جاري تحميل محرك البحث

اهلاً وسهلاً بك في مجلس الخلاقي!
لكي تتمكن من المشاركه يجب بان تكون عضو معنا تسجيل الدخول بإستخدام الفيسبوك

تـسـجـيـل الـدخـول

|| للتسجيل معنا

وثيقة تاريخية عن (قضية الجنوب)

موضوع في 'المجلس العام' بواسطة طير شلوة, ديسمبر 10, 2012.

    • :: العضويه الذهبيه ::

    طير شلوة
    خذني على ميعاد اللقاء

    • المستوى: 5
    تاريخ الإنضمام:
    إبريل 22, 2008
    عدد المشاركات:
    1,306
    عدد المعجبين:
    117
    الوظيفة:
    صيدلي
    مكان الإقامة:
    اليمن
    الاسم الكامل:
    خذني على ميعاد اللقاء
    وثيقة [IMG]ية حول القضية الوطنية الجنوبية.. بقلم: علي هيثم الغريب.. (1)قبل 22 مايو 1990م كانت الجنوب تشكل دولة كما كان حالها قبل آلاف السنين, فمن عاد وثمود والاحقاف وحضرموت وكِنده وقتبان وأوسان وحمير, حضارات ما قبل الإسلام إلى سلطنات ومشيخات {منذ القرن الثالث عشر وحتى عام 1967م}، ثم إلى إتحاد الجنوب العربي {1959-1967 }

    ثم إلى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية (1967-1972)

    ثم إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية(1972-1990).
    كل هذه الحضارات والدول قامت على بقعة جغرافية واحدة تسمى (الجنوب العربي). بعد ظهور المد القومي ثم المد الاشتراكي في أسيا وأفريقيا تمركزت الأحزاب العربية التي تدعو إلى القومية والوحدة العربية (حركة القوميين العرب، البعث، الناصريين والماركسيين الاشتراكيين) وتوحدت تحت لواء أحزاب مركزية تمتد من الشام والقاهرة وبغداد إلى عدن.




    ومنذ ذلك الحين رفعت بعض الأحزاب القومية شعار الوحدة بين الجنوب العربي والجمهورية العربية اليمنية إيمانا منها بالوحدة العربية ومنطلقة من برامجها التي اعتبرت فيها الوحدة بين الجنوب العربي واليمن كجزء أساسي موجة ضد الأنظمة التقليدية في المنطقة.. إلا إن طرحها هذا لم تقابله أي استجابة من قبل الجمهورية العربية اليمنية. فكان مواطنيها يأتون إلى الجنوب ليحصلوا على كافة حقوق المواطنة – شريطة أن يكونوا اشتراكيين – والمواطن الجنوبي في الجمهورية العربية اليمنية قبل عام 1990م، هو مواطن أجنبي ويحصل على وثيقة "مقيم" شأنه شأن الأجانب.. كان الاشتراكيون يحاولون بناء دولة موحدة على مستوى الجزيرة العربية والجنوب العربي واليمن، وذلك وفق إيديولوجية الاشتراكية العلمية التي لا حدود لها، فدعموا الجبهة الوطنية ( حوشي) لتغيير النظام في اليمن (الشمال حاليا) والجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي.. وبدأت الحروب بين ما سمي بالجنوب والشمال منذ عام 1972م. والشيء المؤكد في حرب 1972م وحرب 1979م أن الأولى لم ينتصر فيها الجنوبيون ماعدا احتلالهم لمدينة قعطبه، بسبب أن قادة تلك الجبهات الشمالية كانوا من الجنوبيين الهاربين من النظام في عدن. لذا كان الانتصار على الشمال صعباً، ولكن حرب 1979م وبعد هروب الجنوبيين من صنعاء إلى البلدان العربية والأجنبية نتيجة معاملة النظام السيئة معهم وبغياب – حرب الجنوبي ضد الجنوبي – اكتسحت القوات الجنوبية حدود الجمهورية العربية اليمنية خلال ساعات قليلة ووصلت إلى مأرب و يريم و لولا تدخل العراق وليبيا لسقطت صنعاء خلال أيام.




    غير أنه بعد ضعف النظام الاشتراكي في الجنوب وانهيار المعسكر الاشتراكي وعدم إصغاء الجنوبيين لبعضهم البعض والحشد الذي شهدت صنعاء ل"الأفغان العرب" وتوطد الحكم المشيخي- المذهبي المتخلف في اليمن ( الجمهورية العربية اليمنية)، أصبح النظام في صنعاء مهتماً بالحصول على السيطرة على الأراضي والثروات الواقعة في الجنوب وليس في منطقة عسير ونجران الذي كان الأئمة يدّعون أنها جزء من اليمن بحكم المذهب وليس بحكم ال[IMG].. علاوة على أن الحزب الاشتراكي الذي رفع شعار "الوحدة اليمنية" منذ تأسيسه عام 1978م قد تهالك ودُمر من داخله, وأصبح مناسباً – في عقيدة الجمهورية العربية اليمنية - أن يحتل الشمال الجنوب من خلاله لكونه يكتسب المشروعية الوحيدة لتوقيع أي اتفاقات مع أي دولة أجنبيه كانت.. وقد يستفاد منه كتوجه وحدوي للسيطرة على الشعب الجنوبي.. ولا ننسى إن أبنا الجنوب الذين تشبعوا بالفكر القومي العربي، كان توجهم صادقا ويمكن من خلال إن يحققوا الوحدة بين الدولتين – في صنعاء وعدن- لإرساء دعائم التوجه العربي في الوحدة ولو على جزء يسير من الوطن العربي الكبير. وفي وقت مبكر بعد عام 1986م – حرب الأخوة الجنوبيين – أبرم أول أتفاق للتنقل بين الشمال والجنوب بالبطاقة الشخصية والسير في الإجراءات الوحدوية التي توقفت بعد حرب 1979م. من الناحية القانونية والدستورية لم يكن للحزب الاشتراكي الحق في إبرام أي اتفاقيات تخص السيادة والهوية مع دولة أخرى أو قوى خارجية ولم ينص دستور جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على ذلك، ولم يستفتى الشعب في الجنوب.. بيد أنه في أيام عز القوة المتطرفة في الشمال ووجود نصف الجيش الجنوبي هارباً في صنعاء وتوافد "الشباب العرب – الأفغان" الذين كانوا يقاتلون الاستعمار الروسي في أفغانستان الذي بلغ عددهم في ذلك الوقت مئة ألف مقاتل برئاسة الزنداني والديلمي سار نظام صنعاء باتجاه الوحدة مع الجنوب. وفي سبتمبر 1988م طرح مقترح من قبل بعض قياديين اشتراكيين من مواليد الشمال ومن مؤسسي الحزب الاشتراكي بدمج "حوشي" (فرع الاشتراكي في الشمال) مع الحزب الاشتراكي فتم ذلك وأصبحت - منذ عام 1988م- الأغلبية داخل قيادة الحزب الاشتراكي في الجنوب من الشماليين لذلك نجحت مطالب "الاندماجيين" بالسير سريعا باتجاه الاتحاد بين الدولتين.




