جاري تحميل محرك البحث

اهلاً وسهلاً بك في مجلس الخلاقي!
لكي تتمكن من المشاركه يجب بان تكون عضو معنا تسجيل الدخول بإستخدام الفيسبوك

تـسـجـيـل الـدخـول

|| للتسجيل معنا

] فصل ( في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) .

موضوع في 'المجلس الاسلامي' بواسطة ابو علي, يناير 28, 2008.

    • :: العضويه الذهبيه ::

    ابو علي

    • المستوى: 5
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 10, 2007
    عدد المشاركات:
    2,843
    عدد المعجبين:
    88
    الوظيفة:
    عمل حر
    مكان الإقامة:
    KSA
    ] فصل ( في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) .

    الأمر بالمعروف وهو كل ما أمر به شرعا , والنهي عن المنكر وهو كل ما ينهى عنه شرعا فرض عين وهل هو بالشرع أو بالعقل ؟ مبني على التحسين والتقبيح ذكره القاضي وغيره على من علمه جرما وشاهده وعرف ما ينكر ولم يخف سوطا ولا عصا ولا أذى .

    زاد في الرعاية الكبرى يزيد على المنكر أو يساويه ولا فتنة في نفسه أو ماله أو حرمته أو أهله , وأطلق القاضي وغيره سقوطه بخوف الضرب والحبس وأخذ المال , وإنه ظاهر نقل ابن هانئ في إسقاطه بالعصا خلافا للمعتزلة وأبي بكر بن الباقلاني , وأسقطه القاضي أيضا بأخذ المال اليسير قال أيضا وقيل له قد أوجبتم عليه شراء الماء بأكثر من ثمن مثله قال إنما أوجبنا ذلك إذا لم تجحف الزيادة بماله , ولا يمتنع أن يقال مثله هنا .

    ولا يسقط فرضه بالتوهم , فلو قيل له لا تأمر على فلان بالمعروف فإنه يقتلك لم يسقط عنه كذلك قال , وإذا لم يجب الإنكار لظننا زيادة المنكر خرج عن كونه حسنا لأن ما أزال وجوبه أزال حسنه .

    ويفارق هذا إذا ظننا أن المنكر لا يزول وأنه يحسن الإنكار وإن لم يجب كما يقاتل الكفار والبغاة والخوارج وإن ظن إقامتهم على ذلك . انتهى كلامه فقد صرح بأن فرضه لا يسقط بالتوهم . وقوله وإذا لم يجب الإنكار لظننا زيادة المنكر ظاهره أنه لا يسقط إلا بالظن .

    وكلام الإمام أحمد والأصحاب رحمهم الله إنما اعتبروا الخوف وهو ضد الأمن , وقد قالوا يصلي صلاة الخوف إذا لم يؤمن هجوم العدو .

    وقال ابن عقيل في آخر الإرشاد من شروط الإنكار أن يعلم أو يغلب على ظنه أنه لا يفضي إلى مفسدة . [ ص: 156 ]

    قال أحمد رحمه الله في رواية الجماعة إذا أمرت أو نهيت فلم ينته فلا ترفعه إلى السلطان لتعدي عليه فقد نهي عن ذلك إذا آل إلى مفسدة وقال أيضا من شرطه أن يأمن على نفسه وماله خوف التلف , وكذا قاله جمهور العلماء رضي الله عنهم .

    وحكى القاضي عياض عن بعض وجوب الإنكار مطلقا في هذه الحال وغيرها وعن أبي سعيد مرفوعا { لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمرا لله عز وجل عليه فيه مقال ثم لا يقول فيه , فيقول الله عز وجل ما منعك أن تقول فيه , فيقول يا رب خشيت الناس , فيقول فأنا أحق أن يخشى وفي رواية لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول في حق الله عز وجل إذا رآه أو شهده أو سمعه } رواهما أحمد وابن ماجه وزاد فبكى أبو سعيد وقال والله قد رأينا أشياء فهبنا .

    ولهما من حديثه { إن أحدكم ليسأل يوم القيامة حتى يكون فيما يسأل عنه أن يقال ما منعك أن تنكر المنكر إذا رأيته ؟ فمن لقنه الله حجته قال يا رب رجوتك وخفت الناس } .

    وعن حذيفة مرفوعا { لا ينبغي لمسلم أن يذل نفسه قيل كيف يذل نفسه قال يتعرض من البلاء ما لا يطيق } رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وقال حسن صحيح , وقيل إن زاد وجب الكف , وإن تساويا سقط الإنكار .

    قال ابن الجوزي فأما السب والشتم فليس بعذر في السكوت لأن الآمر بالمعروف يلقى ذلك في الغالب , وظاهر كلام غيره أنه عذر لأنه أذى , ولهذا يكون تأديبا وتعزيرا , وقد قال له أبو داود ويشتم قال يحتمل من يريد أن يأمر وينهى لا يريد أن ينتصر بعد ذلك .

    قال الشيخ تقي الدين الصبر على أذى الخلق عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن لم يستعمل لزم أحد أمرين إما تعطيل الأمر والنهي . [ ص: 157 ]

    وإما حصول فتنة ومفسدة أعظم من مفسدة ترك الأمر والنهي أو مثلها أو قريب منها وكلاهما معصية وفساد قال تعالى : { وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور } .

    فمن أمر ولم يصبر أو صبر ولم يأمر أو لم يأمر ولم يصبر حصل من هذه الأقسام الثلاثة مفسدة وإنما الصلاح في أن يأمر ويصبر , وفي الصحيحين عن عبادة قال { بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في يسرنا وعسرنا ومنشطنا ومكرهنا , وأثرة علينا , وأن لا ننازع الأمر أهله , وأن نقوم أو نقول بالحق حيث ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم } .

    { ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتال أئمة الجور وأمر بالصبر على جورهم ونهى عن القتال في الفتنة } فأهل البدع من الخوارج والمعتزلة والشيعة وغيرهم يرون قتالهم والخروج عليهم إذا فعلوا ما هو ظلم أو ما ظنوه هم ظلما , ويرون ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وآخرون من المرجئة وأهل الفجور قد يرون ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ظنا أن ذلك من باب ترك الفتنة وهؤلاء يقابلونك لأولئك .

