدوداً مع "الخصوم الأحباء" من الشعراء الشعبيين, فبقدر ما يستفزه أحدهم يكون رده أعنف وحجته أقوى, ولكنه كان كإنسان صديقاً للجميع, وبالذات خصومه الشعراء, الذين كانت تربطه بهم صداقة حميمة، وكان بيته في عدن، حي المعلا, ملتقى يؤمه كل أصدقائه والمعجبين بشعره وشخصيته المرحة والمتواضعة، وكانت خسارة الوطن والشعر الشعبي بوفاته في في 31ديسمبر1998م كبيرة, وخسر الشعراء الشعبيون شيخهم وأميرهم غير المتوج, وما يعكس خسارة الشعر والشعراء الشعبيين بفقدان "أبولوزة" هو ذلك العدد الكبير من قصائد الرثاء التي وصلت من كل حدب وصوب، من داخل الوطن ومن المهجر, من أصدقاء الشاعر ومن المعجبين به والمتأثرين بفقدانه, وأذكر أننا في اللجنة التحضيرية لأربعينية الفقيد الخالدي لم نتمكن من نشر كل ما وصل إلينا لضيق الوقت حينها, والتزامنا بإصدار الكتاب الخاص بأربعينيته في موعده, لذلك لم تظهر في الكتاب إلاَّ قصائد قليلة من قصائد الرثاء, ولا زالت بحوزتي قرابة ستين قصيدة لم تر النور وتكاد تشكل لوحدها ديواناً متكاملاً في رثاء الشاعر من شعراء مشهود لهم في ميدان وسوح الشعر الشعبي من مختلف المناطق اليمنية, ولم ما لا نجد له نظيراً مع غيره من الشعراء الذين توفاهم الله, وهذا يعكس,دون شك, تلك المكانة الكبيرة والمتميزة التي احتلها في حياته في قلوب هؤلاء الشعراء, وسيظل بما تركه من إبداع ثَرٍ خالداً في ذاكرة التاريخ .[/font]




    • :: المراقبين ::

    ابوسيف القمادي
    محمد بن محمد صالح القمادي

    • المستوى: 7
    تاريخ الإنضمام:
    مايو 1, 2009
    عدد المشاركات:
    3,542
    عدد المعجبين:
    205
    الوظيفة:
    عامل
    مكان الإقامة:
    اليمن
    الاسم الكامل:
    محمد بن محمد صالح القمادي
    تسلم ياخلاقي شايف محمد غني عن التعريف
    • :: إدارة المجلس ::

    بجاش

    • المستوى: 8
    تاريخ الإنضمام:
    ديسمبر 28, 2007
    عدد المشاركات:
    7,326
    عدد المعجبين:
    964
    مكان الإقامة:
    قطر
    نعم الشاعر الخالدي كان علم من اعلام الشعر الشعبي اليافعي صخرة لا تلين في الدفاع عن يافع واهل الجنوب بشكل عام وكان يخشى الكثير من الشعراء مساجلته او اغضاب قريحته الشعرية التي كانت سريعة الاستجابة وبقوة تجاه الاحداث وقد عشنا ايام مساجلاته الشعرية التي كان يرسل من خلالها رسائل مزدوجة وبشخصية مزدوجة تنبه الخصوم والاقارب الى اخطائهم رحم الله الشاعر الخالدي
    وشكرا للخلاقي على مساهمته القيمة التي تعكس مكانة شاعر ساجل ثلاثين شاعر وتفوق عليهم
    • :: العضويه الذهبيه ::

    عبدالحميد حسين العاقل
    عبدالحميد حسين محمد قاسم محمد حسين المحمد العاقل الخلاقي

    • المستوى: 3
    تاريخ الإنضمام:
    يونيو 25, 2010
    عدد المشاركات:
    437
    عدد المعجبين:
    75
    الوظيفة:
    مهندس ومستشار صناعي في قطاع النفط والبتروكيماويات
    مكان الإقامة:
    قطر
    الاسم الكامل:
    عبدالحميد حسين محمد قاسم محمد حسين المحمد العاقل الخلاقي
    رحم الله ابولوزة , وجزا الله خيرا الدكتور علي الخلاقي على وطنيته واهتمامه بكل ما يخص تراث قبائل يافع المجيد

انشر هذه الصفحة