    لم يكن نظام الجمهورية العربية اليمنية مكترثاً بصفة خاصة بمبادئ الوحدة والقانون الدولي عندما يتعلق الأمر بالمصلحة الخاصة.. لذا عقدت خمس اتفاقيات بين الدولتين – ج. ي. د. ش. ، ج. ع. ي. – وهي اتفاقيات غير قانونية ولا متكافئة بل ويستند عليها الوضع الشمالي في الجنوب حالياً، لكن الحقيقة إن الاتفاقيات مع الجمهورية العربية اليمنية كما هو معروف لم يتم الدخول فيها بحرية، وإنها كانت لغير مصلحة شعب الجنوب، ولهذا أفضت إلى حرب عام 94م بين الشمال والجنوب وإلى إخضاع سكان الجنوب لحكم الجمهورية العربية اليمنية. وعندما أبرمت اتفاقية جديدة (93م-94م ) "وثيقة العهد و الاتفاق" ووقعت عليها كل الأطراف المعنية بعدها شن الحرب على الجنوب مخالفة لاتفاقيات إعلان الوحدة ولتلك الوثيقة.




    ورجوعاً حتى إلى تلك الاتفاقيات التي أبرمت بين الدولتين في عدن وصنعاء في الأعوام (87 – 1990م) ثم إعلان الوحدة بين النظامين في 22 مايو 1990م سرعان ما وجد نظام صنعاء أن تلك الاتفاقيات غير كافية لتلبية الرغبة في تحقيق سيطرة أكبر على الجنوب.. حيث كان الطرفان المتعاقدين – دولة الجنوب ودولة الشمال – قد وافقا على بقاء تشريعات كل دولة كما هي حتى تأتي قوانين جديدة يتفق حولها، ويلتزم كل من الطرفين المتعاقدين ببنود اتفاقيات إجراءات الاتحاد بين الدولتين.. وبالرغم من هذه الالتزامات استمرت مؤسسة الحكم في صنعاء في محاولاتها لتغيير الموقف من أجل الدخول إلى عدن وبهدف الحيلولة دون بقاء الجنوب بيد الدولة السابقة.. وعليه فإنه من الواضح أن أي شيء يحكم سلفاً بشأن قضية السيادة ويضر بحق أحد الطرفين المتعاقدين يجب اعتباره نقضاً لروح الاتفاقية ونقضاً لنصوصها، وهذا هو بالضبط ما سعت إلى فعله مؤسسة الحكم في صنعاء خلال سنوات ما بعد إعلان الوحدة (90م - 94م ).

    وطوال ثلاثة أعوام (91- 1994م) عقدت عدة اتفاقيات جديدة بين علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية العربية اليمنية سابقاً والرئيس{ نائب الرئيس بعد إعلان الوحدة} علي سالم البيض رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بشأن كيفية بناء دولة الوحدة، فرفضت الجمهورية العربية اليمنية كل العروض بل ورفضت تنفيذ اتفاقية الشراكة، وطلبت بدلاً من ذلك أن تندمج أكثر من عشر وزارات خاصة الجيش والأمن والعمل قبل تنفيذ اتفاقيات الوحدة، رفض الرئيس البيض ذلك.

    عندما وصل الرئيس علي عبد الله صالح إلى قناعة بأن الرئيس علي سالم البيض مازال يحكم الجنوب وان هناك التفافا جماهيريا حوله استعان بالجهاديين وحزب الإصلاح لقتل الجنوبيين وتفجير منازلهم، وبالاشتراكيين الشماليين لأجراء الانتخابات. قبل البيض رئيس دولة الجنوب إجراء الانتخابات لمعرفته الكاملة أن الجنوب سيصوت لجنوبيته، وهذا ما حصل فعلا، كل دوائر الجنوب الانتخابية الــ(56) أيدت برنامجه الانتخابي.

    كان نظام صنعاء يعتقد أن أجراء الانتخابات سيوفر له الذريعة المناسبة لاحتلال الجنوب، ولكنها بالحقيقة جسدت الدولة الجنوبية من جديد، حيث قُسمت الجنوب إلى 56 دائرة انتخابية بدلاً من 111 دائرة قبل الوحدة والشمال 245 دائرة بدلاً من 157 قبل إعلان الوحدة.. ذهبت دوائر الجنوب بكاملها (56 دائرة) للاشتراكيين الجنوبيين ودوائر الشمال للشماليين، فلم يفوز أحد من الجنوبيين في الشمال ولا فاز شمالي في الجنوب، وهكذا عاد الرئيس علي سالم البيض إلى عدن ومعه حكومة الجنوب السابقة ومجلس النواب من الجنوبيين ومستنداً على هذه النتائج الانتخابية..

    فلم يجد نظام صنعاء ضرورة للانتظار طويلاً لأنه حين أصر رئيس دولة الجنوب – نائب الرئيس بعد إعلان الوحدة – التمسك بنتائج الانتخابات التي أعطته الحق بالإبقاء على سيادته على الجنوب، رد نظام صنعاء بالحرب واحتلال الجنوب.

    ومن أجل فهم أهداف مرامي سياسة نظام صنعاء أثناء تلك الفترة فإن من الضروري أن نتذكر إنها مرت بتحول جذري عقب اكتشافات النفط في حضرموت وشبوة وعودة الأفغان العرب إلى صنعاء لتعينها على التخلص من بعض القيادات الوطنية الجنوبية (154 شهيد سقطوا في صنعاء قبل إعلان الحرب على الجنوب عام 1994م وبأوامر من قبل الرئيس علي عبد الله صالح) وبدأت سياسة استخدام القوة لكسب أهداف سياسية. ونفذت جرائم كثيرة كتفجير منزل رئيس الوزراء الجنوبي حيدر أبوبكر العطاس وإطلاق صاروخ إلى غرفة نوم رئيس مجلس النواب الدكتور ياسين سعيد نعمان (جنوبي) وأخيراً مغامرة إعلان الحرب على الجنوب يوم 27 أبريل 1994م وقتل الرئيس علي عبد الله صالح عشرين ألف مواطن فبل أن يحتل الجنوب.

    لقد سعينا نحن أبناء الجنوب إلى الوحدة سعياً، وجاهدنا بصدق من أجل الوحدة، نصبو جميعاً إلى ما تصبو إليه الأمم التي تقدر قيمة الأوطان والشرف والكرامة.. وكنا نعتقد أن نظام صنعاء سيهيئ لهذه الوحدة رجالاً من ذوي الكفاءة والنزاهة حتى يكونوا سند الوحدة وحتى يكونوا ذخرها وفخرها، وحتى يمهدوا لها بدرايتهم وتجاربهم سبل الوصول إلى بناء دولة للوحدة.. دولة حديثة.. تظهر العروبة والإسلام في مظهرهما اللائق بهمَ ويقيموا الحجة أمام العالم أجمع على أن الشعب اليمني شعب ناضج وشريف.