    ولهذا ذكر الأستاذ أبو منصور الماتريدي المصنف في الكلام وأصول الدين من الحنفية الذين وراء النهر ما قابل به المعتزلة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فذكر أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سقط في هذا الزمان , وقد صنف القاضي أبو يعلى كتابا مفردا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما صنف الخلال والدارقطني ( في ) ذلك انتهى كلامه قال الأصحاب : ورجا حصول المقصود ولم يقم به غيره

    وقال [ ص: 158 ] القاضي أبو يعلى في كتاب المعتمد ويجب إنكار المنكر وإن لم يغلب في ظنه زواله في إحدى الروايتين نقلها أبو الحارث وقد سأله عن الرجل يرى منكرا ويعلم أنه لا يقبل منه ويسكت ؟ فقال إذا رأى المنكر فليغيره ما أمكنه . هو الذي ذكره أبو زكريا النووي عن العلماء قال كما قال تعالى : { ما على الرسول إلا البلاغ } .

    وفيه رواية أخرى لا يجب حتى يعلم زواله نقلها حنبل عن أحمد فيمن يرى رجلا يصلي لا يتم الركوع والسجود ولا يقيم أمر صلاته فإن كان يظن أنه يقبل منه أمره ووعظه حتى يحسن صلاته . ونقل إسحاق بن هانئ : إذا صلى خلف من يقرأ بقراءة حمزة فإن كان يقبل منك فانهه . وذكر في كتاب الأمر بالمعروف وابنه أبو الحسين هل من شرط إنكار المنكر غلبة الظن في إزالة المنكر على روايتين ( إحداهما ) .

    ليس من شرطه لظاهر الأدلة ( والثانية ) من شرطه وهي قول المتكلمين لبطلان الغرض , وكذا ذكرهما القاضي فيما إذا غلب على الظن أن صاحب المنكر يزيد في المنكر .

    وقال ابن عقيل إذا غلب على ظنه أنه لا يزول فروايتان ( إحداهما ) يجب ثم ذكر رواية حنبل السابقة وقال في رواية أخرى في الرجل يرى منكرا ويعلم أنه لا يقبل منه هل يسكت ؟ فقال يغير ما أمكنه .

    وظاهره أنه لم يسقط وقال أيضا لا يجوز انتهى كلامه وقال في نهاية المبتدئين , وإنما يلزم الإنكار إذا علم حصول المقصود ولم يقم به غيره , وعنه إذا رجا حصوله وهو الذي ذكره ابن الجوزي وقيل ينكره وإن أيس من زواله أو خاف أذى أو فتنة وقال في نهاية المبتدئين [ ص: 159 ] يجوز الإنكار فيما لا يرجى زواله , وإن خاف أذى قيل لا , وقيل يجب , والذي ذكره القاضي في المعتمد أنه لا يجب ويخير في رفعه إلى الإمام خلافا لمن قال يجب رفعه إلى الإمام , ثم احتج القاضي بحديث عقبة وسيأتي .

    وإذا لم يجب الإنكار فهو أفضل من تركه جزم به ابن عقيل قال القاضي خلافا لأكثرهم في قولهم ذلك قبيح ومكروه إلا في موضعين :

    ( أحدهما ) كلمة حق عند سلطان جائر .

    ( والثاني ) إظهار الإيمان عند ظهور كلمة الكفر انتهى كلامه .

    وظاهر كلام أحمد أو صريحه عدم رؤية الإنكار في الموضع الأول وسيأتي قبيل فصول اللباس .

    وقال أبو الحسين واختلفت الرواية هل يحسن الإنكار ويكون أفضل من تركه على روايتين , وفيه رواية ثالثة أنه يقبح به قال بعض الفقهاء المتكلمين وجه الأولى اختارها ابن بطة والوجه قوله تعالى : { واصبر على ما أصابك } .

    ووجه الثانية قوله تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } انتهى كلامه وذكر والده الروايتين قال أحمد في كتاب المحنة في رواية حنبل : إن عرضت على السيف لا أجيب , وقال فيها أيضا إذا أجاب العالم تقية والجاهل بجهل فمتى يتبين الحق .

    وقال القاضي وظاهر نقل ( ابن هانئ ولا يتعرض للسلطان فإن سيفه مسلول للنهي عنه قال واحتج المخالف بأن المضطر لو ترك أكل الميتة حتى مات أو تحمل المريض الصيام والقيام حتى ازداد مرضه أثم وعصى وإن كان في ذلك وجوب عزيمة كذا في مسألتنا والجواب أن هذه الأشياء تسقط بالضرر المتوهم لأن خوف الزيادة في المرض وخوف التلف بترك الأكل متوهم وليس كذلك الأمر بالمعروف لأنه لا يسقط فرضه بالتوهم لأنه لو قيل له لا تأمر على فلان [ ص: 160 ] بالمعروف فإنه يقتلك لم يسقط عنه لذلك , ولأن منفعة تلك الأشياء تختصه ومنفعة الأمر بالمعروف تعم , ولأن سبب الإتلاف هناك بمعنى من جهته وهنا من جهة غيره ) . قال أبو داود سمعت أبا عبد الله يقول نحن نرجو إن أنكر بقلبه فقد سلم , وإن أنكر بيده فهو أفضل .

    قال عباس العنبري كنت مارا مع أبي عبد الله بالبصرة قال فسمعت رجلا يقول لرجل يا ابن الزاني قال : فقال له الآخر يا ابن الزاني قال : فوقفت ومضى أبو عبد الله فالتفت إلي فقال يا أبا الفضل أي شيء قال ؟ قلت : قد سمعنا قد وجب علينا قال : امض ليس هذا من ذلك . ترجم عليه الخلال : ما يوسع على الرجل في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا رأى قوما سفهاء .

    وقال القاضي عن رواية أبي داود وظاهر هذا أنه غير واجب قال وكذلك نقل أبو علي الدينوري أنه سئل على الرجل يرى منكرا أيجب عليه تغييره ؟ فقال إن غير بقلبه أرجو , وذكر أبو حفص العكبري ' عن أبي عبد الله بن بطة ما يدل على هذا قال القاضي وهو محمول من كلامه على أن هناك من يقوم به أو على أن هناك ما يمنعه من الإنكار بيده .
    • :: العضويه الذهبيه ::

    ابو علي

    • المستوى: 5
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 10, 2007
    عدد المشاركات:
    2,843
    عدد المعجبين:
    88
    الوظيفة:
    عمل حر
    مكان الإقامة:
    KSA
    فصل ( مراتب إنكار المنكر ) .