    ولكن والأسى يملأ قلوبنا نقول: لقد عبئ نظام صنعاء الشباب المجاهدين الذين جاءوا بهم من أفغانستان، واستعانوا بالجهل والتخلف والمذهبية في الشمال، في إصدار فتاوى الاستحلال والتكفير التي استند إليها النظام في حربه ضد الجنوب عام 94م.. ويستند إليها اليوم في التعبئة ضد الحراك الجنوبي السلمي، وعلى أساس إن الحراك يقوم به ناس ملاحدة وكفرة. فمن هو من الجنوبيين مع النظام الحالي فهو مسلم، ومن لم يكن معه فهو كافر وملحد.. وكل هذه الفتاوى جاءت لدوافع سياسية بحته وذلك لتحقيق غاية التفرد بنهب الجنوب أرضاً وإنساناً، واستخدام الدين كستار لتنفيذ تلك الغاية. واليوم وبنفس الوسيلة يتم اصطناع شرعية جديدة لإطلاق الرصاص الحي على الجنوبيين الذين يطالبون بأرضهم و ثروتهم.. والسلطة مصرة على استخدام الفتاوى الدينية لقتل أبناء الجنوب ومصادرة أملاكهم، والتحكم بالثروة والرقاب، والدعوة للكراهية الدينية التي تستند عليها السلطة.. لإيجاد شرعية جديدة لضرب الجنوب عسكرياً.

    ونبين ذلك من خلال فتوتين مشهورتين استندت إليهما السلطة عام 94م في حربها ضد الجنوب:

    * فتوى الدكتور عبد الوهاب الديلمي، أُذيعت الفتوى في 6 مايو 94م (خلال الحرب ضد الجنوب) في وسائل الإعلام الرسمية والمرئية و المسموعة- ثم نشرت في صحيفة الشورى 8 يناير 1995م، وفي صحيفة عبد المجيد الزنداني صوت الإيمان الصادرة ب[IMG] 21 يونيو 1994م العدد (24) تحت عنوان: " كي لا يلتبس حكم الحرب على الأمة"، فما جاء في تلك الفتوى: "من أغرب ما نسمعه هذه الأيام – أيام حرب 94م – أقوال يطلقها بعض الناس يشككون من ورائها في شرعية القتال. قد يكون مدخل التشكيك إلى عدم شرعية القتال هو أن الذين يقاتلون مع المرتدين مسلمون – يقصد بالمرتدين الاشتراكيين الجنوبيين والمسلمون هم أبناء الجنوب من نساء وأطفال وشيوخ – ومن هذا أن يقال أن الحزب الاشتراكي هم عبارة عن عدد محصور.. فلولا هؤلاء الذين نسميهم بالمسلمين ما كان لهم من قدرة على أن يحققوا شيئاً، ومن أجل ذلك أجاز أهل العلم قتل هؤلاء المسلمين، لأن عدم قتل هؤلاء المسلمين يترتب عليه مفسدة أعظم من مفسدة قتلهم". انتهى.

    هكذا وظف علماء الشمال الدين لاستثارة عاطفة العامة من أبناء الشمال واستدعاء الكراهية الدينية، والتوحش بالقتل لاحتلال شعب آخر، وتمزيق كل روابط الأخوة الإسلامية والرحمة و التآلف. بعدها عين صاحب هذه الفتوى وزيراً للعدل تقديراً له على تهييج الأسرة الشمالية ضد الأسرة الجنوبية وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ في الجنوب.

    كنا في الجنوب نود أن يفهم أهلنا في الشمال إننا شعب مسلم، وإن الإسلام في ظروفنا السابقة والحاضرة فوق كل اعتبار حزبي وفوق كل شهوة شخصية، ولكنا والأسى يملأ قلوبنا نرى أمام أعيننا جماعة من أصحاب الفتاوى الدينية المعتمدين لدى السلطة في الشمال قد دفعهم حب الظفر بالسلطة والجاه والمال إلى شن حرب عوان استخدموا فيها فتاوى تكفيرية لا يزاولها مسلم أمام مسلم. نعم يملك الأسى قلوبنا لأننا نعلم وكلكم يعلم أن لا رجاء لوحدة تقوم الزعامة فيها على إيذاء الناس في دينهم وسمعتهم وعلى إفساد ضمائر بعض المفتيين بالمال والاحتيال.. واليوم يقوم أتباع السلطة من الأئمة الجدد بحرب شعوا سموها معركة من أجل حماية الدين ضد كل من يطالب بحقوقه من أبناء الجنوب، وقد أسرفوا في الطعن و التكفير والسب والافتراء والترغيب والترهيب ضد أبناء الجنوب، الذين يشهد الإسلام لهم بأنهم اسلموا قبل الهجرة النبوية إلى يثرب..

    *ولهذه الغاية نفسها جاءت فتوى عبد المجيد الزنداني الصادرة في واحد محرم 1415هـ الموافق 10/ 6 / 1994م – خلال حرب 94م الظالمة ضد الجنوب، عشرين مليون مقابل ثلاثة مليون- جرى نشرها بواسطة شريط مسجل، توزيع: "تسجيلات الإيمان التابعة للشيخ الزنداني"، تحت عنوان: " واجب المسلمين نحو المعركة"، ونشرت أجزاء منه في صحيفة "يمن تايمز" باللغة الانجليزية الصادرة ب[IMG] 20 / 6 / 1994م العدد (23).

    قال فيها: "أن قتالنا ضد الشيوعيين هو من أجل الإسلام.. من أجل وحدة القيادة السياسية لليمنيين أن يكون لهم حكم واحد و قائد واحد.. هذه معركتنا هذه هي المعاني التي نقاتل من أجلها".. وقال أيضاً مخاطباً الحكام العرب أن يقفوا معه ضد الجنوبيين: " كما أفتيتم بأن الجهاد في أفغانستان واجب.. فلا أقل من أن تحموا ظهور إخوانكم.. أن قتالنا قتال شرعي ضد فئة باغية ملحدة وكافرة قتالها واجب.. أننا نطلب من علماء المسلمين أن يرفعوا أصواتهم وأن يبينوا للشعوب حكمة الجهاد في اليمن.. سنسألهم عن هذه الفتوى غداً بين يدي الله.." وقال الشيخ الزنداني وهو يشرح لأهلنا في الشمال: "إن الله تعالى قد سخر قدرته للمحاربة إلى جانبهم, من أمثلة ذلك: في إحدى المعارك – طبعاً كل المعارك كانت تدار في المدن والقرى الجنوبية – زرع الكفرة حقولاً من الألغام وتقدم جيش المسلمين وكاد أن يقع في تلك الحقول ولكن الله أرسل رياحاً أزالت الرمال و كشفت رؤوس الألغام فعلموا أنهم أمام حقل من الألغام. وغيرها من القصص والحكايات التي تنطلي فعلاً على شعب 75% منه أمياً وفقيراً وهنا نلفت نظركم أن رد علماء المسلمين جاء ليدين فتاوى التكفير والاستحلال ضد الجنوبيين، واعتبروها بحد ذاتها جريمة وحملوا أصحابها جريمة ما نجم عنها من ضحايا خاصة من الأطفال و النساء والشيوخ.