    وهو فرض كفاية على من لم يعين عليه وسواء في ذلك الإمام والحاكم والعالم والجاهل والعدل والفاسق وقال قوم لا يجوز لفاسق الإنكار وقال آخرون لا يجوز الإنكار إلا لمن أذن له ولي الأمر وللمميز الإنكار ويثاب عليه لكن لا يجب .

    وقال ابن الجوزي الكافر ممنوع من إنكار المنكر لما فيه من السلطة والعز وأعلاه باليد ثم باللسان , ثم بالقلب .

    وفي الحديث الصحيح { ليس وراء ذلك من الإيمان مثقال حبة خردل } قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : مراده أنه لم يبق بعد هذا الإنكار ما يدخل في الإيمان حتى يفعله المؤمن بل الإنكار بالقلب آخر حدود الإيمان , ليس مراده أن من لم ينكر لم يكن معه من الإيمان حبة خردل ولهذا قال : " ليس وراء ذلك " فجعل المؤمنين ثلاث طبقات فكل منهم فعل الإيمان الذي يجب عليه قال وعلم بذلك أن الناس يتفاضلون في الإيمان الواجب عليهم بحسب استطاعتهم مع بلوغ الخطاب إليهم كلهم . انتهى كلامه .

    وكذا قال في الغنية بعد الخبر المذكور ويعني أضعف فعل أهل الإيمان قال المروذي قلت لأبي عبد الله كيف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [ ص: 162 ] قال : باليد وباللسان وبالقلب هو أضعف قلت : كيف باليد ؟ قال : يفرق بينهم . ورأيت أبا عبد الله مر على صبيان الكتاب يقتتلون ففرق بينهم وقال في رواية صالح التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح .

    قال القاضي : وظاهر هذا يقتضي جواز الإنكار باليد إذا لم يفض إلى القتل والقتال قال القاضي : ويجب فعل الكراهة للمنكر كما يجب إنكاره . وعند المعتزلة إنما يجب أن لا يفعل الإرادة لأنه قد يخلو المكلف من فعل الإرادة له والكراهة , وهذا غلط لأنه لا يصح أن يخلو من فعل الضدين , ولأن الشارع أوجب عليه فعل الكراهة بقلبه .

    وعلى الناس إعانة المنكر ونصره على الإنكار وما اختص علمه بالعلماء اختص إنكاره بهم أو بمن يأمرونه به من الولاة والعوام ومن ولاه السلطان الحسبة تعين عليه فعل ذلك وله في ذلك ما ليس لغيره كسماع البينة . وذكر القاضي في الأحكام السلطانية أنه ليس له سماع البينة .

    وإن دعا الإمام العامة إلى شيء وأشكل عليهم لزمهم سؤال العلماء فإن أفتوا بوجوبه قاموا به , وإن أخبروا بتحريمه امتنعوا منه , وإن قالوا هو مختلف فيه .

    وقال الإمام : يجب , لزمهم طاعته كما تجب طاعته في الحكم , ذكره القاضي . وهل يسقط الإثم عمن لم يرض بالمنكر وسخط الإنكار ذكر ابن عقيل أنه رأي لبعض الفقهاء أنه لا يسقط , ثم ذكر احتمالا أنه يسقط أنه ظاهر قول أصحابنا رحمهم الله .
    • :: العضويه الذهبيه ::

    ابو علي

    • المستوى: 5
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 10, 2007
    عدد المشاركات:
    2,843
    عدد المعجبين:
    88
    الوظيفة:
    عمل حر
    مكان الإقامة:
    KSA
    فصل ( على من ومتى يجوز الإنكار ؟ ) .

    ولا إنكار فيما يسوغ فيه خلاف من الفروع على من اجتهد فيه أو قلد مجتهدا فيه كذا ذكره القاضي والأصحاب وصرحوا بأنه لا يجوز , ومثلوه بشرب يسير النبيذ والتزوج بغير ولي , ومثله بعضهم بأكل متروك التسمية . وهذا الكلام منهم مع قولهم يحد شارب النبيذ متأولا ومقلدا أعجب لأن الإنكار يكون وعظا وأمرا ونهيا وتعزيرا وتأديبا وغايته الحد , فكيف يحد ولا ينكر عليه أم كيف يفسق على رواية ولا ينكر على فاسق ؟

    وذكر في المغني أنه لا يملك منع امرأته الذمية من يسير الخمر على نص أحمد لاعتقادها إباحته ثم ذكر تخريجا من أحد الوجهين في أكل الثوم أنه يملك منعها لكراهة رائحته قال وعلى هذا الحكم لو تزوج امرأة تعتقد إباحة يسير النبيذ هل له منعها على وجهين .

    وذكر أيضا في مسألة مفردة أنه لا ينبغي لأحد أن ينكر على غيره العمل بمذهبه فإنه لا إنكار على المجتهدات . انتهى كلامه .

    وقد قال أحمد في رواية المروذي لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه . ولا يشدد عليهم وقال مهنا سمعت أحمد يقول من أراد أن يشرب هذا النبيذ يتبع فيه شرب من شربه فليشربه وحده .

    وعن أحمد [ ص: 167 ] رواية أخرى بخلاف ذلك قال في رواية الميموني في الرجل يمر بالقوم وهم يلعبون بالشطرنج ينهاهم ويعظهم .

    وقال أبو داود سمعت أحمد سئل عن رجل مر بقوم يلعبون بالشطرنج فنهاهم فلم ينتهوا فأخذ الشطرنج فرمى به فقال قد أحسن وقال في رواية أبي طالب فيمن يمر بالقوم يلعبون بالشطرنج يقلبها عليهم إلا أن يغطوها ويستروها . وصلى أحمد يوما إلى جنب رجل لا يتم ركوعه ولا سجوده فقال يا هذا أقم صلبك وأحسن صلاتك , نقله إسحاق بن إبراهيم .

    وقال المروذي قلت لأبي عبد الله دخلت على رجل وكان أبو عبد الله بعث بي إليه بشيء فأتى بمكحلة رأسها مفضض فقطعتها فأعجبه ذلك وتبسم وأنكر على صاحبها وفي التبصرة للحلواني لمن تزوج بلا ولي , أو أكل متروك التسمية , أو تزوج بنته من زنا أو أم من زنى بها احتمال ترد شهادته , وهذا ينبغي أن يكون فيما قوي دليله أو كان القول خلاف خبر واحد , وإذا نقض الحكم لمخالفته خبر الواحد أو إجماعا ظنيا أو قياسا جليا فما نحن فيه مثله وأولى , وحمل القاضي وابن عقيل رواية الميموني على أن الفاعل ليس من أهل الاجتهاد ولا هو مقلد لمن يرى ذلك .

    وعن أحمد رواية ثالثة لا ينكر على المجتهد بل على المقلد فقال إسحاق بن إبراهيم عن الإمام أحمد أنه سئل عن الصلاة في جلود الثعالب قال : إذا كان متأولا أرجو أن لا يكون به بأس وإن كان جاهلا ينهى ويقال له [ ص: 168 ] إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عنها .

    وفي المسألة قول رابع قال في الأحكام السلطانية : ما ضعف الخلاف فيه وكان ذريعة إلى محظور متفق عليه كربا النقد الخلاف فيه ضعيف وهو ذريعة إلى ربا النساء المتفق على تحريمه وكنكاح المتعة وربما صارت ذريعة إلى استباحة الزنا فيدخل في إنكار المحتسب بحكم ولايته .

    ثم ذكر القاضي كلام أبي إسحاق وابن بطة في نكاح المتعة , وقد ذكر أبو الخطاب وغيره ما يدل على أنه يسوغ التقليد في نكاح المتعة .

    وقال في الرعاية في نكاح المتعة ويكره تقليد من يفتي بها وقال في الأحكام السلطانية في موضع آخر المجاهرة بإظهار النبيذ كالخمر وليس في إراقته غرم , وقد تقدم كلامه في رواية مهنا , وذكر ابن الجوزي أنه ينكر على من يسيء في صلاته بترك الطمأنينة في الركوع والسجود مع أنها من مسائل الخلاف وقال الشيخ عبد القادر يجب أن يأمره ويعظه .

    قال ابن الجوزي واشتغال المعتكف بإنكاره هذه الأشياء وتعريفها أفضل من نافلة يقتصر عليها , وذكر أيضا في المنكرات غمس اليد والأواني النجسة في المياه القليلة قال : فإن فعل ذلك مالكي لم ينكر عليه بل يتلطف به ويقول له يمكنك أن لا تؤذيني بتفويت الطهارة علي . [ ص: 169 ]

    وفي المسألة قول خامس قال الشيخ تقي الدين والصواب ما عليه جماهير المسلمين أن كل مسكر خمر يجلد شاربه ولو شرب قطرة واحدة لتداو أو غير تداو وقال في كتاب " بطلان التحليل " قولهم ومسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل أما الأول فإن كان القول يخالف سنة أو إجماعا قديما وجب إنكاره وفاقا وإن لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول المصيب واحد وهم عامة السلف والفقهاء .

    وأما العمل إذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضا بحسب الإنكار كما ذكرنا من حديث شارب النبيذ المختلف فيه وكما ينقض حكم الحاكم إذا خالف سنة وإن كان قد اتبع بعض العلماء وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ فلا ينكر على من عمل بها مجتهدا أو مقلدا .

    وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل بها وجوبا ظاهرا مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ إذا عدم ذلك الاجتهاد لتعارض الأدلة المقاربة أو لخفاء الأدلة فيها وليس في ذكر كون المسألة قطعية طعن على من خالفها من المجتهدين كسائر المسائل التي اختلف فيها السلف وقد تيقنا صحة أحد القولين فيها مثل كون الحامل المتوفى عنها زوجها تعتد بوضع الحمل , وأن الجماع المجرد عن إنزال يوجب الغسل , وأن ربا الفضل والمتعة حرام وذكر مسائل كثيرة .

    وقال أيضا في مكان آخر : إن من أصر على ترك الجماعة ينكر عليه ويقاتل أيضا في أحد الوجهين عند من استحبها , وأما من أوجبها فإنه عنده يقاتل ويفسق إذا قام الدليل عنده المبيح للمقاتلة والتفسيق كالبغاة بعد زوال الشبهة .

    وقال أيضا : يعيد من ترك الطمأنينة ومن لم يوقت المسح نص عليه بخلاف متأول لم يتوضأ من لحم الإبل فإنه على روايتين لتعارض الأدلة والآثار فيه . [ ص: 170 ]

    وذكر الشيخ محيي الدين النووي أن المختلف فيه لا إنكار فيه قال لكن إن ندبه على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف فهو حسن محبوب مندوب إلى فعله برفق وذكر غيره من الشافعية في المسألة وجهين وذكر مسألة الإنكار على من كشف فخذه وأن فيه الوجهين .


    مسألة: الْجُزْء الْأَوَّل

    [ ص: 166 ] فَصْلٌ ( عَلَى مَنْ وَمَتَى يَجُوزُ الْإِنْكَارُ ؟ ) .

    وَلَا إنْكَارَ فِيمَا يَسُوغُ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ الْفُرُوعِ عَلَى مَنْ اجْتَهَدَ فِيهِ أَوْ قَلَّدَ مُجْتَهِدًا فِيهِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ , وَمَثَّلُوهُ بِشُرْبِ يَسِيرِ النَّبِيذِ وَالتَّزَوُّجِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ , وَمَثَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَكْلِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ . وَهَذَا الْكَلَامُ مِنْهُمْ مَعَ قَوْلِهِمْ يُحَدُّ شَارِبُ النَّبِيذِ مُتَأَوِّلًا وَمُقَلِّدًا أَعْجَبُ لِأَنَّ الْإِنْكَارَ يَكُونُ وَعْظًا وَأَمْرًا وَنَهْيًا وَتَعْزِيرًا وَتَأْدِيبًا وَغَايَتُهُ الْحَدُّ , فَكَيْفَ يُحَدُّ وَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ أَمْ كَيْفَ يَفْسُقُ عَلَى رِوَايَةٍ وَلَا يُنْكَرُ عَلَى فَاسِقٍ ؟

    وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَنْعَ امْرَأَتِهِ الذِّمِّيَّةِ مِنْ يَسِيرِ الْخَمْرِ عَلَى نَصِّ أَحْمَدَ لِاعْتِقَادِهَا إبَاحَتَهُ ثُمَّ ذَكَرَ تَخْرِيجًا مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي أَكْلِ الثُّومِ أَنَّهُ يَمْلِكُ مَنْعَهَا لِكَرَاهَةِ رَائِحَتِهِ قَالَ وَعَلَى هَذَا الْحُكْمِ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً تَعْتَقِدُ إبَاحَةَ يَسِيرِ النَّبِيذِ هَلْ لَهُ مَنْعُهَا عَلَى وَجْهَيْنِ .