    ومن ذلك ما صرح به العلماء لمجلة " المسلمون" الصادرة ب[IMG] 5/ 8 / 1994م العدد (496) نورد بعضاً من ما نشر: "استنكر جميع علماء الأمة ما جاء في الفتوى التي أصدرها الشيخ عبد الوهاب الديلمي أثناء الحرب اليمنية التي أباح فيها قتل النساء والشيوخ والأطفال للوصول إلى الأعداء زاعماً أنها قاعدة شرعية كما أورد الديلمي في حديثه لمراسل "المسلمون" العدد الماضي. وكان في مقدمة العلماء الذين استنكروا تلك الفتوى شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق وعدد من أعضاء هيئة كبار العلماء والشيخ محمد الغزالي والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جرين عضو الإفتاء بإدارة البحوث العلمية والإفتاء، مبينين أن الديلمي أخطى في فتواه في أكثر من وجه وأكدوا أن الديلمي ليس من أهل الفتوى المعتبرين أساساً.. وأشار العلماء إلى أنه يتحمل بفتواه مسؤولية ما أريق بسببها من دماء الأطفال والشيوخ والنساء". وكان عبد المجيد الزنداني قد قاد حملة ضد الوحدة قبل إعلانها في 22 مايو 1990م بل وكفرها وكفر دستورها الذي أُستفتى عليه بعد إعلان الوحدة بعام.. ولكنه تولى منصب عضوية مجلس الرئاسة الذي يسير بهذا الدستور الذي كفره. وتولى الدكتور الديلمي وزارة العدل وأقسم اليمين بموجب الدستور الذي كفره.. وهذا يعني أن المشكلة كانت سياسية بحته وأن التكفير كان سلاحاً لبث الكراهية ضد الجنوبيين واستخدام الدين للوصول إلى السلطة. واليوم نتيجة اشتداد الرفض الشعبي الجنوبي للاستيلاء على أملاكهم و حقوقهم يسير المفتيين من أبناء الشمال على نفس الطريق..

    أن قيام الجمهورية العربية اليمنية باحتلال الجنوب كان أساساً من أجل تحقيق مصالحها، وعلى أن السياسة التي تنتهجها اليوم في الجنوب مبعثها مصالحها الذاتية. وقد سميت حرب 94م ضد الجنوب فتحاً رغم أن الجنوب دولة إسلامية.. ومنذ 7 /7 / 1994م بقيت الجنوب بيد نظام صنعاء، وأُديرت عبر القوات العسكرية والأمنية القمعية ونهبت بصورة لم يشهد لها ال[IMG] مثيل.

    ولم يعترف الشعب الجنوبي أبداً بشرعية اتفاقيات الوحدة ولا بشرعية الحرب، كما لم يتنازل في أي وقت عن دعواه بالسيادة على أرضه ووطنه، وقد أنتفض بعد حرب 1994م, وقدم آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين... وتمت خطط جديدة لتعزيز السيطرة على الجنوب بصورة مطلقة وتم إلغاء كل الاتفاقيات التي أبرمت قبل الحرب... وأصبحت للقوات الشمالية وتجارها و مشايخها الحرية المطلقة لنهب شواطئ عدن والمكلا والمزارع والأراضي والاستيلاء على مؤسسات ومباني و أملاك دولة الجنوب السابقة، ومن خلال الإحصائيات الأولية إنه تم الاستيلاء على ما قيمته 20 مليار دولار خلال العامين الأوليين فقط بعد حرب 1994م (مع أن أملاك الشعب لا ثمن لها).

    أن هذه الاتفاقيات الاتحادية بين دولة الجنوب ودولة الشمال- على خطورتها - لا تعطي بالفعل صورة دقيقة أو كاملة عن مدى السيطرة والنهب اللذان يمارسهما نظام صنعاء على الجنوب، فهذا النفوذ والنهب المخطط غير مستمد من التزامات مكتوبة ولا نابع عن اتفاقيات بين الدولتين السابقتين، وإنما قائم بالأحرى على نتائج حرب 1994م وعلى القوة القمعية والكثرة العددية.. وهذه طريقة عهدناها نحن الجنوبيين في سياسة نظام صنعاء ومعروفة جيداً عبر [IMG] الحروب بين الدولتين، أن تُنجز اتفاقيات بين الحكومتين ثم يتم الإعلان بأن نظام صنعاء ملتزم بموجب اتفاقيات موقعة رغم أنه قد شن الحرب عليها...

    استنكر العالم كله حرب الشمال على الجنوب – التي أعلنت في لحظة ضعف الجنوبيين واستخدام الأفغان العرب والقاعدة وغيرهم – وكان لدول مجلس التعاون الخليجي موقف ايجابي وصادق .. حيث جاء في البيان الصحفي الصادر عن الدورة الحادية والخمسين للمجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي في الرياض يوم 25- 26 ذو الحجة 1414هـ الموافق 4 – 5 يونيو 1994م ما نصه: " تابع المجلس الوزاري بقلق بالغ التطورات المؤلمة في اليمن، وما ترتب على استمرار القتال بين الطرفين مما جعل القادة في جنوب اليمن يعلنون قيام جمهورية اليمن الديمقراطية، في هذا السياق رحب المجلس بصدور قرار مجلس الأمن رقم 924" وأضاف البيان " وانطلاقا من حقيقة أن الوحدة مطلب لأبناء الأمة العربية، فقد رحب المجلس بالوحدة اليمنية عند قيامها بتراضي الدولتين المستقلتين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية في مايو 1990م وبالتالي فإن بقاءها لا يمكن أن يستمر إلا بتراضي الطرفين، وأمام الواقع المتمثل بأن أحد الطرفين قد أعلن عودته إلى وضعه السابق وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية فإنه لا يمكن للطرفين في هذا الإطار إلا التفاوض بالطرق والوسائل السلمية.. إذ أنه لا يمكن إطلاقاً فرض الوحدة بالوسائل العسكرية".