    وَذَكَرَ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةٍ مُفْرَدَةٍ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى غَيْرِهِ الْعَمَلَ بِمَذْهَبِهِ فَإِنَّهُ لَا إنْكَارَ عَلَى الْمُجْتَهَدَاتِ . انْتَهَى كَلَامُهُ .

    وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ لَا يَنْبَغِي لِلْفَقِيهِ أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى مَذْهَبِهِ . وَلَا يُشَدِّدُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ مُهَنَّا سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَشْرَبَ هَذَا النَّبِيذَ يَتْبَعْ فِيهِ شُرْبَ مَنْ شَرِبَهُ فَلْيَشْرَبْهُ وَحْدَهُ .

    وَعَنْ أَحْمَدَ [ ص: 167 ] رِوَايَةٌ أُخْرَى بِخِلَافِ ذَلِكَ قَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ فِي الرَّجُلِ يَمُرّ بِالْقَوْمِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ يَنْهَاهُمْ وَيَعِظهُمْ .

    وَقَالَ أَبُو دَاوُد سَمِعْتُ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ رَجُل مَرَّ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ فَنَهَاهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا فَأَخَذَ الشِّطْرَنْج فَرَمَى بِهِ فَقَالَ قَدْ أَحْسَن وَقَالَ فِي رِوَايَة أَبِي طَالِبٍ فِيمَنْ يَمُرّ بِالْقَوْمِ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ يَقْلِبهَا عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يُغَطُّوهَا وَيَسْتُرُوهَا . وَصَلَّى أَحْمَدُ يَوْمًا إلَى جَنْب رَجُل لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ فَقَالَ يَا هَذَا أَقِمْ صُلْبك وَأَحْسِنْ صَلَاتَكَ , نَقَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ .

    وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ دَخَلْتُ عَلَى رَجُلٍ وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بَعَثَ بِي إلَيْهِ بِشَيْءٍ فَأَتَى بِمُكْحُلَةٍ رَأْسُهَا مُفَضَّض فَقَطَعْتُهَا فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ وَتَبَسَّمَ وَأَنْكَرَ عَلَى صَاحِبهَا وَفِي التَّبْصِرَةِ لِلْحَلْوَانِيِّ لِمَنْ تَزَوَّجَ بِلَا وَلِيٍّ , أَوْ أَكَلَ مَتْرُوك التَّسْمِيَة , أَوْ تَزَوَّجَ بِنْته مِنْ زِنًا أَوْ أُمَّ مَنْ زَنَى بِهَا احْتِمَال تُرَدُّ شَهَادَته , وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُون فِيمَا قَوِيَ دَلِيلُهُ أَوْ كَانَ الْقَوْل خِلَاف خَبَر وَاحِد , وَإِذَا نَقَضَ الْحُكْم لِمُخَالَفَتِهِ خَبَر الْوَاحِد أَوْ إجْمَاعًا ظَنِّيًّا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا فَمَا نَحْنُ فِيهِ مِثْله وَأَوْلَى , وَحَمَلَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَة الْمَيْمُونِيِّ عَلَى أَنَّ الْفَاعِل لَيْسَ مِنْ أَهْل الِاجْتِهَاد وَلَا هُوَ مُقَلِّد لِمَنْ يَرَى ذَلِكَ .

    وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ لَا يُنْكَرُ عَلَى الْمُجْتَهِد بَلْ عَلَى الْمُقَلِّد فَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الصَّلَاة فِي جُلُود الثَّعَالِب قَالَ : إذَا كَانَ مُتَأَوِّلًا أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا يُنْهَى وَيُقَال لَهُ [ ص: 168 ] إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْهَا .

    وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ رَابِعٌ قَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ : مَا ضَعُفَ الْخِلَاف فِيهِ وَكَانَ ذَرِيعَة إلَى مَحْظُورٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَرِبَا النَّقْدِ الْخِلَافُ فِيهِ ضَعِيف وَهُوَ ذَرِيعَة إلَى رِبَا النَّسَاء الْمُتَّفَق عَلَى تَحْرِيمِهِ وَكَنِكَاحِ الْمُتْعَة وَرُبَّمَا صَارَتْ ذَرِيعَةً إلَى اسْتِبَاحَةِ الزِّنَا فَيَدْخُلُ فِي إنْكَارِ الْمُحْتَسِبِ بِحُكْمِ وِلَايَتِهِ .

    ثُمَّ ذَكَرَ الْقَاضِي كَلَام أَبِي إِسْحَاقَ وَابْنِ بَطَّةَ فِي نِكَاح الْمُتْعَة , وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْره مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ يَسُوغ التَّقْلِيد فِي نِكَاح الْمُتْعَة .

    وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ فِي نِكَاح الْمُتْعَة وَيُكْرَه تَقْلِيد مَنْ يُفْتِي بِهَا وَقَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فِي مَوْضِع آخَرَ الْمُجَاهَرَةُ بِإِظْهَارِ النَّبِيذ كَالْخَمْرِ وَلَيْسَ فِي إرَاقَته غُرْم , وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي رِوَايَة مُهَنَّا , وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ يُنْكَر عَلَى مَنْ يُسِيء فِي صَلَاته بِتَرْكِ الطُّمَأْنِينَة فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود مَعَ أَنَّهَا مِنْ مَسَائِل الْخِلَاف وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ يَجِب أَنْ يَأْمُرهُ وَيَعِظهُ .

    قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَاشْتِغَال الْمُعْتَكِف بِإِنْكَارِهِ هَذِهِ الْأَشْيَاء وَتَعْرِيفهَا أَفْضَل مِنْ نَافِلَة يَقْتَصِر عَلَيْهَا , وَذَكَرَ أَيْضًا فِي الْمُنْكَرَات غَمْس الْيَد وَالْأَوَانِي النَّجِسَة فِي الْمِيَاه الْقَلِيلَة قَالَ : فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَالِكِيّ لَمْ يُنْكِر عَلَيْهِ بَلْ يَتَلَطَّف بِهِ وَيَقُول لَهُ يُمْكِنُكَ أَنْ لَا تُؤْذِيَنِي بِتَفْوِيتِ الطَّهَارَة عَلَيَّ . [ ص: 169 ]

    وَفِي الْمَسْأَلَة قَوْلٌ خَامِس قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالصَّوَاب مَا عَلَيْهِ جَمَاهِير الْمُسْلِمِينَ أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ خَمْر يُجْلَد شَارِبه وَلَوْ شَرِبَ قَطْرَة وَاحِدَة لِتَدَاوٍ أَوْ غَيْر تَدَاوٍ وَقَالَ فِي كِتَابِ " بُطْلَانِ التَّحْلِيلِ " قَوْلهمْ وَمَسَائِل الْخِلَاف لَا إنْكَار فِيهَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ الْإِنْكَار إمَّا أَنْ يَتَوَجَّه إلَى الْقَوْل بِالْحُكْمِ أَوْ الْعَمَل أَمَّا الْأَوَّل فَإِنْ كَانَ الْقَوْل يُخَالِف سُنَّة أَوْ إجْمَاعًا قَدِيمًا وَجَبَ إنْكَاره وِفَاقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْكَر بِمَعْنَى بَيَان ضَعْفه عِنْد مَنْ يَقُول الْمُصِيب وَاحِد وَهُمْ عَامَّةُ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ .

    وَأَمَّا الْعَمَل إذَا كَانَ عَلَى خِلَاف سُنَّة أَوْ إجْمَاع وَجَبَ إنْكَاره أَيْضًا بِحَسَبِ الْإِنْكَار كَمَا ذَكَرنَا مِنْ حَدِيث شَارِب النَّبِيذ الْمُخْتَلَف فِيهِ وَكَمَا يُنْقَض حُكْم الْحَاكِم إذَا خَالَفَ سُنَّة وَإِنْ كَانَ قَدْ اتَّبَعَ بَعْض الْعُلَمَاء وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَة سُنَّة وَلَا إجْمَاع وَلِلِاجْتِهَادِ فِيهَا مَسَاغ فَلَا يُنْكَرُ عَلَى مَنْ عَمِلَ بِهَا مُجْتَهِدًا أَوْ مُقَلِّدًا .

    وَإِنَّمَا دَخَلَ هَذَا اللَّبْس مِنْ جِهَة أَنَّ الْقَائِل يَعْتَقِد أَنَّ مَسَائِل الْخِلَاف هِيَ مَسَائِل الِاجْتِهَاد كَمَا اعْتَقَدَ ذَلِكَ طَوَائِف مِنْ النَّاسِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّة أَنَّ مَسَائِل الِاجْتِهَاد مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا دَلِيلٌ يَجِب الْعَمَل بِهَا وُجُوبًا ظَاهِرًا مِثْل حَدِيثٍ صَحِيحٍ لَا مُعَارِض لَهُ مِنْ جِنْسه فَيَسُوغ إذَا عُدِمَ ذَلِكَ الِاجْتِهَاد لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّة الْمُقَارِبَة أَوْ لِخَفَاءِ الْأَدِلَّة فِيهَا وَلَيْسَ فِي ذِكْر كَوْنِ الْمَسْأَلَة قَطْعِيَّة طَعْنٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ كَسَائِرِ الْمَسَائِل الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا السَّلَف وَقَدْ تَيَقَّنَا صِحَّة أَحَد الْقَوْلَيْنِ فِيهَا مِثْل كَوْنِ الْحَامِل الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْل , وَأَنَّ الْجِمَاع الْمُجَرَّد عَنْ إنْزَال يُوجِب الْغُسْل , وَأَنَّ رِبَا الْفَضْل وَالْمُتْعَة حَرَام وَذَكَرَ مَسَائِل كَثِيرَة .

    وَقَالَ أَيْضًا فِي مَكَان آخَر : إنَّ مَنْ أَصَرَّ عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ يُنْكَرُ عَلَيْهِ وَيُقَاتَلُ أَيْضًا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ مَنْ اسْتَحَبَّهَا , وَأَمَّا مَنْ أَوْجَبَهَا فَإِنَّهُ عِنْده يُقَاتَل وَيُفَسَّق إذَا قَامَ الدَّلِيل عِنْدَهُ الْمُبِيح لِلْمُقَاتَلَةِ وَالتَّفْسِيق كَالْبُغَاةِ بَعْد زَوَال الشُّبْهَة .

    وَقَالَ أَيْضًا : يُعِيد مَنْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَة وَمَنْ لَمْ يُوَقِّت الْمَسْح نَصَّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مُتَأَوِّل لَمْ يَتَوَضَّأ مِنْ لَحْمِ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّة وَالْآثَار فِيهِ . [ ص: 170 ]

    وَذَكَر الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْمُخْتَلَف فِيهِ لَا إنْكَار فِيهِ قَالَ لَكِنْ إنْ نَدَبَهُ عَلَى جِهَة النَّصِيحَة إلَى الْخُرُوج مِنْ الْخِلَاف فَهُوَ حَسَنٌ مَحْبُوب مَنْدُوب إلَى فِعْلِهِ بِرِفْقِ وَذَكَر غَيْره مِنْ الشَّافِعِيَّة فِي الْمَسْأَلَة وَجْهَيْنِ وَذَكَرَ مَسْأَلَة الْإِنْكَار عَلَى مَنْ كَشَفَ فَخْذَهُ وَأَنَّ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ .


    مسألة: الجزء الأول

    [ ص: 166 ] فصل ( على من ومتى يجوز الإنكار ؟ ) .