    واليوم ولأجل المواجهات المحتملة في الجنوب اعتمد نظام صنعاء على التخطيط لوضع قوات برية ونقاط عسكرية متمركزة بصورة دائمة من العند قرب عدن إلى حوف في المهرة، وتعزيزها في حالات الطوارئ كما يجري اليوم في ظل انتفاضة شعبية عارمة، ويحتفظ النظام حالياً بعشرات الألوية على طول وعرض الجنوب لمساندة قوات الأمن المركزي والأمن السياسي والأمن القومي والاستخبارات العسكرية وجيش المخبرين.. هذا إضافة إلى المعسكرات السابقة الدائمة.. تجسيد تأثير التحولات الكبرى الجارية في المحافظات الجنوبية على عدن والمكلا وزنجبار وعتق والغيضة حيث وضع الجيش لمنع المواطنين من التوجه إلى تلك العواصم الجنوبية..



    وثيقة [IMG]ية حول القضية الوطنية الجنوبية.. بقلم: علي هيثم الغريب (2)

    إن الثورة السلمية في عدن وأرياف الجنوب قاطبة قد أزالت شكوك ربما كانت لدى بعض دول الجوار حول القضية الجنوبية.. حيث وبعد الاعتقالات الكبرى التي تمت عام 2008م وقتل عشرات المواطنين وإنزال الأسلحة الثقيلة إلى عدن أتضح للعالم أن هذا النظام لا يؤمن بالديمقراطية التي التزم بها أمام المجتمع الدولي خلال حرب 1994م، خاصة وإن انتخابات عام 2003م البرلمانية والرئاسية والمحلية لعام 2006م قد أثبتت أن 82% من سكان الجنوب قاطعوها ولم ينل المنتخبون غير أصوات ما لا يزيد عن 20% من المسجلين في قوائم الانتخاب.. ولهذا طلب الرئيس تأجيل الانتخابات البرلمانية عام 2008م عندما رفض الجنوبيون لجان القيد والتسجيل، بل وقاموا بمصادرة صناديق الاقتراع. ورفض الشعب الجنوبي أن تقرر مصيره أصوات المدافع وأصوات الانتخابات المزيفة.

    واليوم إن القضية الرئيسية لم تعد ما إذا كان يجب أو لا يجب أن تكون هناك انتخابات في الجنوب لأن شعب الجنوب قد رفض ذلك مسبقاً، ولكن المسألة المركزية الآن هي ما إذا كان الجنوب والشمال باتحاد كل منهما مع الآخر ينبغي أن يستمر أم لا ؟!. أي هل هناك رغبة لشعب الجنوب في الاتحاد مع الشمال؟. نقول: لا.. فما يوجد اليوم في الشمال تعصب أعمى وتحريض كبير ضد الجنوبيين يمكن يرتكب النظام من خلالهما مجازر شبيهة بمجازر رواندا ويمكن أن يحوّل المحتلين عدن إلى سراييفو الجزيرة العربية، خاصة وان هناك تعبئة رسمية متواصلة قد أظهرت "جيشاً حربياً" يُقذف به بوجه الجنوب.

    وهنا يمكن الحديث عن الاتفاقيات التي أبرمت بين الدولتين في صنعاء وعدن لإدخال الجنوب في هذه المأساة، خاصة وان الرئيس علي عبد الله صالح بعد أن أعلن الحرب عليها اليوم بعد الانتفاضة الشعبية الجنوبية يعود من جديد للتمسك بها. فالاتفاق بين الرئيسين البيض وصالح بدأ باتفاق شفوي بينهما حول حقل جنة في شبوة الذي كان هذا الموقع سبب حروب الأئمة ضد الجنوب قبل ثورة سبتمبر 1962م حيث كان الأمام يحيى ومن بعده أبنه أحمد يطالبان بالعبر وجزء من شبوة ( وثائق تلك الاتفاقيات موجودة)، وبنفس الطريقة كان رئيس دولة الشمال يطالب بتقاسم حقل جنة النفطي بدلاً من الحرب، وهذا الاتفاق الشفوي أنما يتوخى من ورائه – أساساً – الحفاظ على وضع الحدود ألمرسمه بين الدولتين.

    ولا يستطيع نظام صنعاء أن يخرج من هذا الوضع رغم هاجس القوة التي انتابته بعد حرب الأخوة في الجنوب عام 1986م، فأوحى للرئيس علي عبد الله صالح أن الاتفاق الذي تم مع الجنوبيين بشأن تقاسم حقل جنة النفطي يعني الاعتراف بالحدود ألمرسمه التي اعترف بها الأمام يحيى ومن بعده الأمام أحمد.. ولا يستطيع أن يقضي البطلان أي موقف يتخذ من قبل دولة الجنوب حول أمور تتعلق بالحدود أو الثروة أو الأرض، وعليه ولتدارك هذا الأمر أصبح التقرب من النظام الاشتراكي هو الطريق الأمثل لاحتواء قيادة الجنوب السياسية وضم أرضهم، فجاءت الاتفاقيات الوحدوية بين شريكي الوحدة كفخ للجنوب, وليس كمشروع وحدوي صادق يمكن أن يكون نموذج للوحدة العربية.

    وهكذا فإن نظام صنعاء لم يترك شيئاً في تلك الاتفاقيات للصدفة، حتى إذا ما طالب الجنوبيون بإعادة دولتهم السابقة – كما حصل عام 1961م من قبل سوريا ومصر – فإن نظام صنعاء بإمكانه أن يعترض على هذا المطلب، وحتى إذا قام نظام صنعاء بحرب ضد الجنوب لضمه بالقوة فإن الحرب لن تكون بالمفهوم القانوني – حسب تصور حكام صنعاء – حرب بين دولتين، بل حرب أهلية داخل دولة واحدة.

    بعد الحرب الطاحنة التي حدثت عام 1994م أصبحت الجنوب تابعه لنظام صنعاء سواء أراد أو لم يرد السكان أو الأنظمة العربية المجاورة المهددون مباشرة بوجود عدم الاستقرار في المنطقة.. وكما قال عبد الكريم الأرياني: "أن الجنوب ستبقى إلى الأبد ضمن الوحدة من أجل الاحتفاظ بالهيمنة من قبل السلطة الوحدوية على المصالح الاقتصادية في الجنوب" وأنه لواضح من نتائج حرب 1994م أن الأهداف الرئيسية لسياسة نظام صنعاء في الجنوب هي كالتالي:

    أولاً: ضمان بقاء الجنوب تحت سلطة صنعاء.

    ثانياً: تسهيل و توطيد السيطرة على ثرواته وأراضيه.

    ثالثاً: إحداث تغيير ديموغرافي – سكاني للدفاع عن مصالح صنعاء و ردع أي خروج ضد هذه الأهداف.

    وبإيجاز لقد عارض الشعب الجنوبي هذه المطامع التي تخدم مصالح سكان الجمهورية العربية اليمنية.. وأكثر من ذلك فإن ضم الجنوب بالقوة يقوي لغة الحرب بين العرب وإحداث الفوضى في الجزيرة العربية وعدم الاستقرار، وبسبب هذا فإن سكان الجنوب مناهضون بتصميم لا مثيل له في ال[IMG] لهذه الخطط البدائية, ومصممين على طرد المحتلين.

    واليوم بعد أن ظلت الجنوب تحت الحكم الاستبدادي المتخلف لمدة 15عاماً (94م-2009م) وعلى امتداد تلك الفترة القصيرة من الزمن عمل الكثير جداً لنهب كل شيء في الجنوب له قيمة ولو كانت رخيصة جداً.. كانت الجنوب كلها هدفاً لحرب إبادة يشنها نظام صنعاء، إذ يجري يومياً القيام بإطلاق الرصاص الحي على الاحتجاجات السلمية والمواطنين، والاستيلاء على الأراضي والمزارع ونهب الآبار الارتوازية ودفنها وتحويلها إلى أراضي للبيع بالقطعة.. فيما ترك الآلف الناس مزارعهم واضطروا للجوء إلى المقاومة السلمية.. حتى لقد بلغ عدد من نهبت مزارعهم مائة ألف ونيف، معظمهم اليوم يعانون من الجوع والمرض.

    ويعيش الجنوب إن حالة طوارئ التي لم تعلن رسميا حتى خلال عام الحرب ( 94م )- حتى لا تأخذ القضية الجنوبية مكانتها في المحافل الدولية.. والسجون تغص بالمعتقلين السياسيين الذين حرموا حتى من حق المقاضاة. أما من هم في المدن (عدن، المعلا، زنجبار، ردفان، الضالع) فقد أخضعوا لمعاملات وحشية وللتعذيب في السجون المركزية وسجون الأجهزة الأمنية وبعض الأماكن العامة (ملعب 22 مايو في عدن) والمعسكرات ( معسكر الأمن المركزي والمشاريع العسكرية والشرطة العسكرية), وخلال هذا العام أُلغي القبض على كثير من الأكاديميين والدكاترة والمحاميين والكتاب والصحفيين، إما لنشاطاتهم السياسية أو للاشتباه في كونهم مشاركين في الاحتجاجات الجنوبية أو يقرءون صحيفة "الأيام" أو يبيعونها في الأكشاك الرسمية أو يشاركون في التعليقات في الصحافة الالكترونية...

    ولقد بدأت في أبريل 2009م موجة أخرى من الاعتقالات على نطاق واسع، ولم يعرف حتى الآن عن مصير بعض أولئك الذين قبض عليهم. وإنه ليوجد في سجون صنعاء أطفال رهائن تطالب السلطة آبائهم بتسليم أنفسهم.

    وفيما يتعلق بالاعتصامات العامة الأخيرة في عدن (21 مايو 2009م ،7 / 7 / 2009م) فإن السلطات العسكرية أنزلت أسلحتها الثقيلة إلى داخل مديريات محافظة عدن (دبابات، مصفحات، دفاع جوي، أطقم عسكرية، سيارات همر عسكرية) لمساعدة الأمن المركزي المتهم بارتكاب أبشع المجازر في الجنوب، وقامت الأجهزة الأمنية العسكرية و المدنية بإلغاء القبض على حوالي ستة ألف متظاهر، وحولت نحو أربعمائة معتقل إلى سجون المحافظات المجاورة كما قتل وأصيب يوم 21 مايو 2009م أكثر من 100 مواطن على أيدي جنود السلطة.

    وفي 23 يونيو 2009م ارتكبت أجهزة السلطة في زنجبار– أبين أبشع مجزرة عرفها الجنوب حيث راح ضحيتها 18 شهيداً و 87 جريح، وتُرك المصابين ينزفون في الشوارع ورفضت السلطة أنقادهم.. ومن استطاع الوصول إلى المستشفيات العامة رفض الأمن علاجهم.

    ثم تبع ذلك مجزرة الضالع 24 يونيو 2009م، وقبلها مجزرة تشييع شهداء ردفان الأربعة يوم 9 يونيو 2009م (استشهدوا بين ابريل و مايو 2009م) حيث أطلق الأمن النار على المشيعين وسقط عدد من الشهداء والجرحى، و مجزرة عدن و المكلا – حضرموت يوم 7/ 7/ 2009م، و مجزرة الضالع يوم 30 سبتمبر 2009م ( مسيرة الغضب التي عمت كل الجنوب )، و يوم 16 أكتوبر 2009م أعلن قرار صادر عن وزارة الداخلية بمنع المظاهرات والاعتصامات، وهذا يعتبر القرار المائة لوزارة الداخلية طوال الثلاث السنوات الماضية، وشملت هذه القرارات القبض حتى على الذين يعتقد أنهم قدموا أي مساعدة للوطنيين، كما حدث في ساحة الهاشمي في عدن وفي مدينة زنجبار عندما فتح المواطنون منازلهم لإسعاف ومعالجة الجرحى.

    إن سلطات صنعاء كانت قد بدأت في 7/ 7/ 1994م حينما استولت على عدن والمكلا بالقوة ثم راحت منذ ذلك الوقت تمد نفوذها إلى المحافظات الأخرى من خلال فرض ما يسمى بـ(أراضي الدولة) وحرية الاستيلاء عليها من قبل المتنفذين الشماليين مستعينة بالجيش والأمن.. ومنحت الشماليين – حتى لا يستنكروا هذه الجرائم – كثير من الأراضي ومزارع الجنوبيين، وتم فرض السلطات المحلية المزيفة ضد رغبات الشعب في الجنوب، واستغلت سلطات صنعاء الشعب وحالة دون كل تقدم، فأغلقت مستشفيات عدن الخمس واستبقت أثنين منها للقادرين على دفع ثمن العلاج والمعاينة.. وأغلقت العيادات التي كانت منتشرة في قرى محافظات الجنوب وكانت تمونها الدولة السابقة في الجنوب.. كما أنه لا توجد أية مستشفيات حقيقية في المحافظات الجنوبية تتبع الدولة.. فالسلطات في صنعاء تعتبر الجنوب ذات أهمية حيوية لمصالحها الاقتصادية والسياسية، فهي:

    أولاً: حريصة على حماية الثروة النفطية والسمكية و المعدنية وتسخير مردودها لبناء الشمال.

    ثانياً: تريد الاستمرار في السيطرة على الأراضي والمزارع والجبال وتوزيعها على مشائخ وعساكر الشمال لتأمين ولاءهم لها.

    ثالثاً: تود الإبقاء على الجنوب كمصدر دخل وكسوق استهلاكية لتسويق منتجات التجار الشماليين فيها.

    رابعاً: اعتبار شبوة وحضرموت وعدن مواقع هامة وضرورية لحماية ميزانية المؤسسات القبلية والعسكرية والتجارية الشمالية الحاكمة في الجنوب (ترفد هذه المناطق بـ 90% من ميزانية الدولة).