    ولا إنكار فيما يسوغ فيه خلاف من الفروع على من اجتهد فيه أو قلد مجتهدا فيه كذا ذكره القاضي والأصحاب وصرحوا بأنه لا يجوز , ومثلوه بشرب يسير النبيذ والتزوج بغير ولي , ومثله بعضهم بأكل متروك التسمية . وهذا الكلام منهم مع قولهم يحد شارب النبيذ متأولا ومقلدا أعجب لأن الإنكار يكون وعظا وأمرا ونهيا وتعزيرا وتأديبا وغايته الحد , فكيف يحد ولا ينكر عليه أم كيف يفسق على رواية ولا ينكر على فاسق ؟

    وذكر في المغني أنه لا يملك منع امرأته الذمية من يسير الخمر على نص أحمد لاعتقادها إباحته ثم ذكر تخريجا من أحد الوجهين في أكل الثوم أنه يملك منعها لكراهة رائحته قال وعلى هذا الحكم لو تزوج امرأة تعتقد إباحة يسير النبيذ هل له منعها على وجهين .

    وذكر أيضا في مسألة مفردة أنه لا ينبغي لأحد أن ينكر على غيره العمل بمذهبه فإنه لا إنكار على المجتهدات . انتهى كلامه .

    وقد قال أحمد في رواية المروذي لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه . ولا يشدد عليهم وقال مهنا سمعت أحمد يقول من أراد أن يشرب هذا النبيذ يتبع فيه شرب من شربه فليشربه وحده .

    وعن أحمد [ ص: 167 ] رواية أخرى بخلاف ذلك قال في رواية الميموني في الرجل يمر بالقوم وهم يلعبون بالشطرنج ينهاهم ويعظهم .

    وقال أبو داود سمعت أحمد سئل عن رجل مر بقوم يلعبون بالشطرنج فنهاهم فلم ينتهوا فأخذ الشطرنج فرمى به فقال قد أحسن وقال في رواية أبي طالب فيمن يمر بالقوم يلعبون بالشطرنج يقلبها عليهم إلا أن يغطوها ويستروها . وصلى أحمد يوما إلى جنب رجل لا يتم ركوعه ولا سجوده فقال يا هذا أقم صلبك وأحسن صلاتك , نقله إسحاق بن إبراهيم .

    وقال المروذي قلت لأبي عبد الله دخلت على رجل وكان أبو عبد الله بعث بي إليه بشيء فأتى بمكحلة رأسها مفضض فقطعتها فأعجبه ذلك وتبسم وأنكر على صاحبها وفي التبصرة للحلواني لمن تزوج بلا ولي , أو أكل متروك التسمية , أو تزوج بنته من زنا أو أم من زنى بها احتمال ترد شهادته , وهذا ينبغي أن يكون فيما قوي دليله أو كان القول خلاف خبر واحد , وإذا نقض الحكم لمخالفته خبر الواحد أو إجماعا ظنيا أو قياسا جليا فما نحن فيه مثله وأولى , وحمل القاضي وابن عقيل رواية الميموني على أن الفاعل ليس من أهل الاجتهاد ولا هو مقلد لمن يرى ذلك .

    وعن أحمد رواية ثالثة لا ينكر على المجتهد بل على المقلد فقال إسحاق بن إبراهيم عن الإمام أحمد أنه سئل عن الصلاة في جلود الثعالب قال : إذا كان متأولا أرجو أن لا يكون به بأس وإن كان جاهلا ينهى ويقال له [ ص: 168 ] إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عنها .

    وفي المسألة قول رابع قال في الأحكام السلطانية : ما ضعف الخلاف فيه وكان ذريعة إلى محظور متفق عليه كربا النقد الخلاف فيه ضعيف وهو ذريعة إلى ربا النساء المتفق على تحريمه وكنكاح المتعة وربما صارت ذريعة إلى استباحة الزنا فيدخل في إنكار المحتسب بحكم ولايته .

    ثم ذكر القاضي كلام أبي إسحاق وابن بطة في نكاح المتعة , وقد ذكر أبو الخطاب وغيره ما يدل على أنه يسوغ التقليد في نكاح المتعة .

    وقال في الرعاية في نكاح المتعة ويكره تقليد من يفتي بها وقال في الأحكام السلطانية في موضع آخر المجاهرة بإظهار النبيذ كالخمر وليس في إراقته غرم , وقد تقدم كلامه في رواية مهنا , وذكر ابن الجوزي أنه ينكر على من يسيء في صلاته بترك الطمأنينة في الركوع والسجود مع أنها من مسائل الخلاف وقال الشيخ عبد القادر يجب أن يأمره ويعظه .

    قال ابن الجوزي واشتغال المعتكف بإنكاره هذه الأشياء وتعريفها أفضل من نافلة يقتصر عليها , وذكر أيضا في المنكرات غمس اليد والأواني النجسة في المياه القليلة قال : فإن فعل ذلك مالكي لم ينكر عليه بل يتلطف به ويقول له يمكنك أن لا تؤذيني بتفويت الطهارة علي . [ ص: 169 ]

    وفي المسألة قول خامس قال الشيخ تقي الدين والصواب ما عليه جماهير المسلمين أن كل مسكر خمر يجلد شاربه ولو شرب قطرة واحدة لتداو أو غير تداو وقال في كتاب " بطلان التحليل " قولهم ومسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو العمل أما الأول فإن كان القول يخالف سنة أو إجماعا قديما وجب إنكاره وفاقا وإن لم يكن كذلك فإنه ينكر بمعنى بيان ضعفه عند من يقول المصيب واحد وهم عامة السلف والفقهاء .

    وأما العمل إذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضا بحسب الإنكار كما ذكرنا من حديث شارب النبيذ المختلف فيه وكما ينقض حكم الحاكم إذا خالف سنة وإن كان قد اتبع بعض العلماء وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ فلا ينكر على من عمل بها مجتهدا أو مقلدا .

    وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد ما لم يكن فيها دليل يجب العمل بها وجوبا ظاهرا مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه فيسوغ إذا عدم ذلك الاجتهاد لتعارض الأدلة المقاربة أو لخفاء الأدلة فيها وليس في ذكر كون المسألة قطعية طعن على من خالفها من المجتهدين كسائر المسائل التي اختلف فيها السلف وقد تيقنا صحة أحد القولين فيها مثل كون الحامل المتوفى عنها زوجها تعتد بوضع الحمل , وأن الجماع المجرد عن إنزال يوجب الغسل , وأن ربا الفضل والمتعة حرام وذكر مسائل كثيرة .