    ومن أجل حماية هذه المصالح، استخدم نظام صنعاء القوة لقمع المقاومة السلمية، وبشكل رئيسي من خلال إطلاق النار من مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة على الاعتصامات السلمية، وما من محافظة أو مديرية أو قرية أو مدينة في الجنوب أُفلتت من هذه الجرائم التي يرتكبها النظام تحت سمع وبصر دول الجوار والجامعة العربية والأمم المتحدة ...

    وتتمثل الوسائل الأخرى التي يستخدمها النظام لتمديد وجوده في الجنوب، في قمع المواطنين وحظر الصحف الجنوبية (لا توجد إلا صحيفتين "الأيام" و "الطريق").. ومنع الاعتصامات المنصوص عليها قانوناً، والإبقاء على حالة الطوارئ غير المعلنة بصورة دائمة خاصة في المدن الجنوبية.. وإقامة حكم مباشر على الجنوب من خلال الجيش والأجهزة الأمنية.

    ولقد كان فرض ما تدعى بـ(مجالس السلطات المحلية) الذي خلقها النظام كسلطة صورية لضمان مصالحه مناورة أخرى من قبله – نظام صنعاء – وأن نصوص قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة 2001م أظهرت أنه كان خطوة إلى الخلف لا إلى الأمام، فوفقاً للمادة (19) من القانون لا تستطيع السلطة المحلية المنتخبة حماية الاعتصامات السلمية التي يطلق عليها الرصاص الحي من قبل قوات صنعاء العسكرية، ولا تستطيع توقيف الملاحقات ولا الاعتقالات التي يتعرض لها نشطا العمل السياسي، ولا تستطيع البث في الأراضي التابعة لها، وليست حتى سلطة منفذة لأوامر صنعاء، بل أن تنفيذ ما تريده السلطات في صنعاء يتم عبر الأجهزة الأمنية والعسكرية الشمالية المتواجدة في الجنوب.. ولا تستطيع القيام بأية ترتيبات تخص سكان المحافظة (أي ناخبيها ).. فالسلطة المحلية في الجنوب تنفذ أوامر نظام صنعاء...

    ولقد اعتمد شعب الجنوب على الوسائل السلمية في طرح مطالبه من أجل فك الارتباط من دولة الجمهورية العربية اليمنية، ولكن النظام في صنعاء استخدم كل القوة المتاحة له لسحق مثل هذه الاحتجاجات السلمية.. وعليه فقد اضطر الشعب للرد على العنف بالمزيد من الحشود الشعبية الواسعة والسلمية وليس إلى الثورة أو العنف.. وكانت الانتصارات السياسية التي حققها الحراك الجنوبي السلمي هي إعادة 5% من المتقاعدين العسكريين إلى أعمالهم، وإخفاق خطة النظام في إحداث التغيير الديموغرافي في الجنوب – كان هذا مطلب عبد الوهاب الإنسي بعد الحرب -.. وتمكن شعب الجنوب من إماطة اللثام عن الأهداف الحقيقية لنظام صنعاء من وراء قيامه بحرب 1994م ضد الجنوب التي فشلت هي الأخرى...

    علاوة على أن وثائق المنظمات الدولية الرسمية تبين من جانب آخر كم أصبحت بدائية و متخلفة الأوضاع السائدة في الجنوب، فالصحة العامة قد أُهملت لدرجة أن أصبح لدى محافظات الجنوب أحد أعلى معدلات وفيات الأطفال والمتقاعدين، وتفشت أمراض خطيرة ومزمنة كانت دولة الجنوب السابقة قد قضت عليها بشهادة المنظمات الدولية. أما التعليم فغير موجود عملياً إلا لتسجيل عدد الطلاب فقط.. في حين أن ما لا يزيد – في بعض مديريات الجنوب – عن نسبة أثنين بالمائة من السكان يواصلون دراستهم إلى الثانوية.

    من جانب ثالث استمرت إجراءات القمع والقتل السياسي ضد المواطنين العزل، وارتكبت مجازر بعنف متصاعد راح ضحيتها المئات (مجزرة 27 أبريل 98م في حضرموت، مجزرة الضالع في 10/ 9/ 2007م، مجزرة الحبيلين 13 أكتوبر 2007م، مجزرة الهاشمي 21مايو 2009م وغيرها من عمليات إطلاق الرصاص على المواطنين الجنوبيين العُزل) التي راح ضحيتها المئات والآف المعتقلين.. ووصل أبناء الجنوب إلى قناعة أنه لا يمكن أن يكون هناك بالطبع أية مراجعة ممكنة للسياسة الشمالية.

    ولقد حاول أبناء الجنوب في عام 2005م طرق باب الجامعة واستجداء حريتنا، وكنا نعتقد أن الجامعة العربية تستطيع عمل شيء، لكن في ذلك الوقت كان الحراك الجنوبي السلمي مازال عند مطالبه الحقوقية المشروعة رغم إن نظام صنعاء كان يقترف المذابح والتخريب والقتل والاعتقالات والمحاكمات.. فكانت تلك الجرائم ضد شعب الجنوب قد لفتت نظر واهتمام المنظمات الدولية قبل الجامعة العربية، وبدلاً من أن تقوم السلطات من معالجة مطالب الجنوبيين السلمية وبطريقة سلمية، تصرفت بعنف وارتكبت مجازر بشعة يندى لها جبين الإنسانية، وزج بكثيرين في سجون الجنوب والشمال.. وإن عدن وحضرموت لم تتعرضا للنهب والسلب فقط بل وللاضطهاد وقتل الكثيرين هناك، وتعرضت معظم مناطق الجنوب للقصف من قبل سلاح الدبابات والمدفعية، وقد قال رئيس هيئة الأركان العامة: "أن قصف تلك المناطق هو التصرف الوحيد المناسب للحفاظ على سلطة الوحدة اليمنية" والدول العربية والأجنبية لم تعرف شيء عن ذلك لأنه لا يسمح لأي مراسل بدخول تلك المناطق أو حضور الاعتصامات أو نقل تلك الحوادث والمجازر اللاإنسانية عبر القنوات الفضائية.

    ولما كان لدينا الآن موقف من قبل الجامعة العربية – وإن كان ضبابي وخجول – إلا إننا نستطيع نحن الجنوبيين التمتع بحق مخاطبة المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة والجامعة العربية.. رغم أنه مازال هناك بعد الانطباع العام في الجنوب الذي عبر عنه العديد من أبناء الجنوب عبر شبكات الصحافة الالكترونية – كمصدر وحيد للجنوبيين بعد أن منعوا من منحهم إصدار الصحف بل أغلق النظام أكبر صحيفة في الجنوب واستخدام ضد أسرتها أبشع الجرائم من قتل ورمي القنابل على مبانيها وهي صحيفة "الأيام" – ذوي النية الحسنة في الجنوب والعالم، بأن الجامعة العربية لا تستطيع عمل شيء، وإلى حين يصبح الجنوب مثل صعده وحرف سفيان ومأرب، فأنها حينذاك فقط يمكن أن يحترم الجنوب.. وإن كان هذا مسلك الأمم المتحدة فنسأل الله ألا يكون هذا مسلك الجامعة العربية مهما كان مصالح بعض أعضاءها. فهذه النظرة يتحتم على الجامعة العربية إزالتها بأعمالها وسلوكها خصوصاً بالنسبة للجنوب.. لأن الجنوب المعروف عنه [IMG]ياً هو فوهة البركان فلا ترفعوا حرارته بصمتكم عن الجرائم التي ترتكب ضده من قبل نظام صنعاء.

    إن الأمم المتحدة والجامعة العربية تستطيعان تطبيق القرارات السابقة التي أصدرتها عام 94م دون أن يكون ضرورياً أن تتحول الجنوب إلى دارفور أخرى.. وتدلل بأنها حريصة فعلاً على حياة الشعوب العربية وليس على الأنظمة التي ترتكب المذابح وتخرب الأنفس وتحطم النسيج الاجتماعي.. وأن تصون دماء الأطفال والنساء والشباب مثلما هي حريصة على صيانة دما الإنسان في أي بقعة كانت في المعمورة من الحروب الداخلية والتمزق.

    وإن مناشدات الجنوبيين للمجتمع الدولي والعربي لا ينبغي أن تقود إلى التقليل من نضالهم السلمي – وهو النضال الوحيد اليوم في الوطن العربي والعالم الإسلامي – الذي يعم الجنوب كله.. إنه نضال سلمي من أجل ما هو حق وأن يكون مصير الجنوبيين بيدهم.

    أن القضية الجنوبية واضحة جداً، وسهلة الاستيعاب أن كانت هناك إرادة دولية لمعالجتها. فالقضية هي قضية دولة دخلت بشراكة مع دولة جارة هي الجمهورية العربية اليمنية.. وفي عام 1994م شنت الدولة الجارة الحرب على الجنوب وأصبح الشعب هناك يعيش تحت حكم وسيادة الجمهورية العربية اليمنية.. بعد أن كانت دولة الجنوب عضواً في الجامعة العربية والمنظمة الإسلامية والأمم المتحدة والهيئات والمنظمات الدولية.

    والعالم يعرف جيداً بلداً صغيراً مثل الجمهورية العربية اليمنية بعدد كبير جداً من السكان وبمؤسسات مختلفة، وعدد ضخم من المشايخ والحدود القبلية ألمرسمه بينهم.. فهناك في الجمهورية العربية اليمنية نحو ثلاثة وعشرين دويلة قبلية وكل دويلة قبلية لها رئيس أو أكثر.. فهي خارجياً وحدة سياسية، لكنها داخلياً منقسمة إلى دويلات قبلية عديدة جداً، وكل واحدة مستقلة عن الأخريات. والنظام السياسي لكي يحظى بدعم هذه المكونات لابد أن يعمل لها ميزانية خاصة وقت السلم و ميزانية أخرى وقت الحرب.. تلك هي الحالة وهي حالة غريبة جداً...

    وقد حاول نظام صنعاء أن يعمم هذا التقسيم القبلي على الجنوب بعد عام 94م لكي يسهل عليه إخضاع الجنوب عبر المشايخ، ولكن عندما فهم مشايخ الجنوب أنهم مقيدون ومربوطون ببيت المشيخه العليا في صنعاء وهم لا شيء أمام مشايخ صنعاء.. وأنهم مجرد عبيد بدون إرادة ذاتية، وملزمين بتنفيذ أوامر السلطة الأمنية والعسكرية وتوجيهات مشيخة صنعاء العليا.. وإن الثارات القبلية وزرع الفتن بدأت تصدّر إلى الجنوب وبدأت الأثوار والأبقار والأغنام تهجر و تذبح أمام محاكم عدن طلباً للصلح.. وظهرت أساليب لفرض الواقع المتخلف في الشمال على الجنوب وأصبح انعدام الدولة كأمر واقع، ومن يحاول أن يستنكر ذلك تسارع السلطات الشمالية إلى زج به في السجن أو توقيف راتبه أو قتله إذا كرر ذلك ...حينذاك أنضم اغلب مشائخ الجنوب للحراك السلمي.

    وكانت هناك محاولات كثيرة من قبل أبناء الجنوب – خاصة المثقفين والكتاب {د-ابوبكر السقاف والمحامي علي هيثم الغريب وفاروق ناصر علي واحمد عمر بن فريد وغيرهم} للإفصاح عن رأيهم الرافض لهذه الهمجية، وكتبوا عدة مقالات وعرائض لكنهم واجهوا دائماً القسوة الأمنية والاضطهاد وكل أنواع القهر.. هؤلاء الكتاب والمحاميين الذين مثلوا التطلعات الوطنية الأولى وحركة الحرية في الجنوب قادوا مواطنيهم سلمياً.. وحاولوا بصورة مشروعة أن ينصحوا نظام صنعاء بأن أبناء الجنوب من حقهم أن يكونوا أحراراً على أرضهم.. وأن يطالبوا بدولتهم المسلوبة وبثروتهم المنهوبة وبأراضيهم المستباحة، وأنه ليس من حق نظام صنعاء أن يقاوم بطريقة مسلحة شعباً أعزل.. يناضل سلمياً من أجل استرداد سيادته.

    إن أبناء الجنوب إذا ما تحققت مطالبهم وذلك بفك الارتباط فإن المجتمع الدولي سيرى بنفسه أنهم يريدون وجه جديد لدولتهم الجديدة وثقافة أساسها الإسلام وال[IMG] والهوية واللحاق بركب التطور الإنساني وفي المساهمة في الرفاه والحضارة العربية والإنسانية.

    نحن نريد فك الارتباط لا اتحاداً فدرالياً أو كون فدراليا.. نريد دولة الشعب تعود للشعب الجنوبي.. وشعب الجنوب له وحده أن يتمتع بحق تقرير مصيره النهائي، فهذه الوحدة الذي يريد نظام صنعاء أن يحافظ عليها هي وحدة وهمية مفرغة من مضامينها، مجردة من قيمها، والجنوبيون فيها محرومون من الحقوق السيادية ومن أية سلطة فعلية.. ويخضعون لنتائج حرب 1994م
    • :: الأعضاء ::

    أبوبدور الداهية
    عارفين صالح الداهية

    • المستوى: 3
    تاريخ الإنضمام:
    سبتمبر 11, 2012
    عدد المشاركات:
    296
    عدد المعجبين:
    70
    الوظيفة:
    الإدارة التجارية الشركة الوطنية للاسنمنت
    مكان الإقامة:
    يافع المفلحي الداهية
    الاسم الكامل:
    عارفين صالح الداهية
    مرجع جميل... كل يوم نقرأ شوي... شكرا

انشر هذه الصفحة