    وقال أيضا في مكان آخر : إن من أصر على ترك الجماعة ينكر عليه ويقاتل أيضا في أحد الوجهين عند من استحبها , وأما من أوجبها فإنه عنده يقاتل ويفسق إذا قام الدليل عنده المبيح للمقاتلة والتفسيق كالبغاة بعد زوال الشبهة .

    وقال أيضا : يعيد من ترك الطمأنينة ومن لم يوقت المسح نص عليه بخلاف متأول لم يتوضأ من لحم الإبل فإنه على روايتين لتعارض الأدلة والآثار فيه . [ ص: 170 ]

    وذكر الشيخ محيي الدين النووي أن المختلف فيه لا إنكار فيه قال لكن إن ندبه على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف فهو حسن محبوب مندوب إلى فعله برفق وذكر غيره من الشافعية في المسألة وجهين وذكر مسألة الإنكار على من كشف فخذه وأن فيه الوجهين .


    • :: العضويه الذهبيه ::

    ابو علي

    • المستوى: 5
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 10, 2007
    عدد المشاركات:
    2,843
    عدد المعجبين:
    88
    الوظيفة:
    عمل حر
    مكان الإقامة:
    KSA
    فصل ( الإنكار الواجب والمندوب والمشترط فيه إذن الحاكم ) .

    والإنكار في ترك الواجب وفعل الحرام واجب وفي ترك المندوب وفعل المكروه مندوب ذكره الأصحاب وغيرهم .

    قال ابن عقيل في آخر كتاب الإرشاد وقال أيضا غيره : فمن القبيح ما يقبح من كل مكلف على وجه دون وجه كالرمي بالسهام واتخاذ الحمام والعلاج بالسلاح لأن تعاطي ذلك لمعرفة الحراب والتقوي على العدو , وليرسل على الحمام الكتب والمهمات لحوائج السلطان والمسلمين حسن لا يجوز إنكاره وإن قصد بذلك الاجتماع على الفسق واللهو ومعاملة ذوي الريب والمعاصي فذلك قبيح يجب إنكاره . ومن ترك ما يلزمه فعله بلا عذر زاد في نهاية المبتدئين " ظاهر " وجب الإنكار عليه , وللنساء الخروج للعلم وينكر على من ترك الإنكار المطلوب مع قدرته عليه .

    ولا ينكر أحد بسيف إلا مع سلطان وقال ابن الجوزي : الضرب باليد والرجل وغير ذلك مما ليس فيه إشهار سلاح أو سيف يجوز للآحاد بشرط الضرورة والاقتصار على قدر الحاجة , فإن احتاج إلى أعوان يشهرون السلاح لكونه لا يقدر على الإنكار بنفسه فالصحيح أن ذلك يحتاج إلى إذن الإمام لأنه يؤدي إلى الفتن وهيجان الفساد , وقيل لا يشترط في ذلك إذن الإمام .
    • :: العضويه الذهبيه ::

    ابو علي

    • المستوى: 5
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 10, 2007
    عدد المشاركات:
    2,843
    عدد المعجبين:
    88
    الوظيفة:
    عمل حر
    مكان الإقامة:
    KSA

    مسألة: الجزء الأول

    [ ص: 186 ] فصل ( في الإنكار على غير المكلف للزجر والتأديب )

    ولا ينكر على غير مكلف إلا تأديبا له وزجرا قال ابن الجوزي المنكر أعظم من المعصية وهو أن يكون محذور الوقوع في الشرع فمن رأى صبيا أو مجنونا يشرب الخمر فعليه أن يريق خمره ويمنعه كذلك عليه أن يمنعه من الزنا , انتهى كلامه قال المرذوي لأحمد الطنبور الصغير يكون مع الصبي ؟ قال يكره أيضا , إذا كان مكشوفا فاكسره .

    وذكر الشيخ تقي الدين في الكلام على حدث ابن عمر { أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم وسمع زمارة راع وسد أذنيه } قال : لم يعلم أن الرقيق كان بالغا فلعله كان صغيرا دون البلوغ والصبيان رخص لهم في اللعب ما لم يرخص فيه للبالغ . انتهى كلامه وذكر الأصحاب وغيرهم أن سماع المحرم بدون استماعه , وهو قصد السماع لا يحرم . وذكر الشيخ تقي الدين أيضا وزاد باتفاق المسلمين قال : وإنما سد النبي صلى الله عليه وسلم أذنه مبالغة في التحفظ فسن بذلك أن الامتناع عن أن يسمع ذلك خير من السماع .

    وفي المغني جواب آخره أنه أبيح للحاجة إلى معرفة انقطاع الصوت , وكذا قال في الفنون وأبيح لضرورة الاستعلام كما لو أرسل الحاكم إلى أهل الزمر من يستمع له ويستلهم خبرهم أبيح له أن يستمع لضرورة الاستعلام وكالنظر إلى الأجنبيات للحاجة .


    • :: العضويه الذهبيه ::

    توفيق القاضي

    • المستوى: 7
    تاريخ الإنضمام:
    ديسمبر 5, 2007
    عدد المشاركات:
    6,536
    عدد المعجبين:
    65
    الوظيفة:
    موضف بــ الجوالات
    مكان الإقامة:
    k_s_a
    جزاك الله خير وفي ميزان حسناتك

    فضل الخلاقي

    • ضيف
    تاريخ الإنضمام:
    جزاك الله كل خير ابوعلي يسلموووووو
    • :: إدارة المجلس ::

    ابو الأحمدين

    • المستوى: 8
    تاريخ الإنضمام:
    نوفمبر 16, 2007
    عدد المشاركات:
    10,783
    عدد المعجبين:
    329
    الوظيفة:
    فني تكييف
    مكان الإقامة:
    الجنوب العربي
    جزاك الله خير وفي ميزان حسناتك

    يابوعلي
    وبارك الله فيك على المجهود الذي بذلته
    تقبل تحياتي

انشر هذه الصفحة